إيقاع سورة الأعراف

منذ 2021-10-19

مع عرض تلك الرحلة المكانية الكونية، بآثارها المبدعة، وصورها الناطقة، يعرض السياق رحلة زمانية نبوية، مع رسل الله الكرام، فينفتح قلب القارئ لتلك الأبعاد المكانية من حوله، والزمانية في وجدانه

يتناغم إيقاع السورة مع أهدافها وسياقها ومشاهدها وأسلوبها اللغوي في تناسق مذهل!

فهو إيقاع تقريري سلس مديد، وئيد الحركة، هادئ الخطوة، سهل رقراق، يناسب ما تقطعه السورة من رحلة البشرية الكبرى.

ويرتفع الإيقاع بعد كل رحلة، للتعقيب والتحذير والإنذار! فكأنه يلقي الدرس البليغ عقب كل رحلة، ثم يبدأ رحلة أخرى من جديد، ويبدأ الإيقاع من جديد.

إن السورة تعرض رحلة طويلة مديدة، لكنها تقطع هذه الرحلة على جولات متتابعة، وتلفت النظر إلى الكون وعجائبه، لتستنطقه بالوحدانية، فتجعل القارئ يجول في تلك الرحلة، وهو يقلب نظره إلى السماء والشمس والقمر والنجوم من فوقه، والجبال والأنهار والبحار من حوله، والأرض والوديان من تحته.

ومع عرض تلك الرحلة المكانية الكونية، بآثارها المبدعة، وصورها الناطقة، يعرض السياق رحلة زمانية نبوية، مع رسل الله الكرام، فينفتح قلب القارئ لتلك الأبعاد المكانية من حوله، والزمانية في وجدانه، فتزلزل قلبه بأسلوب عميق، يهز القلب إلى حقيقة الربوبية، ويوقظه على كلمة التوحيد التي ينطق بها ذلك الكون من بعيد بعيد، وأولئك الرسل من قديم قديم.

ومع أن آيات السورة تزيد على المئتين، فليس فيها آية واحدة لا تنتهي بوقف المد العارض للسكون، فهي تسير على مهل، كما تسير قافلة البشرية على مهل.

كما نلحظ تكرار النداء والحوار؛ بل تكرر الفعل " {نادى} " 5 مرات، والفعل " {قال} " 83 مرة، وتكرار هذا النداء والقول يرقق الأسلوب، ليتساوق مع إيقاع السورة الهادئ.

كما نلحظ تكرار عبارات بعينها، مثل " {قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} " 4 مرات، ومثل " {قال الملأ} " 7 مرات، ليؤكد على وحدة رسالة الأنبياء، ووحدة رد الملأ المستكبرين على تلك الرسالة.

فإيقاع السورة يرسم أبهى صورة، ويجسد آياتها مشاهد مرئية محسوسة، تغمر القلب وتلامسه بمعانيها المسموعة والمشاهدة والمحسوسة.

هاني مراد

كاتب إسلامي، ومراجع لغة عربية، ومترجم لغة إنجليزية.

  • 3
  • 0
  • 1,428

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً