الفهم الخوارقي للدين!

منذ 2022-05-21

إن كانوا أقوياء + مؤمنين + صابرين ==> فلم يعدهم الله أن يغلب الواحد منهم ألفا، بل وعدهم أن يغلب المائة منهم ألفا!

التفرقة بين الله الذي سبَّب الأسباب وبين دين الله، هو من أهم العوامل التي أوردت أمتنا المهالك على مر العصور.

إن الله الذي أنزل القرآن هو نفسه الله الذي سبب الأسباب، و"الأخذ بالأسباب" هو طاعة لله الذي سببها لنأخذ بها لو أحسنا فهم الدين عنه.

 {إِنّا مَكَّنّا لَهُ فِي الأَرضِ وَآتَيناهُ مِن كُلِّ شَيءٍ سَبَبًا۝فَأَتبَعَ سَبَبًا} [الكهف: ٨٤-٨٥]

أما التعارض الموهوم بين الدين والأسباب فعلينا أن نحله في عقولنا ونحسن الفهم عن الله، لأنه لا تعارض بين دين الله وسنن الله .

مثال توضيحي:

----------------

مثلا من يدخل في حرب مع معتد وليس ليس معه العدة والعتاد، ويتوهم أنه رغم أنه ناقص الأسباب إلا أن الدين وعدنا بالنصر  {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} ،  {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} .

ثم - إن أراد الله أن يُهزَم - فإن ذلك يفتنه في دينه!

والإشكال ها هنا أنه لم يجمع جميع النصوص، ويتدبر فيها جميعا.

فمثلا قد قال الله تعالى:

{﴿يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤمِنينَ عَلَى القِتالِ إِن يَكُن مِنكُم عِشرونَ صابِرونَ يَغلِبوا مِائَتَينِ وَإِن يَكُن مِنكُم مِائَةٌ يَغلِبوا أَلفًا مِنَ الَّذينَ كَفَروا بِأَنَّهُم قَومٌ لا يَفقَهونَ۝الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُم وَعَلِمَ أَنَّ فيكُم ضَعفًا فَإِن يَكُن مِنكُم مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغلِبوا مِائَتَينِ وَإِن يَكُن مِنكُم أَلفٌ يَغلِبوا أَلفَينِ بِإِذنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصّابِرينَ﴾ } [الأنفال: ٦٥-٦٦]

.

فالله تعالى هنا وضع حدين للمؤمنين الصابرين.

إن كانوا أقوياء + مؤمنين + صابرين ==> فلم يعدهم الله أن يغلب الواحد منهم ألفا، بل وعدهم أن يغلب المائة منهم ألفا!

وإن كانوا أضعف ماديا + ومؤمنين + صابرين ==> فلم يعدهم الله أن يغلب الواحد منهم عشرا، بل وعدهم أن يغلب المائة منهم مائتين!

وهنا نرى أن من يجتزئ من القرآن " {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} "،

و " {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} "

، ويتوهم أن هذا وعد من الله دون قيد أو شرط، ثم يُهزَم لأنه لم يأخذ بأقل الأسباب التي ذكرها القرآن ذاته، فلا يلومن إلا نفسه، ولا يلومن الله توهما منه أنه لم ينجز وعده - وكم أدى هذا الفهم المجتزأ إلى ترك شباب الدين بعدما حاولوا نصر الله بتهور وبدون اتباع هدي الله في النصر - وإنما ينبغي عليه اتهام نفسه أنه لم يفهم الدين حق الفهم، وينبغي عليه اتهام نفسه أنه فرق بين الكتاب المنزل من الله والسنن الموضوعة من الله ، بل فرق بين الكتاب وبعضه.

وهذا الفهم هو ما يمكن تسميته بـ #الفهم_الخوارقي_للدين لأنه فهم أن مجرد كونه مسلما فهذا يستلزم أن يخرق الله سننه التي وضعها هو ذاته!! ، ولا شك أن الله يخرق المعتاد إن أراد، لكن أن تتحول الخوارق إلى القاعدة، وتتحول السنن إلى الاستثناء فهذا ما قد يورد الإنسان المهالك في الدنيا، وأرجو من الله ألا يورده المهالك في الآخرة كذلك!

.

#إلى_الله_تأملات_وخواطر

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي

  • 4
  • 0
  • 898

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً