وصفه بالصديق وفضل الصديقية

أبو الهيثم محمد درويش

فالصديق صادق اللهجة في قوله ومصدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم تصديقاً يقينياً ترجمه العمل والواقع

  • التصنيفات: سير الصحابة -

وصفه بالصديق وفضل الصديقية

أول من وصفه بالصديق رضي الله عنه هو رسول الله صلى الله عليه وسلم, وكلمة الصديق أبلغ من الصادق فكل صديق صادق وليس كل صادق صديق, فالصديق صادق اللهجة في قوله ومصدق لرسول الله صلى الله عليه وسلم تصديقاً يقينياً ترجمه العمل والواقع, ويقينه هذا كان أعلى يقين وإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمة كلها, وعمله كان أفضل عمل في الأمة كلها, فهو خير الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم, رضي الله عنه وأرضاه.

قال العلامة محمد بن عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله :

وصفه بالصديق
ثبت له هذا الاسم بالدلائل الكثيرة، وبالتواتر الضروري عند الخاص والعام، ووصفه به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدًا (1) ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم (2) فقال: اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان» (3) .

 

وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «يا رسول الله {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} » (4) أهو الرجل يزني ويسرق ويشرب الخمر ويخالف؟ قال: «لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويتصدق ويخاف ألا يقبل منه» (5) (6) .
الصديق أبلغ من الصادق
الوصف بالصديق أكمل من الوصف بالصادق، فكل صديق صادق، وليس كل صادق صديقًا. وأبو بكر ليست فضيلته في مجرد كونه صادقًا ليس غيره أكثر تحريًا للصدق منه؛ بل في أنه علم ما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة وتفصيلاً، وصدق ذلك تصديقًا كاملاً في العلم والقصد والقول والعمل.
__________
(1) أحد جبل بالمدينة كانت عنده الوقعة التي قتل فيها حمزة وسبعون من المسلمين وكسرت رباعية النبي - صلى الله عليه وسلم - وشج وجهه الشريف.
(2) هذه الرجفة رجفة طرب لا رجفة غضب، ولهذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة الموجبة لسرور ما اتصلت به فأقر بذلك الجبل واستقر (تحفة أهل التصديق ببعض فضائل الصديق ص78) وفي الحديث «أحد جبل يحبنا ونحبه» .
(3) هذا لفظ البخاري (ك 62 ب5) وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد» وفي رواية «وسعد بن أبي وقاص» (انظر صحيح مسلم ك44 ح50) .
قلت: وحراء جبل بمكة معروف. قال ابن تيمية رحمه الله: لكن من حين نزل الوحي عليه - صلى الله عليه وسلم - ما صعد إليه بعد ذلك ولا قربه هو ولا أصحابه، وقد أقام بمكة بضعة عشر سنة بعد النبوة لم يزره ولم يصعد إليه، وكذلك المؤمنون معه بمكة، وبعد الهجرة، وعام الفتح وفي عمرة الجعرانة، لم يأت غار حراء ولا زاره. اهـ (مجموع الفتاوى 27/ 251) .
(4) سورة المؤمنون: 60.
(5) أخرجه الترمذي في تفسير سورة المؤمنون (رقم 3225) وابن ماجه جـ2/1404.
(6) منهاج السنة جـ2/222، جـ4/61، 62، 254 باختصار. قلت: ومنها ما جاء في قصة الإسراء «أنه لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الأقصى أصبح يحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به، وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس. قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم. قال: لئن قال ذلك لقد صدق. قالوا: أتصدقه أنه ذهب إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ فقال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، في خبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي الصديق» . أخرج الحاكم والبيهقي والطبراني، ويأتي حديث «إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدقت» . وذكر النووي عن مصعب بن الزبير قال: وأجمعت الأمة على تسميته بالصديق، لأنه بادر إلى تصديق الرسول، ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ما، ولا وقفة في حال من الأحوال، وكان له في الإسلام المواقف الرفيعة، (تهذيب اللغات 2/181 طبع مصر) . وعن الشعبي قال: خص الله تبارك وتعالى أبا بكر بأربع خصال لم يخص بها أحدًا من الناس: سماه الصديق ولم يسم أحدًا الصديق غيره (تأريخ الخلفاء ص60 نقلاً عن الدينوري وابن عساكر) . 

#أبو_الهيثم

#مع_الصديق