من أقوال السلف في الاستغفار
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال بعض العارفين: ينبغي للعبد أن تكون أنفاسُه كلُّها نفسين: نفساً يحمد فيه ربه, ونفساً يستغفر من ذنبه.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: من سعادة العبد المسلم أنه إذا أذنب استغفر وتاب إلى الله, قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه وتعالى المسئول المرجو الإجابة...أن يجعلكم ممن إذا أنعم الله عليه شكر, وإذا ابتلى صبر, وإذا أذنب استغفر, فإن هذه الأمور الثلاثة هي عنوان سعادة العبد, وعلامة فلاحه في دنياه وأخراه.
فطوبى لمن أكثر من الاستغفار, فهو نفس دائم له, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: قال بعض العارفين: ينبغي للعبد أن تكون أنفاسُه كلُّها نفسين: نفساً يحمد فيه ربه, ونفساً يستغفر من ذنبه.
لقد كان رسول الله صلى عليه وسلم كثير الاستغفار, فعن ابن عمر رضي الله عنها قال: كنّا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: «ربّ اغفر لي وتُب عليّ, إنك أنت التواب الغفور مائة مرة» [قال الترمذي حسن صحيح غريب]
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «والله إني لاستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» [أخرجه البخاري]
الاستغفار من أسباب تفريج الكروب, والأمن من العذاب والبلاء, وزيادة الإيمان, وكثرة الأرزاق والخيرات, وسعة الرزق, وكسب الحسنات, ومحو السيئات, وانشراح الصدر.
للسلف أقوال في الاستغفار, جمعت بفضل الله وكرمه بعضاً منها, أسأل الله الكريم أن ينفعني وجميع المسلمين بها.
- فضل الاستغفار:
** قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عجبت لمن يهلك والنجاة معه, قيل: وما هي؟ قال : الاستغفار.
** عن عمر بن عبدالعزيز قال: رأيت أبي في المنام في حديقة حسنة, فناولني تفاحة, وتأولتها ولداً, فقلت له: أي الأعمال وجدت أفضل ؟ قال: الاستغفار, يا بني.
- الإكثار من الاستغفار:
قال الحسن: لا تملوا من الاستغفار...وأكثروا من الاستغفار في بيوتكم, وعلى موائدكم, وفي طرقكم, وفي أسواقكم, فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة.
- الاستغفار من الذنوب:
** كان رجل في زمن الحسن البصري معتزل الناس, فسأله الحسن عن حاله ؟ فقال: إني أصبح بين نعمة وذنب, فأحدثُ للنعمة حمداً, وللذنب استغفاراً, فأنا مشغول بذلك, فقال الحسن: الزم ما أنت عليه, فأنت عندي أفقه من الحسن.
** عن الربيع بن خثيم, أنه قال لأصحابه: ما الداء وما الدواء وما الشفاء ؟ قال: الداء الذنوب, والدواء الاستغفار, والشفاء أن تتوب فلا تعود.
- الاستغفار دليل التواضع:
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك: الإنسان مهما بلغ من منزلة فلا بد له من الاستغفار, لأنه دليل التواضع, وشعور العبد بالتقصير.
- الاستغفار مانع من العذاب:
** قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الاستغفار يمحُو الذنوب فيُزيلُ العذاب, كما قال تعالى: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} [الأنفال:33]
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: قوله تعالى: {وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} فهذا مانع من وقوع العذاب بهم, بعد ما انعقدت أسبابه.
- الاستغفار من أسباب إصابة الصواب:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الاستغفار من أسباب إصابة الصواب بدليل قوله تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيماً * واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً } [سورة النساء/105-106] ولهذا فإن بعض أهل العلم إذا عرضت عليه مسألة من المسائل استغفر الله قبل أن يفتى فيها لأن المعاصي تحول بين العبد والتوفيق فإذا استغفر الإنسان ربه بقلب صادق زال هذا المانعُ, وجرِّب تَجِد
- الاستغفار بالأسحار:
** قال محمود بن والان: سمعت عبدالرحمن بن بشر، سمعت ابن عيينة يقول: غَضَبُ الله داء لا دواء له، قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار، والتوبة النصوح.
** قال العلامة السعدي رحمه الله للاستغفار بالأسحار فضيلة وخصيصة ليست لغيره كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان, والطاعة {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}
**قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ قوله تعالى{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران:17]وقوله: {وبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:58] قال جماعة من أهل العلم من المحققين: إن الاستغفار في هذا الوقت أفضل من قراءة القرآن, فإن قراءة القرآن أفضل بعامة, ولكن قد يعرض على الأوقات ما يجعل شيئاً فيها أفضل من قراءة القرآن, فما قبل الأذان بقليل, وما بعد الأذان إلى صلاة الفجر الأفضل فيها الاستغفار, والدعاء, والتبتل إلى الله عز وجل والخشوع, وأشباه ذلك من الذكر.
الاستغفار عند الغفلة:
قال ابن اللباد: إذا اعتراك غفلة فاستغفر.
- الاستغفار بعد الفراغ من كل عبادة:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير, ويشكره على التوفيق لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة, ومنّ بها على ربه, وجعلت له محلاً ومنزلةً رفيعة, فهذا حقيق بالمقت ورد الفعل ,كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال أُخر.
وفي الأمر بالاستغفار بعد الحث على أفعال الطاعة والخير, فائدة كبيرة, وذلك أن العبد لا يخلو من التقصير فيما أمر به, إما أن لا يفعله أصلاً, أو يفعله على وجه ناقص, فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار, فإن العبد يذنب آناء الليل والنهار فمتى لم يتغمده الله برحمته ومغفرته فإنه هالك.
- الاستغفار عند حدوث الأذى من الناس:
أبو معاوية الأسود, أغلظ له رجل, فقال: استغفر الله من ذنب سلطك به علي.
- الاستغفار مطلوب قبل التوبة وبعد التوبة:
قال الشيخ عبدالرحمن بن ناصر البراك: الاستغفار مطلوب من العبد قبل التوبة, لأنه قد يكون سبباً في التوبة, كما أنه مطلوب بعد التوبة لكونه من أسباب قبولها.
- الاستغفار يكفر الذنوب:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: الاستغفار والعبادة, وخصوصاً الصلاة, مكفرات للذنوب, فإن الله رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
تعويد اللسان على الاستغفار:
قال لقمان لابنه: أي بُنيّ, عود لسانك, اللهم اغفر لي, فإن لله ساعات لا يردُّ فيهن سائلاً.
- النجاة من غضب الله بالتوبة النصوح وكثرة الاستغفار:
قال محمود بن والان: سمعت عبدالرحمن بن بشر، سمعت ابن عيينة يقول: غَضَبُ الله داء لا دواء له، قلت: دواؤه كثرة الاستغفار بالأسحار، والتوبة النصوح.
- الاستغفار للظالم:
قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: قال بعضهم من استغفر لمن ظلمه أَمِن من عذاب الله
- ختم العمر بالاستغفار
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: قالت عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل موته: "سبحان الله وبحمده, أستغفر الله, وأتوب إليه " فقلت له: إنك تدعو بدعاء لم تكن تدعو به قبل اليوم؟ قال: ( إن ربي أخبرني أنني سأرى علماً في أمتي إذا رأيته أن أسبح بحمده وأستغفره, وقد رأيته ) ثم تلا هذه السورة. إذا كان سيد المحسنين يؤمر بأن يختم أعماله بالحسنى فكيف يكون حال المذنب المسيء المتلوث بالذنوب المحتاج إلى التطهير؟
اللهم وفقنا لإتباع هدي نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, واجعلنا ممن يكثر من الذكر والاستغفار, ولا سيما مع تقدم العمر وقُرب الأجل.
كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
- التصنيف: