المسيح الدّجال في تويتر!

منذ 2019-03-20

لو ظهر الأعور لساروا خلفه زرافات ووحدانًا، ولغدوا جندًا له، ومن أسباب ارتفاع عدد متابعي حساب زعيمهم الأكبر؛ ليتجاوز الرّقم المليارات من النّسمات الضّائعة، ويا ويلهم يوم العرض إذ لا تخفى خافية!

كنّا في برنامج تدريبي حول طرق صناعة الأفكار الكتابيّة، ومن بين هذه الطّرق إفساح المجال للخيال والافتراض على أساس أنّه أمر جائز شرعًا وعقلًا، وكان من براعة خيال أحد المشاركين أن قال: ماذا لو كان لدى المسيح الأعور الدّجال حساب في تويتر؟

فعلًا، لو كان لديه حساب على منّصة من منصّات التّواصل الاجتماعي، فيا ترى ماهي الموضوعات التي سيشارك فيها؟ وما الحوارات التي يبتدعها ويبدأ بها؟ وأيّ قضيّة يناصر أو يعارض؟ وماهي الوسوم والأفكار التي ستعجبه؟ وكيف سيكون موقفه من حوادث العدوان على المسلمين كما حصل في نيوزلندا مؤخرًا؟ وفي أيّ زاوية سيقف ضمن سجال الإمام البخاري رضوان الله عليه؟

وبمن من المشاهير سيحتفي؟ وهل يتابع الزّعماء ويتابعونه عيانًا أم بالخفاء؟ وكيف ستكون علاقته مع الرّئيس الأمريكي ترمب؟ وبغيره من زعماء دول العالم خاصّة زعماء يهود؟ وماذا عن غير السّاسة من مشايخ، وكتّاب، وخبراء، ومحلّلين، ورياضيين، وفنّانين، وشركات، وقنوات، وصحف، ووزارات، ومنّصات؟

وهل سيختار معرّفه صريحًا أم يتوارى؟ وماهي صورة حسابه؟ وأيّ جملة يكتبها للتّعبير عن نفسه؟ ومن سيحظر من المغرّدين؟ وكم ساعة في اليوم سيطلّ من خلالها عبر حسابه؟ وكيف سيكون تفاعله مع الرّدود والتّنبيهات؟ وهل سيجرؤ على التّدوير والتّفضيل والتّفاعل، أم يكتفي بالتّغريد أو بالمشاهدة السّلبيّة فقط؟ وأيّ لغة سوف يغرّد بها: العربيّة أم العبريّة أم الإنجليزيّة أم بهنّ جميعًا؟ وهل توثّق الشّركة حسابه؟!

وما هو موقف المتوترين منه وتعليقاتهم على ولوجه إلى عالم تويتر، أيقول قارئ حافظ: لا أجد له ذكرًا صريحًا في الكتاب العزيز! بينما يجتهد متمشيخ فضائي وهو ليس أهلًا للاجتهاد حتى في العلف، إذ يهرف جازمًا بأنّ أحاديث الدّجال ليست مقبولة عنده! ويدعو طبيب نفسي لتحليل شخصيّة الدّجال وتصحيح اعتلاله ورحمته مما حلّ به من اضطرابات قادته للدّجل، ويفوه كاتب من وراء الجدر والبطانيات بعنتريّات تدعو لمواجهة الدّجال، بينما يعلن المغرّد اليهودي الخبير بثقافتنا إيدي كوهين موقفًا أشجع منهم بغضّ النّظر عمّا يضمر!

طبعًا، هذه أسئلة افتراضيّة، والمهم أن تكون حياتنا وأعمالنا وتغريداتنا ومواقفنا وتصوّراتنا مغضبِة للدّجال إن علم بها، وإذا كان لا يعلم فلتغضب دجاجلة كثر، لو ظهر الأعور لساروا خلفه زرافات ووحدانًا، ولغدوا جندًا له، ومن أسباب ارتفاع عدد متابعي حساب زعيمهم الأكبر؛ ليتجاوز الرّقم المليارات من النّسمات الضّائعة، ويا ويلهم يوم العرض إذ لا تخفى خافية!

أحمد بن عبد المحسن العسَّاف-الرِّياض

مدونة أحمد بن عبد المحسن العسَّاف

  • -4
  • 3
  • 1,592

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً