مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - الذين يظاهرون منكم من نسائهم

منذ 2019-03-16

{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)} [المجادلة]

{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} :

قبل أن تظلم زوجك وتظلم معها نفسك وأبناءك انتبه!!!

هي ليست أمك فلا تحرمها على نفسك تحريم الأم والأخت في ساعة غضب أو يأس ثم تبحث عن مخرج أو فتوى!!!!

أمك هي من ولدتك وزوجك من قبلتك لتكون لها أهلاً وعونًا في الحياة.

راجع نفسك قبل أن تضع بينك وبين زوجك جداراً صلداً واستغفر ربك وحافظ على كيان أسرتك , والله عفو عفور فلنتعاطى العفو والمغفرة فيما بيننا.

فإ|ن رجعت عن يمين ظهار فكفارته عتق رقبة فبل المسيس أو صيام شهرين متتابعين قبل المسيس أو إطعام ستين مسكيناً, حتى تحل لك ويبارك الله في بيتك , تلك حدود الله فلا تعتدوها, وللكافرين بالله وشرائعه وحدوده عذاب أليم في الآخرة وضنك في الحياة الدنيا, فلا أعظم من مراعاة حدود الله وشرائعه وتعظيم حدوده.

قال تعالى:

{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (3) فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (4)} [المجادلة]

قال السعدي في تفسيره:

{ { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُ} مْ }

المظاهرة من الزوجة: أن يقول الرجل لزوجته: "أنت علي كظهر أمي" أو غيرها من محارمه، أو "أنت علي حرام" وكان المعتاد عندهم في هذا لفظ "الظهر"ولهذا سماه الله "ظهارا" فقال: { {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } } أي: كيف يتكلمون بهذا الكلام الذي يعلم أنه لا حقيقة له، فيشبهون أزواجهم بأمهاتهم اللاتي ولدنهم؟ ولهذا عظم الله أمره وقبحه، فقال: { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا } أي: قولا شنيعا، { {وزورا} } أي: كذبا.

{ {وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ } } عمن صدر منه بعض المخالفات، فتداركها بالتوبة النصوح.

{ { وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا } } اختلف العلماء في معنى العود، فقيل: معناه العزم على جماع من ظاهر منها، وأنه بمجرد عزمه تجب عليه الكفارة المذكورة، ويدل على هذا، أن الله تعالى ذكر في الكفارة أنها تكون قبل المسيس، وذلك إنما يكون بمجرد العزم، وقيل: معناه حقيقة الوطء، ويدل على ذلك أن الله قال: { {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا } } والذي قالوا إنما هو الوطء.

وعلى كل من القولين { فـ } إذا وجد العود، صار كفارة هذا التحريم { {تحرير رَقَبَةٍ} } مُؤْمِنَةٍ كما قيدت في آية أخرى ذكر أو أنثى، بشرط أن تكون سالمة من العيوب المضرة بالعمل.

{ {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} } أي: يلزم الزوج أن يترك وطء زوجته التي ظاهر منها حتى يكفر برقبة.

{ {ذَلِكُمْ} } الحكم الذي ذكرناه لكم، { {تُوعَظُونَ بِهِ } } أي: يبين لكم حكمه مع الترهيب المقرون به، لأن معنى الوعظ ذكر الحكم مع الترغيب والترهيب، فالذي يريد أن يظاهر، إذا ذكر أنه يجب عليه عتق رقبة كف نفسه عنه، { {وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } } فيجازي كل عامل بعمله.

{ {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} } رقبة يعتقها، بأن لم يجدها أو يجد ثمنها { فـ } عليه { صيام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ } الصيام { {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} } إما بأن يطعمهم من قوت بلده ما يكفيهم، كما هو قول كثير من المفسرين، وإما بأن يطعم كل مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصف صاع من غيره مما يجزي في الفطرة، كما هو قول طائفة أخرى.

ذلك الحكم الذي بيناه لكم، ووضحناه لكم { {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} } وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الأحكام، والعمل به، فإن التزام أحكام الله، والعمل بها من الإيمان، بل هي المقصودة ومما يزيد به الإيمان ويكمل وينمو.

{ {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّ} هِ } التي تمنع من الوقوع فيها، فيجب أن لا تتعدى ولا يقصر عنها.

{ {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} } وفي هذه الآيات، عدة أحكام:

منها: لطف الله بعباده واعتناؤه بهم، حيث ذكر شكوى هذه المرأة المصابة، وأزالها ورفع عنها البلوى، بل رفع البلوى بحكمه العام لكل من ابتلي بمثل هذه القضية.

ومنها: أن الظهار مختص بتحريم الزوجة، لأن الله قال { {مِنْ نِسَائِهِمْ} } فلو حرم أمته، لم يكن ذلك ظهارا، بل هو من جنس تحريم الطعام والشراب، تجب فيه كفارة اليمين فقط.

ومنها: أنه لا يصلح الظهار من امرأة قبل أن يتزوجها، لأنها لا تدخل في نسائه وقت الظهار، كما لا يصح طلاقها، سواء نجز ذلك أو علقه.

ومنها: أن الظهار محرم، لأن الله سماه منكرا من القول وزورا.

ومنها: تنبيه الله على وجه الحكم وحكمته، لأن الله تعالى قال: { {مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ} }

ومنها: أنه يكره للرجل أن ينادي زوجته ويسميها باسم محارمه، كقوله { {يا أمي} } { {يا أختي} } ونحوه، لأن ذلك يشبه المحرم.

ومنها: أن الكفارة إنما تجب بالعود لما قال المظاهر، على اختلاف القولين السابقين، لا بمجرد الظهار.

ومنها: أنه يجزئ في كفارة الرقبة، الصغير والكبير، والذكر والأنثى، لإطلاق الآية في ذلك.

ومنها: أنه يجب إخراجها إن كانت عتقا أو صياما قبل المسيس، كما قيده الله. بخلاف كفارة الإطعام، فإنه يجوز المسيس والوطء في أثنائها.

ومنها: أنه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس، أن ذلك أدعى لإخراجها، فإنه إذا اشتاق إلى الجماع، وعلم أنه لا يمكن من ذلك إلا بعد الكفارة، بادر لإخراجها.

ومنها: أنه لا بد من إطعام ستين مسكينا، فلو جمع طعام ستين مسكينا، ودفعها لواحد أو أكثر من ذلك، دون الستين لم يجز ذلك، لأن الله قال: { {فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } }

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

  • 3
  • 0
  • 16,723
المقال السابق
قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله
المقال التالي
إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً