مع الأنبياء - الدخول إلى الجنة والوقوع في المعصية

منذ 2021-10-06

فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه; حتى أزلهما، أي: حملهما على الزلل بتزيينه.

خلق سبحانه لآدم زوجاً من ظهره هي حواء وجعلهما لبعضهما سكناً ورحمة, وأفسح لهما الجنة وما فيها من خيرات لينعما, ثم حرم عليهما وسط كل هذا الحلال المباح شجرة وحيدة محرمة.

وحتى يومنا هذا  أباح لنا  سبحانه الكثير من الخيرات وحرم علينا فقط كل خبيث ضار, والإنسان بجهله وظلمه يحتك في الحرام حتى يقع فيه أو يكاد, وينسى فضل الله الواسع عليه في إباحة كل الحلال وتحريم القليل, حتى أن العلماء جعلوا أن الأصل في الأشياء هو الإباحة الأصلية , ما لم يرد دليل بالتحريم , وذلك لكثرة المباح وقلة المحرم.

وهنا أتى دور الشيطان ووسوسته لآدم وحواء والإغراء بالوقوع في المحرم , بل العجب العجاب أنه أقسم لهما بالله تعالى أنه لهما ناصح أمين,,, تخيل يقسم بالله على أنه ناصح لهما في مخالفة أمر من أقسم بجلاله.

ودخلت الحيلة على آدم وزوجه وأكلا من الجنة , ليكون الأمر بالهبوط من الجنة.

قال السعدي في تفسيره:

{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [(35) البقرة]

لما خلق الله آدم وفضله; أتم نعمته عليه; بأن خلق منه زوجة ليسكن إليها; ويستأنس بها; وأمرهما بسكنى الجنة; والأكل منها رغدا; أي: واسعا هنيئا، { {حَيْثُ شِئْتُمَا} } أي: من أصناف الثمار والفواكه; وقال الله له: { {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} } { {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ} } نوع من أنواع شجر الجنة; الله أعلم بها، وإنما نهاهما عنها امتحانا وابتلاء [أو لحكمة غير معلومة لنا] { {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ } } دل على أن النهي للتحريم; لأنه رتب عليه الظلم.

{فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ} [(36) البقرة]

فلم يزل عدوهما يوسوس لهما ويزين لهما تناول ما نهيا عنه; حتى أزلهما، أي: حملهما على الزلل بتزيينه.  { وَقَاسَمَهُمَا}  بالله  { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}  فاغترا به وأطاعاه; فأخرجهما مما كانا فيه من النعيم والرغد; وأهبطوا إلى دار التعب والنصب والمجاهدة. {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ }  أي: آدم وذريته; أعداء لإبليس وذريته، ومن المعلوم أن العدو; يجد ويجتهد في ضرر عدوه وإيصال الشر إليه بكل طريق; وحرمانه الخير بكل طريق، ففي ضمن هذا, تحذير بني آدم من الشيطان كما قال تعالى  {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}  { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا } } ثم ذكر منتهى الإهباط إلى الأرض، فقال:  {وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ}  أي: مسكن وقرار،  {وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} انقضاء آجالكم, ثم تنتقلون منها للدار التي خلقتم لها, وخلقت لكم، ففيها أن مدة هذه الحياة, مؤقتة عارضة, ليست مسكنا حقيقيا, وإنما هي معبر يتزود منها لتلك الدار, ولا تعمر للاستقرار.

#أبو_الهيثم

#مع_الأنبياء

  • 11
  • 1
  • 1,331
المقال السابق
وإذ قال ربك للملائكة اسجدوا لآدم
المقال التالي
أول الخطايا على الأرض

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً