النصيحة بكتب أربعة علماء
ومن كان في بداية الطلب, فليبدأ بكتب المتأخرين, وهما العلامة السعدي وابن عثيمين, ثم ينتقل إلى كتب ابن القيم, وتكون الخاتمة بكتب العلامة النحرير شيخ الإسلام ابن تيمية, رحم الله الجميع.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد :
فالدين النصيحة, فعن تميم الداري رضي الله عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «( الدين النصيحة ) قلنا: لمن ؟ قال: ( لله, ولكتابه, ولرسوله, ولأئمة المسلمين وعامتهم )» [أخرجه الإمام مسلم] قال الإمام النووي رحمه الله: هذا حديث عظيم الشأن, وعليه مدار الإسلام.
ومن النصيحة التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم النصيحة لعامة المسلمين, قال الإمام الخطابي رحمه الله: وأما نصيحة عامة المسلمين...فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم,...وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وإخلاص,...وأن يحبَّ لهم ما يحبُّ لنفسه من الخير.
قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه: بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم, قال الإمام النووي رحمه الله: ومما يتعلق بحديث جرير منقبة ومكرمة لجرير رضي الله عنه, رواها الحافظ أبو القاسم الطبراني بإسناده, اختصارها أن جريراً أمر مولاه أن يشتري له فرساً فاشترى له فرساً بثلاثمائة درهم, وجاء به وبصاحبه لينقده الثمن, فقال جرير لصاحب الفرس: فرسك خير من ثلاثمائة درهم, أتبيعه بأربعمائة درهم ؟ قال: ذلك إليك يا أبا عبدالله, فقال: فرسك خير من ذلك أتبيعه بخمسمائة درهم ؟ ثمّ لم يزل يزيده مائة فمائة, وصاحبه يرضى, وجرير يقول: فرسك خير إلى أن بلغ ثمانمائة درهم فاشتراه بها, فقيل له في ذلك, فقال: إني بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم والله أعلم.
فرضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الجيل الفريد, فحظوظ أنفسهم متروكة, والنصيحة للغير مبذولة, أسأل الله أن يعيننا على اقتفاء أثرهم, والاقتداء بهم.
وهذه نصيحة منِّي إلى من يحبون الكتب والقراءة, والنصيحة لا يلزم أن يكون فيها شيء جديد, فقد تكون تذكيراً بشيءٍ معروف, قال الله عز وجل: {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55] قال العلامة السعدي رحمه الله: والتذكير نوعان,...والنوع الثاني: تذكير بما هو معلوم للمؤمنين.
فنصيحتي قد تكون معلومة للكثيرين, ولكني أُذكّر فيها وأوصي فيها بكتب أربعة علماء أئمة أعلام, اثنان من العلماء المتقدمين, واثنان من العلماء المتأخرين.
المتقدمان عاصر كلا منهما الآخر, وأحدهما تلميذ للثاني.
والمتأخران عاصر كلا منهما الآخر, وأحدهما تلميذ للثاني.
والمُتقدمان كان لكتبهما دور في هداية بعض من كان على غير منهج السلف, حيث تركوا ما هم كانوا عليه من انحرافات واتبعوا منهج السلف الصالح.
والأربعة كلهم على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله, لكنهم يخرجون عنه متى ما كان الراجح في غيره من المذاهب, فالدليل من الكتاب والسنة قائدهم.
والأربعة لم تقتصر جهودهم في خدمة الإسلام على التصنيف فقط, بل تعدى ذلك إلى التعليم والإفتاء والتوجيه والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
والمتأخران يثنيان كثيراً على المتقدمين, وينصحان دائماً بكتبهما.وقد شرحا بعضها.
والأربعة تقرأ في مؤلفاتهم الإخلاص والصدق, وهي مؤلفات متنوعة في فنونها, ففيها تفسير لكلام الله عز وجل, وشرح لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, وعقيدة, وفقه, وسيرة, وأصول فقه, ومصطلح حديث, وفرائض, ولغة.
وقد تبلغ مؤلفاتهم جميعاً الخمسمائة كتاب, تزيد أو تنقص قليلاً, فهي بحق نواة لمكتبة متكاملة في جميع الفنون التي يحتاجها طالب العلم وطالب المعرفة النافعة.
هؤلاء الأئمة العلماء الأعلام هم: شيخ الإسلام ابن تيمية, وتلميذه العلامة ابن القيم, والعلامة عبدالرحمن السعدي, وتلميذه العلامة ابن عثيمين رحم الله الجميع.
ومن كان في بداية الطلب, فليبدأ بكتب المتأخرين, وهما العلامة السعدي وابن عثيمين, ثم ينتقل إلى كتب ابن القيم, وتكون الخاتمة بكتب العلامة النحرير شيخ الإسلام ابن تيمية, رحم الله الجميع.
أسأل الله الكريم أن يجزيهم خير الجزاء على ما قدموا وبذلوا من جهود لخدمة الإسلام والمسلمين, وأن يجمعنا وإياهم وأحبابنا مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: