اختموا شهركم بالاستغفار
فما أحرانا في نهاية شهرنا أن تلهج ألسنتنا بالاستغفار، وما أحرانا أن نهتم بإتقان الطاعات حتى ليلة العيد ثم قضاء تلك الليلة في الاستغفار والتكبير والشكر لله تعالى، فودعوا شهركم بخير ختام، فإنما الأعمال بالخواتيم،
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأثني عليه الخير كله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:
أيها المسلم الكريم: ها نحن نعيش في آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، أيام وسيرحل عنا هذا الشهر الفضيل، شهر الصيام والقيام، شهر الطاعة والغفران، شهر التراويح والقرآن والإحسان، وتلك هي سنة الله في خلقه، فلكل بداية نهاية، ودوام الحال من المحال، وكل شيء لا محالة زائل، ومهما طال الليل فلا بد من طلوع الفجر، ومهما طال العمر فلا بد من دخول القبر، فكما انقضى رمضان بهذه السرعة المذهلة، ستنقضي أعمارنا بل ستنقضي الدنيا كلها، ومن الحماقة أن يركن الانسان إلى هذه الدنيا ويطمئن إليها، ويوثرها على الدار الآخرة، قال تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [1].
أيها المسلم: إن من أعظم ما يودع به الصائم شهره ويختم به صيامه، هو الإكثار من الاستغفار، فكل عبادة شرعها الله تعالى جعل نهايتها استغفارًا، فكان من هديه (صلى الله عليه وسلم) هو ختمُ الأعمال الصالحة بالاستغفار، وكان سلفنا الصالح (رضي الله عنهم) بعد انتهائهم من الطاعات يختموها بالذكر والاستغفار والتوبة تعويضا عن أي تقصير قد حدث منهم.
ولذلك علق ابن رجب (رحمه الله) عن هدي السلف قائلا: " وكانوا مع اجتهادهم في الصحة في الأعمال الصالحة يجددون التوبة والاستغفار عند الموت ويختمون أعمالهم بالاستغفار وكلمة التوحيد". [2]
ولو تتبعت الآيات القرآنية والاحاديث النبوية ستجد أنها حثت المسلم على ختام الأعمال الصالحة بالاستغفار؛ وذلك لأن الاستغفار يجبر النقص فيها، ويملأ قلب العبد طمأنينة وسكينة، ويحفظه من الإعجاب بعمله، ويذكره بتقصيره الفائت، وبأنه بحاجة إلى تكرار الصالحات مرات ومرات.
فحثت الحاج أن يختم حجه بالاستغفار، فقال تعالى: {لَعْنًا كَبِيرًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} [3] فالحج عبادة بدنية ومالية وقلبية مجتمعة، وفيها من البذل والعطاء الكثير، وفيها من الذكر الكثير، وفيها من المشقة ما هو معروف، وعلى الرغم من ذلك أمرنا سبحانه بالاستغفار، كل ذلك ليزداد المؤمن تواضعًا مع ربه وذلة وانكسارًا، فكلما ازداد انكسارًا زاد عند الله رفعة.
وحثت أهل الليل المتهجدين أن يختموا صلاة الليل بالاستغفار، فقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [4]، فالله تعالى تحدث عن عباده المتهجدين الذين يحيون الليل بالعبادة راكعين ساجدين، ومع ذلك جعلوا وقت السحر استغفارًا لله تعالى؛ لأنهم يرون أنَّهم مقصِّرون فيسألون الله المغفرة، ولذا ختم الله تعالى سورة المزمل وهي سورة قيام الليل بقوله: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [5].
ولما وفّى نبينا (صلى الله عليه وسلم) تبليغَ الرسالةِ والجهادِ في سبيل الله، وأقَّر الله تعالى عينه بعز الإسلام، وظهور المسلمين، ودخول الناس في دين الله أفواجًا، أمره الله تعالى بالاستغفار، فقال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [6].
هذه السيدة عَائِشَةَ (رضي الله عنها) تقول: كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) يُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ) قَالَتْ: فَقُلْتُ يَا رَسُـولَ اللهِ، أَرَاكَ تُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: ( سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ؟) فَقَالَ: «خَبَّرَنِي رَبِّي أَنِّي سَأَرَى عَلَامَةً فِي أُمَّتِي، فَإِذَا رَأَيْتُهَا أَكْثَرْتُ مِنْ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ أَسْتَغْفِرُ اللهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ، فَقَدْ رَأَيْتُهَا» {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، فَتْحُ مَكَّةَ، {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [7]، فكان تبليغُ الرسالة والجهاد في سبيل الله عبادةً قد أكملها، وأداها، فأمره الله بالاستغفار عَقِيبها، فإذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو معصوم، يؤمر بالاستغفار، فالأمة أولى بذلك.
وحثت المتوضئ أن يختم وضوءه بالتوبة والاستغفار: فقال النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم): «وَمَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ كُتِبَ فِي رَقٍّ، ثُمَّ طُبِعَ بِطَابَعٍ فَلَمْ يُكْسَرْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».[8] ومعناه: كتب له في صحيفة محفوظة لا يتطرق إليها إبطال وإحباط.
وحثت المصلي عند الانتهاء من صلاته أن يستغفر: فهذا سيدنا ثَوْبَان (رضي الله عنه)، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم)، إِذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ» [9]، فعلى الرغم أن الصلاة كلها ذكر وعبودية، فأمره الله تعالى أن ينهيها بالاستغفار وتذكر الذنب ورجاء مغفرته.
وكان بعض السلف إذا صلى صلاة استغفر الله من تقصيره فيها، كما يستغفر المذنب من ذنبه، إذا كان هذا حال المحسنين في عباداتهم، فكيف حال المسيئين مثلنا في عباداتهم؟! "[10]
وكان النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) يختمُ مجالس الأعمال الصالحة من قراءة قرآن وصلاة وسائر العمل بالاستغفار، فعَنْ عَائِشَةَ (رضي الله عنها)، قَالَتْ: (( مَا جَلَسَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) مَجْلِسًا قَطُّ، وَلاَ تَلاَ قُرْآنًا، وَلاَ صَلَّى صَلاَةً إِلاَّ خَتَمَ ذَلِكَ بِكَلِمَاتٍ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَاكَ مَا تَجْلِسُ مَجْلِسًا، وَلاَ تَتْلُو قُرْآنًا، وَلاَ تُصَلِّي صَلاَةً إِلاَّ خَتَمْتَ بِهَؤُلاَءِ الْكَلِمَاتِ ؟ قَالَ «نَعَمْ، مَنْ قَالَ خَيْرًا خُتِمَ لَهُ طَابَعٌ عَلَى ذَلِكَ الْخَيْرِ، وَمَنْ قَالَ شَرًّا كُنَّ لَهُ كَفَّارَةً: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ».[11]
وكذلك في ختام شهر رمضان ينبغي أن يختم الصائم صومه وشهره بالاستغفار؛ لربما وقع منه خلل أو تقصير في عبادته، فالاستغفار يحفظ أعمال الطاعة من الضياع، وينقيها من النقائص.
ولذلك يقول سيدنا ابو هريرة (رضي الله عنه) وهو يتحدث عن فضائل شهر رمضان: (ويغفر فيه إلا لمن أبى)، فقالو: يا أبا هريرة! ومن يأبى! قال: ( يأبى أن يستغفر الله).
لذلك ينبغي أن يُخْتَم شهرُ رمضانَ بالاستغفار؛ فهو يكمِّل الصيام، ويُرَقِّعُ ما تَخَرَّقَ منه باللغو، والرفث، ولذلك يروى عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه قال: (الْغِيبَةُ تَخْرِقُ الصَّوْمَ، وَالِاسْتِغْفَارُ يُرَقِّعُهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَجِيءَ غَدًا بِصَوْمِهِ مُرَقَّعًا فَلْيَفْعَلْ)[12]
وهذا سيدنا عمر بن عبد العزيز (رحمه الله) كتب إلى الأمصار يأمرهم بختم شهر رمضان بالاستغفار، وصدقة الفطر فإن الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، والاستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث.
وقال عمر بن عبد العزيز في كتابه قولوا كما قال أبوكم آدم (عليه السلام): {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} [13]، وقولوا كما قال نوح (عليه السلام): {وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [14]، وقولوا كما قال إبراهيم (عليه السلام): {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}[15]، وقولوا كما قال موسى (عليه السلام): {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [16]، وقولوا كما قال ذو النون (عليه السلام): {لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [17]. [18]
فالاستغفار عبادة يحبها الله من عباده وشرعها لهم تفضلًا منه وإنعامًا ليكفر عنهم سيئاتهم ويمحوها، فأمرهم بها طوال حياتهم، ولذلك يقول لقمان الحكيم لابنه: ( يا بُنيَّ؛ عوِّد لسانَكَ: اللهَمَّ اغفرْ لِي، فإنَّ للَّهِ ساعاتٍ لا يَردُّ فيهنَّ سائلًا ). [19]، ويقول سيدنا الحسن البصري (رحمه الله): ( لا تملُّوا من الاستغفارِ، واكثِرُوا مِنه في بُيُوتِكم، وعَلَى موائِدِكم، وفي طُرُقِكم، وفي أسواقِكُم، فإنَّكم ما تدرُون متى تَنْزِلُ المغفرةُ )[20]، ويقول قَتَادَة (رحمه الله): "إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّكُمْ عَلَى دَائِكُمْ وَدَوَائِكُمْ، أَمَّا دَاؤُكُمْ فَذُنُوبُكُمْ، وَأَمَّا دَوَاؤُكُمْ فَالِاسْتِغْفَارُ" [21].
فما أحرانا في نهاية شهرنا أن تلهج ألسنتنا بالاستغفار، وما أحرانا أن نهتم بإتقان الطاعات حتى ليلة العيد ثم قضاء تلك الليلة في الاستغفار والتكبير والشكر لله تعالى، فالمسلم الذي وفقه الله لصيام رمضان وقيامه، عليه ان يتبع ذلك بالاستغفار والشكر لله، فالاستغفار للخلل الذي وقع في أداء عبادته وتقصيره فيها، وشُكْرُ اللهِ على إنعامه عليه بالتوفيق لهذه العبادة العظيمة والمنَّة الجسيمة، وهكذا ينبغي للعبد كلَّما فرغ من عبادة أن يستغفرَ الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق.
فودعوا شهركم بخير ختام، فإنما الأعمال بالخواتيم، فمن كان محسنًا في شهره فعليه بالإتمام، ومن كان مسيئًا فعليه بالتوبة والمبادرة إلى الصالحات قبل انقضاء الآجال، فربما لا يعود على أحد منا رمضان مرة أخرى بعد هذا العام فاختموا شهركم بخير، واستمروا على مواصلة الأعمال الصالحة التي كنتم تؤدونها فيه في بقية العام، فإن رب الدهر هو رب رمضان، وهو مطلع علينا وشاهد على أعمالنا.
اللهم تقبل منا رمضان، اللهم تقبل منا الصيام والقيام وتلاوة القرآن، اللهم اجعله شاهدًا لنا لا شاهد علينا، اللهم أعد علينا رمضان أعواما عديدة، وأزمنة مديدة، اللهم ارزقنا الاستقامة على دينك في كل زمان، في رمضان وغير رمضان، اللهم اختم لنا شهر رمضان برضوانك، وأجرنا من عقوبتك ونيرانك، واجعل مآلنا إلى جنتك. آمين يا رب العالمين.
أيها المسلم الكريم: ما دمنا على أبواب العيد، أحببت ان أنبه على ظاهرة استخدام الألعاب النارية والمفرقعات والأضرار الناتجة منها:
فأقول لأولياء الأمور: امنعوا أطفالكم من شراء هذه الألعاب النارية؛ لأنها تجلب لكم لعنة الناس ودعاءهم؛ لأن بعض الناس إذا دخل الخوف على قلبه بسبب هذه الألعاب وأصواتها المزعجة فإنه يبدأ بسب وشتم ولعن آباء الأطفال والدعاء عليهم، فبدلًا من أن تأتيك الرحمة سـتأتيك اللعنة.
وبعض العلماء قالوا: لا يجوز بيع وشراء الألعاب النارية للأسباب التالية:
1- أنها تـؤدي إلى ترويع الآمنين، فهي تـؤذي بأصـواتها العالية المُزعجـة المرضى، والدارسين، والنائمين، والصغار، والكبار، والنبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا».[22]
قال المناوي - رحمه الله -: (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ) بالتشديد أي يفزع (مُسْلِمًا) وإن كان هازلًا كإشارته بسيف، أو حديدة، أو أفعى، أو أخذ متاعه فيفزع لفقده، لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه، والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".[23]
2- فيه إتلاف للمال من غير فائدة، وهـذا من التبذير والإسراف المنهي عنه، يقول الله عز وجل: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [24]، ويقول سبحانه: {فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا}[25]، والتبذير: هو إنفاق المال في ما لا فائدة فيه، بينما الإسراف: هو الزيادة على قدر المباح، وقال (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»[26]
قال النووي - رحمه الله -: " وَأَمَّا إِضَاعَةُ الْمَالِ فَهُوَ صَرْفُهُ فِي غَيْرِ وُجُوهِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَتَعْرِيضُهُ لِلتَّلَفِ وَسَبَبُ النَّهْيِ أَنَّهُ إِفْسَادٌ وَاللَّهُ لَا يجب الْمُفْسِدِينَ وَلِأَنَّهُ إِذَا أَضَاعَ مَالُهُ ".[27] وشراء هذه الالعاب فيها إضاعة وتبذير للمال بغير وجه شرعيّ وبغير منفعة وفائدة.
3- أنها غير مأمونة الاستعمال، وتؤدي لحوادث وحرائق، وتؤذي السمع والبصر بسبب الشرر المتطاير؛ كما يتعدى الضرر إلى الجلد بسبب رمادها.
فما أحوج المسلمين إلى التخلق بالأخلاق التي دعانا اليها نبينا (صلى الله عليه وسلم)، فيشعر بعضنا ببعض، ولا يؤذي أحد منا الآخر، ونتسابق على إزالة الأذى؛ رغبة في الأجر؛ ودفعا للضرر عن الغير.
ونصيحة نقدمها لك يا بائع الألعاب النارية: لا تشارك في إحلال المصائب والكوارث عند الناس في ساعات فرحهم وأعيادهم، حاول عدم جلب مثل هذه الألعاب، بل جلب ما فيه فائدة لهم وللمجتمع.
ونقول لكل مسلم يحق لك أن تفرح في الأعياد كيفما شئت، ولكن بوسائل لا تضر ولا تسبب إزعاجًا، فيكون الفرح بذكر الله عز وجل، والتكبير، والتواصل، والتراحم، والتهنئة بعبارات الشكر، والحمد لله عز وجل على توفيقه بصيام شهر رمضان.
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين آمين يارب العالمين.
[1] سورة النصر: الآية (1-3).
[2] ابن رجب، لطائف المعارف: (ص: 345).
[3] سورة البقرة: الآية (199).
[4] سورة الذاريات: الآية (15-18).
[5] سورة المزمل: من الآية (20).
[6] سورة النصر: الآية (1-3).
[7] صحيح مسلم، كتاب الصلاة - بَابُ مَا يُقَالُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ: (1/ 351)، برقم (484).
[8] النسائي، عمل اليوم والليلة: مَا يَقُول إِذا فرغ من وضوئِهِ: (ص: 173)، برقم (81)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين، كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ- ذِكْرُ فَضَائِلِ سُوَرٍ، وآيٍ مُتَفَرِّقَةٍ: (1/ 752)، برقم (2072)، وقال: صحيح على شرط مسلم .
[9] صحيح مسلم، كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةَ - بَابُ اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَبَيَانِ صِفَتِهِ: (1/ 414)، برقم(591).
[10] ابن رجب، لطائف المعارف: (ص: 215).
[11] النسائي، عمل اليوم والليلة: مَا يخْتم تِلَاوَة الْقُرْآن: (ص: 273)، برقم (308).
[12] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، فضائل شهر رمضان- الصائم ينزه صيامه عن اللغط و المشاتمة و ما لا يليق به (3/316)، برقم (3644).
[13] سورة الاعراف: الآية (23).
[14] سورة هود: الآية (47).
[15] سورة الشعراء: الآية (82).
[16] سورة القصص: الآية (16).
[17] سورة الأنبياء: الآية (87).
[18] البيهقي في السنن الكبرى، أَبْوَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ- بَابُ وَقْتِ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ: (4/ 293)، برقم (7740)، وابن رجب، لطائف المعارف: (ص: 214).
[19] لطائف المعارف، لابن رجب الحنبلي: (ص:214).
[20] روائع التفسير لابن رجب الحنبلي: (2/ 653).
[21] شعب الإيمان للبيهقي:(5/ 427)، برقم (7146).
[22] سنن أبي داود، كتاب الأدب - باب من يأخذ الشيء على المزاح: (7/ 352)، برقم (5004) بإسناد صحيح.
[23] فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي: (6/ 447).
[24] سورة الإسراء: الآية (27).
[25] سورة الأنعام: من الآية (141).
[26] صحيح البخاري، كتاب الزكاة - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ): (2/ 153)، برقم (1477)، وصحيح مسلم، كتاب الأقضية- بَابُ النَّهْيِ عَنْ كَثْرَةِ الْمَسَائِلِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، وَالنَّهْيِ عَنْ مَنْعٍ وَهَاتِ، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ أَدَاءِ حَقٍّ لَزِمَهُ، أَوْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ: (3/ 1341)، برقم (593).
[27] شرح النووي على صحيح مسلم (12/ 11).
_______________________________________________
المؤلف: د. محمد جمعة الحلبوسي
- التصنيف: