أعمال يزينها الشيطان 2-2

منذ 2020-08-15

والعبد إذا كان ملازمًا لذكر الله فذلك حصن حصين له من الشيطان

جمع المال من حرام وإنفاقه في حرام:

قال الله عز وجل: ﴿وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الإسراء: 64]، قال الحسن رحمه الله: هو جمعها من خبيث، وإنفاقها في حرام.

عدم إنفاق الأموال في سبيل الله خوفًا من الفقر:

قال الله عز وجل: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ومعنى قوله تعالى: ﴿الشيطان يعدكم الفقر﴾؛ أي: يخوفكم الفقر لتمسكوا ما بأيديكم، فلا تنفقوه في مرضاة الله.

الإنفاق رياءً وسمعةً:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: 38]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: إنما حملهم على صنيعهم هذا القبيح، وعدولِهم عن فعل الطاعة على وجهها الشيطان؛ فإنه سوَّل لهم، وأملى لهم، وقارنهم، فحَسَّن لهم القبائح.

وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الشيطان يلعب بابن آدم، فهؤلاء الذين بذلوا ما يحبون من الأموال بذلوها في شيء لا ينفعهم، وثناء الناس على المرء في غير ما يحبُّه الله سينقلب بعد ذلك ذمًّا ولا بد، ودليله: ((من التمس رضا الناس بسخط الله؛ سخط الله عليه، وأسخط الناس عليه))؛ ولذلك تجد الذين يراءون في الإنفاق إن حمدوا، فإنهم يحمدون ساعتهم فقط، ثم ينقلب هذا الحمد ذمًّا، فالشيطان يلعب بالإنسان ويغرُّه وينفخه، حتى يظنَّ أنه أنفق أو عمل مراءةً للناس رفعه ذلك عند الناس.

تبذير الأموال والإسراف في الإنفاق:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا﴾ [الإسراء: 27]، قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: الشيطان لا يدعو إلَّا إلى كل خصلة ذميمة، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير.

 وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان))؛ [أخرجه مسلم].

كل ما دعاك إلى فعل معصية أو ترك طاعة:

قال عز وجل: ﴿فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾ [القصص: 15]، وقال جل وعلا: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء: 64]قال ابن عباس رضي الله عنه:كل داع دعا إلى معصية الله عز وجل

وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [فصلت: 36]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: كلما رأيت أنه أُلقي في روعك أن تفعل معصية، فاعلم أنه نزغ من الشيطان، وكلما أُلقي في روعك أنك تترك طاعة، فهذا نزع من الشيطان استعذ بالله؛ لأن الشيطان ليس شيئًا محسوسًا يحسُّه الإنسانُ ويسمعه لكن يعرفُ بما يُلقَى في القلب، فاستعذ بالله؛ أي: اعتصم به

وقال جل جلاله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [النور: 21]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إذا وقع في قلبك الهمُّ بفعل الفحشاء والمنكر، فلا تحتاج أن تقول من الذي أمرني بهذا؟ فالذي أمرك به الشيطان.

 تهوين لمعاصي، وأنها صغيرة لا تضُرُّ، وأن التوبة منها قريبة:

قال الله عز وجل: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي يأمركم بالمعاصي والمآثم والمحارم.

وقال الله عز وجل: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: 120]، قال العلامة محمد العثيمين رحمه الله: الشيطان يعدهم بماذا؟ يعدهم بأشياء يتمنَّونها ويرجونها فيتَّبِعونه، فمثلًا يقول للإنسان: افعل هذه المعصية، وتُبْ إلى الله، وافعل هذه المعصية، وهي صغيرة، وقوله: ﴿إلا غُرورًا﴾ إلَّا خداعًا وباطلًا.

الظُّلْمُ والجور في القضاء:

عن عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله مع القاضي ما لم يجُرْ، فإذا جار تخلَّى الله عنه، ولزمه الشيطان))؛ [أخرجه الترمذي]، قال الإمام المباركفوري رحمه الله: ((الله مع القاضي))؛ أي: بالنصر والإعانة، ((ما لم يجُر)) بِضَمِّ الجيم؛ أي: ما لم يظلم، ((تخلى عنه))؛ أي: خذله وترك عونه، ((ولزمه الشيطان)): لا ينفك عن إضلاله.

الغناء:

قال الله عز وجل: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء: 64]، قال مجاهد رحمه الله: باللهو والغناء؛ أي: استخفَّهم بذلك.

 الخروج من البيت لمعصية الله:

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ما من خارج يخرجُ - يعني: من بيته - إلا ببابه رايتان: راية بيد ملك، وراية بيد شيطان، فإن خرج لما يُحبُّ الله عز وجل، اتبعه الملك برايته، فلم يزل تحت راية الملك حتى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يُسخط الله، اتَّبعه الشيطان برايته، فلم يزل تحت راية الشيطان حتى يرجع إلى بيته))؛ [أخرجه أحمد].

قال الشيخ الساعاتي رحمه الله: قوله: ((وإن خرج لما يسخط الله))؛ أي: كسرقة أو قتل نفس حرَّمها الله، أو زنا، أو تجارة فيما يحرم بيعه أو نحو ذلك، وقوله: ((فلم يزل تحت راية الشيطان)) كناية عن تسلُّط الشيطان عليه، وارتكابه ما يغضب الله، نعوذ بالله من ذلك.

التفرُّق بالقلوب والأبدان:

عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: كان الناس إذا نزلوا منزلًا تفرَّقُوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما تفرُّقُكم في الشعاب والأودية من الشيطان)) فلم ينزل بعد ذلك منزلًا إلا انضمَّ بعضُهم إلى بعض، حتى يُقال: لو بسط عليهم ثوب لعمهم؛ [أخرجه أبو داود].

التعظيم للمخلوق:

عن مطرف قال: قال أبي: انطلقت في وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: أنت سيدنا فقال: ((السيد الله)) قلنا: وأفضلنا فضلًا، وأعظمنا طولًا، فقال: ((قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستجِرَّنَّكم الشيطان))؛ [أخرجه أبو داود]، قال الإمام السهارنفوري رحمه الله: أي لا يستعملنَّكم الشيطان فيما يريد من التعظيم للمخلوق بمقدار لا يجوز.

 تناجي اثنين دون الثالث:

قال الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [المجادلة: 10]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يعني إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه.

سفر الإنسان وحده في طريق لا يوجد فيه غيره:

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركْبٌ))؛ [أخرجه أحمد]؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله: معناه والله أعلم: أن التفرُّد والذَّهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، أو هو شيء يحمله عليه الشيطان ويدعوه إليه.

الخلوة بأمور مُحرَّمة:

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره، إلا ردفه ملك، ولا يخلو بشعرٍ ونحوه، إلا ردفه شيطان))؛ [أخرجه الطبراني في الكبير].

اللعب بالحمام:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأى رجلًا يتبع حمامة فقال: ((شيطان يتبع شيطان))؛ [أخرجه أبو داود]، قال الإمام السنهارنفوري رحمه الله: أي هو شيطان لاشتغاله بما لا يعنيه، يقفو إثر شيطانه، أورثته الغفلة عن ذكر الله.

العجلة في الأمور التي لم تظهر مصلحة من الإسراع فيها:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التأني من الله، والعجلة من الشيطان))؛ [أخرجه البيهقي].

 تهيج الشر بين الناس وإيقاع الفرقة والعداوة بينهم:

قال سبحانه وتعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ﴾ [الإسراء: 53]قال الإمام ابن جرير رحمه الله يُفسدُ بينهم يُهيِّج بينهم الشرَّ

وقال عز وجل: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[يوسف: 100]قال القرطبي:قيل أفسد ما بيني وبين إخوتي

وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن في التحريش بينهم))؛ [أخرجه مسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله: ومعناه أيس أن يعبده أهل جزيرة العرب ولكنه سعى في التحريش بينهم بالخصومات والشحناء والفتن ونحوها

الفرقة بين الزوج وزوجه بدون أسباب تستوجب ذلك:

وعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجئ أحدهم فيقول فعلتُ كذا فيقول ما صنعت شيئًا، ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقتُ بينه وبين امرأته، قال: فيدنيه منه ويقول: أنت))؛ [أخرجه مسلم]، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: فالشيطان وحزبه قد أغروا بإيقاع الطلاق، والتفريق بين المرء وزوجه، وكثيرًا ما يندم المطلق.

وعن جابر رضي الله عنه قال: إن الشيطان يأتي إلى فراش أحدكم بعدما يفرشه أهله ويهيئونه، فيُلقي عليه العود والحجر والشيء ليبغضه على أهله، فإذا وجد ذلك فلا يغضب على أهله لأنه من عمل الشيطان[أخرجه البخاري في الأدب المفرد]

التعري وكشف العورات:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا﴾ [الأعراف: 20]، فالشيطان يوسوس للإنسان: أن التعري زينة وجمال، قال الإمام الألوسي رحمه الله: ولا يبعد أنه أراد بوسوسته أن يسوءهما بانكشاف عورتيهما، وقال: انكشاف العورة أول سوء أصاب الإنسان من الشيطان.

وقال عز وجل: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ﴾ [الأعراف: 26]؛ قال الإمام القاسمي رحمه الله: أي يستر عوراتكم التي قصد إبليس إبداءها.

وقال الله عز وجل: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا﴾ [الأعراف: 27]؛ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يحذر تعالى بني آدم من إبليس وقبيلته، مبينًا لهم عداوته القديمة لأبي البشر آدم عليه السلام، في سعيه في إخراجه من الجنة التي هي دار النعيم إلى دار التعب والعناء، والتسبب في هتك عورته بعد ما كانت مستورة عنه.

وقال الإمام ابن عاشور رحمه الله: وفي الآية إشارة إلى أن الشيطان يهتمُّ بكشف سوأة ابن آدم؛ لأنه يسُرُّه أن يراه في حالة سوء وفظاعة.

وعن ابن عباس رضي الله عنه في قصة المرأة التي تُصرَع فتتكشَّف قالت إني أخاف الخبيث أن يجردني[أخرجه البزار] تقصد بالخبيث: الشيطان، أن يُجرِّدَها من لباسها

 وجاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما، فقال: "إني نذرت لأَتعرينَّ يومًا حتى الليل على حراء، فقال له: إنما أراد الشيطان أن يفضحك، ثم تلا: ﴿يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: 27] توضأ، ثم البس ثوبك، وصلِّ على حراء يومًا حتى الليل"؛ [أخرجه عبدالرزاق في المصنف].

 

خروج المرأة من بيتها سافرة متبرجة:

عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان))؛ [أخرجه الترمذي]؛ أي: زينها في أعين الرجال، وجعلهم يطمعون فيها، وفي إغوائها.

وعن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتُدبِر في صورة شيطان))؛ [أخرجه مسلم]؛ قال الإمام النووي رحمه الله: ويستنبط من هذا أنه لا ينبغي لها ألَّا تخرج بين الرجال إلا لضرورة، وأنه ينبغي للرجال الغض عن ثيابها والإعراض عنها مطلقًا.

الخلوة بالمرأة الأجنبية:

عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان))؛[أخرجه الترمذي]، قال الإمام المباركفوري رحمه الله: والمعنى يكون الشيطان معهما يُهيِّج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنا

الجلوس بين الظلِّ والشمس:

نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُجلس بين الضِّحِّ والظل، وقال: ((مجلس الشيطان))؛ [أخرجه أحمد].

إشارة الرجل على أخيه بالسلاح ونحوه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان أن ينزع في يده، فيقع في حفرة من النار)) [متفق عليه]؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: والمراد أنه يغري بينهم حتى يضرب أحدهما الآخر بسلاحه، فيحقق الشيطان ضربته له.

 

الأكل والشرب والأخذ والإعطاء بالشمال:

عن ابن عمر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليأكل أحدكم بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويعطي بشماله ويأخذ بشماله))؛ [أخرجه ابن ماجه].

التكلف في الكلام وإظهار الفصاحة تعظيمًا لكلامه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا أيها الناس، قولوا بقولكم؛ فإنما تشقيق الكلام من الشيطان))؛ [أخرجه أحمد].

قول: "لو" عندما يحدث للإنسان أمر لا يرغبه:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: ((المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحَبُّ إلى الله عز وجل من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خيرٌ، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا؛ ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل؛ فإن (لو) تفتحُ عمل الشيطان))؛ [أخرجه مسلم].

الوساوس في الطهارة:

عن ابن عباس رضي الله عنه، قال: "شكا إليه رجل، فقال: إني أكون في الصلاة، فيُخيَّلُ إليَّ أن بذَكَري بَلَلًا، قال: قاتل الله الشيطان، إنه يمسُّ فرج ذكر الإنسان في صلاته، ليُريه أنه قد أحْدَثَ، فإذا توضأت، فانضح فَرْجَكَ بالماء، فإن وجدت، قلت: هو من الماء، ففعل الرجل ذلك، فذهب"؛ [أخرجه عبدالرزاق في المصنف].

ترك ما سقط من الطعام وعدم إزالة الأذى عنه وأكله:

عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سقطت من أحدكم اللُّقْمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان)) [أخرجه مسلم]

 

الغضب إن لم يكن من أجل انتهاك حرمات الدين:

قال الله عز وجل: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [الأعراف: 199، 200]؛ قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: يعني جل ثناؤه بقوله:﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ﴾ وإما يُغضبنَّكَ من الشيطان غضب يصُدُّك عن الإعراض عن الجاهلين، ويحملنك على مجازاتهم، ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾، يقول: فاستجر بالله من نزعه.

عن عروة السعدي، قال: حدثني أبي عن جدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خُلِقَ من نار؛ وإنما تُطفأُ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضَّأ))؛ [أخرجه أبو داود]، قال الإمام محمد أشرف العظيم آبادي: ((إن الغضب من الشيطان))؛ أي: من أثر وسوسته.

الوقوع في الزَّلَل والخطأ:

قال الله عز وجل: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ [البقرة: 36]، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بمعنى أوقعهما في الزلل، ومن فوائد الآية الكريمة: الحذر من وقوع الزلل الذي يمليه الشيطان؛ لقوله تعالى: ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ [البقرة: 36].والسبب الذي يجعل الشيطان يُوقع الإنسان في الزلل، أمَّا تركه لواجب، أو فعله لمحرَّم؛ قال عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا﴾ [آل عمران: 155]، فالشيطان أوقعهم في الزلل بسبب ذنوبهم؛ قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: من فوائد الآية الكريمة: بيان سبب انهزام الصحابة، وهو استزلال الشيطان لهم، ثم بيان هذا السبب، وهو بعض ما كسبوا من المعاصي.

 

ما يقع في البيع من غش وخداع وأيمان خادعة ونحوها:

عن سلمان رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تكونن إن استطعت، أول من يدخل السوق، ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته))؛ [أخرجه مسلم].

قال الإمام النووي رحمه الله: قوله في السوق: ((إنها معركة الشيطان))؛ قال أهل اللغة المعركة بفتح الراء: موضع القتال، لمعاركة الأبطال بعضهم بعضًا فيها، ومصارعتهم، فشبَّه السوق وفعل الشيطان بأهلها ونيله منهم بالمعركة؛ لكثرة ما يقع فيها من أنواع الباطل؛ كالغشِّ، والخداع، والأيمان الخائنة، والعقود الفاسدة، والنجش، والبيع على بيع أخيه، والشراء على شرائه، والسوم على سومه، وبخس المكيال والميزان، وقوله: ((وبها تنصب رايته)) إشارة إلى ثبوته هناك، واجتماع أعوانه إليه للتحريش بين الناس، وحملهم على هذه المفاسد المذكورة ونحوها، فهي موضعه، وموضع أعوانه.

ولهذا نُدب التجَّار للصَّدَقة؛ تطهيرًا لبيعهم مما أفسده الشيطان؛ فعن قيس بن أبي غزرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر التُّجَّار، إن الشيطان والإثم يحضران البيع، فشُوبُوا بَيْعَكم بالصَّدَقة))؛ [أخرجه الترمذي].

خداع الناس وتضليلهم:

قال عز وجل: ﴿وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ﴾ [الأعراف: 21، 22]قال الإمام البغوي رحمه الله أي خدعهما يُقال ما زال إبليس يدلي لفلان بالغرور يعني ما زال يخدعه ويكلمه بزخرف من القول باطل وقيل حطَّهما من منزلة الطاعة إلى حالة المعصية والغرور إظهار النصح مع إبطان الغشِّ

 

شرب الخمر، ولعب الميسر، وعبادة الأصنام، والاستقسام بالأزلام:

قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ [المائدة: 90، 91] قال الشيخ أبو بكر الجزائري رحمه الله: ﴿مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾؛ أي: مما يزينه للناس، ويحببه إليهم، ويرغبهم فيه ليضلهم، وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ﴿وَالْمَيْسِر﴾: أخذ المال على وجه المغالبة، ويُسمَّى قمارًا، ﴿وَالْأَنْصَابُ﴾: هي ما ينصب ليعبد من دون الله، ﴿وَالْأَزْلَامُ﴾ هي ما يستقسم به؛ أي: ما يطلب به الإنسان ما قسم له، ومثل ذلك ما يسمُّونه بحظك ونصيبك، فهي إن لم تدخل في هذا تدخل في الميسر، وهل مثل ذلك أن يستقسم بالنجوم، فيقال مثلًا: هذا الرجل ولد في سعد السعود، فحياته سعيدة، وهذا ولد في نجم الدبران، فحياته تعيسة دبور، وما أشبه ذلك؟ الجواب: نعم يدخل في هذا.

الكذب:

من كان كثير الكذب فإن الشياطين تتنزل عليه؛ قال عز وجل: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ﴾ [الشعراء: 221، 222]؛ قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي كذوب في قوله وهو الأفاك، ﴿أَثِيمٍ﴾الفاجر في أفعاله

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه عن الشيطان: ((صدقك وهو كذوب))، فالكذب من تزين الشيطان، قال العلامة ابن القيم رحمه الله: "أما كون الكذب حديثه، فهو الكاذب الآمر بالكذب، المزين له، فكل كذب يقع في العالم فهو تعليمه وحديثه".

 

وختامًا:فكيد الشيطان ضعيف؛ قال عز وجل: ﴿فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 76]، فمهما بلغ مكره، فهو في غاية الضعف، متى ما كان المسلم محقِّقًا للإيمان، متوكلًا على الله، مخلصًا له العمل، قال عز وجل: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف:27]؛ قال العلامة السعدي: فعدم الإيمان هو الموجب لعقد الولاية بين الإنسان والشيطان، وقال جل وعلا: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ [الحجر: 39، 40]، وقال: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [النحل: 98، 99] قال ابن القيم رحمه الله: ولما علم عدو الله أن الله لا يُسلطه على أهل التوحيد والإخلاص، قال: ﴿فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴾ [ص: 82، 83]، فعلم عدو الله أن من اعتصم بالله، وأخلص له، وتوكَّل عليه، لا يقدر على إغوائه وإضلاله؛ وإنما يكون له السلطان على من تولَّاه، وأشرك مع الله، فهؤلاء رعيته، وهو وليُّهم وسلطانهم ومتبوعهم".

والعبد إذا كان ملازمًا لذكر الله فذلك حصن حصين له من الشيطان؛ فعن الحارث الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات، أن يعمل بها، ويأمر بني إسرائيل أن يعملوا بها فجمع الناس فقال إن الله أمركُم أن تذكروا الله، فإن مَثَلَ ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين، فأحرز نفسه منهم كذلك العَبْدُ لا يُحرزُ نفسه من الشيطان إلا بذكر الله)[أخرجه الترمذي]فليحرص على ملازمة الأذكار، مع المحافظة على قول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك والحمد، وهو على كل شيء قدير كل يوم مائة مرة، فمن قالها عصم يومه ذاك من الشيطان.

  • 10
  • 2
  • 5,913

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً