صباح سعيد إسلام

منذ 2022-05-16

صباحٌ سعيدٌ يا إسلامُ، فقد آن لشمسِك التي حجبتْها السُّحبُ أن تشرق من جديد، وآنَ لجوادك الذي توقَّف أن يعود للسَّير، وبقوَّة تسبق قطارات اليابان السريعة، بل تسبق سرعةَ الصوت والضوْء وغيرها من السرعات التي يَعرِفها العاجزون مقارنةً بسرعة جوادك.

لم أجدْ عنوانًا أجملَ ولا أدلَّ على ما أريد من هذا العنوان المختصر والمباشر في نفس الوقت: "صباح سعيد إسلام"، نعم، صباحٌ سعيدٌ يا إسلامُ، فقد آن لشمسِك التي حجبتْها السُّحبُ أن تشرق من جديد، وآنَ لجوادك الذي توقَّف أن يعود للسَّير، وبقوَّة تسبق قطارات اليابان السريعة، بل تسبق سرعةَ الصوت والضوْء وغيرها من السرعات التي يَعرِفها العاجزون مقارنةً بسرعة جوادك.

صباحٌ سعيدٌ إسلامُ، ليس حلمًا ولا طيفًا، ولا خيالاً ولا هو مِن وحي الشياطين، وإنَّما هي قراءةٌ عميقة ومتدبِّرة للواقع والمسرْح العالمي بأحداثه وتجلياته الأخيرة، هنا وهناك، في الصومال حيثُ لم يُفلحِ الغرْب في زرْع عملائه رغمَ كثرة التزيين والتزوير، وفي الجِبال وبين الأحراش حيثُ الجوعُ، والحرُّ والبرد الذي يُلهِب ظهورَ وأجساد الفقراء في مربع أفغانستان وباكستان وتركستان الشرقية (الإيجور)، ودول القوقاز والشيشان.

ذاك المربَّع الذي بدأ يتَّسع شيئًا فشيئًا، واتَّسع الخرْق على الراقع، ويصعُب الآن على أيَّة دولة - مهما عظُمتْ قوَّتُها – "لَمْلَمةُ" الموضوع، أو حجْب الشمس عن هذا المربَّع مرَّة أخرى، فقدِ انطلق قِطارُ الإسلام يطوي الأرض بقوَّة وسرعة نحوَ الشمس المشرقة هناك، والتي لم تَعُدْ تفلح زوابعُ الصين وقتلُها (على يد قومية الهان الصينية) لقُرابة الألف من الإيجوريِّين في حجبها.

ستفشل الصين في (الإيجور) كما فشلت أمريكا في أفغانستان، ولم يعدْ على المسلمين في هذه المناطق سوى انتظارِ تلك المقولة التي أطلقها حكمتيار، القائدُ الأفغاني المعروف عندما قال: ستكون أمريكا هي الإمبراطورية الرابعة التي تبتلعُها أفغانستان.

بل أنا أرى الأمرَ أوسعَ من ذلك، فقد اتَّسع المسرحُ ليشملَ مناطق أخرى، وأضلاعًا جديدة في مربَّع كبير يصعب فيه الحسمُ العسكري، مهما بلغتْ قوَّة الدمار والجيوش الغازية، فليس جبلاً أو رجلاً أو رجلين يمكن السيطرة عليهم، ولكنَّها أممٌ عديدة، وشعوب ممتدة، وقبائلُ وقومياتٌ مختلفة، جمع بينها الإسلام، فصَهَرها في داخله، كما تصهر النارُ الحديدَ، فيَلين لها بلا مقاومة.

وكذلك فَعَل الإسلام في أتباعه، فوحَّد بين قلوبهم، وقوَّى بعضَهم ببعض، وجعلهم جميعًا أمَّة واحدة، ومهما اختلفتْ فإنَّها تعود لبعضها البعض يومًا ما، فالأصلُ فيها الوحدةُ والاتِّفاق والمحبَّة والمودة، والاختلاف فيها طارئ وعارضٌ، يزول مهما طال وكان قاسيًا.

ربَّما كان ثَمَّة أملٌ مستحيل للأمريكان وأعوانهم في مكْسبٍ ما في هذه البِقاع الشاسعة، لكن قدَّمت الصين ضربتَها القاضية لهذا الحلم الأمريكي المستحيل، فجعلتْه الآن عدمًا كأن لم يكن، وليس بعد العدم مِن شيء.

لقد حاولتِ الصين الاصطيادَ في الماء العكر، فتقرَّبت من المسلمين، ونشرتْ بضائِعَها في بلادهم، وفتحتْ لها شركاتٍ ومصانعَ على أراضي المسلمين، ولم يكن قَبولُ المسلمين لها حبًّا فيها، وهم يعرفون الصين الشيوعيَّة الملحدة، التي لا تؤمن بإلهٍ، ولا تعترف بنبوات، ولكن أخَذَها المسلمون بديلاً عن الكيان الأمريكي المحتل، وكنَّا نخشى أن يطول الأمر بالمسلمين، وأن يخرجوا من جُحر أمريكا فيغرقوا في محيط الشيوعية الصينيَّة الملحدة، غير أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - قد لَطَف بعباده ودينه، فقام الإرهابيُّون الصينيون من قومية (هان) الصينية بقتْل ما يقارب الألف من (الإيجور) المسلمين في تركستان الشرقية.

وعلى الرغم من ضَعْف الموقف الرسمي والشعبي لدى العالَم الإسلامي تُجاهَ هذه المسألة - حتى لحظة كتابةِ هذا المقال على الأقل - غير أنَّ هذا الأمر قد نبَّه الكثير من الدول إلى الوجه الآخرِ للملحد الشيوعي الصيني، وقد استنكرتِ العديدُ من الشخصيات والأقلام العربية والإسلاميَّة ما يجري هناك؛ بل ودخلتْ شخصيات مرموقة على الخطِّ أمثال رجب طيب أردوجان رئيس وزراء تركيا، وكذلك وزير خارجيتها، وطالب أوغلو رئيس منظَّمة المؤتمر الإسلامي الدولَ العربية والإسلاميَّة بدعْم جهوده في حلِّ هذه المسألة، إلى آخِرِ ما تناقلته وسائلُ الإعلام من مواقفَ رسميَّة وشعبيَّة، رغم ضعفها وقلَّتها حتى الآن.

لكنَّ كلَّ هذه المواقف وإن قلَّت، فهي كفيلةٌ - كما ذكرتُ – بـ (فرملة) اللاَّهثين تُجاهَ الملحدة الشيوعيَّة، وتخفيف سُرعتهم تجاه الصين، إن لم تقدر على وقفهم تمامًا.

ومِن جهة أخرى فقد وضعتْ هذه المسألةُ الكثيرَ من الدول الإسلام في موضع تفكيرٍ عميق وإن لم يعلن، لكنَّه واضح للمتابِع، فهناك مَن طالب بالمقاطعة، واعترض آخرون، وسَكتَ غيرهم، والكلُّ يفكر ويتدبَّر: كيف السبيل لو قاطع الصِّين هي الأخرى، بعدما طالبتِ الشُّعوب بمقاطعة أمريكا والغرب؟!

وهنا حتمًا ولا بدَّ مِن خُطوةٍ نحوَ الاكتفاء الذاتي، والاعتماد على الخيرات الوفيرة للدُّول الإسلاميَّة، وهو ما سيحدث، بل هو ما بدأْنا نشمُّ رائحته بالفِعل في كثير من النواحي.

ورغم كثرةِ الأخطاء لكنَّنا بالفِعْل بدأنا نشم رائحتَه، في إطلاق السودان تلك الطائرة المحليَّة الصنع، وفي تلك الخُطوات الرائعة التي بذلها ذلك البلدُ الإسلامي والعربي صوبَ الاكتفاء الذاتي في الصِّناعة والزِّراعة وغيرها، بدأنا نشمُّها في اتجاه مصرَ لزراعة القمح ولو في أوغندا، بعدما كانت تعتمد على استيرادِ القمح الرُّوسي المسرطن.

بدأنا نشمها في تجارب المملكة السعودية الرائدة في مجال المياه والزِّراعة، بدأنا نشمها في غزة الفقيرة المحاصَرة، التي نسمع كل يوم عن مبدع جديد في مجال من المجالات، وهؤلاء المبدعون وإن لم تتوفَّر لهم الفرصةَ اليوم فستتوفر يومًا ما عندما تتمُّ شمس الإسلام شروقها، وتولد من جديد، وساعتَها سنجد هؤلاء المبدعين جميعًا في مقدِّمة الصفوف، يُقدِّمون للأمة أجملَ وأنصع الأمثلة في سائر العلوم.

وإذا كنا قديمًا قد رصفْنا الطرق في الأندلس وأضأْنا شوارعها، بينما كانت أوروبا تعيش في الظلام، فإنَّنا اليوم - بإذن الله وتوفيقه وعونِه - سنعودُ لنصنعَ الدنيا بأكملها، وستعتمد علينا الدنيا حتمًا؛ لأنَّنا وحْدَنا نقدر على كلِّ شيء بقوَّة الله وتوفيقه، بينما يعجز الغرْب والشرْق غير الإسلامي عن كلِّ شيء.

وإذا كان الغرْب والشرْق يتبجَّحون بالصناعات، فإنَّنا لسنا ممن يغترُّ بالمظهر دون الجوهر، فنحن نعرف جيِّدًا أننا نحن الذين بنينا لهم هذا المجدَ الصناعيَّ العريق، بعقول المسلمين، وسواعدهم، وفتِّش في كلِّ شيء من مخترعاتهم عن عقول المسلمين وسواعدِهم، وستجدها حتمًا، فنحن أمَّة الرِّيادة في كل شيء، والرجل الأبيض ليس مؤهلاًّ لشيء، في أمسه ويومه ولا في غده، فهو رجلٌ معقَّد منهك من كثرة ما يحمله مِن أوزار ودنايا، فليس مؤهلاًّ لشيء؛ ولذا تراه يملك تعجرفًا وتكبُّرًا رهيبًا جدًّا، لا لشيء سوى حمايةِ نفسه بهذا التعجرُف من الاعتراف بالحقيقة للمسلمين؛ حتى لا ينكشف، مع أنَّنا نفهم عَجْزَه جيِّدًا، ونقرأ ضعفَه بوضوح، لكنَّنا نرحمه، ونتركه لتعجرُفِه، فعند الله جزاءُ المتعجرفين المتكبِّرين، يومًا لن ينفع الغرْبَ تعجرفُ متعجرفٍ، ولا تكبُّر متكبِّر.

صباحُ خيرٍ وسعادة إسلامُ، فقد مرَّت بك أيَّام انزوت فيها رسومُك، لكنَّك الآن على لسان الكبير والصغير في كلِّ الدنيا، حتى ساركوزي المنحلُّ الشاذُّ يتكلَّم عنك، فيحاربك مرَّة، ويخشاك أخرى، لكنَّه وهو يحاربك تجده يرتعد رعبًا منك، أرأيتَ كيف يقذف الله الرعبَ في قلوب هؤلاء الجُبناء، فيحاربونك وهم يتصبَّبون عرقًا؛ رعبًا منك؟!

صباحُ خيرٍ وسعادة إسلامُ، فقد صِرْنا نسمع عن كرامات أبنائك العجيبة، وقرأْنا في وسائل الإعلام الكثيرَ من كرامات أولادك في غزَّة هاشم، وفي مربع (ان): أفغانستان، باكستان، الشيشان، تركستان،.. إلخ، حتى سمعنا في القنوات الفضائية بأنَّ غزة هاشم قد حماها الضَّباب فمنع طائراتِ التجسُّس الإسرائيلية من أداء مَهمَّتها.

ضباب؟! سبحان الله!

{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ} [المدثر: 31].

وهذه كلُّها جهود كبيرة على الطريق، وإن لم تكتملِ اليومَ، فستكتمل يومًا ما، فطريق الألْف مِيل يبدأ بخُطوة، ومهما كانت الأخطاءُ الآن، فالتجرِبة كفيلة بتعليم المخطئ، وتصحيح الأخطاء - إن شاء الله تعالى.

سطعتْ شمسُك إسلامُ، فصباحُك سعيد.

__________________________________________________

الكاتب: طالب شافع الحسيني

  • 2
  • 0
  • 766

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً