أسرة المؤمنين
إن حقيقة الإيمان تجوز بالمؤمن إلى ما وراء الزمان والمكان والعرق واللون واللغة والثراء والفقر. ووشيجة الإيمان، تجعل كل المؤمنين أسرته، وكل الأنبياء آباءه، ووطن الإيمان موطنه.
عندما زرت الكعبة وحججت أول مرة، وذهبت إلى منى وعرفات ومزدلفة، شعرت بأنني كنت أسكن هذه الأماكن من قبل؛ وكنت أعيش فيها جسدا وروحا، وقد عدت إليها في مدة الحجّ.
شعرت بأنني أخطو على الأرض التي مشى عليها آدم وإبراهيم وإسماعيل ومحمد عليهم السلام، وأن هؤلاء كلهم آبائي، وأنني أنتمي إليهم كأسرة واحدة، على الحقيقة، كل الحقيقة، لا على المجاز!
وشعرت بأنني قد عدت إليهم لكي أزورهم، وقد عدت إلى وطني الحقيقي، بعد مدة انقطاع، وأن مدة الانقطاع هذه بدأت قبل ولادتي، واستمرت في حياتي، حتى عدت إليهم في مدة الحجّ.
إن الآصرة الحقيقية التي تجمع المؤمنين لا ينبغي لها أن تُستمد من غير إيمانهم وعقيدتهم، فهي أسمى ما فيهم. ولأن ذلك الإيمان هو الذي يميزهم عن غيرهم، فليس غيره أجدر بأن يجمع بينهم.
إنه ليس الأرض أو العرق أو اللون أو اللغة أو المال، أو غير ذلك، هو الذي يجمعهم كما يجمع غيرهم، لأنهم ليسوا كغيرهم. فهم متميزون ومتمايزون بإيمانهم.
وإذا كانت الديمقراطيات الغربية تفاخر بأنها تجمع مختلف الأعراق في مجتمع واحد، فقد سبقها الإسلام إلى ذلك، عندما جمع في مجتمعه الوليد في المدينة، صهيب الرومي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، وغيرهم إلى جانب العرب من المهاجرين والأنصار.
إن حقيقة الإيمان تجوز بالمؤمن إلى ما وراء الزمان والمكان والعرق واللون واللغة والثراء والفقر. ووشيجة الإيمان، تجعل كل المؤمنين أسرته، وكل الأنبياء آباءه، ووطن الإيمان موطنه.
- التصنيف: