فوائد من حلية الأولياء وطبقات الأصفياء للاصبهاني - 1

فهد بن عبد العزيز الشويرخ

* عن يوسف بن أسباط قال: قلت لأبي وكيع: ربما عرض لي في البيت شيء يداخلني الرعب, فقال لي: يا يوسف. من خاف الله خاف منه كل شيء, قال يوسف: فما خفت شيئاً بعد قوله.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فمن أكبر وأشهر كتب التراجم كتاب " حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" للحافظ أبي نعيم الأصبهاني رحمه الله, وهو موسوعة في أخبار العلماء والعباد والصالحين, وقد أثنى عليه أهل العلم, قال الشيخ محمد لطفي الصباغ رحمه الله: كتاب...نافع وممتع...أوسع كتاب في ذكر أسماء النساك والعباد...من أغنى الكتب بالحكم المختارة...في الكتاب تحقيقات حديثية جيدة...في كثير من الأحيان يورد تعليقات نافعة...فيه حكايات مشوقة تأخذ بالألباب

إلا أن الكتاب لا يخلو من ملحوظات, منها: الأحاديث الضعيفة والموضوعة, قال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله: كتاب حلية الأولياء كتاب معروف لصاحبه الحافظ أبي نعيم وهو كتاب يجمع الضعيف والصحيح والموضوع، فينبغي ألا يقرأه إلا أهل العلم الذين يعرفون درجات الحديث ويميزون بين الغث والسمين.

ومما يؤخذ عليه ما ذكره الشيخ محمد لطفي الصباغ رحمه الله بقوله: فيه حكايات مشوقة تأخذ بالألباب...وليست هذه الحكايات...كلها صحيحة النسبة ولا سليمة التأثير,...مما أُخذ عليه أنه أورد في كتابه بذور الشطحات الصوفية التي لا يجوز أن تُذكر وإذا ذُكرت فلا بُدَّ من أن يعقبها إنكار لها وتبين لخطرها, وهي لا شك شطحات دون الشطحات الخطيرة التي انتهى إليها عدد من المتصوفة, وللانحراف بدايات ونهايات نعوذ بالله من أن نسُّن في الإسلام سنة سيئة.

وقد انتقيت مما يوجد في الكتاب من مواعظ ورقائق وفوائد أسأل الله أن ينفع بها.

 

معرفة الله عز وجل ومحبته والخوف منه

  • معرفة الله عز وجل:

* قال عبدالله بن المبارك: أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل أن يتطعموا أطيب ما فيها, قيل له: وما أطيب ما فيها ؟ قال: المعرفة بالله عز وجل.

* قال الفضيل بن عياض: أعلم الناس بالله أخوفهم له.

* قال أحمد بن أبي الحوراني: من عرف الله آثر رضاه.

  • محبة الله عز وجل:

* قال أحمد بن أبي الحوراني: علامة حب الله حب طاعة الله.

* قال شاه الكرماني: محبة أولياء الله دليل على محبة الله.

* قال عمر بن قيس: أحببت الله عز وجل حبّاً سهَّل عليَّ كل مصيبة, ورضاني في كل قضية, فما أبالي مع حبي إياه ما أصبحت عليه وما أمسيت.

* قال يحيى بن معاذ: إن العبد على قدر حبه لمولاه يحببه إلى خلقه.

* عن يوسف بن أسباط قال: قلت لأبي وكيع: ربما عرض لي في البيت شيء يداخلني الرعب, فقال لي: يا يوسف. من خاف الله خاف منه كل شيء, قال يوسف: فما خفت شيئاً بعد قوله.

* قال أبو سليمان الداراني: أصل كل خير في الدنيا والآخرة الخوف من الله تعالى.

* قال الفضيل بن عياض: إنما يهابك الخلق على قدر هيبتك لله.

* قال سعل بن عبدالله ابن يونس التستري: من خاف الله أمّنه الله.

* قال سعيد بن إسماعيل: خوفك من غير الله أذهب عن قلبك خوفك من الله.

  • الإقبال على الله عز وجل:

* قال مجاهد بن جبر: إن العبد إذا أقبل على الله تعالى بقلبه أقبل الله عز وجل بقلوب المؤمنين إليه.

* قال سعيد بن المسيب: من استغنى بالله, افتقر الناس إليه.

القرآن الكريم

  • قراءة القرآن بتدبر سبب لرقة القلب:

قال وهيب بن الورد: لم نجد شيئاً أرق لهذه القلوب ولا أشد استجلاباً للحق من قراءة القرآن لمن تدبره

  • طهارة القلب والتلذذ بقراءة القرآن:

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: لو أن قلوبنا طهرت ما شبعت من كلام الله.

  • محبة القرآن دليل على محبة الله عز وجل:

قال سفيان بن عيينة: من أحبّ القرآن فقد أحبّ الله.

  • تعظيم كتاب الله الكريم

* قال إبراهيم بن يزيد النخعي: كانوا يكرهون أن يصغروا المصحف. وكان يقال: عظموا كتاب الله.

* قال سعيد بن المسيب: لا تقولوا مصيحف, ولا مسيجد, ما كان لله فهو عظيم حسن جميل.

  • إشغال القلوب بالقرآن الكريم:

قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إن هذه القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن, ولا تشغلوها بغيره.

  • قراءة القرآن بتدبر:

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لأن أقرأ البقرة في ليلة وأتفكر فيها أحبَّ إليَّ من أن أقرأ القرآن هذرمة.

ذكر الله عز وجل

قال عون بن عبدالله بن عتبة: مجالس الذكر شفاء القلوب.

  • التنعم بذكر الله:

قال مالك بن دينار: ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله عز وجل.

  • ذكر الله عند المعصية:

قال ميمون بن مهران: كان يقال: الذكر ذكران, ذكر الله باللسان, وأفضل من ذلك أن تذكره عند المعصية إذا أشرفت عليها.

  • الذاكر غانم سالم:

قال الفضيل ين عياض: الذاكر سالم من الإثم ما دام يذكر الله غانم من الأجر

  • إرادة الخير بالعبد الذاكر:

قال ميمون بن سياه: إذا أراد الله بعبده خيراً حبب إليه ذكره.

  • ذكر الله عند وجود ما يكره العبد أو يحبه:

قال جعفر بن محمد الصادق: إذا جاءك ما تحب فأكثر من الحمد لله, وإذا جاءك ما تكره, فأكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله, وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار.

  • أثر الذكر إذا خرج من القلب:

قال محمد بن واسع: إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب.

  • أهل الذكر:

قال لقمان لابنه: يا بني: إن مثل أهل الذكر والغفلة, كمثل النور والظلمة.

  • ذكر الله في السوق:

قال حميد العدوي: مثل ذاكر الله في السوق, كمثل شجرة خضراء وسط شجر ميت.

  • ذكر الله وألطاف بره:

قال يحيى بن معاذ: العبد...على قدر لهجته بذكر الله يديم ألطاف بره.

سنة الرسول عليه الصلاة والسلام

  • تعظيم وتوقير حديث الرسول علية الصلاة والسلام:

* كان مالك إذا أراد أن يحدث توضأ, وجلس على فراشه, وسرح لحيته, وتمكن في الجلوس بوقار وهيبة, فقيل له في ذلك, فقال: أحبُّ أن أعظم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا أُحدِّث به إلا على طهارة متمكناً.

* دخل المطلب بن حنطب على سعيد بن المسيب في مرضه وهو مضطجع, فسأله عن حديث, فقال: لأقعدوني, فأقعدوه, قال: إني أكره أن أُحدث حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مضطجع.

* قال بشر بن الحارث: سأل رجل عبدالله بن المبارك عن حديث وهو يمشي, قال: ليس هذا من توقير العلم, قال بشر: فاستحسنته جداً.

* قال الربيع بن سليمان: سأل رجل الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: فما تقول ؟ فارتعد وانتفض الشافعي, وقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقُلتُ بغيره.

  • من لم يأخذ بحديث الرسول علية الصلاة والسلام فقد ذهب عقله:

قال الشافعي: اشهدوا أني إذا صحّ عندي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم آخذ به, فإن عقلي قد ذهب.

  • تقديم حديث الرسول علية الصلاة والسلام على كل قول:

قال الشافعي: إذا وجدتم لرسول الله صلى الله عليه وسلم سُنة فاتبعوها, ولا تلتفتوا إلى قول أحد

  • لا تستقيم الأعمال إلا بموافقة السنة:

قال سفيان الثوري: لا يستقيم قول إلا بعمل, ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية, ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة.

  • كل يؤخذ من قوله ويترك إلا الرسول علية الصلاة والسلام:

قال مجاهد بن جبر: ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم

  • الخيرات كلها في اتباع سنة الرسول علية الصلاة والسلام:

قال الجنيد: الطرق كلها مسدودة على الخلق إلا من اقتفى أثر الرسول, واتبع سنته, ولزم طريقته, فإن طريق الخيرات كلها مفتوحة عليه.

النية والإخلاص

  • ذهاب العمل الذي لا يبتغى به وجه الله:

قال الربيع بن خثيم, ومحمد بن الحنفية: كل ما لا يبتغى به وجه الله تعالى يضمحل.

  • حسن العمل في إخلاصه لله ومتابعته للسنة:

قال الفضيل بن عياض: في قوله تعالى: {ليَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود:7] أخلصه وأصوبه, فإنه إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل, وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً, والخالص إذا كان لله, والصواب إذا كان على السنة.

  • العون من الله على قدر النية:

قال عمر بن عبدالعزيز: العون من الله على قدر النية, فإذا تمت نية العبد تم عون الله له, ومن قصرت نيته قصر من الله العون له بقدر ذلك.

  • صلاح القلب والعمل بصلاح النية:

قال مطرف بن عبدالله بن الشخير: صلاح القلب بصلاح العمل, وصلاح العمل بصلاح النية.

  • إخفاء العمل:

قال سلمة بن دينار وبشر الحافي: اكتم حسناتك أشد مما تكتم سيئاتك.

* عن شداد بن أوس أنه قال لما حضرته الوفاة: إن أخوف ما أخاف عليكم: الرياء.

  • من صحح باطنه بالإخلاص زين الله ظاهره:

قال يحيى بن معاذ: من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين الله ظاهره باتباع السنة

الصلاة

قال سعيد بن المسيب: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.

كان منصور بن المعتمر يُصلي في سطحه فلما مات قال غلام لأمه: الجذع الذي كان في سطح آل فلان ليس أراه قالت: يا بني, ليس ذلك جذعاً, ذاك منصور قد مات.

  • الحضور إلى المسجد في أول الوقت:

* قال سعيد بن المسيب: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.

* قال سفينان بن عيينة: قال رجل: من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة.

* قال وكيع بن الجراح: من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها لم يكن وقرها.

  • الحرص على التكبيرة الأولى:

* قال وكيع: من تهاون بالتكبيرة فاغسل يديك منه,...كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى.

* قال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة.

  • التنعم بالصلاة:

قال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة, وتنعمت بها عشرين سنة.

قال حسان بن عطية: من أطال قيام الليل يهون عليه طول القيام يوم القيامة.

  • التلذذ بمناجاة الله:

قال مسلم بن اليسار: ما تلذذ المتلذذون بمثل الخلوة بمناجاة الله عز وجل.

مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب

  • الأخلاق الفاضلة تورث المقامات العالية:

قال الفضيل بن عياض: لم يدرك عندنا من أدرك بكثرة صيام ولا صلاة وإنما أدرك عندنا بسخاء الأنفس, وسلامة الصدر, والنصح للأمة.

  • الصمت:

* قال لقمان لابنه: يا بني, كن أخرس عاقلاً, ولا تكن نطوقاً جهولاً, يا بني: لو أن الكلام من فضة لكان الصمت من ذهب.

* قال وهيب بن الورد: قال حكيم من الحكماء: الحكمة عشرة أجزاء, تسعة منها في الصمت, وواحدة في العزلة.

* قال كعب الأحبار: قلة النطق حكمة, فعليكم بالصمت, فإنه رعة حسنة, وقلة وزر, وخفة من الذنوب.

* قال وهب بن منبه: أكثر الصمت إلا أن تسأل عن شيء...إن العبد ليصمت فيجتمع له لبه.

* قال سفيان الثوري: كان يقال: الصمت زين العالم وستر الجاهل.

* قال إبراهيم بن أدهم: ينبغي للعبد أن يصمت, أو يتكلم بما ينتفع به, أو ينفع به من موعظة, أو تنبيه, أو تخويف, أو تحذير.

* قال أبو بكر العياش: أدنى نفع السكوت السلامة, وكفى بالسلامة عافية.

* قال بشر بن الحارث الحافي: لا يكون المتكلم أورع من الصامت إلا رجل عالم يتكلم في موضعه, ويسكت في موضعه.

* قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله إلا هو, ما على ظهر الأرض شيء أحوج إلى طول سجن من لسان. وجاء إليه رجل فقال له: أوصني يا أبا عبدالرحمن, فقال له: ليسعك بيتك, واكفف لسانك, وابكِ على ذكر خطيئتك.

* قال عبدالله بن عمرو بن العاص: كان يقال: دع ما لست منه في شيء, ولا تنطق فيما لا يعنيك, واخزن لسانك كما تخزن ورقك.