مختارات من كتاب الزهد للإمام أحمد بن حنبل (2)
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
قال الحسن رحمه الله: كنا نحدث أنه من غير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه, ابتلاه الله عز وجل به.
- التصنيفات: الزهد والرقائق -
قسوة القلب:
قال مالك بن دينار رحمه الله: ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب.
قلب المؤمن وقلب الفاجر والمنافق:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: تلقون المؤمن أصح شيئاً قلباً, وأمرضهم شيئاً جسماً, وتلقون الفاجر والمنافق أصح شيئاً جمساً وأمرضه قلباً, والله لو صحت أجسامكم ومرضت قلوبكم لكنتم أهون على الله من الجعلان.
إقبال العبد بقلبه على الله عز وجل:
قال هرم بن حيان رحمه الله: ما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل, إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه, حتى يرزقه مودتهم ورحمتهم.
وصايا الآباء للأبناء
وصية ابن مسعود رضي الله عنه:
قال ابن مسعود رضي الله عنه لابنه: ليسعك بيتك, واملك عليك لسانك, وابكِ من ذكر خطيئتك.
وصية معاذ بن جبل رضي الله عنه:
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه لابنه: يا بني, إذا صليت صلاة, فصل صلاة مودع, لا تظن أنك تعود إليها أبداً.
وصية أبي هريرة رضي الله عنه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول لابنته: يا بنية, لا تلبسي الذهب, إني أخاف عليك اللهب, ولا تلبسي الحرير إني أخشى عليك الحريق.
مواعظ ورقائق
راحة المؤمن:
قال ابن مسعود رضي الله عنه, ذهب صفو الدنيا وبقي كدرها, فالموت اليوم جنة لكل مسلم. وقال رضي الله عنه: لا راحة للمؤمن دون لقاء الله عز وجل.
أهل النار:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: لو وعد أهل النار أن تخفف عنهم يوماً من العذاب لماتوا فرحاً.
الضيف مرتحل, والعارية مردودة:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما أحد أصبح في الدنيا إلا وهو ضيف, وماله عارية, والضيف مرتحل, والعارية مردودة.
أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, لما أن حضره الموت, قال: انظروا أصبحنا ؟ فقيل له: لم تصبح, قال: انظروا أصبحنا ؟ فقيل له: لم تصبح, حتى أتى في بعض ذلك, فقيل له: قد أصبحت, قال: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار.
ستكون وحيداً:
قال الحسن رحمه الله: ابن آدم تموت وحدك, وتدخل القبر وحدك, وتبعث وحدك, وتحاسب وحدك.
العقوبات في القلب والبدن:
قال مالك بن دينار رحمه الله: إن لله تبارك وتعالى عقوبات فتعاهدوهن من أنفسكم في القلب, والأبدان, ضنكاً في المعيشة, ووهناً في العبادة, وسخطة في الرزق.
الموت
الموت يأتي بغتة:
قال ابن مسعود رضي الله عنه: الموت يأتي بغتة, فمن يزرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبة, ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة, ولكل زارع مثل الذي زرع.
أنت الميت:
أبصر أبو الدرداء رضي الله عنه رجلاً في جنازة, وهو يقول: من هذا ؟ فقال أبو الدرداء: هذا أنت, يقول الله عز وجل: { إنك ميت وإنهم ميتون} [الزمر:30]
مرحباً بالموت:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, لما أن حضره الموت, قال: مرحباً بالموت مرحباً, زائر مغب, حبيب جاء على فاقة. اللهم إني كنت أخافك, فأنا اليوم أرجوك.
نعيم لا موت فيه:
قال مطرف بن عبدالله بن الشخير رحمه الله: أفسد الموت على أهل النعيم نعيمهم, فاطلبوا نعيماً لا موت فيه.
أثر سماع المسلم موت أحد من إخوانه عليه:
عن سعيد بن عامر عن جده عن الحسن رحمهم الله: كان رجل من المسلمين يبلغه موت أخ من إخوانه, فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف, فيزيده بذلك جداً واجتهاداً, فيلبث بذلك ما شاء الله, ثم يبلغه موت الاخ من إخوانه فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, كدت والله أن أكون أنا السواد المختطف, فيزيده الله بذلك جداً واجتهاداً, قال: فردد الحسن هذا الكلام غير مرة, فوالله ما زال كذلك حتى مات موتاً كيساً.
خير غائب للمؤمن:
قال الربيع بن خيثم: ما غائب ينتظره المؤمن خيراً له من الموت.
الموت فضح الدنيا:
قال الحسن البصري رحمه الله: إن الموت فضح الدنيا, فلم يترك لذي لب فرحاً.
موت العالم:
قال الحسن البصري رحمه الله: كانوا يقولون: موت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار.
فائدة ذكر الموت:
قال الحسن رحمه الله: ما أكثر عبد ذكر الموت إلا رأى ذلك في عمله, ولا طال أمل عبد قط إلا أساء العمل.
البكاء
التباكي:
* قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ابكوا, فإن لم تبكوا فتباكوا.
* قال أبو موسى الأشعري: ابكوا, فإن أهل النار يبكون, ولا يرحم بكاؤهم, فابكوا اليوم, فإن بكاءكم اليوم يرحم. وقال رضي الله عنه: يا أيها الناس ابكوا, فإن لم تبكوا فتباكوا, فإن أهل النار يبكون الدموع حتى تنقطع.
البكاء من خشية الله:
كان الربيع بن خيثم رحمه الله يبكي حتل يبل لحيته من دموعه, ويقول: أدركنا قوماً كنا في جنوبهم لصوصاً.
البكاء لقلة الزاد وبعد السفر:
بكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه, فقيل له: ما يبكيك ؟ قال: أما إني لا أبكى على دنياكم هذه, ولكني أبكي على بعد سفري, وقلة زادي.
البكاء عند رؤية القبر:
كان عثمان بن عفان رضي الله عنها, إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته, فقيل له: تذكر الجنة فلا تبكي ! وتبكى من هذا ؟ قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن القبر أول منازل الآخرة, فإن نجا منه فما بعده أيسر منه, وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه.
البكاء لذكر حال أهل النار:
شرب عبدالله بن عمر رضي الله عنهما, ماء بارداً واشتد بكاؤه, فقيل: ما يبكيك ؟ فقال: ذكرت آية من كتاب الله قوله: ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون) [سبأ:54] فعرفت أن أهل النار لا يشتهون شيئاً, شهوتهم الماء البارد, وقد قال الله سبحانه تعالى {أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله} [الأعراف:50]
البكاء عند الدعاء في الصلاة:
كان ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ في صلاته, فيمر بالآية فيها ذكر الجنة فيقف ويسأل الله الجنة, ويدعو ويبكي.
البكاء على فراق صيام النهار وقيام الليل:
لما احتضر عامر بن قيس رحمه الله, جعل يبكي, فقيل: ما يبكيك ؟ قال: والله ما أبكى جزعاً من الموت, ولا حرصاً على الحياة, ولكن أبكى على ظمأ الهواجر, وقيام الليل.
البكاء عند قراءة القرآن:
* قرأ ابن عمر رضي الله عنهما: (ويل للمطففين ) حتى بلغ قوله تعالى: (يوم يقوم الناس لرب العالمين ) [المطففين:6] فبكى حتى خرَّ وامتنع عن قراءة ما بعده.
* قال نافع مولى ابن عمر: ما قرأ ابن عمر هاتين الآيتين قط من آخر سورة البقرة إلا بكى. {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } [البقرة:284]
* عن عبدالله بن أبي مليكة قال: صحبت ابن عباس رضي الله تعالى عنه من مكة إلى المدينة, فكان إذا نزل قام شطر الليل, فسأله أيوب كيف كانت قراءته ؟ قال قرأ الآية: { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد} [ق:19] فجعل يرتل ويكثر في ذاكم النشيج.
* عن الأعمش عن أبي الضحى ثنا من سمع عائشة رضي الله عنها تقرأ {وقرن في بيوتكن} [الأحزاب:33] فتبكي حتى تبل خمارها.
* عن بشير قال: بتّ عند الربيع بن خثيم ذات ليلة, فقام يصلي فمرَّ بهذه الآية: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [الجاثية:21] فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد. وكذلك بكي منها تميم الداري رضي الله عنه.
الذنوب والمعاصي
أكثر الناس ذنوباً:
* قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: أكثر الناس ذنوباً أكثرهم كلاماً في معصية الله
* قال ابن مسعود رضي الله عنه: من أكثر الناس خطايا يوم القيامة أكثرهم خوضاً في الباطل.
الشكوى من الذنوب:
اشتكى أبو الدرداء رضي الله عنه, فدخل عليه أصحابه فقالوا: ما تشتكي يا أبا الدرداء ؟ قال: أشتكي ذنوبي, قالوا: فما تشتهي ؟ قال أشتهي الجنة.
معصية الله وبغض الناس:
* قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله, فإذا أبغضه بغضه إلى خلقه.
* قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إن العبد إذا عمل بمعصية الله, عاد حامده من الناس ذاماً.
قلة الذنوب:
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أقلوا الذنوب, فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب.
ترك الذنب:
قال الحسن رحمه الله: يا ابن آدم, ترك الخطيئة أيسر من طلب التوبة.
عقوبة الذنب ولو بعد حين:
عن محمد بن سيرين رحمه الله, لما ركبه الدين اغتم لذلك, فقال: إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة.
المال
المال يؤدي إلى العداوة والبغضاء:
أتي عمر رضي الله عنه بمال, فوضع في المسجد, فخرج إليه, فهملت عيناه, فقال له عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: يا أمير المؤمنين ما يبكيك ! فوالله إن هذا لمن مواطن الشكر, فقال عمر: إن هذا والله ما أعطيه قوم قط إلا ألقى بينهم العداوة والبغضاء.
المال مهلك:
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: إن هذا الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم, وإني ما أراهما إلا مهلكيكم.
المال يفسد القلوب:
قال الحسن البصري رحمه الله: والله أدركت أقواماً لو شاء أحدهم أن يأخذ هذا المال من حله أخذه, فيقال لهم: ألا تأتون نصيبكم من هذا المال فتأخذونه حلالاً ؟ فيقولون: لا, إنا لنخشى أن يكون أخذه فساداً لقلوبنا.
إعزاز الدرهم والذلة من الله عز وجل:
قال الحسن البصري رحمه الله: ما أعزّ أحد الدرهم إلا أذله الله عز وجل.
ثلاثيات
لولا ثلاث لتمنى عمر رضي الله عنه لقاء الله عز وجل:
قال عمر رضي الله عنه: لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد لقيت الله عز وجل, لولا أن أضع جبهتي لله عز وجل, أو أجلس في مجالس ينتقي فيها طيب الكلام كما ينتقى فيها طيب الثمر أو أن أسير في سبيل الله عز وجل. وروى مثل ذلك عن أبي الدرداء
لولا ثلاث لصلح الناس:
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: لولا ثلاث صلح الناس: شح مطاع, وهوى متبع, وإعجاب كل ذي رأي برأيه.
ثلاث يحبهن أبو الدرداء ويكرهها الناس:
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ثلاث يكرههن الناس وأحبهن, الفقر, والمرض, والموت.
ثلاث من فعلهن تعرض للمقت:
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: ثلاث من فعلهن تعرض للمقت: الضحك من غير عجب, والنوم من غير سهر, والأكل من غير جوع.
المؤمن يوجد في ثلاث خلال:
قال خليد بن عبدالله العصري رحمه الله: المؤمن لا تلقاه إلا في ثلاث خلال: مسجد يعمره, أو بيت يستره, أو حاجة من أمر دنياه لا باس بها.
التعامل مع الخدم والمماليك
التجاوز عن أخطائهم وعتقهم لوجه الله:
عن أبي المتوكل أن أبا هريرة رضي الله عنه, كانت له زنجية قد غمتهم بعملها, فرفع عليها السوط يوماً, فقال: لولا القصاص لأغشيتك به, ولكني سأبيعك ممن يوفيني ثمنك, اذهبي فأنت لله.
عدم تكليفهم بعملين:
دخل رجل على سلمان الفارس رضي الله عنه, وهو يعجن, فقال: ما هذا ؟ فقال: بعثنا الخادم في عمل, فكرهنا أن نجمع عليه عملين.
الخوف من النفاق:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه, قال عن الطاعون الذي وقع في الشام: هذه رحمة من ربكم عز وجل, ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم, وكف الصالحين قبلكم, ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك أن يغدو الرجل منكم إلى منزله لا يدري أمؤمن هو أو منافق.
المنافق:
قال الحسن البصري رحمه الله: من أحسن القول, وأساء العمل كان منافقاً.
عقوبات
جزاء من يضحك في جنازة:
أبصر ابن مسعود رضي الله عنه رجلاً يضحك في جنازة, فقال: تضحك في جنازة, لا أكلمك أبداً.
تأديب من يتمثل الشعر وقت السحر:
عن محمد بن نافع قال: أقبلنا مع هرم بن حيان من خرسان, حتى إذا كنا في بعض الطريق تمثلت ليلة سحر ببيت من الشعر, قال: فرفع هرم عليَّ السوط فجلدني جلدة على الظهر التويت منها. وقال لي: أفي هذه الساعة التي ينزل فيها الرحمن, ويستجاب فيها الدعاء, تتمثل بالشعر.
عقوبة من عير غيره بذنب:
قال الحسن رحمه الله: كنا نحدث أنه من غير أخاه بذنب قد تاب إلى الله منه, ابتلاه الله عز وجل به.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ