وقائع بيبرس وفتوحاته الرمضانية
ملفات متنوعة
قد خاض بيبرس معارك لا تحصى دفاعا عن الإسلام، كان أهمها في شهر رمضان، وذلك قبل وبعد توليه السلطنة، الأسد الضاري، قاهر التتار والصليبين، وقامع الباطنية والحشاشين، والمؤسس الحقيقي لدولة المماليك
- التصنيفات: التاريخ والقصص - التاريخ الإسلامي - قصص الأمم السابقة -
ومن منا لا يعرف بيبرس، الأسد الضاري، قاهر التتار والصليبين، وقامع الباطنية والحشاشين، والمؤسس الحقيقي لدولة المماليك، وباعث الخلافة العباسية في القاهرة من جديد. وقد خاض بيبرس معارك لا تحصى دفاعا عن الإسلام، كان أهمها في شهر رمضان، وذلك قبل وبعد توليه السلطنة.
معركة حطين الثانية، رمضان 642هـ
وكانت قبل تولي بيبرس السلطنة، دارت بظاهر غزة، بين تحالف الصليبيين وجيوش أمراء الأيوبيين الخونة في الشام، وعلى رأسهم عماد الدين إسماعيل، صاحب دمشق، من جانب، وبين تحالف قوات الصالح أيوب صاحب مصر والخوارزمية الذين لجئوا إلى مصر بعد سقوط دولتهم في الشرق بيد المغول، من جانب آخر، وتسمى أيضا باسم معركة الحربية، وقد انتصرت فيها قوات الصالح إسماعيل والخوارزمية، بقيادة ركن الدين بيبرس، انتصارا ساحقا، وكانت نكبة كبرى للصليبيين، تقارب نكبتهم في حطين، ولذلك أطلق عليها اسم "حطين الثانية"، وترتب عليها خضوع الشام للصالح أيوب، بما فيها القدس، والتي خرجت نهائيا من تحت سيطرة الصليبيين، وظلت بأيدي المسلمين، إلى أن دخلها القائد البريطاني إلنبي صاحب المقولة الشهيرة: "الآن انتهت الحروب الصليبية"، في عام 1917م.
رمضان 647هـ: معركة المنصورة
جرت هذه المعركة بين الجيش الفرنسي بقيادة لويس التاسع، الذي هاجم دمياط من جهة البحر، وتوغل في نهر النيل، حتى وصل إلى المنصورة، من جانب، وبين جيش الصالح أيوب سلطان مصر والشام، بقيادة فارس الدين أقطاي، من جانب آخر، وقد لعب بيبرس، إلى جانب أستاذه أقطاي، دورا بارزا في هذه المعركة، التي انتهت بهزيمة الجيش الفرنسي هزيمة نكراء، ومقتل الكثير من جنوده، وأسر ملكه لويس التاسع، والذي كان يحلم باحتلال مصر، وبالتالي، قطع خطرها نهائيا عن الإمارات الصليبية في الشام، وبعد ذلك جرى أطلاق سراحه بعد دفع فدية كبيرة، وقد مات هذا الملك التعيس في تونس، وهو في طريق عودته إلى فرنسا. وتعرف حملته هذه على مصر، باسم الحملة الصليبية السابعة.
رمضان 658هـ: معركة غـزة
وهي معركة جرت قبيل معركة عين جالوت، بين طلائع جيش المسلمين بقيادة ركن الدين بيبرس، من جانب، وطلائع جيش المغول بقيادة بيدار، والتي كانت قد احتلت غزة، حينذاك، من جانب آخر، وانتهت المعركة بهزيمة طليعة الجيش المغولى ومقتل عدد من أفرادها، وفرار الباقين من غزة نحو سهل البقاع، حيث كان يعسكر جيش المغول الرئيسي، بقيادة كتبغا، وكان انتصار طليعة جيش المسلمين في هذه المعركة، هو أول انتصار يحققه المسلمون على المغول، الأمر الذي ترتب عليه رفع الروح المعنوية لدى المقاتلين المسلمين، وقوى من حماستهم وعزيمتهم لملاقاة المغول، وهزيمتهم في المعركة الحاسمة المرتقبة.
رمضان 658هـ: معركة عين جالوت
وهي معركة جرت بين جيش المسلمين بقيادة السلطان المظفر قطز سلطان المماليك، وإلى جانبه الأمير ركن الدين بيبرس، من جانب، وجيش التتار بقيادة كتبغا، من جانب آخر، وجرت بالقرب من مدينة بيسان، وانتهت بهزيمة ساحقة ماحقة للتتار، عم صداها المشرق كله، حيث لم يهزموا هزيمة مثلها من قبل، الأمر الذي حطم أسطورة جيش التتار الذي لا يقهر، واسقط هيبتهم من عيون الناس، وهذه المعركة تعتبر من أكبر وأهم المعارك الحاسمة في التاريخ الإسلامي، بعد معركة حطين ضد الصليبيين، فقد أوقفت زحف التتار الوثنيين، باتجاه مصر، وبالتالي، إنقاذ أهلها، ومعالمها الإسلامية، وتراثها الديني والحضاري، من همجيتهم ووحشيتهم، كما أدت إلى طردهم من الشام، وعبورهم نهر الفرات باتجاه العراق.
رمضان 660هـ: استئناف الجهاد ضد الصليبيين
واستمر جهاد بيبرس رحمه الله بعد تولي السلطنة، ففي رمضان من هذا العام بدأ السلطان بيبرس جهاده ضد الصليبيين في الشام، حيث كانت بعض الإمارات الصليبية، لا تزال جاثمة في سواحلها، منذ وفاة صلاح الدين، بل إنها أعادت احتلال كثير من القلاع والمدن، أثناء فترة الصراع الداخلي بين العائلات الأيوبية الحاكمة. وقد زاد الطين بلة، أن الصليبيين، أخذوا يتعاونون مع المغول، ويدلونهم على عورات المسلمين. وقد بدأت حروب بيبرس ضد الصليبيين، على شكل مناوشات، وذلك لتحسس مواطن ضعفهم، قبل الدخول في مواجهات مباشرة معهم. وعندما استشعرت الإمارات الصليبية، بنوايا بيبرس ضدها، بادرت بإرسال رسلها إليه تطلب منه المهادنة، لكنه رفض لك بشدة، وطرد الرسل من مجلسه.
رمضان 664هـ،: حصار قلعة صفد وتحرير الجليل
فقد كانت قلعة صفد، قاعدة صليبية خطيرة في الشام، لكونها كانت تسيطر على الجزء الشمالي من إقليم الجليل، وعلى الطريق الرابط بين دمشق وعكا، وكانت قاعدة لفرسان الداوية المتعصبين الخطرين، فهاجمها بيبرس في رمضان من هذا العام، واستولى عليها، بعد حصار خانق استمر حتى منتصف شوال، ثم قام بتجديد عمارتها، وشحنها بالجند والمؤن، وجعلها مركزا متقدما لمقارعة الصليبيين، في الساحل، كما جدد عمارة مدينتها، وعين لها واليا، وأسكنها جماعة من أهالي دمشق، وكان سقوط قلعة صفد في أيدي المسلمين، ضربة قاسية للصليبيين، وبسقوطها سقطت بيد بيبرس بلاد الجليل كلها، وقلاع أخرى عديدة منها هونين وتبنبن، بين صور وبانياس.
رمضان 666هـ: استعادة أنطاكية
ولم تكن أنطاكية وقتذاك، مجرد مدينة ساحلية يحتلها الصليبيون، وإنما كانت عاصمة لإمارة أنطاكية، والتي كانت، حينذاك، أهم إمارة صليبية بالشام، وكان أميرها بوهيمند السادس، أعظم الأمراء الصليبيين، إذ كانت تتبعه أيضا إمارة طرابلس، وكان يناصر المغول بقوة. وكان سقوط إنطاكية كارثة كبرى بالنسبة للقوى الصليبية الباقية، بالشام، لأنها كانت سندا قويا لها، منذ بداية الحروب الصليبية، ولذلك، سارعت القلاع الصليبية القريبة منها بإعلان الاستسلام للسلطان بيبرس، أو هروب فرسانها منها، لتستولي عليها فرق من جيش بيبرس، كما سارع فرسان الداوية وفرسان الاسبتارية بقلعتي انطرسوس والمرقب، إلى عقد هدنة مع السلطان، وتسليمه نصف غلال الأقاليم التي تحت سيطرتهم.
رمضان 669هـ: فتح حصن عكّار
وذلك بعد أن كان بيبرس قد فتح حصن الأكراد في شعبان، وقاد بيبرس الحصار بنفسه، والذي ابتدأ في 20 رمضان واستمر حتى 29 من هذا الشهر، عندما أرسل فرسان الاسبتارية، يطلبون الاستسلام والخروج إلى طرابلس، وهذا ما حصلوا عليه، عند ذلك رفع بيبرس بيارقه على أبراج الحصن، وعيّد الفطر هناك. وبعد أن وضع حامية في القلعة أمر بإعادة المجانيق إلى حصن الأكراد. ونظراً لهطول طويل للأمطار الغزيرة صارت الطرقات موحلة فتعذر تحميل المعدات على الجمال خشية انزلاقها، فاضطر الجنود إلى نقلها على أكتافهم، وأوكل بيبرس حكم عكار إلى الحاكم العام في حصن الأكراد.
رمضان 673هـ: فتح سيس عاصمة أرمينيا الصغرى
كانت هذه المملكة تقع في كليكيا، وسميت أرمينيا الصغرى، تمييزا لها عن أرمينيا الكبرى، الواقعة في القوقاز، ولعبت هذه المملكة، دورا خطيرا في مساعدة الإمارات الصليبية، بالشام، في حروبها ضد المسلمين، ثم تحالفت مع المغول، ضدهم، وكان الأرمن بقيادة ملكهم هيثوم، مشاركين بكثافة في اجتياح بغداد، ومدن الشام والجزيرة، وقتل أهلها، وتخريب مساجدهم، وأسر نسائهم وأطفالهم، إلى جانب المغول، ولذلك، أرسل بيبرس سنة 666هـ، حملة لتأديبها، فأغارت على مدنها وخربتها، ثم حملة ثانية عام 673هـ، بقيادة قلاوون، قضت على البقية الباقية منها، وجاء السلطان بيبرس بنفسه على إثرها، فدخل عاصمتها سيس في 21 رمضان 673هـ.
***