مخالفات البصر (3-5)

منذ 2019-04-25

جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال:  " يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ أَوْ قَالَ: الْجِذْلَ فِي عَيْنَيْهِ "

(سادسا) ومن مخالفات البصر: النظر إلى المنكرات دون تغييرها مع القدرة على ذلك؛ إذ قد يرى المسلم منكرا من المنكرات ويبقى ينظر إليه ويحضر في مكانه مع قدرته على التغيير، وهذا بحد ذاته منكر، إذ لا يجوز إطلاق البصر إلى معاصي الله تعالى دون تغيير، وإنما المتعين في هذه الحالة تغيير المنكر أو صرف النظر عنه وهجر مكانه، وهذه المخالفة يكثر وقوعها في الأزمنة التي تكثر فيها المهرجانات البدعية أو المملوءة بالرقص والغناء، فكل هذا مما ينبغي صرف النظر عنه إلا لمغير له، كما تكثر هذه المخالفات في أسفار الناس وسياحتهم في بعض الدول، وقد قال صلى الله عليه وسلم  « «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: «فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا»، قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ» ».([1])

(سابعا) ومن مخالفات البصر: غمز العين للسخرية بالناس ولمزهم، أو غمزها للمغازلة، والله تعالى يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وقد حذر الله عز وجل المؤمنين قائلا لهم {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا} .

 فالمرء سيسأل لا محالة عن بصره فيما صرفه فيه، فليتق الله كل مسلم في بصره.

 (ثامنا): ومن مخالفات البصر: النظر في كتب الكفر والإلحاد والبدع والفسوق والمجون وكتب الحداثيين ونحوهم، وهذا أيضا يعد من آثام البصر ومخالفة لطريق أهل الاستقامة، فإن العلماء ينهون أشد النهي من النظر في مثل هذه الكتب للقراءة المجردة؛ لما تحتويه من الشبهات والكفريات والاستهزاء بالدين وأهله، فكل هذا لا يجوز النظر فيه إلا لعالم متمكن مقصده الرد على باطلها والتحذير منها، ويلحق بذلك النظر إلى مواقع أهل البدع والإلحاد المخالفين لأهل السنة والجماعة، وما أكثر مواقعهم على شبكة الإنترنت، وقل مثل ذلك في النظر في كتب الجنس والمجون والخلاعة والتي تثير الغرائز وتهيج الشهوات، وتؤدي إلى الوقوع في الفساد والفاحشة، وما أدى إلى حرام فهو حرام.

فالعينان نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل ينبغي أن لا تسخرا إلا فيما ينفع صاحبها في الآخرة.

(تاسعا) ومن مخالفات البصر: النظر إلى الناس نظرة شزر وحقد وتعالي، ولا شك أن هذا أمر محرم لأنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، وإنك ترى بعض الناس ينظرون إلى عيوب غيرهم بل ويتصيدونها ولا ينظرون إلى عيوب أنفسهم وقد جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال:  " « يُبْصِرُ أَحَدُكُمُ الْقَذَى فِي عَيْنِ أَخِيهِ، وَيَنْسَى الْجِذْعَ أَوْ قَالَ: الْجِذْلَ فِي عَيْنَيْهِ » " ([2]).

قال المناوي في شرحه على هذا الحديث: أي كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيبٍ في نفسه ظاهر لا خفاء به، وهو مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به، وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح، فرحم اللّه من حفظ قلبه ولسانه، ولزم شأنه، وكف عن عرض أخيه، وأعرض عما لا يعنيه، فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته، وللّه در القائل: 

أرى كل إنسان يرى عيب غيره

 ويعمى عن العيب الذي هو فيه

لا خير فيمن لا يرى عيب نفسه

ويعمى عن العيب الذي بأخيه


([1])  رواه البخاري (2465).

([2])  رواه البخارى فى الأدب المفرد (592) ، وابن حبان (5761) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع (8013).

  • 1
  • 0
  • 6,674

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً