موقف محمد رشيد رضا من معاوية بن أبي سفيان .. قراءة نقديّة

منذ 2019-02-03

وقد أثنى فيها على معاوية رضي الله عنه بقوله : " وبالجملة فلم يكن ملك من ملوك المسلمين خير من معاوية إذا نسبت أيامه إلى أيام من بعده.

 

طَبَعَ الشيخ رشيد رضا «مجموعة الرسائل والمسائل النجدية» في مطبعته «مطبعة المنار» بمصر سنة 1349هـ، وكان من بين تلك الرسائل رسالة للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى بعنوان «جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية»، فعلَّق الشيخ رشيد على تلك الرسالة لدى طباعتها بتعليقات خالفَ فيها المؤلف، وخالفَ موقِفَ أهل السنة من الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

وفي هذه المقالة نقرأُ تلكَ التعليقات المفصحةَ عن موقف رشيد رضا من معاوية رضي الله عنه قراءةً نقديَّةً، مضمومًا إليها نظائرها مما ورد في مقالاته الأخرى في «مجلة المنار».

مجموعة النصوص والتعليقات الأولى:

(وهي المتعلقة بذمِّ معاوية بوصف المُلكِ العضوض)  

قال رشيد رضا: «وبه  - أي معاوية - صارت الخلافة مُلكًا عَضوضًا»([1]).

وقال: «استحالت خلافة النبوة بعد عليّ والحسن عليهما السلام مُلكًا عضوضًا، كما ورد، وهو من سنن الاجتماع»([2]).

وقال: «وأي عالم أو عاقل يقيس عهد أبي بكر إلى عمر في تحري الحق والعدل والمصلحة بعد الاستشارة فيه ورضاء أهل الحل والعقد به على عهد معاوية»([3]).

(المناقشة)

قد دلت الدلائل على حُسن سيرة أمير المؤمنين معاوية رضي الله عنه في رعيَّتِه، ومحبّته لهم، ومحبَّتهم له، بل كان له من ذلك النصيب الكبير، وهو بذلك قد استحقّ ثناء النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كماجاء في حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم» »([4]). وهو بذلك أيضًا قد حقَّق مقصدًا مهمًّا من مقاصد الإمامة، إذ «ينبغي أن يكونَ أهمُّ المقاصد عند الإمام تحصيلَ مرضاة الخلق ومحبتهم بطريق يوافق الشرع ولا يخالِفُه»، كما يقول الغزالي([5]).

قال القاضي أبو يعلى الحنبلي رحمه الله تعالى: «وأما حُسنُ سيرة معاوية رضي الله عنه، وأنَّهُ ولي عشرين سنة الإمارة على أهل الشام، فلم يتشكَّ مُتشكٍّ، بل بذلُوا معه نُفُوسهم ودماءَهُم وأموالهم، وولي الخلافة سبع عشرة سنة وشهورًا، لا يزدادون إلا محبَّةً، وفي العادة أن الرَّعيَّةَ تلحقهم الملالة من مُلوكهم، فلولا أنهم رأوه بالصفة التي تجب ما بذلوا أنفسهم دونه»([6]).

وقال ابن تيمية: «بقي معاوية في الشام عشرين سنة أميرًا، وعشرين سنة خليفة، ورعيَّتُه من أشدِّ الناسِ محبَّةً له وموافقة له، وهو من أعظم الناس إحسانًا إليهم وتأليفًا لقلوبهم، حتى إنهم قاتلوا معه عليًّا بنَ أبي طالب وصابروا عسكره، حتى قاوموهم وغلبوهم»([7]).

وقال: «وكانت سيرتهفي أهل الشام من أحسن السير، وكانت رعيَّتُه من أعظمِ الناس محبَّةً له» ثم ذكر حديث عوف بن مالك المتقدم ثم قال:«وكان معاويةُ تحبُّه رعيَّتُه وتدعو له، وهو يُحبُّها ويدعو لها»([8]).

وقال الذهبي: «وكان محبَّبًا إلى رعيته, عمل نيابة الشام عشرين سنة, والخلافة عشرين سنة, ولم يهْجُه أحدٌ في دولته, بل دانت له الأمم وحكم على العرب والعجم، وكان مُلكُه على الحرمين ومصر والشام والعراق وخراسان وفارس والجزيرة واليمن والمغرب وغير ذلك»([9]).

وقد ثبت ما يدلُّ على أنَّ معاوية رضي الله عنه في فترة مُلكِه كان يستطلع الانتقادات الواردة عليه، ويجيبُ عنها، فيوافقه الصحابة على ما أجاب به.

فعن عروة بن الزبير أن مِسْوَر بن مخرمة قدم وافدًا إلى معاوية بن أبي سفيان فقضى حاجته، ثم دعاه فأخلاه فقال : يا مِسْوَر! ما فعل طعنُك على الأئمة.

قال المِسْوَر: دعنا من هذا، وأحسن فيما قدمنا له.

فقال معاوية: لا والله! لتُكلمنَّ بذات نفسك، والذي نقمت علي.

قال المسور: فلم أترك شيئًا أعيبُه عليه إلا بينته له.

فقال معاوية: لا أبرأ من ذنب، فهل تعد لنا يا مسور مما نلي من الإصلاح في أمر العامة، فإن الحسنة بعشر أمثالها أم تعد الذنوب؟

فقال معاوية: فإنا نعترف لله بكل ذنب أذنباه ، فهل لك يا مِسْوَر ذنوبٌ في خاصتك تخشى أن تهلك إن لم يعفو الله لك.

فقال المِسْوَر: نعم.

فقال معاويةُ: فما جعلك برجاء المغفرة أحق مني! فو الله لما آلي من الإصلاح أكثر مما تلي، ولكن والله لا أُخيَّر بين أمرين: أمر لله وغيره إلا اخترت أمر الله على ما سواه، وإني لعلى دينٍ يقبل فيه العمل، ويجزى فيه بالحسنات والذنوب إلا أن يعفو الله عنها، فإني أحسب كل حسنة عملتها بأضعافها من الأجر، وآلي أمورًا عظامًا لا أُحصيها ولا يحصيها من عمل بها لله في إقامة الصلوات للمسلمين، والجهاد في سبيل الله، والحكم بما أنزل الله، والأمور التي لست أحصيها وإن عددتها فتكفي في ذلك .

قال مِسْوَر : فعرفت أن معاوية قد خصمني حين ذكر ما ذكر.

قال عروة بن الزبير : لم أسمع المِسوَر بعدُ يذكرُ معاوية إلا صلى عليه([10]).

وهذا المسلك في استطلاع انتقادات الرعية نبّه الفقهاء ملوكهم إلى سلوكه، إذ يقولُ الفقيهُ بدرُ الدين العيني رحمه الله تعالى (ت:855): «ينبغي للسلطان أن يجتهدَ أن ترضى عنه جميعُ رعيَّتِه بموافقة الشرع، وينبغي ألا يغترَّ بكُلِّ من وصَل إليه وأثنى عليه، وألا يعتقدَ أنَّ جميعَ الرعية مثلُه راضون عنه، فإن الذي يثني عليه إنما يفعل ذلك من خوفه منه أو من طمعه، بل ينبغي أن يُرتِّب ناسًا يعتمد عليهم يسألون عن حالاته من الرعية، ويتجسسون ليعلم عيبه من ألسنة الرعية»([11]).

فكيفَ يُقال بعد هذا كُلِّه إن معاوية رضي الله عنه من ذوي الملك العضُوض؟ والملكُ العضوضُ كما فسّره شراح الحديث: هو الذي فيه عسفٌ وظلم للرعية، كأنه يعضُّهم عضًّا([12])، فلا ريب أن كون ملك معاوية على هذا الوصف من أبطل الباطل.

وأيضًا: فإن من دلائل «رأفةِ معاويةَ بالرَّعيَّةِ، وشفقته على المسلمين، وقوَّةِ نظرِه في تدبيرِ الملك، ونظره في العواقب»([13]): عرضُهُ المصالحةَ على الحسن بن علي رضي الله عنهم، ففي «الصحيح» من حديث الحسن البصري رحمه الله تعالى قال: استقبل والله الحسنُ بن علي معاويةَ بكتائب أمثالَ الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية وكان - والله خير الرجلين - : «أي عمرو! إن قَتِل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟»([14]). «يشيرُ إلى أنَّ رجالَ العسكرين معظمُ من في الإقليمين فإذا قُتِلُوا ضاع أمرُ الناس، وفسد حالُ أهلِهم بعدَهُم وذراريهم»([15]). ثم إن معاوية رضي الله عنه أرسل للحسن رضي الله عنه، واتفقا، وخلع الحسن رضي الله عنه نفسَه، وبايع أهل العراق معاوية رضي الله عنه. 

وأيضًا: فقد شهدَ السلفُ لمعاوية رضي الله عنه بعدلِه وحلمِه وسخائِهِ، وهذه الصفاتُ مما يُمدَح بها الولاةِ، وبها يُستعان على سياسة الناس بالدين، وهي تقابل البطش والقهر والعسف مما كان يسلكه من ولي بعدَه من بني أمية([16])، فمن بعدَهم من ذوي المُلك العضوض حقًّا.

فأما عدله: فمن أبلغ ما جاء فيه ما ذكره أبو هريرة المُكتب حُباب فقال: كنا عند الأعمش فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدله، فقال الأعمش: «فكيف لو أدركتم معاوية؟» قالوا: يا أبا محمد، يعني في حلمه؟ قال: «لا والله، ألا بل في عدله»([17]).

وقال الزهري: «عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئًا»([18]).

وقال قتادة: «لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي»([19]).

وقال مجاهد: «لو رأيتم معاوية لقلتم: هذا المهدي»([20]).

وعن أبي إسحاق السبيعي أنه ذكر معاوية فقال: «لو أدركتموه، أو أدركتم زمانَه كان المهدي»([21]).

وأما حِلْمُه وسخاؤُه فـ«من المعلوم من سيرة معاوية أنه كان من أحلمِ الناس، وأصبرِهم على من يؤذيه، وأعظم الناس تأليفًا لمن يُعاديه، .. وهو بعد المُلك كان يسمعُ كلامَ من يَسبُّهُ في وجهه»([22]). والأخبار التي تروى في حلمه أفرد لها بعض المصنفين كتابًا([23]).

وقد شهد له الصحابة رضي الله عنهم بالحِلْم، فعنْ مُحمَّدِ بن سيرين، عن ابن عمر قال: «كان معاوية أحلم الناس». قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ أبو بكر؟ قال: «أبو بكر رحمه الله خير من معاوية، ومعاوية من أحلم الناس»، قالوا: يا أبا عبد الرحمن؛ عمر؟ قال: «عمر خير من معاوية، ومعاوية من أحلم الناس»([24]).

وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: «كان ابنُ الزبير يتشبَّهُ بمُعاوية في الحلم»([25]).

وقال قبيصة بن جابر: «ألا أخبركم عمن صحبت؟ صحبتُ عمر بن الخطاب، فما رأيت أحدًا أفقه في دين الله تعالى، ولا أحسن مدارسة منه، وصحبتُ طلحة بن عبيد الله، فما رأيت أحدًا أعطى للجزيل في غير مسألة منه، وصحبتُ عمرو بن العاص، فما رأيت أحدًا أنصع ظرفًا، أو أبين ظرفًا منه، وصحبتُ معاوية، فما رأيت أحدًا أكثر حلمًا منه، ولا أكرم، ولا أبعد أناة منه، وصحبتُ زيادًا، فما رأيت أحدًا أحلم ولا أكرم جليسًا منه، ولا أخصب رفيقًا منه، وصحبتُ المغيرة بن شعبة، فلو أنَّ مدينة لها أبواب، لا يخرج من كل باب منها إلا بالمكر، لخرج منها كلها»([26]).

وقال عبد الملك بن عمير: «كان معاويةُ بنُ أبي سفيان من أحلمِ الناس»([27]).

وعن عمرو بن مرة أنه قال لمعاوية: يا معاوية، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من إمام - أو قال: والٍ - يُغلِق بابه دون الحاجة، والخُلَّة، والمسكنة، إلا أغلق الله عليه أبواب السماوات دون خُلَّتِه وحاجته ومسكنته». قال: «فجعل معاوية رجلًا على حوائج الناس»([28]).

وعن همام بن منبه قال: سمعت ابن عباس يقول: «ما رأيتُ رجلًا كان أخلقَ للمُلْك من معاوية، إن كان الناس ليردون منه على وادي الرحب ولم يكن كالضيق الحصيص، الضجر المتغضب»([29]).

وقال ابن عمر: «ما رأيتُ أحدًا بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان أسود من معاوية»([30]). قال الإمام أحمد: «السيد: الحليم، والسيد: المعطي، أعطى معاوية أهل المدينة عطايا ما أعطاها خليفة كان قبله»([31]).

وقال مغيرة: أرسل الحسن بن علي وعبد الله بن جعفر إلى معاوية يسألانه، فبعث لكل منهما بمائة ألف، فبلغ عليًّا رضي الله عنه، فقال: ألا تستحيان! رجلٌ نطعنُ في عينه غدوة وعشية تسألانه المال؟ قالا: «لأنَّكَ حرمْتَنا وجادَ لنا» ([32]).

وعن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه جاء إلى عليٍّ رضي الله عنه إلى العراق ليعطيَه، فأبى أن يُعطيَه شيئًا. فقال: «إذاً أَذهبُ إلى رجلٍ أوصلَ منك!» فذهب إلى معاوية رضي الله  عنه فعَرَف له([33]).

ولا يصح أن يُحملَ سخاء معاوية على رعيته على المحامل السيئة، فيُقال مثلًا: كان وراء تودُّدِ معاوية رضي الله عنه لرعيته وإحسانه إليهم مقابلٌ سياسيٌّ صريحٌ أو ضمنيٌّ، هو الطاعة المطلقة أوالولاء المطلق، لأنّ طاعةَ رعيَّتِه لهُ مقيَّدةٌ بالشرع. والطاعة المطلقة التي عُرِفَت بالطاعة الشامية كانت في عهد من بَعدَه من ملوك بني أمية([34]).

ومع ذلك فالمُثنونَ على أيَّام معاوية لا قائلَ منهم بمساواة عهدِه بعهدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل يقولون: «إذا نُسِبَت أيَّام معاوية إلى أيَّام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل»([35])

مجموعة النصوص والتعليقات الثانية:

(وهي المتعلقة بإضافةِ جرائمَ لمعاوية مما جرى في عهد من بعدَه من بني أميَّة)

كان الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب قد نقل في رسالته المذكورة كلامًا من «منهاج السنة النبوية» يُبيِّنُ فيه كثرة التفرُّق والاختلاف في الأمة كلما زاد البعدُ عن عهد النبوَّة، ويستشهدُ لذلك بكثرةِ الفتن والاختلافات التي وقعت بعد موت معاوية رضي الله عنه، ويقارن بين عهد معاوية وما تلاه من العهود، ثم ينقل كلام مجاهد وقتادة في تشبيه معاوية بالمهدي، وقد تقدّم.

قال رشيد رضا مُعلِّقًا عند هذا الموضع: «أكبر فضيلة لمعاوية عند هؤلاء المثنين عليه وغيرهم أنه قدر على حفظ المملكة الإسلامية من التَّقاتُل بين المسلمين، ووجَّهَ همَّتَهم وقوَّتَهم إلى الكفار، وفتح الأمصار، وأكبر غائلة له إخراج منصب الإمامة العظمى عما وضعها فيه الصحابة بهداية الله ورسوله، وهو الانتخاب الاختياري، إلى عصبية النسب بجعلها في ولده يزيد الفاجر، ثم إرثًا يتداوله بنو أمية، فكان هذا سببًا لجعلها كالكرة يتقاذفها الأقوياء بالعصبية دون هداية الصحابة، وبذلك صارت ملكًا عضوضًا بعد الراشدين كما ورد في الحديث»([36]).

وأطال في مقالاته في الإمامة العظمى([37]) في ذمّه بتوليته ليزيد، وسرد الروايات المتعلقة ببيعة يزيد، ثم أشار إلى وقعة الحرّة كأنها مضافةٌ إلى عمل معاوية.

وفي موضعٍ آخر تحدّث عن الغلو في طاعة الملوك الذي برز في عهد بني أمية كالمضاف إلى معاوية رضي الله عنه أيضًا، قال: «ثم إنه جعلها وراثةً في قومه الذين حوَّلُوا أمرَ المسلمين عن القرآن بإضعاف الشورى بل بإبطالها، واستبدالِ الاستبداد بها حتى قال قائلهم على المنبر: «مَن قال لي: اتق الله ضربتُ عنُقَه»! بعد ما كان أبو بكر يقول على المنبر: «وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم فإذا استقمت فأعينوني وإذا زغت فقوِّموني» وكان عمر يقول: «مَن رأى منكم فيَّ اعوجاجًا فليقَوِّمْه»([38]).

(المناقشة)

في التعامل مع قضية عهد معاوية رضي الله عنه ليزيد، وهي التي جعلها أكبر غائلة لمعاوية، ينبغي التفريق بين نظرتين:

النظرة الأولى: يتعامل أصحابُها مع العهد ليزيدَ على أنه مما استحق به معاوية رضي الله عنه الإنكارَ أو التخطئةَ، لكن دون أن يُضافَ إليه ويُنكَرَ عليه ما جرى في عهد يزيد وعهود من بعده من ملوك بني أمية من كبائر، مما يُعلم مناقضتها لسيرة معاوية مع رعيته، التي تقدّم عرض شيء من سماتها.

قال ابن رجب الحنبلي: «الإمامة العظمى لا تُستَحقُّ بالنسب، ولهذا أنكر الصحابة على من بايع لولده، وقال عبد الرحمن بن أبي بكر: جئتم بها هرقلية، تبايعون لأبنائكم! وسمع ذلك عائشة والصحابة، ولم ينكروه عليه، فدل على أن البيعة للأبناء سنة الروم وفارس، وأما سنة المسلمين فهي البيعة لمن هو أفضل وأصلح للأمة»([39]).

بل قد استدل بعض فقهاء الشافعية بإنكار الصحابة رضي الله عنهم على معاوية توليَتَهُ العهدَ لابنه يزيد؛ استدلوا بذلك على اشتراط رضا أهل الحل والعقد في البيعة لولي العهد، قال القاضي أبو سعد الهروي في كتابه «الإشراف على غوامض الحكومات»([40]) الذي شرح به كتاب «أدب القضاء» لشيخه أبي عاصم العبادي: «وإن استخلف إمامٌ عادل خليفةً؛ جاز، لأن أبا بكر رضي الله عنه فَعَلَه.

ومن أصحابنا من قال: إنه لا يجوز إلا برضا الناس، لأنَّ أبا بكرٍ رضي الله عنه استرضى الناس فسَكَتُوا ورَضوا، ولأنَّ معاوية لما استخلَفَ قيل له: قد جعلتَ الخلافةَ إمارةً كسروية يرد الأب إلى الابن».

والنظرَةُ الثانيةُ في التعامل مع قضية العهد ليزيد: وهي التي يضيف أصحابُها إلى معاويةَ قدرًا مما جرى من الأفعال بعده مما يُنافي سيرتَه في الولاية ولا يرضى به، ولا يقفون عند تخطئته في عهده ليزيد. وإلى ذلك يذهب الرافضة، ويذهب رشيد رضا في ما تقدّم نقلُه عنه.  

وقد صدر في عهد يزيد ومَن بعدَه من الملوك أفعال قد عُلِم مخالفتُها لسيرة معاوية، فقد قُتِل الحسينُ بن عليٍّ رضي الله عنه، ومن المعلوم من سيرة معاوية إكرامُه لأهل البيت([41])، فلا يصح أن يقال: إن مقتل الحسين مما يضاف إلى معاوية، ويذمُّ به.

يقول ابن تيمية: «وإذا قيل: إن معاوية رضي الله عنه استخلف يزيد، وبسبب ولايته فعل هذا - يعني قتل الحسين -!

قيل: استخلافُه إن كان جائزًا لم يضُرَّهُ ما فعل، وإن لم يكن جائزًا فذاك ذنب مستقل ولو لم يقتل الحسين، وهو مع ذلك كان من أحرص الناس على إكرام الحسين رضي الله عنه وصيانة حرمته، فضلا عن دمه، فمع هذا القصد والاجتهاد لا يضاف إليه فعل أهل الفساد»([42]).

وكذا يُقال في ما جرى في وقعة الحرّة، فهو مما لا يرضى به معاوية رضي الله عنه، وهو مخالفٌ لسيرته مع رعيَّتِه، إذ كانت سيرتُه تأليفُهم واسترضاؤُهم، فلا يُذَمُّ معاوية رضي الله عنه بما قام به يزيد وواليه مسلم بن عقبة المري في وقعة الحرّة من جرائم.

والطاعةُ المُطلقةُ التي وُجِدَت في عهد بني أمية، والتي عرفت بـ«الطاعة الشامية»، لم يكن معاوية رضي الله عنه يرضاها، ولم يكن يطلُبُها من رعيَّتِه، ولم يَكُن سببًا فيها، وإنما كانت الطاعة التي يطلبها منهم ويَعدُّها من حقوقه عليهم منضبطةً بقواعد الشريعة، مُقيَّدةً بأحكامها، وكان يطلب منهم تسديدَه وتقويمَه.

عن أبي قبيل حيي بن هانئ يخبر عن معاوية، وصعد المنبر يوم الجمعة، فقال عند خطبته: «أيها الناس، إن المالَ مالُنا، والفيءَ فيئُنا، من شئنا أعطينا، ومن شئنا منعنا»، فلم يُجبه أحد، فلما كانت الجمعة الثانية قال مثل ذلك، فلم يُجبه أحد، فلما كانت الجمعة الثالثة قال مثل مقالَتِه، فقام إليه رجلٌ فقال: كلا، إنما المال مالُنا، والفيء فيئُنَا، من حال بيننا وبينه حاكمناه إلى الله بأسيافِنا.

فنزل معاوية، فأرسل إلى الرجل، فأدخل عليه، فقال القوم: هلك، ففتح معاوية الأبواب، ودخل الناس، فوجدوا الرجل معه على السرير، فقال: «إن هذا أحياني أحياه الله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ستكون أئمة من بعدي، يقولون فلا يرد عليهم قولهم، يتقاحمون في النار تقاحم القردة»، وإني تكلمتُ فلم يرُدَّ علي أحد، فخشيتُ أن أكونَ منهم، ثم تكلمتُ الثانية، فلم يردَّ عليَّ أحد، فقلتُ في نفسي: إني من القوم، ثم تكلمتُ الجمعة الثالثةَ، فقام هذا فردَّ عليَّ فأحياني أحياه الله، فرجوت أن يخرجني الله منهم»، فأعطاه وأجازه»([43]).

إذًا؛ لم يكن معاوية وهذا حالُه ليرضى أن يقول إمامٌ لرعيَّتِه: «مَن قال لي: اتق الله ضربتُ عنُقَه»، أو أن يكون سببًا في ذلك!

مجموعة النصوص والتعليقات الثالثة:

(وهي المتعلقة بذمِّ معاوية لقتالِهِ عليًّا رضي الله عنهما)

قال: «إنَّ سيرةَ معاوية تفيد بجُملتِها وتفصيلِها أنَّهُ كان طالبًا للملك ومحبًّا للرياسة, وإني لأعتقد أنه قد وثب على هذا الأمر مُفتاتًا، وأنه لم يكن له أن يُحجِمَ عن مبايعة علي بعد أن بايعه أولو الأمر أهل الحل والعقد, وإن كان يعتقد أنه قادر على القيام بأعباء الأمة - كما يقولون - فما كلُّ معتقدٍ بأهليَّتِه لشيء يجوز له أن يُنازع فيه, وقد كان عليٌّ يعتقدُ أنه أحقُّ بالخلافة، ولما بايع الناس مَن قبله بايع لئلا يفرق كلمة المسلمين ويشق عصاهم, ومعاوية لم يراعِ ذلك، ويؤيد ذلك إكراه الناس على جعل هذا المُلك لولده يزيد المشتهر بالفسق»([44]).

وقال في مناقشته لأحد شيوخ الشيعة: «إن فرضنا أنه صح حديث مرفوع في ذكر شيعة علي فإننا ننقل الكلام إلى المراد منه في اللغة، وقوله تعالى في موسى عليه السلام: «هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ» (القصص: 15) فنقول: إنهم هم الذين اعتقدوا أنه هو الذي كان على الحق فنصروه على من عادوه وتبرءوا منه وحاربوه من الخوارج، وكذا معاوية وأتباعه، خلافًا لابن حجر الهيتمي وأمثاله الذي يخرجون هؤلاء منهم بحجة أنهم كانوا مجتهدين متأولين فلهم أجر واحد، ولعلي وأتباعه أجران، فإنَّ مُتَّبع الحقِّ مُستقلَّ الفكرِ فيه بلا هوى ولا تعصب لمذهب يجزم بأن معاوية نفسَه كان باغيًا خارجًا على الإمام الحق كالخوارج، وأنه طالب ملك».

وقال في تعليقه على موضع من رسالة الشيخ عبد الله المذكورة: «وقد أسرف معاوية، وقامت عليه الحجة بما رواه هو وغيره من قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: «تقتلك الفئة الباغية» ثم ماذا فعل بقتلة عثمان، بعد أن انتهى إليه السلطان؟»([45]).

(المناقشة)

في التعامُل مع قضية اختلاف علي ومعاوية رضي الله عنهما، وما اشتملت عليه من امتناع معاويةَ عن بيعةِ عليٍّ ، ثم قتالِه لما قصَدَه عليٌّ في الشام، وعدم كفِّ معاوية عن القتال ودخوله في البيعة حتى بعد مقتل عمار رضي الله عنه، ثم ادعائه الأمر لنفسه بعد التحكيم،  ينبغي التفريقُ بين نظرتين:

النظرة الأولى: يرى أصحابُها معاويةَ رضي الله عنه مُخطِئًا في عدم بيعته لعليٍّ رضي الله عنه، وقتالِه له، لكن يَعدُّونه في ما ذهب إليه مُجتهدًا مُتأوِّلًا، ولا يطعنون في قصده وبواعثه.

قال أبو المعالي الجويني: «ومعاوية وإن قاتل عَليًّا فإنَّهُ كان لا يُنكر إمامَتَه، ولا يدَّعِيها لنفسه، وإنما كان يطلُب قتلة عثمان رضي الله عنه ظانًّا أنه مصيب، وكان مُخطِئًا، وعلي رضي الله عنه مُتمسِّك بالحق»([46]).

وقال أبو حامد الغزالي: «ما جرى بين معاوية وعلي رضي الله عنهما كان مبنيًّا على الاجتهاد، لا منازعةً من معاوية في الإمامة، إذ ظنَّ عليٌّ رضي الله عنه أنَّ تسليمَ قتلةِ عُثمانَ مع كثرة عشائرهم واختلاطهم بالعسكر يؤدِّي إلى اضطراب أمر الإمامة في بدايتها فرأى التأخير أصوب.

وظنَّ معاوية أنَّ تأخيرَ أمرِهم مع عظم جنايتهم يوجب الإغراء بالأئمة ويعرض الدماء للسفك.

وقد قال أفاضل العلماء: كل مجتهد مصيب([47])، وقال قائلون: المصيب واحد ولم يذهب إلى تخطئةِ عليٍّ ذو تحصيل أصلا»([48]).

بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية ردَّ على «المروانية» في تصويبِهم معاويةَ في قتالِه عليًّا رضي الله عنهما، ونقضَ حُجَجَهم المُتعلِّقَةَ بمسألة قتَلَة عثمان بأجوبةٍ مُفصَّلة، تجلِّي حقَّ أميرِ المؤمنين عليِّ بن أبي طالب ومنزلتَه ([49]). كما بيّن ابن القيم ضعف تأويل أهل الشام لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعمّار: «تقتلك الفئة الباغية»، وعدّه من التأويل الباطل([50]).

والنظرة الثانية: يرى أصحابُها معاويةَ رضي الله عنه مُخطِئًا في امتناعه عن بيعة عليٍّ رضي الله عنه وقتالِهِ لَهُ، لكنهم لا يقفون عند هذا الحدّ، بل يتجاوزُونَه إلى الطعن في قصده وبواعثه، فيجعلون ذلك صادرًا عن استكبارٍ عن طاعة الله تعالى، كما ذهبتْ إليه الرافضة، أو عن شهوةِ الملك والرئاسة كما ذهبَ إليه رشيد رضا. 

وليس في امتناع معاويةَ عن بيعة عليٍّ دليلٌ على طمعه في المُلك، لأنَّ «الدليلَ على ثبوت ولاية عليٍّ ووجوبِ طاعته من المسائل المشتبهة التي لا تظهر إلا بعد بحث ونظر، بخلاف من أجمع الناس على طاعته» كما يقول ابن تيمية([51]). وقد امتنع ابنُ عمر رضي الله عنهما عن بيعة عليّ، ولم يبايعه في حياته، وإنما بايع معاويةَ بعد تنازُل الحسن له واجتماع الناس عليه.

وجاء عن أبي مسلم الخَوْلاني أنه قال لمعاوية: أنت تنازِعُ عليًّا في الخلافة! أو أنت مثله؟ قال: «لا، وإني لأعلم أنه أفضل مني وأحق بالأمر، ولكن ألستم تعلمون أنَّ عُثمان قتل مظلومًا؟ وأنا ابنُ عمِّه ووليُّه، أطلبُ بدمِه..»([52]).

ثم ادِّعاء معاويةَ أحقِّيَّتَه من عليٍّ بالأمر بعد التحكيم كان اجتهادًا منه، إذ كان رأيُهُ في الخلافة «تقديمَ الفاضل في القوَّةِ والرأي والمعرفة، على الفاضل في السبق إلى الإسلام والدين والعبادة»، كما ذكره ابن حجر([53]).

وعن محمد بن عمرو بن حزم قال: لمَّا قُتِل عمار بن ياسر دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص، فقال: قُتِلَ عمار، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تقتله الفئة الباغية»، فقام عمرو بن العاص فزعًا يُرجِّع حتى دخل على معاوية، فقال له معاوية: «ما شأنُك؟» قال: قُتِل عمار، فقال معاوية: «قد قتل عمار، فماذا؟» قال عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «تقتله الفئة الباغية» فقال له معاوية: «دحِضْتَ في بولِك، أوَنحنُ قتلناه؟ إنما قتله عليٌّ وأصحابُه، جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا، - أو قال: بين سيوفنا -»([54]).

أما تولية العهد ليزيد، فتولية العهد من الإمام «الغرض منها تنجيزُ نظرٍ، وكفايةٌ للمسلمين هواجمَ خطرٍ عند موت المُولِّي على أقصى الإمكان، في الحال والأوان»؛ كما يقول الجويني([55])، فجائزٌ أن يكون معاوية عَهِدَ ليزيدَ بهذا القصد، وفي بعض كلامه ما يدلُّ على ذلك حيث قال: «إني لستُ آمنُ عليكم الاختلاف»([56])، وجاء عنه أيضًا ما يرجو به نفي قصد الحظ الدنيوي من العهد لابنه، فعن عطية بن قيس قال: خطب معاوية فقال: «اللهم إن كُنتُ إنما عهدتُ ليزيد لما رأيتُ من فضله، فبلِّغهُ ما أملتُ وأعِنْهُ، وإن كنتُ إنما حملني حبُّ الوالد لولده، وأنه ليس لما صنعتُ به أهلًا، فاقبِضه قبل أن يبلغ ذلك»([57]).

وأفعالُ الصحابيِّ لا تُحمَلُ على القُصُود السيئةِ وهي تحتمل القُصُودَ الحسنةَ، لأنَّ قاعدةَ أهلِ السنة في التعامل مع الصحابة تقومُ على تحسين الظنِّ، والحمل على الوجه الأحسن عند تعدُّدِ الاحتمالات، وهذه القاعدة أساسُهَا أساسٌ علميٌّ صحيح، وليست قائمةً على الهوى والتعصُّبِ المذهبيِّ.

قال الشيخ شرف الدين ابن التلمساني في بيان وجه ذلك: «ومناقب الصحابة وفضائلهم عديدة، وحقيقٌ على المُتديِّنِ أن يستصحب لهم ما كانوا عليه في عهده عليه السلام، .. وينبغي أن لا يألوا جهدًا في حمل كلِّ ما يُنقَل على وجه الخير، ولا يكاد يعدم ذلك» ([58]).

وقال الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى: «وما نُقِل فيما شجر بينهم واختلفوا فيه: .. ما كان منه صحيحًا أوَّلنَاهُ علي أحسن التأويلات، وطلبنا له أجودَ المخارج، لأنَّ الثناء عليهم من الله سابق، وما يُنقل يحتملُ التأويل، والمَشكوكُ لا يُبطِل المعلومَ»([59]).

فالحاصل أن ما استدلّ به رشيد رضا على أن معاوية رضي الله عنه من أهل الشهوة و الطمع في الملك والرئاسة،كل ذلك إذا نَظَرت فيه نظرًا مُنصفًا، معطيًا معاوية رضي الله عنه ما يستحقُّه شرعًا، وما يقتضيه كونُه صحابيًّا عدلًا = حملتَهُ على أوجهٍ تؤدِّي إلى أنَّه وإن كان مُخطئًا، وبعضُ خطئِه بيِّنٌ؛ فهو من أهل الاجتهاد والتأوُّل، وأن الاستدلال بذلك على أنه كان من أهل الشهوة والطمع في الملك والرئاسة هو الأولى بأن يقال في من ذهب إليه إنه خالف مقتضى اتباع الحق واستقلال الفكر والسلامة من الهوى والتعصب.  

 

 

([1]) «مجلة المنار» (9/213)، عدد ربيع الأول / 1324 هـ، الأسئلة والأجوبة، خروج معاوية على علي.

([2]) «مجلة المنار» (35/8)، عدد ربيع الأول / 1354 هـ، فاتحة المجلد الخامس والثلاثين.

([3]) «مجلة المنار» (24/44-45)، عدد جمادى الأولى/1341هـ، الأحكام الشرعية المتعلقة بالخلافة الإسلامية (2).

([4]) أخرجه مسلم (1855).

([5]) «المستظهري: فضائح الباطنية وفضائل المستظهرية» (ص206).

([6]) «المعتمد في أصول الدين» (ص235).

([7]) «منهاج السنة النبوية» (4/ 382 - 383).

([8]) «منهاج السنة النبوية» (6/359-360).

([9]) «سير أعلام النبلاء» (3/133).

([10]) أخرجه من هذا الوجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (1/576)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (58/168).

([11]) «السيف المُهنَّد في سيرة الملك المُؤيَّد» (ص288).

([12]) القول الإجمالي في الروايات التي ورد فيها ذكرُ المُلكِ بعد عهد الخلفاء الراشدين: أنَّ منها ما هو مُتدَاولٌ وفيه التصريح بالملك العضوض وليسَ في كتب الحديث أصلًا، كلفظ: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون مُلْكًا عضوضًا»، وحديث سفينة الذي جاء من طريق حماد بن سلمة و حماد بن زيد والعوام بن حوشب وحشرج بن نباتة عن سعيد بن جمهان عن سفينة رضي الله عنه مرفوعًا لفظُه: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تكون مُلْكًا» ليس فيه: «عضُوضًا». ومن تلك الروايات ما هو صريحٌ بذكر الملك العضوض لكنه ضعيفٌ أو معلولٌ، وتفصيلُ ذلك يطُول، ومنها ما جاء مُعارضًا لذلك، ففيه ذكرُ مُلك الرحمة بعد الخلافة الراشدة لا الملك العضوض، وهو حديث الطبراني - الذي رواه في «المعجم الكبير» برقم (11138) عن فطر بن خليفة عن مجاهد عن ابن عباس - بلفظ: «أوَّلُ هذا الأمر نُبُوَّةٌ ورحمة، ثم يكونُ خلافةً ورحمة، ثم يكونُ مُلكًا ورحمة».

([13]) «فتح الباري» لابن حجر (23/133).

([14]) أخرجه البخاري برقم (2704).

([15]) «فتح الباري» لابن حجر(23/127).

([16]) في خطبة عبد الملك بن مروان بعد مقتل ابن الزبير والأشدق وهي في «تاريخ خليفة» (ص273) وصفَ عبدُ الملك معاويةَ بـ«الخليفةِ المداهن»، والأشدق هو عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية، من المعارضين للحكم المرواني من الأمويين، خرج على عبد الملك سنة 70هـ، ثم اصطلح معه، فقتلَه، وخبرُه في «تاريخ خليفة» (ص266-267).

([17]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (650).

([18]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (668).

([19]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (651).

([20]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (652) والآجري في «الشريعة» برقم (1953).

([21]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (655).

([22]) «منهاج السنة» (4/445).

([23]) طبع كتاب «حلم معاوية» لابن أبي الدنيا محذوف الأسانيد.

([24]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (666)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/177).

([25]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (670).

([26]) أخرجه البخاري في «التاريخ الكبير» (7/175)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (49/247).

([27]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (671).

([28]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (680). قال الخلال: «سألت أحمد بن يحيى ثعلب عن حديث ابن عباس: «لم يكن معاوية كالضيق الحصيص» ، فقال: يضبط الأمور، قلت لثعلب: يكون أنه يعني لم يكن ضيق الخلق؟ قال: يكون في الخلق وغيره، إلا أنه في المال أكثر، ورأيت ما يغلب على ثعلب في قوله: إنه يضبط الأمور». وفي «تاريخ الإسلام» (2/545) أن ابن عباس قصد بهذا الوصف عبدَ الله بن الزبير.

([29]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (660).

([30]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (662).

([31]) أخرجه الخلال في «السنة» برقم (664).

([32]) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/193).

([33]) أخرجه الآجري في «الشريعة» برقم (1962).

([34]) انظر في الطاعة الشاميَّة: «منهاج السنة النبوية» (6/430-431). وفي «تاريخ خليفة بن خياط»(ص238-239) في خبر وقعة الحرة: «دخل مسلم بن عقبة المدينة ودعا الناس إلى البيعة على أنهم خول ليزيد بن معاوية يحكم في أهليهم ودمائهم وأموالهم ماشاء». وقال ابن حجر في ترجمة الحجاج في «تهذيب التهذيب» (2/210): «وكان يزعم أن طاعة الخليفة فرضٌ على الناس في كل ما يرومُه، ويجادل على ذلك» قال المُعلِّمي مُعلِّقًا: «وعن هذا - والله أعلم - كفَّره أئمَّة السلف». «رفع الاشتباه» (2/707). وقال الحجاج في خطبة له:«..واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمرتُ الناس أن يخرجوا من باب من أبواب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم!». أخرجه أبو داود في «سُنَنِه» (4643).

([35]) «منهاج السنة النبوية» (6/232).

([36]) «مجموعة الرسائل والمسائل النجدية» (4/53) (الهامش).

([37]) «مجلة المنار» (24/44-45)، عدد جمادى الأولى /1341هـ، الأحكام الشرعية المتعلقة بالخلافة الإسلامية (2).

([38]) «مجلة المنار» (9/213)، عدد ربيع الأول /1324هـ، الأسئلة والأجوبة، خروج معاوية على علي.

([39]) «فتح الباري» لابن رجب (4/382 - 383).

([40]) (ص746). (رسالة جامعية منشورة في الشبكة). وقد نقل القول باشتراط رضا أهل الحل والعقد في تولية العهد عن بعض الشافعية: الماوردي في «الحاوي الكبير» (8/339-340)، وفي «الأحكام السلطانية» (ص31)، ونقله عن الماوردي الروياني في «بحر المذهب» (8/145-146).

([41]) تقدّم ذكر بعض الآثار في ذلك عند ذكر سخائه، وقد ذكر غيرَها الآجُري في «الشريعة» في كتاب فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: باب ذكر تعظيمِ معاوية لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامِه إيَّاهُم.

([42]) «منهاج السنة النبوية» (4/473).

([43]) أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (59/168-169).

([44]) «مجلة المنار» (9/212-213)، عدد ربيع الأول / 1324 هـ، الأسئلة والأجوبة، خروج معاوية على علي.

([45]) «مجموعة الرسائل والمسائل النجدية» (4/61) (الهامش).

([46]) «شرح لمع الأدلة» لابن التلمساني (ص382).

([47]) هذا قول الأشعري.

([48]) «الرسالة القدسية» ضمن «إحياء علوم الدين» (1/422).

([49]) «منهاج السنة النبوية» (4/404-426). وانظر أيضًا أجوبة القاضي أبي بكر ابن الطيب عن الطعن في إمامة علي بمسألة قتلة عثمان في «تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل» (ص550-557).

([50]) «الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة» (1/184-185).

([51]) «منهاج السنة النبوية» (4/515).

([52]) قال ابن حجر في «فتح الباري» (23/172): «وقد ذكر يحيى بن سليمان الجعفي - أحد شيوخ البخاري-  في «كتاب صفين» من تأليفه بسندٍ جيِّدٍ عن أبي مسلم الخولاني..». ثم ساق هذا الخبر.

([53]) «فتح الباري» (12/264).

([54]) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (20427)، ومن طريقه الإمام أحمد في «مسنده» (17778) وغيرُه.

([55]) «الغياثي: غياث الأمم في التياث الظلم» (ص301).

([56]) «تاريخ خليفة بن خياط» (ص216).

([57]) «تاريخ الإسلام» (2/732).

([58]) «شرح لمع الأدلة» (ص394).

([59]) «عقيدة تقي الدين ابن دقيق العيد»، وقد نقلَ كلامَه الشيخ علوان بن عطية الحموي في شرحه لـ«عقيدة الشيباني».

  • 7
  • 4
  • 24,914

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً