نحو تجديد العقل المسلم - (٢٨) عصر العولمة

منذ 2019-09-25

عصر العولمة الذي نعيشه الآن لا ينحصر في الشركات عابرة القارات أو في وسائل الاتصال التي قربت جدا المسافات والأحداث و"الأفكار"، وإنما يعني أيضا فيما يعني أن وسائل القوة والسيطرة قد تغيرت وأصبح التأثير العالمي عاملا حساسا في كل أنشطة الحياة المعاصرة.

 

هواوي ليست مجرد شركة، و G5 لا تساوي G4+1:
عصر العولمة الذي نعيشه الآن لا ينحصر في الشركات عابرة القارات أو في وسائل الاتصال التي قربت جدا المسافات والأحداث و”الأفكار”، وإنما يعني أيضا فيما يعني أن وسائل القوة والسيطرة قد تغيرت وأصبح التأثير العالمي عاملا حساسا في كل أنشطة الحياة المعاصرة.

إن الأزمة التي أثارتها الولايات المتحدة ضد شركة “هواوي” الصينية لم تكن أبدا مشكلة تجارية بحتة أو لمخاوف أمنية - كما زعموا - إنما كانت لسباق محموم لامتلاك سبق القوة والسيطرة للجيل الخامس (G5) بكل آثاره الصناعية والعسكرية والتعليمية الهائلة، والذي رأت فيه الإدارة الأمريكية - وحُق لها أن تراه كذلك - تهديدا مباشرا لهيمنة شركات التكنولوجيا الأمريكية (جوجل، أبل، فيسبوك، أمازون، ..) وهو ما يعادل تهديدا مباشرا لوضع الولايات المتحدة وقيمتها وقوتها وسيطرتها.
هذه العولمة بمناخها ومعطياتها ووسائلها لا ينبغي أن تغيب عن العقل المسلم، وأن يجد لنفسه دورا واضحا فيها. ومن المساحات المهيئة له لخوضها: عولمة الأفكار والثقافات.

نظرة سريعة على أشهر الأفلام والمسلسلات العالمية نرى فيها بوضوح ضحالة الأفكار والقصص وفقدانها للقيم والعلاقات الإنسانية التي يحتاجها البشر في كل مكان ومن كل عرق ودين. هذه المساحات الخالية، ميادين مفتوحة يمكن أن يكون لنا موطأ قدم فيها.


إن ظاهرة انتشار المسلسلات التركية في كل أنحاء العالم تقريبا - برغم ما فيها من عيوب وعاهات فنية وصناعية - لافتة للنظر، وفي استطلاع للبي بي سي في أمريكا اللاتينية رصدت آراء التعلق الشديد بتلك المسلسلات في الأرجنتين وتشيلي مثلا بقول بعضهم (نرى فيها أنفسنا ومشاكل حياتنا وعلاقاتنا، لقد سئمنا من السطحية والعنف في المسلسلات الأمريكية).

إن قدر العولمة الذي نعيشه الآن فرصة عظيمة للدعوة لقيم الحق الذي ندين به، شريطة أن نجيد عرضه بوسائل العصر.
إن كل من يبادر في خوض هذا الميدان أنما هو على ثغر عظيم للإسلام ورحمة عظيمة للبشرية في حيرتها وتخبطها.

محمد هشام راغب

كاتب وداعية إسلامي

  • 3
  • 0
  • 1,441
المقال السابق
(٢٧) لا تعجز
المقال التالي
(٢٩) قانون المادة وأوامر الشرع

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً