همسات ووقفات - (2)نشأة الطفل المسلم في المجتمع الأول

منذ 2019-06-18

لا بد أن نهتم بعقيدة الولد من الصغر

 لقد كان الطفل المسلم ينشأ في المجتمع الأول وسط مجموعة تدين لله بالاستقامة، فيرى قدوات أكثر من الكلام، الآن الطفل لو حصل على شيء منا سيحصل على توجيهات وكلام، لكن القدوة قليلة،

ولذلك لا ينشأ أولادنا في استقامة كبيرة، ولا ينشئون في نفسيات إسلامية ونشأة صحيحة بسبب أن الوسط الذي هم فيه البيئة في البيت في المدرسة في الشارع لا تساعد على الاستقامة، الآن البيئة تساعد على الانحراف، إذ اذهب ولدك على المدرسة، وكنت ممن يخشى ستضع يدك على قلبك وتقول الله يستر، الولد ماذا سيرجع اليوم؟ أي بلية سيعود، دخلت إلى مدرسة متوسطة،

وكيل المدرسة قال: اليوم ضبطنا دسكات، فتحنا الدسك على تواريخ الملفات المنسوخة من الإنترنت، ظهر أن الولد ناسخها في شهر رمضان؛ لأنه تبين من خلال تاريخ النسخ الملفات أنها منسوخة في شهر رمضان، ملفات جنسية نسخها الولد في شهر رمضان، ويتبادلون الدسكات والسيديات الآن بكثافة فلو أجرى الواحد تفتيشاً دورياً أو مفاجئاً على شنطة الولد أو البنت ربما يكتشف أشياء مهولة مما يأتي به الولد من الخارج،

ولذلك قالت امرأة: هذه البنت الصغيرة عندهم عمرها سنتين، هذه البنت تتكلم لبناني سنتين لماذا؟ قال: لأنهم دائماً مشغلين إم بي سي أربع وعشرين ساعة في البيت، إذا كان هذا الذي يراه الولد في البيت يومياً على القنوات وما فيها من المصائب العظيمة، وهذا الذي إذا ذهب إلى المدرسة يسمع عنه ويتحدثون عنه ماهي الاستقامة المتوقعة؟ ولذلك لابد أن ندرك الفرق بين البيئة التي يعيش فيها الولد الآن والبيئة التي كان يعيش فيها الولد أيام النبي، ابن عباس غلام صغير، قال: "بتُ عند خالتي ميمونة، انتبه الولد في الليل أن النبي قام وتوضأ وقام يصلي الليل، قال ابن عباس -الولد عنده قدرة على المحاكاة والاتباع، قام وتوضأ مثلما توضأ النبي وقام عن يساره، فأداره فجعله عن يمينه، وإذا نعس أخذ بأذنه، فصلى بجنب النبي ، نشأ الولد من صغره على قضية قيام الليل؛ لأنه رأى نموذج واقعي بدون تمثيليات وبدون إملاءات وكلام،

وإنما رأى عملاً أمامه، فقلده وحاكاه، والنبي انتهز فرصة أن ابن عباس وراءه ذات يوم، فقال: « يا غلام، إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، أو وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله» (رواه أحمد: 2803)، (والترمذي: 2516)، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7957]. 

عبارات قصيرة معانيها عظيمة التوحيد في نفس الولد، وتعلقه بالله، إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، الآن في بعض البلدان يضعون حول رقبة الولد تمائم وخرزات، ويعلمون الولد إن هذه التميمة أو هذا الخرز تقيك من الشرور ومن العين ومن الحسد ومن الضرر ومن الأذى ومن المرض، فبدلاً من أن يتعلق بالله يتعلق بالتمائم، والرسول يقول لابن عباس:  «إذا سألتَ فاسأل الله، وإذا استعنتَ فاستعن بالله» (رواه الترمذي: 2516) ، وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير: 7957]. 

ونحن إذا جئت قلت للولد: أعطنا من الذي تحفظ قال: حادي بادي سيدي محمد البغدادي، من هو سيدي محمد البغدادي؟ هذه قضايا صوفية و الذي يختار حاجة ما يعرف ما هي يستنجد بسيدي محمد البغدادي يختار له، وإذا فكر الواحد فيها رأى وهذه عبارات يرددونها على الألسن الأطفال من الصغر،

فهذا شيء خطير أن يتوجه الولد هذا التوجه البدعي الشركي في هذه الأشياء، قال واحد: كنا من زمان إذا الواحد أخذ السن أوشك ينخلع يروح يأخذه ويقول: يا شمس هذا سن حمار وأعطيني سن غزال ويرمي به، سبحان الله، ما هذه الاعتقادات السخيفة الشركية؟

والشمس ستعطيه سناً هو كان في سن حمار أصلاً، وهذا تعطيه سن غزال، فيرمي به جهة الشمس، أسماء الأزهار فسدت، قال: عبّاد الشمس، يا أخي {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}  [الإسراء: 44] {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}  [الرعد: 15]. ثم حتى أسماء هذه الأزهار الورود إذا جاء يتعلمها الولد يقول: هذا عباد الشمس، يقول: داور الشمس؛ لأنه يدور مع الشمس، فإذن، لا بد أن نهتم بعقيدة الولد من الصغر، والذين يذهبون إلى الخارج في الصيف يدخلون أولادهم على المتاحف وعلى الكنائس،

ماذا سيجد الولد في متاحف الغرب؟ صلبان وتماثيل لمعبوداتهم ورهبانهم وأسيادهم وعظمائهم، ينشأ الولد معظماً لشخصيات الكفار، بدلاً من أن يربي فيه تعظيم أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، وأئمة الإسلام، فإذا بالولد عنده ثقافة غربية، وربما يريد البعض أن أولاده يدرسون في مدارس أجنبية يريد هذا، وربما أرسلهم إلى الخارج منذ سن مبكرة وبالتالي إذا رجع الولد يرجع بأي شخصية، يرجع بعقلية غربية يرجع متأثراً بما يكون هناك من ألوان الكفر والإلحاد، وربما تجد الولد الصغير يتفرج على مباريات تلفزيون ويعرف إذا جاب الهدف يصلب؛ لأنه يرى اللاعبين هكذا يفعلون، من المسئول عن الولد نشأ وهو يتعلم قضية التصليب، أليست هذه قضية شرك بالله العظيم، إشارة إلى أن الأب والابن وروح القدس.


يقولون الباقلاني -رحمه الله- من أئمة المسلمين أرسله الخليفة إلى ملك النصارى مبعوثاً يناقشهم يدعوهم إلى الله، فدخل الباقلاني على المجلس، قصد إلى أكبر حبر من أحبارهم، وهذا يقول عن النصارى يعظمون القساوسة والرهبان عندهم، أو على الأقل كانوا هكذا، فقصد إليه، فقال: كيف حالك؟ وكيف حال أهلك، وأولادك؟ وكيف الزوجة؟ والبطارقة الموجودين ثاروا، قالوا: وقّر قسيسنا؛ لأن الرهبان عندهم لا يتزوجون أصلاً، فضحية الراهب يتزوج، الآن هذا البابا وغيره من أفراد الكنيسة لا يتزوجون ولا عندهم أولاد، ولذلك يتباهى الواحد يقولون ما ذبح ولا نكح، ولا يأكل لحم ولا ينكح، فهذا الباقلاني ذهب إلى هذا الكبير فيهم،

قال: كيف حالك؟ وكيف حال الأولاد؟ وكيف حال الأهل والزوجة؟ عساهم بخير، فقالوا: وقّر قسيسنا، وقر راهبنا، ما يليق ، كيف تسأله عن الأهل والزوجة؟ ما يمكن يكون عنده، قال: سبحان الله، تنزهون صاحبكم عن الزوجة والولد، ولا تنزهون ربكم عن ذلك؟ فأفحمه. وكان -رحمه الله- قوي الحجة.

محمد صالح المنجد

أحد طلبة العلم والدعاة المتميزين بالسعودية. وهو من تلاميذ العالم الإمام عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه.

  • 3
  • 0
  • 3,026
المقال السابق
(1)أهمية تربية الأبناء في الإسلام
المقال التالي
(3) تربية الأبناء على التقوى في نفوس أطفالنا

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً