العلاقة بين صلاة الفجر والنصر (1)

منذ 2023-10-24

صلاة الفجر تربِّي الرجال، تمحِّص المذنبين، تبنِي أمة على قواعد متينة، تؤسِّس مجتمعًا طاهر القلب وصافي الفطرة، تجعل المسلم في بصيرة إلى يوم الدين، تجعله فطنًا لكل ما يدور في دنيا تغيِّب العقول، تثبت النفس من زيغ العيون، تغذي القلوب بأنوار الرضا...

أهمية صلاة الفجر:

صلاة الفجر دليل دامغ على قوة المسلم، فمَن أراد أن يعرف قوته فلينظر في نفسه.

 

صلاة الفجر تربِّي الرجال، تمحِّص المذنبين، تبنِي أمة على قواعد متينة، تؤسِّس مجتمعًا طاهر القلب وصافي الفطرة، تجعل المسلم في بصيرة إلى يوم الدين، تجعله فطنًا لكل ما يدور في دنيا تغيِّب العقول، تثبت النفس من زيغ العيون، تغذي القلوب بأنوار الرضا، تقوي العقول بسواعدَ من تُقى، تجعل الصدور مستعدَّة لأقدار الحكيم.

 

صلاة الفجر تقضي على شهوات النفس بمحبة الخالق، وتستدعي ذكريات الماضي، وتمحو الذنوب، وتسير مع الحاضر بخلق الصالحين، وتستقبل المستقبل بطمأنينة القنـوع.

 

صلاة الفجر كانت يومًا على المنافقين دليلاً، إنها عبادة الصادقين، وسبيل المؤمنين، وطريق المخلِصين، إن الرجال لن يكونوا رجالاً إذا كانوا بعيدين عن الفجر، إن رجال الفجر هم الذين يمهِّدون الطريق إلى النصر، إن رجال الفجر يسطِّرون تاريخًا لن ينساه القاصي والداني، إن رجال الفجر يَكتُبون هذا التاريخ بدماءٍ طاهرة ونقية، إن رجال الفجر ينتظرون أمر الجهاد، ينتظرون التضحية بأغلى ما يملكونه، ينتظرون لقاء العدو، ينتظرون إحدى الحسنيين، إما النصر، وإما الشهادة.

 

صلاة الفجر طريق المحبين إلى رب العالمين؛ لذلك فإن صلاة الفجر تعتبر من أهم الصلوات وأفضلها؛ فهي الجامعة لكل الفضائل، فقد جاءتْ مع صلاة العصر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صلى البَرْدَينِ دخل الجنة»؛ البردان هما صلاة الفجر والعصر، وجاءت مع صلاة العشاء في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، ومَن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله»، وقال أيضًا: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأَتَوهما ولو حبوًا».

 

إن صلاة الفجر من أفضل الصلوات؛ فقد أخرج البيهقي بسند صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة»، وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية صلاة الفجر وأفضليتها على سائر الصلوات؛ فهي على حد اجتهادي أمُّ الصلوات، والله أعلم.

 

العلاقة بين صلاة الفجر والنصر:

العلاقة هنا معنوية وحسية، وكلها بشائر للمؤمن في الدنيا والآخرة، وهذه العلاقة تظهر جليًّا من خلال السطور التالية:

1- الإيمان:

قال - تعالى -: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47]، فالله - تعالى - وعد المؤمن بالنصر، وإذا نظرنا لصلاة الفجر وجدنا أنها طريق للنصر؛ لأنها تربِّي الإيمان في القلوب، بل هي مدرسة يتخرَّج فيها المؤمنون، فلو صلَّينا الفجر لأصبحنا مؤمنين، وبالتالي يأتي النصر بموعود الله - تعالى - والدليل على أن صلاة الفجر لا يصلِّيها إلا المؤمن فقط، ما جاء في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأَتَوهُما ولو حبوًا»؛ (متفق عليه)، فالمنافقون لا يصلُّون الفجر، بل المؤمنون هم الذين يصلون الفجر، وقد قال عبدالله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه -: (وما يتخلف عنها إلا المنافق، وما يزال الرجل بخير - ونظن فيه الخير - ما زال مواظبًا على صلاة الفجر، فإذا تخلف دارت حوله الظنون، وحامت حوله الشبهات)، فصلاة الفجر دليل على إيمان المسلم، وعلى ذلك فإن الله - تعالى - ناصره، فلو اجتمعت الأمة على صلاة الفجر لكان الله - تعالى - ناصرهم، وقال عبدالله بن عمر - رضى الله تعالى عنه -: (كنَّا إذا فقدنا الرجل في الفجر والعشاء أسأنا به الظن)، ومن هنا فإن مَن يصلي الفجر فهو مؤمن حقًّا، ومَن كان مؤمنًا حقًّا وجب على الله - تعالى - نصرُه، فإذا حافظنا على صلاة الفجر وجب على الله - تعالى - نصرنا على أعدائنا، وعلى رأسهم إسرائيل.

 

ولن يكون ثواب الفجر الفوز على الأعداء فقط، بل الفوز بالجنة أيضًا؛ فعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَن صلى البَرْدَين دخل الجنة»؛ (متفق عليه)، والبَرْدَان هما الصبح والعصر، وعن زهير بن عمارة - رضى الله تعالى عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لن يلج النارَ أحدٌ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها»؛ يعنى الفجر والعصر؛ (رواه مسلم).

 

ومن فضل صلاة الفجر النظرُ إلى الله - تعالى؛ فعن جرير بن عبدالله البجلي - رضى الله تعالى عنه - قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: «إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألاَّ تُغلَبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا»؛ (متفق عليه).

 

وما أنعم شيئًا أعطاه الله - تعالى - للمؤمن أكثر من النظر إلى وجهه الكريم، وهو شرف أجلُّ من أن يخطر ببال، أو يدور في خيال، فأي نعيم، وأي لذة، وأي فوز، وأي قرة عين؟

أقسم بالله - تعالى - غير حانث، ما كانت الجنة إلا بهذا، ولا نعيم إلا به، فحب النظر إلى الله - تعالى - يدفع المؤمن إلى مجاهدة النفس والأعداء حتى يأتي النصر.

 

2- العمل:

ومن فضل صلاة الفجر على الأمة أن الوقت الذي يعقب صلاة الفجر أكثر الأوقات بركةً في الرزق.

 

عن صخر الغامدي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اللهم بارك لأمتي في بكورها»؛ (رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود، وابن ماجه)، ولهذا يجب على الأمة أن تغتنم هذا الوقت للعمل، حتى تجني ثمار هذه البركة، فالعمل وكثرة المال والعدة طريقٌ إلى النصر، فالنصر لن يأتي إلا بالعمل والجهد، حتى تُصبِح أمَّتنا في عزة وكرامة، ولا تنظر إلى عطاء دول الكفر والضلال، التي لا ترضى لنا الخير، فلن نحتاج إلى هذه الدول إذا أكثرنا من العمل في الزراعة والصناعة خلال هذا الوقت المبارك الذي يعقب صلاة الفجر، ولا بدَّ من استغلال هذه الفرصة لنغتنمَ ثمار بركة الفجر، فلن نحتاج إلى غيرنا إذا كان طعامنا ودواؤنا، وأسلحتنا وصناعتنا من عمل أيدينا، وهذه البركة في كل شيء، وفي كل الأعمال، في التجارة، والزراعة، والقراءة، والحفظ، والسفر، والجهاد؛ لذلك كان صخر الغامدي (راوي الحديث) إذا بعث سرية أو جيشًا بعثَهم أول النهار، وكان صخر رجلاً تاجرًا، كان إذا بعث تجارة بعثها أول النهار، فأثرى وكثُر ماله حتى إنه جاء في رواية أحمد: (أن صخرًا كثُر ماله حتى كان لا يدري أين يضعه).

 

ولو لم يستيقظ الإنسان مبكرًا، قام خبيث النفس كسلان، ولأنه قد انتشر التليفزيون، والفيديو، والقنوات الفضائية، والمقاهي، والأندية، كان السهر الطويل والاستيقاظ المتأخرُ سببًا في ضياع وذَهاب البركة، وقلة الإنتاج، فمَن ترك صلاة الفجر يُضرَب عليه الكسل طوال يومه، ويشعر بضيق في صدره، ويصبح خبيث النفس كسلان، وكان الصحابة والسلف إذا بعثوا تجارة بعثوها أول النهار، فكان يكثر مالهم، وأسلحتهم، وعدتهم؛ مما زادهم فخرًا ونصرًا، ومن هنا كان النصر على الأعداء وأولهم إسرائيل.

 

3- الجماعة:

أعظم ثواب لصلاة الفجر الصلاة في جماعة؛ فعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف ليلة، ومَن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله»؛ (رواه مسلم)، فالصلاة في جماعة لها أربعة أجور:

الأول: ثواب قيام الليل كله، وما أعظم قيام الليل كله.

 

والثاني: أجر الجماعة؛ فعن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذِّ بسبع وعشرين درجة»؛ (رواه البخاري ومسلم).

 

الثالث: أن الجماعة تجعل من المسلمين صفًّا واحدًا وإخوة؛ حيث إن كل فرد منهم يكون بجوار أخيه في الصلاة، وبعد الصلاة يسأل كل منهم عن حالة أخيه، فيحدث ودٌّ ومحبة وترابط بينهم، ومن خلال هذا الترابط تأتي القوة، ومن القوة يأتي النصر.

 

الأجر الرابع: هو ثواب الذهاب إلى المسجد؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسًا وعشرين ضعفًا، وذلك أنه إذا توضَّأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد، لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطُ خطوةً إلا رفعت له بها درجة، وحُطَّت عنه بها خطيئته، فإذا صلى لم تزلِ الملائكة تصلِّي عليه ما دام في مصلاَّه ما لم يُحدِث، تقول: اللهم صلِّ عليه، اللهم ارحمْه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة»؛ (البخاري ومسلم)، وهذا أجر عظيم وفضل كبير، لا ينبغي للرجل المؤمن العاقل أن يفرِّط فيه، ومِن المؤسف أن الكثير من الناس تركوا هذا الفضل العظيم.

 

ومن أجر الذَّهاب إلى المسجد في صلاة الفجر أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: «بشِّر المشَّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة»؛ (رواه ابن ماجه وابن خزيمة والحاكم)، "والنور على قدر الظلمة، فمَن كَثُر سيره في ظلام الليل إلى الصلاة، عظم نوره، وعم ضياؤه يوم القيامة، والمؤمن يعلم أن مقاساة الظلمة هنا هي ثمن النور هناك، وأن سيره في ظلمة الليل إلى المساجد، إنما يدخر الأنوار له ليوم تضيء فيه الصراط فيَعْبُره إلى الجنة، وليست أنوار المؤمنين يوم القيامة على درجة واحدة من الشدة والقوة، بل تتفاوت بتفاوت الإيمان"[1].

 

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم مَن يعطَى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم مَن يعطَى نوره فوق ذلك، ومنهم مَن يعطَى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم مَن يعطَى نوره دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر مَن يعطى نوره على إبهام قدمه يضيء مرة ويُطفِئ مرة»؛ (رواه الحاكم).

 

"مَن خرج يسعى لصلاة الفجر في جماعة أعطاه الله نورًا يوم الظلمات، فإذا كان يوم القيامة تختفي مصادر النور العادية فتُكوَّر الشمس، وتنكدر النجوم؛ كما قال - سبحانه وتعالى -: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ} [التكوير: 1، 2]، ويبعث الخلق في ظلمة شديدة، ظلمات بعضها فوق بعض، إذا أخرج يدَه لم يَكَدْ يراها، وفي ذلك اليوم العصيب المُظلم، يعطي الله - عز وجل - النور لكل مَن أعلن كلمة الإسلام في دنياه، حتى إذا اقترب الجميع من الصراط أبقى الله - عز وجل - النور للمؤمنين الصادقين؛ قال - تعالى -: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12]، ويسلب النور من المنافقين، فيقع المنافقون في رعب شديد، فيلجؤون إلى المؤمنين ليعطوهم شيئًا من النور الذي معهم، فيقولون: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13]، فيشير عليهم المؤمنون أن يعودوا إلى المكان الذي أعطاهم الله - عز وجل - فيه النور يوم القيامة: {قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]، فيعود المنافقون فلا يجدون شيئًا.

 

لكن مِن أين أتى المؤمنون بهذا النور العظيم في ذلك اليوم المُظلم؟

اقرأ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه الطبراني - بإسناد حسن - من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله ليضيء للذين يتخلَّلون إلى المساجد في الظلام بنورٍ ساطعٍ يومَ القيامة».

 

ولا يخفَى أن أنوار المؤمنين تتفاوت يوم القيامة، فليس كل مؤمن يأخذ نورًا مثل الآخر، إنما يأخذون النور بحسب أعمالهم، وهنا يَبْرُز دَور صلاة الفجر؛ حيث يعطي الله بها نورًا تامًّا للمؤمن يوم القيامة.

 

وأخرج الطبراني - بسندٍ صحيح - عن أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَن مشى في ظلمةِ الليل إلى المسجد لقي الله - عز وجل - بنورٍ يوم القيامة»، وعند ابن حبان بلفظ: «مَن مشى في ظلمة الليلِ إلى المساجدِ آتاه الله نورًا يوم القيامة».

 

وهذا النور الذي تطلبه من الله يضيء لك بصيرتك، حتى تستطيع أن تميز بين الحق والباطل، وبين الصواب والخطأ، خصوصًا في زمن الفتن، والتي أخبر عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم، فقال: «بادروا بالأعمال فتنًا كقطع الليل المُظلم».

 

وفي هذه الفتن المظلمة يرى المؤمن طريقه، فلا يضل ولا يشقى، ويهديه الله - عز وجل - إلى الحكمة فيَعْلَمها ويعلّمها؛ قال - تعالى -: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122]، ونسأل الله - عز وجل - أن ينوِّر لنا دنيانا، وقبورنا، وآخرتنا؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه"[2].

 

وصلاة الجماعة اختلف فيها العلماء، فقال بعضهم: إنها سنة، وقال آخرون: إنها واجبة، فيجب على الإنسان أن يصلِّي مع الجماعة، فإن لم يفعل فهو آثم وصلاته صحيحة، أما القول الثالث فهو أن الجماعة شرط لصحة الصلاة، وأنه إذا لم يصلِّ مع الجماعة، فصلاته باطلة، ولا تُقبَل منه.

 

وهناك أحاديث يستشهد بها على وجوب الصلاة في جماعة؛ كما في الحديث: "أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرخِّص له فيصلِّي في بيته، فرخَّص له، فلما ولَّى دعاه، فقال له: «هل تسمع النداء بالصلاة» ؟))، قال: نعم، قال: «فأَجِب»"؛ (رواه مسلم)، وعن عبدالله - وقيل عمرو بن قيس - المعروف بابن أم مكتوم المؤذِّن - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: (يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوامِّ والسباع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح، فحَيَّهَلا»؛ (رواه البخاري ومسلم)، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «والذي نفسى بيده، لقد هممت أن آمرَ بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤمَّ الناس، ثم أخالفَ إلى رجال فأحرِّقَ عليهم بيوتهم»؛ (رواه البخاري ومسلم)، ففي هذه الأحاديث بيان وجوب الصلاة في جماعة.

 

4- القوة:

المؤمن القوي في بدنه، الصحيح في جسده، لا تأخذه لومة لائم، فوقتُ الفجر فيه من الفوائد على البدن ما لا تجده في وقت غيره؛ حيث إن العلماء قالوا بأن نسبة "الكورتيزون" تكون في الدم أعلى ما يمكن وقت الصباح، وأقل ما يمكن وقت المساء، وأن نسبة الأشعة فوق البنفسجية تكون أعلى ما يمكن عند الفجر، وهذه الأشعة تحرِّض الجلد على صنع "فيتامين (د)"، كما أن للون الأحمر تأثيرًا باعثًا على اليقظة، وتكون أعلى نسبة لغاز "الأوزون" في الجو عند الفجر، وتقل تدريجيًّا حتى تضمحل عند طلوع الشمس، ولهذا الغاز تأثير مفيد للجهاز العصبي، ومنشط للعمل الفكري والعضلي، ومن هذا المنطلق فإن جسم الإنسان به من القوة ما يساعده على الأخذ بالأعداءفي وقت الحرب وفي ميدان المعركة؛ مما يثبته على عدم الفرار أمام العدو، ومن هنا يأتي النصر على الأعداء، وأولهم (بنو صهيون).

 


[1] صفقات رابحة للدكتور خالد أبو شادي.

[2] أين صلاة الفجر يا أمة الإسلام؟ للشيخ ندا أبو أحمد.

________________________________________________________
الكاتب: فتحي حمـادة

  • 7
  • 0
  • 3,140

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً