فضل أيام التشريق
من الأيام الفاضلة والمواسم العظيمة، وأيام أكل وشرب وإظهار للفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأولاد.
عن نُبيشةَ الهذلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب» وفي رواية: (وذكر لله) أخرجه مسلم [1].
الحديث دليل على فضل أيام التشريق، وهي يوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، سميت بذلك لأن الناس يُشرِّقونَ فيها لحوم الأضاحي والهدايا، أي: يقددونها وينشرون لِتَجِفَّ.
وهي من الأيام الفاضلة والمواسم العظيمة، وهي الأيام المعدودات المذكورة في قوله تعالى: {واذكروا الله في أيام معدودات} [2] ولا خلاف في ذلك كما نقله غير واحد.
وقد دل هذا الحديث على أمرين:
الأول: أن أيام التشريق أيام أكل وشرب وإظهار للفرح والسرور والتوسعة على الأهل والأولاد بما يحصل لهم من ترويح البدن وبسط النفس مما ليس بمحظور ولا شاغل عن طاعة الله تعالى، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يوم عرفه، يوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام...» [3] ولا مانع من التوسع في الأكل والشرب ولاسيما اللحم، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصفها بأنها أيام أكل وشرب، ما لم يصل ذلك إلى حد الإسراف والتبذير، أو التهاون بنعم الله تعالى.
الأمر الثاني: أن هذه الأيام أيام ذكر لله تعالى، وذلك بالتكبير عقب الصلوات وفي كل الأوقات والأحوال الصالحة لذكر الله تعالى، ومن ذلك ذكر الله تعالى على الأكل والشرب بتسمية الله في أوله، وتحميده في أخره، وإن كان هذا عاما في كل وقت لكنه متأكد فيها.
فعلى المسلم أن يحذر الغفلة عن ذكر الله تعالى، فيكون قد أخذ أول الحديث وترك أخره، وعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بالطاعة وفعل الخير، ولا يُضيعها باللهو واللعب، كما عليه كثير من الناس في زماننا هذا، من السهر وتفويت الصلاة المفروضة عن وقتها، وقتل الوقت، والاستعانة بنعم الله على معاصيه، والعكوف على آلات اللهو والطرب.
واعلم أنه لا يجوز صيام أيام التشريق مطلقًا، لا للحاج ولا لغيره، فلا يصوم يوم الاثنين ولا الخميس إذا كان منها، ولا الثالث عشر إذا كان يصوم أيام البيض. ويستثنى من ذلك المتمتع الذي لم يجد الهدى، لما ورد عن ابن عمر وعائشة - رضي الله عنهما - قالا: (لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدى) أخرجه البخاري[4].
اللهم اجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم نلقاك، وتوفنا وأنت راض عنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد...
[1] أخرجه مسلم (1141)
[2] البقرة: (203).
[3] أخرجه أبو داود (2419) والترمذي (773) والنسائي (252/5) وأحمد (605/28) وقال الترمذي: "حديث صحيح حسن" وصححه ابن خزيمة (2100) وابن حبان (368/8)
[4] صحيح البخاري (1894) وانظر: فتح الباري (243/4)
- التصنيف: