هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغضب؟

أحمد علوان

لم يكن رسول الله يغضب إلا إذا انتُهكت حُرمات الله؛ عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما انتقم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيءٍ يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله).

  • التصنيفات: فقه المعاملات - السيرة النبوية -

لم يكن رسول الله يغضب إلا إذا انتُهكت حُرمات الله؛ عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (ما انتقم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لنفسه في شيءٍ يؤتى إليه حتى ينتهك من حرمات الله، فينتقم لله)

فلم يكن يغضَب لنفسه صلى الله عليه وسلم؛ عن عبدالله بن سلامٍ، قال: إن الله لما أراد هدى زيد بن سعنة، قال زيد بن سعنة: ما من علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفتها في وجه محمدٍ صلى الله عليه وسلم حين نظرتُ إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حِلمُه جهلَه، ولا تَزيده شدة الجهل عليه إلا حِلمًا، فكنت ألطف له لأن أخالطه، فأعرف حِلمه من جهله، قال زيد بن سعنة: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الحجرات ومعه علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، فأتاه رجلٌ على راحلته كالبدوي،

فقال: يا رسول الله، إن بُصرى قرية بني فلانٍ قد أسلموا، ودخلوا في الإسلام، وكنتُ حدثتُهم إن أسلموا أتاهم الرزق رغدًا، وقد أصابتهم سنةٌ وشدةٌ وقحوطٌ من الغيث، فأنا أخشى يا رسول الله أن يخرجوا من الإسلام طمعًا كما دخلوا فيه طمعًا، فإن رأيتَ أن ترسل إليهم بشيءٍ تعينهم به فعلتَ،

فنظر إلى رجلٍ إلى جانبه أراه عليًّا رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، ما بقي منه شيءٌ، قال زيد بن سعنة: فدنوت إليه، فقلت: يا محمد، هل لك أن تبيعني تمرًا معلومًا من حائط بني فلانٍ إلى أجل كذا وكذا؟ فقال: «لا يا يهودي، ولكني أبيعك تمرًا معلومًا إلى أجل كذا وكذا، ولا تسمي حائط بني فلانٍ»،

قلت: بلى، فبايعني، فأطلقت همياني، فأعطيته ثمانين مثقالًا من ذهبٍ في تمرٍ معلومٍ إلى أجل كذا وكذا، فأعطاها الرجل، فقال: «اغدُ عليهم فأعِنْهم بها»، فقال زيد بن سعنة: فلما كان قبل محل الأجل بيومين أو ثلاثٍ، أتيته فأخذت بمجامع قميصه وردائه، ونظرت إليه بوجهٍ غليظٍ، فقلت له: ألا تقضيني يا محمد حقي؟ فوالله ما علمتكم بني عبدالمطلب لمطلٌ، ولقد كان لي بمخالطتكم علمٌ،

ونظرت إلى عمر، وإذا عيناه تدوران في وجهه كالفلَك المستدير، ثم رماني ببصره، فقال: يا عدوَّ الله، أتقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسمع، وتصنع به ما أرى؟! فوالذي بعثه بالحق، لولا ما أحاذر فوته لضربتُ بسيفي رأسك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إلى عمرَ في سكونٍ وتؤدةٍ، ثم قال: «يا عمر، أنا وهو كنا أحوج إلى غير هذا؛ أن تأمرني بحسن الأداء، وتأمره بحسن التباعة، اذهب به يا عمر وأعطه حقه، وزِدْه عشرين صاعًا من تمرٍ مكان ما روَّعْتَه»،

قال زيدٌ: فذهب بي عمر رضي الله عنه، فأعطاني حقي، وزادني عشرين صاعًا من تمرٍ، فقلت: ما هذه الزيادة يا عمر؟ فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أَزيدَك مكان ما روعتُك، قلت: وتعرفني يا عمر؟ قال: لا، مَن أنت؟ قلت: أنا زيد بن سعنة،

قال: الحَبْر، قلت: الحَبْر، قال: فما دعاك أن فعلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعلتَ وقلت له ما قلت؟ قلت: يا عمرُ، لم تكن من علامات النبوة شيءٌ إلا وقد عرفته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه، إلا اثنتين لم أخبرهما منه، يسبق حِلمُه جهله، ولا يزيده الجهل عليه إلا حِلمًا، فقد أخبرتهما، فأشهدك يا عمر أني قد رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا، وأشهدك أن شطرَ مالي -وإني أكثرها مالًا- صدقةٌ على أمة محمدٍ"