واللهُ مُتِمُّ نورِهِ..
أسماء محمد لبيب
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ.. وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
أذكُرُ مَرَّةً منذ زمن، شاهدتُ مَقطعًا المُفترَضُ أنه مُضحِك! إعلانٌ عن سيارة جديدة تقريبًا.. المقطع كان فيه سائقٌ يركب السيارة المُراد الترويج لها، ولديه حول المِرآةِ الأماميةِ مِسبَحَةٌ صغيرةٌ يتدلَّى منها صَليبٌ مدقوقٌ عليه المسيح -بزعمهم وكذبهم.. بعد ثوانٍ من بدء المقطع بدأ السائق يُضاعف من سرعة سيارته حتى بَدَتْ كالبرق على الطريق، مما جعل "المسيح" المدقوق على الصليب يقفزُ من مكانه متشبثا بخشبةِ الصليب الطولية معانقًا إياها بساقيه وذراعيه، تصطَكُّ أسنانُه ببعضِها والفزعُ يبدو على كل ملامح وجهه بشكل ساخر، للدلالة على مدى كفاءة وسرعة السيارة المُعلَن عنها..! قبَّحَهمُ اللهُ وتَبَّتْ أيديهم وتَبُّوا.. وأعرفُ مقطعًا إعلانيًا آخر، عن نوع من الشيكولاتة تقريبًا.. المقطع فيه طفلٌ يتوجه بالدعاء إلى المسيح عليه السلام -سبحان الله عما يشركون- ويطلب منه قطعةً منها.. فإذا بالحلوى تأتيه..! فلمعت عينا الطفل وانطلق مسرعًا نحو الكنيسة فسرقَ تمثالَ السيدة مريم -بزعمهم- وعاد إلى بيتِه مُحَدِّثًا "المسيحَ" بالدعاء مُجددًا بلهجةٍ تحذيرية متوعِّدة: أمُّكَ لديَّ في البيت الآن رهينة! إن لم تستجب بقية دعواتي -الخاصة بالشيكولاتة تقريبًا- لأفعلنَّ وأفعلن.. (لا أذكر تحديدًا وإنما باختصار: سأؤذيها أو أقتلها!) هكذا ديدنهم في كل شيء... سقفُ إرضاءِ حُريّةِ تعبيرهم العفنةِ لا ينتهي، ومَدى انطلاق عنانِ نفوسهم لا حَدَّ له.. لا يقف شيء في طريقهم.. لا يرضَون بكلمة ممنوع.. تَمَرُّد على كل شيء له قالبٌ مُحَددٌ قَدَّرَهُ اللهُ له وأودعَه فيه.. حتى وصل بهم الحال إلى التمرد على الفطرة و الضرورات العقلية و البدهيات و الأخلاق.. لذا تجدهم.... قد تجاوزوا الحد المعروف في الزنا حتى صار يُمارَس مع الأهل والمعلمات والزميلات والمحارم.. ثم مَلُّواً..! فتجاوزوا الحد المعروف في فِعل قوم لوط حتى عاشروا الحيوانات وصار أمرًا لا يُستحَى منه لديهم.. ثم مَلُّوا..! فتجاوزوا الحّدَّ في السُّحاق واللواط رجالا ونساءً حتى صارتْ ثقافةً معروفةً ومجتمعًا له رايات..! ثم مَلُّوا..! فعَرَجوا إلى الأطفال بالفواحش والشرور؟ يُزَيِّنُ لهم الشيطانُ أعمالهم كل مرة.. ثم تعملَق وحشُ الملل.. فصاروا يشربون الدماءَ.. ويثقُبون ألسنتَهم وبطونَهم ووجوهَهم.. يدقون وُشومًا على كاملِ بشرةِ أجسادهم فيبدون كالثعابين والأفاعي الخضراء.. يلبَسون ملابسَ النساء ويتلطخون بمساحيقهن، وتتقمص نساؤهم دورَ الرجال فتمتنعن عن سُنن الفطرة وتحلقن شعر رؤوسهن.. ومنهم من يُقِيمُ شعرَه لأعلى كالبرج واقفًا ضد الجاذبية بدلا من انسداله المعتاد خلف الرؤوس.. تمرد على كل قيمة ثابتة! ودومًا من باب التغيير! ثم تململوا من ثبات فكرة "ماما" و "بابا" فصارتْ فكرة "مابا" بديلًا لها مُدهِشًا ومثيرًا بالنسبة لهم، تمردًا على قولبة الإنسان في نوع محدد من بين نوعين اثنين فقط لا ثالث لهما! ثم قرروا عدم مناداة المواليد الجُدُد بضميرٍ يُحدد نوعَه -مذكر أو مؤنث- حتى يكبر الصغير ويحدد نوعَه بنفسِه ويختار بمَاذا يُحب أن ننادِيه..! ولتذهب القولبة الكونية الثابتة إلى الجحيم! يأكلون الحيوانات.. والفواسق والمستَقذَرات.. اخترعوا حلقات رسوم متحركة بأشكال عجيبةٍ نشاز، تجد فيها الزرافَة لها آذانُ فِيَلة، والفيلُ لونه كالحمارِ المخطط، والأسد له ذيل التمساح! ومروا على كل حيوانات الغابة وشقلبوا قوالبها، تحت زعم "تعليم الأطفال عدم "التنمر" على المختلفين عنهم"..! -وما أرى ذلك بعيدًا كذلك عن الترويج المستتر لنظرية التطور لكن ليس مجال التكلم عنها الآن.. يصعنون كعكاتٍ على شكل أصابع بشرية وأمخاخ مُدمَّمَة وعيون مفقوعة وأحذية وثعابين وبَكَرات مراحيض ومقابر كئيبة وزجاج مُهَشَّم تسيل عليه الألوان الحمراء، ويأكلونها متلذذين بالإثارة المريضة!.. يُقيمون مسابقات للشراهةً، ومسابقات على عقارب وفئران وصراصير وحشرات كبيرة تُلتَهَم حية.. وغيرها من خبائث النفوس ونجاسات العقول.. نَهَمٌ لا ينقطع، تجاه كل جديد لإشباع نفوسٍ دنيئة لا تشبع.. شذوذ فكري على كل مستوى لهاثًا وراء الشعور بالإثارة في كل جديد.. كما قال عنهم إبليس اللعين تمامًا: {ولآمرنَّهم فليغيرن خلقَ الله}..! (النساء:119) تمرُّدٌ على كل رتابةٍ وقلبٌ لكل ميزانٍ وطمسٌ لكل أثرٍ ليَدَيِ اللهِ في الكونِ وصِبغَتِه عز وجل.. لا يقف شيء في طريق طموحهم الكاسح.. لا قداسة ولا نظافة ولا قوانين ولا منطق ولا فطرة ولا خَلْقُ لله... لا شيء.............. سوى (((((الإسلام)))))....! الإسلام فقط.... يصطدمون بقالبه الثابت على مر الزمان! لذلك يسبب لهم أزمة كما قال أكابِرُ مجرميها منذ أيام.. هذا القلبُ الصلبُ ((الإسلام)) الذي تتكسّر على صخرتِه أظفارُهم وأسنانُهم، يُشعرُهم بأزمة حقيقةً.. هذا الكيان المُستعصِي على التبديل والتفكيك والتخميش والتحريف والعلمنة هو الذي يسبب لهم أزمة -(كما قال الشيخ أحمد عبد المنعم بتصرف يسير)... ويبدو ذلك واضحًا في كلامهم كل مرة يهاجمونه فيه تحت شعارات: الراديكالية/ الانعزالية/ التحجر/ الجمود/ التشدد/ الصلابة/ الانفصالية/ مجتمع موازي/ الأصولية الإسلامية...إلخ يخنقهم بشدة انفصالنا عن مشهدهم القميء ورفضنا الانصهار والذوبان فيهم، وتمسُّكُنا بالنواجذ بقالبنا الإلهي كما هو منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنًا بحول الله وقوته.. وأمرٌ طبيعي.. {بلْ يُرِيدُ الإنسانُ لِيَفجُرَ أمامَه}.. فمن اعتاد أن لا يقف شيء أمامه في طريق مطحنته الكاسحة، لاشك سيجد الإسلام أزمةً بغيضةً في طريقه، ولن يغمض له جفن إلا بتطويعِه لِمِعولِه الفتَّاك وكلاليبه الخطافة، ووَضعِ لمساتِه النجسة عليه، وإلحاقه بموسوعة قبائحه الكونية القميئة التي لم تستعصِ عليه يومًا..! عرفتم لماذا قال الهادي البشير ﷺ: "إنهُ من يعِشْ منكم فسيرَى #اختلافًا_كثيرًا.. فعليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المَهديِّينَ، عَضُّوا عليها بالنَّواجذِ.. و إياكم ومحدَثاتِ الأمورِ، فإنَّ كلَّ بدعةٍ ضلالةٌ..؟ عرفتم لماذا نثور على البدع والضلالات ونتبرأ من أهلها ونُعادِي عليها ونُوالِي.....؟ اللهم اجعلنا ممن قال فيهم نبيك ﷺ: " «لا تَزالُ طائِفَةٌ مِن أُمَّتي قائِمَةً بأَمْرِ اللهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ أوْ خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَ أمْرُ اللهِ وهُمْ ظاهِرُونَ علَى النَّاسِ» "..
{يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ.. وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} ..(التوبة:32)
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .. (الصف:8)