الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكثروا من ذلك، ولا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذكر الذي أمرنا أن نكثر منه، فما أيسره عملًا وأعظمه أجرًا
- التصنيفات: محبة النبي صلى الله عليه وسلم -
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56]، فهذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكثروا من ذلك، ولا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الذكر الذي أمرنا أن نكثر منه، فما أيسره عملًا وأعظمه أجرًا!
تتأكد كثرةُ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلتَها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أوس بن أوس رضي الله عنه: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ»، قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ، وَقَدْ أَرِمْتَ، يَقُولُونَ: بَلِيتَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ» [1]، فعليك بالإكثار من ذلك، فهل تعلم أنك إذا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها تُرَدُّ إليه روحه، حتى يرد عليك كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» [2].
إنْ كنت تريد أن تُكْفى همَّك، ويغفر ذنبك، فعليك بالإكثار من الصلاة والسلام على هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ»، قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَك»، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ»، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟ قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ ذَنْبُكَ» [3]، والمراد بالصلاة في هذا الحديث الدعاءُ؛ أي: أجعل دعائي كلَّه صلاةً عليك.
ورد في الحديث عنه قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ خَطِيئَاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ» [4]، أربعون مكسبًا في صلاة واحدة، قد لا تزيد على أربع كلمات، فما أيسر الخير وأسهله! فاجتهدْ في جمع الفضائل والمكاسب.
واعلم - أخي الكريم - أن المكاسب عظيمة، والمتاعب قليلة، وأن الأمر توفيق من الله تعالى لبعض عباده، كما يمكنك أن تجعل لك مع هذا العمل الفاضل منهجية ترسمها لنفسك، لعلها تكون سببًا في الإكثار منه، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الموفقين لذلك.
[1]أخرجه وأبو داود في سننه برقم (1047) 2/ 279، والنسائي في سننه برقم (1374) 3/ 91، وابن ماجه في سننه برقم (1636) 2/ 556، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2212) 1/ 440.
[2] أخرجه أحمد في المسند برقم (10815) 16/ 477، وأبو داود في سننه برقم (2041) 3/ 384، والبيهقي في السنن الكبرى برقم (10270) 5/ 402، وحسن إسناده عبدالقادر الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول برقم (6352) 8/ 545، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (5679) 2/ 991.
[3] أخرجه الترمذي في جامعه برقم (2457) 4/ 636، وقال: هذا حديث حسن، والحاكم في المستدرك برقم (3578) 2/ 457، وحسن إسناده عبدالقادر الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول برقم (8467) 11/ 5، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد برقم (17279) 10/ 160: وإسناده جيد.
[4] أخرجه أحمد في المسند برقم (11998) 19/ 57، والنسائي في سننه برقم (1297) 3/ 50، وابن حبان في صحيحه برقم (904) 3/ 185، وحسن إسناده عبدالقادر الأرناؤوط في تحقيق جامع الأصول برقم (2473) 4/ 405, وصححه الألباني في تحقيق المشكاة برقم (922) 1/ 291.