فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي - الجزء الخامس والعشرون

منذ 2021-08-18

* ومن لطفه أن أمر المؤمنين, بالعبادات الاجتماعية, التي بها تقوى عزائمهم, وتنبعث هممهم, ويحصل منهم التنافس على الخير, والرغبة فيه, واقتداء بعضهم ببعض.

فوائد ورقائق من تفسير العلامة السعدي: الجزء الخامس والعشرون

سورة فصلت

*الذين آمنوا وعملوا الصالحات...إذا أصابهم الخير والنعمة والمحاب, شكروا الله تعالى, وخافوا أن تكون نعم الله عليهم, استدراجاً وإمهالاً. وإن أصابتهم مصيبة في أنفسهم وأموالهم وأولادهم صبروا, ورجوا فضل ربهم, فلم ييأسوا.

* ( وإذا أنعمنا على الإنسان ) بصحة, أو رزق, أو غيرهما, ( أعرض ) عن ربه وعن شكره, ( ونأى ) ترفع, ( بجانبه ) عجباً وتكبراً, ( وإن مسه الشر ) أي: المرض أو الفقر أو غيرهما, ( فذو دعاء عريض ) أي: كثير جداً, لعدم صبره, فلا صبر في الضراء, ولا شكر في الرخاء, إلا من هداه الله ومنَّ عليه.

سورة الشورى:      

* قوله ( عليه توكلت ), ( وإليه أنيب ), هذان الأصلان كثيراً ما يذكرهما الله في كتابه, لإنهما يحصل بمجموعهما كمال العبد ويفوته الكمال بفوتهما أو فوت أحدهما, كقوله تعالى: ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وقوله: ( فاعبده وتوكل عليه )  

* من لطفه بعبده المؤمن أن هداه إلى الخير هداية لا تخطر بباله, بما يسر له من الأسباب, الداعية إلى ذلك, من فطرته على محبة الحق والانقياد له, وإيزاعه تعالى لملائكته الكرام أن يثبتوا عباده المؤمنين, ويحثوهم على الخير, ويلقوا في قلوبهم من تزين الحق ما يكون داعياً لاتباعه.

* ومن لطفه أن أمر المؤمنين, بالعبادات الاجتماعية, التي بها تقوى عزائمهم, وتنبعث هممهم, ويحصل منهم التنافس على الخير, والرغبة فيه, واقتداء بعضهم ببعض.

* ومن لطفه أن قيض لعبده  كل سبب يعوقه ويحول بينه وبين المعاصي, حتى أنه إذا علم أن الدنيا والمال والرياسة ونحوها, مما يتنافس فيه أهل الدنيا, تقطع عبده عن طاعته أو تحمله عن الغفلة عنه أو معصيته, صرفها عنه, وقدر عليه رزقه.

* ( روضات الجنات ) فلا تسأل عن بهجة تلك الرياض المونقة, وما فيها من الأنهار المتدفقة, والغياض المعشبه, والمناظر الحسنة, والأشجار المثمرة, والطيور المغردة, والأصوات الشجية المطربة, والاجتماع بكل حبيب, والأخذ من المعاشرة والمنادمة بأكمل نصيب, رياض لا تزداد على طول المدى إلا حسنا وبهاء, ولا يزداد أهلها إلا اشتياقاً إلى لذاتها ووداداً.

* من حكمته ورحمته وسنته الجارية, أنه يمحو الباطل ويزيله, وإن كان له صولة في بعض الأوقات, فإن عاقبته الاضمحلال.

* يخبر تعالى أنه ما أصاب العباد من مصيبة في أبدانهم, وأموالهم, وأولادهم, وفيما يحبون ويكون عزيزاً عليهم, إلا بسبب ما قدمته أيديهم من السيئات, وأن ما يعفو الله عنه أكثر, فإن الله لا يظلم العباد, ولكن أنفسهم يظلمون, ( ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ) وليس إهمالاً منه تعالى تأخير العقوبات, ولا عجزاً.

* هذا تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة, ( فما أوتيتم من شيء ) من ملك ورياسة, وأموال وبنين وصحة وعافية بدنية, ( فمتاع الحياة الدنيا ) لذة منغصة منقطعة. ( وما عند الله ) من الثواب الجزيل, والأجر الكبير, والنعيم المقيم, ( خير ) من لذات الدنيا, خيرية لا نسبة بينهما, ( وأبقى ) لأنه نعيم لا منغص فيه ولا كدر ولا انتقال.     

*  كل عمل لا يصحبه التوكل فغير تام, وهو أي: التوكل: الاعتماد بالقلب على الله في جلب ما يحبه العبد, ودفع ما يكرهه مع الثقة به تعالى.

* مما يهيج على العفو أن يعامل العبد الخلق بما يجب أن يعامله الله به, فكما يحب أن يعفو الله عنه, فليعفُ عنهم, وكما يحب أن يسامحه الله فليسامحهم.

* شرط الله في العفو: الإصلاح فيه, ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه, وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته, فإنه في هذه الحال لا يكون مأموراً به.

* ( إنه لا يحب الظالمين ) الذين يجنون على غيرهم ابتداء, أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته, فالزيادة ظلم.

سورة الزخرف:      

*  يخبر تعالى عن عقوبته البليغة, بمن أعرض عن ذكره, فقال: ( ومن يعش ) أي: يعرض ويصد ( عن ذكر الرحمن ) الذي هو القرآن العظيم, الذي هو أعظم رحمة رحم بها الرحمن عباده, فمن قبلها فقد قبل خير الواهب, وفاز بأعظم المطالب والرغائب, ومن أعرض عنها وردها فقد خاب وخسر خسارة لا يسعد بعدها أبداً, وقيّض له الرحمن شيطاناً مريداً, يقارنه ويصاحبه ويعده ويمنيه ويؤزه إلى المعاصي أزّاً.

* وإن ( الإخلاء يومئذ ) أي: يوم القيامة, المتخالين على الكفر والتكذيب ومعصية الله, ( بعضهم لبعض عدو ) لأن خلتهم ومحبتهم في الدنيا لغير الله, فانقلبت يوم القيامة عداوة, ( إلا المتقين ) للشرك والمعاصي, فإن محبتهم تدوم وتتصل, بدوام من كانت المحبة لأجله.

سورة الدخان:       

* ( فما بكت عليهم السماء والأرض ) أي: لما أتلفهم الله وأهلكهم, لم تبك عليهم السماء والأرض, أي: لم يحزن عليهم, ولم ييأس على فراقهم, بل كل استبشر بهلاكهم وتلفهم, حتى السماء والأرض, لأنهم ما خلفوا من آثارهم, إلا ما يسود وجوههم, ويوجب عليهم اللعنة والمقت من العالمين.

* ( متقابلين ) في قلوبهم, ووجوهم, في كمال الراحة والطمأنينة, والمحبة والعشرة الحسنة, والآداب المستحسنة.

* ( كذلك ) النعيم التام والسرور الكامل ( وزوجناهم بحور ) أي: نساء جميلات من جمالهن وحسنهن, أنه يحار الطرف في حسنهن, وينبهر العقل بجمالهن, وينخلب اللب لكمالهن ( عين ) أي: واسعات الأعين, حسانها.

* ( آمنين ) من انقطاع ذلك, وآمنين من مضرته, وآمنين من كل مكدر, وآمنين من الخروج منها, والموت.

                    كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 0
  • 0
  • 1,288
المقال السابق
الجزء الرابع والعشرون
المقال التالي
الجزء السادس والعشرون

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً