الوسوسة من وسائل الشيطان (1)

منذ 2021-06-22

ولشدة ضرر الوسوسة ينبغي على من ابتلي بها بل على جميع الناس أن لا ينسوا قراءة سورة الناس، والاعتصام بالله وذكره والدعاء باخلاص والاستعاذه به من الشيطان الرجيم

 يقول تعالى {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ } والوسوسة هي خواطر شر وسوء تراود النفس فتصبح أسيرة لها ولا تستطيع الفكاك منها؛ فتعيش في دوامة لا تنتهتي وتصاب بالشك والتردد في ما تقوم به حتى ينتهي بها الأمر بارتكاب محظور ما أو الإصابة بمرض نفسي أو جسدي.

ومن أشهرها الوسوسة في الوضوء، فالبعض يشك هل غسل يده أم لا ويقنع نفسه بأن يعيد الوضوء مرات كي يتأكد من صحته وتقبل صلاته، وكذا الشك في عدد ركعات الصلاة، والوسوسة في النية لذا يلجأ البعض إلى التلفظ بها قبل أي عمل مع أن محلها القلب وليس اللسان. وقد تكون الوسوسة في الإيمانيات كمن يفكر في الذات الإلهية، ويسأل نفسه: مَن خلق الله, ولماذا الله خلقني وتركني بلا مال، ولماذا كل شيء حرام؟

والبعض يوسوس في أشياء غريبة، مثل من يعتقد أنه سيصاب بالمرض أو ستحل به مصيبة إذا قام بالفعل الفلاني، أو الذي يفكر بالموت كيف سيحل به ومتى، أو يفكر بالمرض ويشعر بأنه مريض، أو يتخيل بأنه طلق زوجته، أو مَن يظن أنه لن يتوفق ولو امتهن مهنة الطب، ومن يظن بأن جميع الناس مخادعين وغشاشين أو أن بعض زملائه يكرهونه ويتمنون فشله، ومن يعتقد أنه لا ينفع بشيء، ومن يظن بزوجته سوءا ويمنعها من الخروج من البيت، ومن يفكر بأنه لن يُرزق بأولاد إذا تأخر الإنجاب سنة أو سنتين، وهناك من يحصل له موقف غير سار فيظل يفكر فيه ويلوم نفسة ويتحسر لمدة طويلة، والكثير  يعزو مثل تلك الوسواس لـ عين أصابته ويصدق ويقتنع بذلك، غير أن الحقيقة أن العين نفسها تحولت إلى وسواس.

وأخطر ما في الأمر أن يقتنع الموسوس بالأفكار التي تراوده، فيتخلص من وسواس الإيمان بالإلحاد، ووسواس عدد الركعات بترك الصلاة، ووسواس الطلاق بتطليق زوجته، وإذا استسلم لوسواس الظنون والخيال فقد يصاب بمرض نفسي أو تراوده أفكار انتحارية، وليس مستبعدا أن يمرض بالفعل إذا استحكم وسواس المرض فيه، وقد يتوقف عن كثير من الأعمال وسيصبح في حالة بين الموت والحياة، لذا عد بعض العلماء الوسواسة وتوابعها خلل وقصور في العقل، والمهم أن الشيطان وصل لمبتغاه في نهاية المطاف، وهو لم يوسوس لآدم وزوجته إلا {لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا} إذ تعرية الناس يغني عن كثير من الجهد في سبيل غوايتهم.

ولشدة ضرر الوسوسة ينبغي على من ابتلي بها بل على جميع الناس أن لا ينسوا قراءة سورة الناس، والاعتصام بالله وذكره والدعاء باخلاص والاستعاذه به من الشيطان الرجيم هو أقصر الطرق للكف عن الخواطر الشريرة، وليس للشيطان سبيل على المؤمنين، ثم على الموسوس ترك سوء الظن بالآخرين وترك التنطع والتكلف، وعليه عدم الاسترسال مع كل خاطرة وليحذر أشد الحذر من التكلم بها حتى مع النفس، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " «إنّ الله تجاوز لأمتي عما وسوست ـ أو حدثت ـ به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم» " وعليه أن يفكر قليلا هل ما يجول في عقله واقع أم مجرد خيال لا وجود له وسيعلم أنه يدور في فلك لا حقيقة له، لم تره عينه ولم تسمع به أذنه وليس له شهود عليه.

وعوضا عن إهدار الوقت في ما لا وجود له عليه أن يفكر كيف يتقرب إلى الله ويكن من الصالحين، وليصبر على البلاء والظفر له.

  • 4
  • 0
  • 2,324

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً