من درر العلامة ابن القيم عن الصلاة

منذ 2022-03-30

الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان: أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.  والثاني: التفات البصر.

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالعلامة ابن القيم رحمه الله تعالى, من العلماء الذين لهم مصنفات نافعة ومفيدة, في مواضيع متنوعة, منها: ما صنفه في موضوع الصلاة, فله في ذلك كتابين: الأول: الصلاة والثاني: رفع اليدين في الصلاة, وله مع درر متفرقة عن موضوع الصلاة في سائر كتبه, ولا غرور أن يكثر كلامه رحمه الله عن الصلاة, فقد كان له عناية عملية بها, قال تلميذه الحافظ ابن رجب رحمه الله: وكان رحمه الله تعالى ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى.

وقد يسر الله الكريم لي فجمعت بعضاً مما ذكره عن الصلاة في كتبه, ما عدا كتابيه السابقين, وقد ذكرت اسم كل كتاب نقلت منه أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

                           كتاب " تهذيب سنن أبي داود "

  • سر افتتاح الصلاة بلفظ " الله أكبر":

وفي افتتاح الصلاة بهذا اللفظ - المقصود منه: استحضار هذا المعنى، وتصوره - سرٌّ عظيم يعرفه أهل الحضور، المصلون بقلوبهم وأبدانهم، فإن العبد إذا وقف بين يدي الله عز وجل، وقد علم أنه لا شيء أكبر منه، وتحقق قلبُه ذلك، وأُشربه سرَّه، استحيى من الله، ومنعه وقاره وكبرياؤه أن يشغل قلبه بغيره، وما لم يستحضر هذا المعنى فهو واقف بين يديه بجسمه، وقلبُه يهيم في أودية الوساوس والخطرات.

فلو كان الله أكبر من كل شيء في قلب هذا، لما اشتغل عنه، وصرَف كُلِّيَّةَ قلبه إلى غيره، كما أن الواقف بين يدي الملك المخلوق لما لم يكن في قلبه أعظم منه، لم يشغل قلبه بغيره ولم يصرفه عنه.

                      كتاب " رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه "

  • الصلاة التي تَقَرُّ بها العين ويستريح بها القلب:

الصلاة التي تقرُّ بها العين ويستريح بها القلب هي التي تجمع ستة مشاهد:

المشهد الأول: الإخلاص وهو أن يكون الحامل عليها والداعي إليها رغبة العبد في الله، ومحبته له، وطلب مرضاته، والقرب منه، والتودد إليه، وامتثال أمره، وخوفًا من عقابه، ورجاءً لمغفرته وثوابه.

المشهد الثاني: مشهد الصدق والنصح، وهو أن يفرغ قلبه لله فيها، ويستفرغ جهده في إقباله فيها على الله، وجمع قلبه عليها، وإيقاعها على أحسن الوجوه ظاهرًا وباطنًا

المشهد الثالث: مشهد المتابعة والاقتداء، وهو أن يحرِص كل الحرص على الاقتداء في صلاته بالنبي صلى الله عليه وسلم، ويصلي كما كان يصلي.

المشهد الرابع: مشهد الإحسان، أن يعبد الله كأنه يراه، وهو أصل أعمال القلب كلها، فإنه يوجب الحياء، والإجلال، والتعظيم، والخشية، والمحبة، والإنابة، والتوكل، والخضوع لله سبحانه، والذل له، ويقطع الوساوس وحديث النفس، ويجمع القلب والهم على الله.

المشهد الخامس: مشهد المنة، وهو أن يشهد أن المنة لله سبحانه، كونه أقامه في هذا المقام وأهله له، ووفَّقه لقيام قلبه وبدنه في خدمته، فلولا الله سبحانه لم يكن شيء من ذلك، وهذا المشهد من أعظم المشاهد وأنفعها للعبد، وكلما كان العبد أعظم توحيدًا، كان حظه من هذا المشهد أتم، وفيه من الفوائد أنه يحول بين القلب وبين العُجب بالعمل ورؤيته، ومن فوائد أنه يضيف الحمد إلى وليِّه ومستحقه، فلا يشهد لنفسه حمدًا، بل يشهده كله لله.

المشهد السادس: مشهد التقصير، وهو أن العبد لو اجتهد في القيام بالأمر غاية الاجتهاد، وبذل وسعَه فهو مقصِّر، وحقُّ الله سبحانه عليه أعظم.

وإذا شهد العبد من نفسه أنه لم يوفَّ ربه في عبوديته حقَّه، ولا قريبًا من حقه، علِم تقصيره، ولم يَسعه مع ذلك غير الاستغفار والاعتذار من تقصيره وتفريطه، وعدم القيام بما ينبغي له من حقه.

                         كتاب " الكلام على مسألة السماع "

  • الصلاة قرة عين المحبين ولذة أرواح الموحدين

لا ريب أن الصلاة قرة عين المحبين ولذة أرواح الموحدين ومحكُّ أحوال الصادقين, وميزان أحوال السالكين, وهي رحمته المهداة إلى عبيده, هداهم إليها وعرفهم بها رحمة بهم وإكراماً لهم, لينالوا بها شرف كرامته والفوز بقربه, لا حاجة منه إليهم, بل منَّة منه وفضلاً منه عليهم, وتعبد بها القلب والجوارح جميعاً, وجعل حظ القلب منها أكمل الحظين وأعظمهما, وهو إقباله على ربه سبحانه وفرحه وتلذذه بقربه وتنعمه بحبه وابتهاجه بالقيام بين يديه, وانصرافه حال القيام بالعبودية عن الالتفات إلى غير معبوده وتكميل حقوق عبوديته حتى تقع على الوجه الذي يرضاه.

  • تكرير الأفعال والأقوال في ركعات الصلاة غذاءً للقلب والروح:

شرع تكرير هذه الأفعال والأقوال, إذ هي غذاء القلب والروح التي لا قوام لهما إلا بها فكان تكريرها بمنزلة تكرير الأكل حتى يشبع, والشرب حتى يروى...ولهذا قال بعض السلف: مثل الذي يصلى ولا يطمئن في صلاته كمثل الجائع, إذا قُدِّم إليه طعام فتناول منه لقمة أو لقمتين, ماذا تغنى عنه؟

سرّ الصلاة ولبها:

سر الصلاة...ولبُّها هو إقبالُ العبد على الله بكليته فكما أنه لا ينبغي له أن يصرف وجهه عن قبلة يميناً وشمالاً, فكذلك لا ينبغي له أن يصرف قلبه عن ربه إلى غيره

وللإقبال في الصلاة ثلاث منازل: إقبال على قلبه, فيحفظه من الوساوس والخطرات المبطلة لثواب صلاته أو المُنقِصة له, وإقبال على الله بمراقبته حتى كأنه يراه, وإقبال على معاني كلامه وتفاصيل عبودية الصلاة ليعطيها حقها, فباستكمال هذه المراتب الثلاث تكون إقامة الصلاة حقاً.

  • قرة العين بالصلاة:

لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: جُعِلت قرة عيني في الصوم ولا في الحج والعمرة, وإنما قال: (( جعلت قرةُ عيني في الصلاة )) وتأمل قوله: «جُعلت قرةُ عيني في الصلاة »  ولم يقل بالصلاة, إعلاماً بأن عينه إنما تقرُّ بدخوله فيها, كما تقرُّ عين المُحب بملابسته محبوبه, وتقرُّ عين الخائف بدخوله في محل أمنِه فقرة العين بالدخول في الشيء أكملُ وأتمُّ من قرة العين به قبل الدخول. ولما جاء إلى راحة القلب من تعبه. قال: « يا بلالُ أرحنا بالصلاة»  أي أقمها لنستريح بها من مقاساة الشواغل, كما يستريح التعبان إذا وصل إلى نُزله وقرّ فيه...وتأمل كيف قال: أرحنا بها, ولم يقل: أرحنا منها, كما يقوله المتكلف بها الذي يفعلها تكلفاً وغُرماً. فالفرق بين من كانت الصلاة لحوائجه قيداً ولقلبه سجناً ولنفسه عائقاً. وبين من كانت الصلاة لقلبه نعيماً, ولعينه قرة, ولحوائجه راحة, ولنفسه بستاناً ولذة.

                           كتاب " طريق الهجرتين وباب السعادتين "

  • لا ألذّ لقلب المصلي ولا أقرّ لعينه من الصلاة إن كان محباً

الصلاة...محك الأحوال وميزان الإيمان, بها يوزن إيمان الرجل, ويتحقق حاله ومقامه ومقدار قربه من الله ونصيبه منه, فإنها محل المناجاة والقربة, ولا واسطة فيها بين العبد وبين ربه, فلا شيء أقرً لعين المحب ولا ألذّ لقلبه ولا أنعم لعيشه منها إن كان محباً...فلا شيء أهم إليه من الصلاة, كأنه في سجن وضيق وغم حتى تحضر الصلاة, فيجد قلبه قد انفسح وانشرح واستراح, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال:  «يا بلال, أرحنا بالصلاة » ولم يقل: أرحنا منها, كما يقول المبطلون الغافلون.

فالصلاة قرة عيون المحبين, وسرور أرواحهم, ولذة قلوبهم, وبهجة نفوسهم, يحملون هم الفراغ منها إذا دخلوا فيها, كما يحمل الفارغ البطال همها حتى يقضيها بسرعة, فلهم فيها شأن وللنقارين شأن! يشكون إلى الله سوء صنيعهم بهم إذا ائتموا بهم, كما يشكو الغافل المعرض تطويل إمامه, فسبحانه من فاضل بين النفوس, وفاوت بينها هذا التفاوت العظيم.

وبالجملة فمن كانت قرة عينه في الصلاة فلا شيء أحب إليه وأنعم عنده منها, وبوده أن لو قطع عمره بها غير مشتغل بغيرها, وإنما يسلي نفسه إذا فارقها بأنه سيعود إليها عن قرب, فهو دائم يثوب إليها, ولا يقضي منها وطراً, فلا يزن العبد إيمانه ومحبته لله بمثل ميزان الصلاة, فإنها الميزان العادل, الذي وزنه غير عائل.

                        كتاب " الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب "

  • الالتفات المنهي عنه في الصلاة: التفات القلب, والتفات البصر:

الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان: أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى.  والثاني: التفات البصر.

وكلاهما منهي عنه, ولا يزال الله مقبلاً على عبده ما دام العبد مقبلاً على صلاته, فإذا التفت بقلبه أو بصره, أعرض الله تعالى عنه.

ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو قلبه, مثل رجل قد استدعاه السلطان, فأوقفه بين يديه, وأقبل يناديه ويخاطبه, وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يميناً وشمالاً أو قد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به, لأن قلبه ليس حاضراً معه, فما ظن هذا الرجل أن يفعل به السلطان ؟! أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتاً مُبعداً وقد سقط من عينيه ؟! فهذا المصلي لا يستوي والحاضر القلب, المقبل على الله تعالى في صلاته, الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه, فامتلأ قلبه من هيبته, وذلت عنقه له, واستحيي من ربه تعالى أن يقبل على غيره, أو يلتفت عنه, وبين صلاتيهما كما قال حسان بن عطية: إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة, وإن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض....وذلك أن أحدهما مقبل بقلبه على الله عز وجل, والآخر ساهٍ غافل, فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله وبينه وبينه حجاب لم يكن إقبالاً ولا تقرباً فما الظن بالخالق عز وجل.

وإذا أقبل على الخالق عز وجل, وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس, والنفس مشغوفة بها, ملأى منها, فكيف يكون ذلك إقبالاً وقد ألهته الوساوس والأفكار, وذهبت به كل مذهب ؟!

  • الشيطان يغار من الإنسان إذا قام في الصلاة:

العبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه, فإنه قد قام في أعظم مقام, وأقربه, وأغيظه للشيطان, وأشدِّه عليه, فهو يحرص ويجتهد كل الاجتهاد أن لا يقيمه فيه, بل لا يزال به يعدهُ ويُمنيه ويُنسيه, ويجلب عليه بخيله ورجِلِه حتى يهوِّن عليه شأن الصلاة, فيتهاون بها, فيتركها.

فإن عجز عن ذلك منه وعصاه العبد وقام في ذلك المقام, أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ويحُول بينه وبين قلبه, فيذكره في الصلاة ما لم يكن يذكر قبل دخوله فيها حتى ربما قد نسي الشيء والحاجة, وأَيِس منها, فيُذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ويأخذه عن الله عز وجل فيقوم فيها بلا قلب, فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبلُ على ربه عز وجل الحاضرُ بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها, بخطاياه وذنوبه وأثقاله لم تخفَّ عنه بالصلاة

فإن الصلاة إنما تُكفرُ سيئات من أدى حقها, وأكمل خشوعها, ووقف بين يدي الله عز وجل بقلبه وقالبه, فهذا إذا انصرف منها وجد خفَّة من نفسه, وأحسّ بأثقال قد وضعت عنه, فوجد نشاطاً وراحةً وروحاً, حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها, لأنها قرة عينه, ونعيم روحه, وجنة قلبه, ومستراحه في الدنيا, فلا يزال في سجن وضيق حتى يدخل فيها, فيستريح بها, لا منها, فالمُحبُّون يقولون: نصلي فنستريح بصلاتنا, كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم صلى الله عليه وسلم: ( يا بلالُ أرحنا بالصلاة ) ولم يقل: أرحنا منها.

وقال صلى الله عليه وسلم: ( وجُعلت قُرَّة عيني في الصلاة) فمن جُعلت قرة عينه في الصلاة, فكيف تقر عينه بدونها, وكيف يطيق الصبر عنها ؟!  

مراتب الناس في الصلاة:

الناس في الصلاة على مراتب خمسة:

أحدها: الظالم لنفسه, وهو الذي انتقص من وضوئها ومواقيتها وحدودها وأركانها.

الثاني: من يحافظ على مواقيتها وحدودها وأركانها الظاهرة ووضوئها, لكنه قد ضيع مجاهدة نفسه في الوسوسة, فذهب مع الوساوس والأفكار.

الثالث: من حافظ على حدوها وأركانها, وجاهد نفسه في دفع الوساوس والأفكار, فهو مشغول بمجاهدة عدوه, لئلا يسرق منه صلاته, فهو صلاة وجهاد.

الرابع: من إذا قام إلى الصلاة أكمل حقوقها وأركانها وحدودها, واستغرق قلبه مراعاة حدودها وحقوقها, لئلا يضيع منها شيئاً, بل همُّه كله مصروف إلى إقامتها كما ينبغي وإكمالها...قد استغرق قلبه شأن الصلاة وعبودية ربه تبارك وتعالى فيها.

الخامس: من إذا قام إلى الصلاة قام إليها كذلك, ولكن مع هذا قد أخذ قلبه ووضعه بين يدي ربه عز وجل, ناظراً بقلبه إليه, مراقباً له, ممتلئاً من محبته وعظمته, كأنه يراه ويشاهده, وقد اضمحلت تلك الوساوس والخطرات, وارتفعت حُجُبُها بينه وبين ربه, فهذا بينه وبين غيره في الصلاة أعظم مما بين السماء والأرض, وهذا في صلاته مشغول بربه عز وجل, قرير العين به.

فالقسم الأول: معاقب, والثاني: محاسب, والثالث: مُكفَّر عنه, والرابع: مُثاب, والخامس: مُقرب لأن له نصيب ممن جعلت قرة عينه في الصلاة, فمن قرت عينه بصلاته في الدنيا قرَّت عينه بقربه من ربه عز وجل في الآخرة وقرَّت عينه أيضاً به في الدنيا, ومن قرَّت عينه بالله قرَّت به كلُّ عين, ومن لم تقرَّ عينه بالله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.  

  • فضل الصلاة على القراء والذكر والدعاء:

لما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء, وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه كانت أفضل من كُلّ من القراءة والذكر والدعاء بمفرده, لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء

                      كتاب " زاد المعاد في هدي خير العباد "

  • من منافع الصلاة:

الصلاة مجلبة للرزق, حافظة للصحة, دافعة للأذى, مطردة للأدواء, مقوِّية للقلب, مبيِّضة للوجه, مُفرحة للنفس, مُذهبة للكسل, منشطة للجوارح, ممدة للقوى, شارحة للصدر, مغذية للروح, منورة للقلب, حافظة للنعمة, دافعة للنقمة, جالبة للبركة, مُبعدة من الشيطان, مُقربة من الرحمن.

وبالجملة: فلها تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب وقواهما, ودفع المواد الرديئة عنهما, وما ابتلي رجلان بعاهة أو داءٍ أو محنة أو بلية إلا كان حظُّ المصلي منهما أقلَّ, وعاقبتهُ أسلم.

وللصلاة تأثير عجيب في دفع شرور الدنيا, ولا سيما إذا أُعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً, فما استدفعت شرور الدنيا والآخرة, ولا استجلبت مصالحهما بمثل الصلاة, وسرُّ ذلك أن الصلاة صلة بالله عز وجل, وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها, وتقطع عنه من الشرور أسبابها, وتُفيضُ عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل, والعافية والصحة, والغنيمة والغنى, والراحة والنعيم, والأفراح والمسرات, كلها محضرة لديه, ومسارعة إليه.

والصلاة شأنها في تفريح القلب وتقويته, وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن... فهي من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة, ودفع مفاسد الدنيا والآخرة, وهي منهاة عن الإثم, ودافعة لأدواء القلوب, ومطردة للداء عن الجسد, ومُنورة للقلب, ومُبيضة للوجه, ومنشطة للجوارح والنفس, وجالبة للرزق, ودافعة للظلم, وناصرة للمظلوم, وقامعة لأخلاط الشهوات, وحافظة للنعمة, ودافعة للنقمة, ومُنزلة للرحمة, وكاشفة للغُمَّة, ونافعة من كثير من أوجاع البطن.

  • المواضع التي كان صلى الله عليه وسلم يدعو فيها في الصلاة:

وأما المواضع التي كان يدعو فيها في الصلاة, فسبعة مواضع:

أحدها: بعد تكبيرة الإحرام في محل الاستفتاح.

الثاني: قبل الركوع وبعد الفراغ من القراءة في الوتر, والقنوت العارض في الصبح قبل الركوع إن صح ذلك, فإن فيه نظراً.

الثالث: بعد الاعتدال من الركوع, كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن أبي أوفى: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: (سمع الله لمن حمده, اللهم ربنا لك الحمد, ملء السماوات, وملء الأرض, وملء ما شئت من شيء من بعد, اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد, اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ )

الرابع: في ركوعه كان يقول: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك, اللهم اغفر لي )

الخامس: في سجوده, وكان فيه غالب دعائه.

السادس: بين السجدتين.

السابع: بعد التشهد وقبل السلام.

وأما الدعاء بعد السلام من الصلاة مستقبل القبلة أو المأمومين, فلم يكن ذلك من هديه صلى الله عليه وسلم أصلاً, ولا روى عنه بإسناد صحيح, ولا حسن.

وأما تخصيص ذلك بصلاتي الفجر والعصر, فلم يفعل ذلك هو ولا أحد من خلفائه, ولا أرشد إليه أمته...وعامة الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها فيها, وأمر بها فيها, وهذا هو اللائق بحال المصلي, فإنه مقبل على ربه يناجيه ما دام في الصلاة, فإذا سلَّم منها, انقطعت تلك المناجاة, وزال ذلك الموقف بين يديه والقرب منه.

اللهم وفقنا لأداء الصلاة وإقامتها على الوجه الذي يرضيك عنا, وأن نكون متبعين لهدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في ذلك.

           كتبه / فهد بن عبدال عزيز بن عبدالله الشويرخ

  • 4
  • 0
  • 11,140

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً