الادخار والتخطيط المالي ضرورة عصرية

منذ 2021-01-02

الأقساط تحول حلم القرض إلى كابوس عند التعثر في السداد

الادخار والتخطيط المالي ضرورة عصرية

الرماني لـ "المدينة": الأقساط تحول حلم القرض إلى كابوس عند التعثر في السداد

أكد أن الادخار والتخطيط المالي ضرورة عصرية

 

حوار: ماجد القرني

أكد المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور زيد بن محمد الرماني، هناك قلة الثقافة الشرائية لدى البعض، جعلت الكثيرين يشترون ما لا يرغبون، وهو الأمر الذي وضع البعض في دائرة الديون والأقساط، التي تحول حلم الشراء إلى كابوس بسبب التعثر في السداد.

 

ويعرف الدكتور الرماني في حوار لـ «المدينة» الادخار قائلًا: هو ذلك الجزء المتبقي أو المقتطع من الدخل بعد الاستهلاك، بمعنى أن الدخل يتوزع على الاستهلاك والادخار بصفة عامة ولذا، قيل الادخار اقتطاع من الدخل لاستهلاك مستقبلي.

 

المزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي:

بداية أقول إن الادخار - وكما يرى الاقتصاديون - هو ذلك الجزء المتبقي أو المقتطع من الدخل بعد الاستهلاك، بمعنى أن الدخل عندهم يتوزع على الاستهلاك والادخار بصفة عامة، ولذا قيل الادخار اقتطاع من الدخل لاستهلاك مستقبلي، تمييزًا له عن الاكتناز الذي يعني الاقتطاع النقدي الموجه لتجميد الأموال وحبسها عن التداول دون استثمار كما أن الادخار يتمايز عن الاحتكار، من حيث إن الاحتكار ينصب على حبس الأموال تربصًا بغلاء الأسعار وعليه، فإن الاكتناز والاحتكار ظاهرتان اقتصاديتان سلبيتان ضارتان، أما الادخار فهو محمود ومرغّب فيه.

 

ثقافة الادخار:

من يستطيع الادِّخار؟ وكيف ندّخر؟

• ليس من الضروري أن يكون لدينا ثروة لنبدأ الادخار، فلكل إنسان إمكاناته وطاقاته وحدوده، وعندما يكون ثريًا فلا يعود بحاجة للادخار، و كل إنسان وحتى الطفل الصغير يمكنه أن يدّخر. وهو في الواقع قد يستفيد من أخطاء أبوية، وللادخار طرق كثيرة منها إنّ الأمر غاية في الصعوبة لضعف القدرة الادخارية لدى قطاع عريض من شباب المجتمع، بَيْدَ أنه يحسن أن نقدّم لهم بعض النصائح والتوجيهات المهمة في هذا المجال، ومنها ابدأ بالأولويات، المهم فالأهم، الضروري فالحاجي، فالكمالي؛ وإن استطعت تأجيل بعضها إلى وقت آخر، فحسنٌ.

 

ما سبب تراكم الديون واللجوء إلى شركات التقسيط؟

• الناس في هذا العالم يبحثون عن الجديد الذي يملأ الأسواق، لكن المشكلة هي أننا بعد كل هذا التطور الحديث في الأدوات، نجد أنفسنا مشدودين لكل ما يرد إلى السوق، ونحاول شراءه مهما كلفنا الأمر، من هنا برز دور الديون والتقسيط بشركاته ومجالاته المتعددة سواء في مجال العقار او السيارات أو الأثاث أو الأدوات الكهربائية أو حتى الزواج والسفر، إن بعض المستهلكين يفرح بشراء الجديد بالتقسيط وينسى أنه سيدفع ثمن هذه الفرحة باهظًا إذا لم يستطع التسديد ولن يشفع له إغراءات الإعلان وتشويق الدعاية، لقد تحول التقسيط من حل لمشكلة الحصول على منزل أو سيارة أو علاج أو زواج أو تذكرة سفر إلى دهاليز الترف وحب التباهي والتفاخر، فكانت النتيجة مطالبات قضائية وإفلاسًا وديونًا متراكمة.

 

خفايا العمولات:

ما الأسباب التي يقع بها الأفراد بالإغراء في النسب التي تقدم من البنوك للاقتراض؟

• بالنسبة للعمولات فحين يسأل المستهلك أحد العاملين في مجال التقسيط عن النسبة يأتي الجواب بكل حنان وصدق (نحن نأخذ 10% فقط؟!) ومن ثم فلا يملك إلا الدعاء لشركات التقسيط التي يسرت للمحتاجين هذه المبالغ التي لا جور فيها ولا إجحاف، ويبقى الظاهر غير الباطن، والقول غير الفعل، والنسبة المعلنة غير الحقيقية، وحين يريد مستهلك معين قرضًا قدره تسعون ألف ريال مثلًا، من إحدى شركات التقسيط، يقال له إن النسبة (نسبة العمولة) 10% في السنة والتسديد يكون على ثلاث سنوات، فيوافق على ذلك ليبدأ عملية الحساب التي لا ترحم على النحو التالي: نسبة ال-10% بالنسبة للقرض تساوي تسعة آلاف ريال في السنة، ثم تضرب التسعة في ثلاث سنوات، ليكون المجموع سبعة وعشرين ألف ريال. وهنا مكمن الخطأ والوقيعة ومن ثم الفخ لأن السنة الأولى يفترض عمولتها فعلًا تسعة آلاف، أما السنة الثانية فالعمولة يجب أن تكون ستة آلاف، وفي السنة الثالثة ثلاثة آلاف، ومن ثم تصبح العمولة حوالي ثمانية عشر ألفًا وليس سبعة وعشرين.

 

كيف ترى السلوك الشرائي والعادات الاجتماعية لدى الفرد؟

• هناك سلوكيات اقتصادية بدأت في الظهور والانتشار في المجتمعات المعاصرة تمثل عبئًا اقتصاديًا لها آثار ضارة على الاقتصاد الأسري، وكذا الاقتصاد الوطني فضلًا عن اقتصاد المجتمعات والدول.

 

كيف رأيتم الشراء بين الأمس واليوم؟

• فيما مضى، كان كل شيء يُقتنى ويُشترى موضع رعاية وعناية خاصة واستخدام إلى آخر حدود الاستخدام، وكانت الأشياء والسلع تشترى ليحافظ عليها، وكان شعار ذلك الزمان: ما أجمل القديم.

 

أما اليوم، فقد أصبح التأكيد على الاستهلاك وليس على الحفظ، وأصبحت الأشياء تشتري كي ترمى فأيًا كان الشيء الذي يُشترى، سيارة، أو ملابس أو آلات من أي نوع، فإن الشخص سرعان ما يمل منه ويصبح توّاقًا للتخلص من القديم وشراء آخر طراز وموديل، وكأن شعار هذا الزمان: ما أجمل الجديد.

 

التوتر النفسي:

هل أصبح الشراء متنفسًا للناس اليوم؟

• إن الإدمان على الشراء قد يكون ردة فعل للكآبة والتوتر النفسي وحالات القلق. فيجد المرء المتنفس الوحيد له في الإغراق في الشراء، وقد يشتري سلعًا ليس في حاجة لها، ثم إن المدمن على الشراء يعاني نوعًا من الندم أو تأنيب الضمير؛ لأنه يندم بعد الشراء. كما أن المدمن على الشراء كثيرًا ما يعاهد نفسه ألا يفعل ذلك. ومما يلاحظ أن الإدمان على الشراء ينتشر كثيرًا بين الناس غير السعداء في حياتهم الزوجية وهم يجدون فيه عملية هروب من وضع غير مريح.

 

كيف يمكن الحد من ظاهرة الشراء والبذخ الاجتماعي «الإسراف»؟

• يجب أن نتخلص من القيم الاستهلاكية السيئة الضارة، حتى لا يتسبب الاستهلاك الترفي في وجود الفقر وسط الرخاء، إذ باستمراره قد تضيع موارد الأسرة ويُفقد معها التوازن الأسري والنفسي والاجتماعي.

 

ما الذي نحتاجه لرفع مستوى الوعي والثقافة لعدم الوقوع في الديون والتقسيط؟

• السوق السعودي خاصة وفي ظل هذه الأوضاع في حاجة ماسة إلى مراكز معلومات هدفها التنسيق بين شركات التقسيط وحمايةً للمستهلكين من فخ التقسيط وتبادل المعلومات بين شركات التقسيط، ومن الأهمية أن تعتمد هذه المراكز على التطور التقني الحديث والثورة الحاسوبية الجديدة من أجل ربط مركزي بطرفيات متعددة تتاح للمستفيدين في مختلف المناطق.

 

المصدر: جريدة المدينة، العدد 18457، الاثنين 4-11-2013

 


د. زيد بن محمد الرماني

  • 1
  • 1
  • 2,017

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً