ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واعغر لنا ربنا

أبو الهيثم محمد درويش

{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)} [الممتحنة]

  • التصنيفات: التفسير -

{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا} :

من دعاء المؤمنين أن يرزقهم الله العافية ويبعدهم عن الفتن , فلا يفتتن بهم كافر بسبب ضعفهم فيغتر بقوته ويثبت على كفره , ولا يتسبب ضعفهم في فتنتهم بسبب علو الكافرين وإيذائهم إياهم, ومن دعائهم طلب مغفرة الذنوب والعفو عن الزلل ولهم في جميع الأنبياء والرسل وأتباعهم بإحسان القدوة والأسوة والولاء والمحبة ولنا في براءتهم من الكفار أسوة وقدوة , ولا يقتدي بالمرسلين وأهل الإيمان إلا مؤمن بالله واليوم الآخر , أما من تولى عن اتباعهم والانتفاع برسالاتهم ومنهجهم فالله غني عنه وعن عبادته وصلاحه وهو وحده الحميد في ذاته وصفاته محمود بكل الوجوه لا يحتاج إلى كمال ولا جبر نقص سبحانه.

قال تعالى:

{رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا وَاغْفِرْ لَنَا رَبَّنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ ۚ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)} [الممتحنة]

قال السعدي في تفسيره:

{ {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا } } أي: لا تسلطهم علينا بذنوبنا، فيفتنونا، ويمنعونا مما يقدرون عليه من أمور الإيمان، ويفتنون أيضا بأنفسهم، فإنهم إذا رأوا لهم الغلبة، ظنوا أنهم على الحق وأنا على الباطل، فازدادوا كفرا وطغيانا، { {وَاغْفِرْ لَنَا} } ما اقترفنا من الذنوب والسيئات، وما قصرنا به من المأمورات، { {رَبَّنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ } } القاهر لكل شيء، { {الْحَكِيمُ} } الذي يضع الأشياء مواضعها، فبعزتك وحكمتك انصرنا على أعدائنا، واغفر لنا ذنوبنا، وأصلح عيوبنا.

ثم كرر الحث على الاقتداء بهم، فقال: { {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} } وليس كل أحد تسهل عليه هذه الأسوة، وإنما تسهل على من { { كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} } فإن الإيمان واحتساب الأجر والثواب، يسهل على العبد كل عسير، ويقلل لديه كل كثير، ويوجب له الإكثار من الاقتداء بعباد الله الصالحين، والأنبياء والمرسلين، فإنه يرى نفسه مفتقرا ومضطرا إلى ذلك غاية الاضطرار.

{ {وَمَنْ يَتَوَلَّ} } عن طاعة الله والتأسي برسل الله، فلن يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئا، { { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ} } الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا يحتاج إلى أحد من خلقه ، { {الْحَمِيدُ} } في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فإنه محمود على ذلك كله.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن