حتى ينجح الزواج

منذ 2020-11-05

فيظهر للشباب أنهم وقعوا فى فخ أناس تتاجر بعواطفهم ومشاعرهم وتذهب بهم بعيدا عن حقيقة الزواج التى عرفناه عبادة نتقرب بها إلى رب العباد

حتى ينجح الزواج :

إن تعقد الحياة المادية ومتطلبات العصر جعل التفكير فى الزواج من الأمور المستبعدة فى حياة الشاب أو الفتاة  بل أصبحنا نسمع  جملة  "وأتزوج ليه أنا كده كويس " وكأنه يُخفى وراء هذه الكلمة عدم قدرته على تحمل مسئولية الزواج  ولكنه لا يستطيع أن يجهر بذلك أو لأن أمامه الكثير من التجارب الفاشلة أدت إلى أن يحكم على نفسه مسبقا بالفشل لعدم وجود التكافؤ بين الطرفين أدى إلى فشل كثير من الزيجات لاختلاف معيار الاختيار  من شاب لآخر أو من فتاة لأخرى كل ذلك وأكثر أدى إلى الألآف من حالات الطلاق التى جعلتنى أفكر فى كتابة هذه الرسالة  فالاختيار له معيار والزواج له أهداف وقد نسأل أحدهم لماذا تريد أن تتزوج فتكون الإجابة (مثل الناس) .

فنحن بين شباب عازف عن الزواج لوجود نظرة فردية للحياة وأنانية وحب ذات وبين شباب يريد أن يتزوج لكنه فاقد الهدف ولا يحسن الاختيار نتج عنه حالات طلاق كثيرة وعزوف عن الزواج وهذا ضد الفطرة على عكس   ما كان عليه  المجتمع المسلم منذ بداية عهده الأول كان يملؤه الطهر والعفاف  إذ حرص النبى وصحابته الكرام على تزويج الشباب والفتيات فلا توجد امرأة بلا زوج أو رجل بلا زوجة حتى إن ترملت المرأة أو طُلقت يسارعون بعد نهاية العدة بتزويجها لذلك لا تجد فى هذا المجتمع  انتشاراً للفواحش و للزنا كما نرى الآن الذى  أدى إلى انفراط عقد المجتمع المسلم الذى أساس تكوينه الأسرة فلا نجد من يتصدر للإصلاح فى الارض وينشغل كل انسان بنفسه فقط أو اللهث وراء الشهوات نتيجة تسليط الإعلام على هذه الأمور وكأنها الهدف الأسمى للإنسان.

 كيف يثمر مجتمعاً تأججت فيه الشهوات دون بحث عن مسار شرعى لتفريغ الشهوات وتقييد الزواج بشروط قاسية يعجز عنها الشباب فى مقتبل أعمارهم  لذا لابد أن يحدد كل  شاب أو فتاة قبل الإقدام على الزواج ما هدفه من الزواج ؟

فلم يخلقنا المولى عزوجل فى الحياة عبثا ولا نعيش لشهواتنا فقط فتحديد الهدف يساعد كثيراً  فى الإختيار الصحيح من البداية وليعرف الشباب أن الزواج ليس لمفاتن المرأة أو لوسامة الرجل.

إنما الزواج مسئولية فقبل الزواج كان يمضى الشاب أو الفتاة الكثير من الوقت مع أصداقائه ولكن بعد الزواج الأمر يختلف فتدفع الزوجة أو الزوج جزء من حريته ثمن لشريك حياته انطلاقا من إحساسه بالمسئولية تجاه الآخر وليس ظناً  أن الزواج سجن فغالبا يرجع خوف الشباب من الزواج خوف من تحمل المسئولية من عناية بالأولاد وبالبيت  واحتواءالطرف الآخر وغيرها من المسئوليات ولا يدرى من لم يخطط للزواج من البداية أن كل ذلك فى ميزان حسناته إذ يقول الغزالى : مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولاية ( تحمل المسئولية ) والقيام بحقوق الأهل والصبر على أخلاقهن واحتمال الأذى منهن والسعي في إصلاحهن وإرشادهن إلى طريق الدين والاجتهاد في كسب الحلال لأجلهن والقيام بتربيته لأولاده، فكل هذه أعمال عظيمة الفضل، فقد قال صلى الله عليه وسلم :" «ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» " وليس من اشتغل بإصلاح نفسه وغيره كمن اشتغل بإصلاح نفسه فقط، ولا من صبر على الأذى كمن رفه نفسه وأراحها، فمقاساة الأهل والولد بمنزلة الجهاد في سبيل الله"

كما أن الزواج  تضحية   فما استمر الأب والأم  فى زواجهما ثلاثين عاما إلا بتقديم التضحيات حتى تسير  سفينة حياتهما  إلى أن تصل بالأسرة  إلى بر الأمان كما أن الزواج قبول للاختلاف  لتعلمى أيتها الفتاة أيها الشاب أن سنة الله فى الأرض أن نكون مختلفين إذ يقول تعالى : " .... {ولا يزالون مختلفين(118) إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم} ..." [سورة هود] أى أنه سيكون هناك اختلاف بينكم لا اختلاف طباع أ وطريقة تربية أوثقافة  فإذا انطبقت شخصيتك على شخصيتة تمام الانطباق متماثلين فى كل شئ فأنت لا تحتاجين إليه فالنفس تحتاج إلى ما ينقصها لا تستقيم الحياة هكذا  فلابد أن يكون هناك نسبة اختلاف بين الطرفين وإن كانت بسيطة فعلى هذا جُبلت النفوس فليقبل كل طرف أن الطرف الثانى مختلف عنه فى بعض الصفات

والزواج باب من أبواب  العبودية لله بشكل عملى يرجو الطرفيين بها دخول الجنة فعن أَبي هريرة رضي الله عنه  قال: «قال رسولُ اللَّه ﷺ: دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في سبيلِ اللَّه، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ في رقَبَةٍ، ودِينَارٌ تصدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذي أَنْفَقْتَهُ علَى أَهْلِكَ» [رواه مسلم ] وفى الحديث الذى صححه الألبانى " «إذا صلَّتِ المرأةُ خَمْسَها ، و صامَت شهرَها ، و حصَّنَتْ فرجَها ، وأطاعَت زوجَها ، قيلَ لها : ادخُلي الجنَّةَ مِن أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شِئتِ» "

إنه إعفاف للنفس التى تلح فى إشباع حاجاتها وإغلاق لأبواب الفتن التى اجتاحت رياحها كل بيت من بيوت المسلمين إذ يقول تعالى :" {إلا تفعلوه تكن قتنة فى الأرض وفساد كبير} "نتيجة العزوف عن الزواج وعدم فهم الهدف منه  

وإنه إشباع للاحتياجات العاطفية من الاحتياج للاستقلال والسكن والمودة والرحمة إذ يقول تعالى :" {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ } " فالزواج ستر لكلا الطرفين وليس كما نرى الآن من تشهير كل منهما بالآخر عند أول مشكلة تواجههم إلى أن يصل الأمر للطلاق

ولمن يبحث عن الغنى فهو باب من أبواب الرزق والبركة إذ يقول تعالى :" {إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } " فقد عده عمر بن الخطاب باباً لمن يطلب الغنى

ويتزوج المسلم لإنجاب ذرية يكثر بها أعداد المسلمين النافعين ويأخذ نية صالحة فى تربيته حتى يصلح فعلاً لأن يباهى به النبى يوم القيامة الأمم وليس فقط لإشباع غريزة الوالدية فإننا نرى أمهات كثرة بعد أن تتمنى الولد تدعو على نفسها لأنها دللته فأصبح عبءا عليها وليس سنداً لها فى الحياة ليعلم كل شاب وفتاة أن الزواج ليس شاباً  وسيماً وبنت فاتنه الجمال يعيشون قصص العشق كما فى الأفلام  التى لا تعبر عن واقع أصحابها فى الحقيقة فيظهر للشباب أنهم وقعوا فى فخ أناس تتاجر بعواطفهم ومشاعرهم وتذهب بهم بعيدا عن حقيقة الزواج التى عرفناه عبادة نتقرب بها إلى رب العباد فيختل الميزان وتهدم البيوت ولا تلومون إلا أنفسكم وقتها.

                                                                يا ليت قومى يعلمون

  • 17
  • 0
  • 5,076

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً