البغض البغيض

منذ 2022-07-17

وبعض الناس يبغض المتدينين بسبب ما يضخه الإعلام من صور ذهنية قاتمة عنهم، فأوجسوا منهم خِيفةً وابتعدوا عنهم، وأحبوا مخالفتهم فيما يقولون ويفعلون.

وصلَ حبُ عاشقٍ لحبيبته السوداء أن أحبَ أي شيء أسوداً، حتى لو كان حيوانا محتقراً، فقال :

أحب لحبها السودان حتى              أحبُ لحبها سُودَ الكلاب

وعلى النقيض من ذلك، يوجد من يُبغض أناساً فيبغضُ بسببهم أشياء كثيرة. أولئك الذين يبغضون المتدينين فيبغضون لأجلهم كثيراً من أحكام الدين، بل قد يتقصد بعضهم (وخاصة النساء) ارتكابَ محرمٍ إغاظة للمتدينين في ظنهم.

قد يكون بغض بعضهم للمتدينين بسبب مواقف سلبية فردية من أحدهم -بقصد أو بغير قصد- فعمموها على كل متدين، ثم امتد ذلك إلى مخالفتهم فيما يدعون إليه من الدين.

وبعض الناس يبغض المتدينين بسبب ما يضخه الإعلام من صور ذهنية قاتمة عنهم، فأوجسوا منهم خِيفةً وابتعدوا عنهم، وأحبوا مخالفتهم فيما يقولون ويفعلون.

على أن الأهم هنا ليس بغض المتدينين أو عدمه، ولكنه ربط تمسك الشخص بأحكام دينه – التي فيها سعادته في الدنيا وفوزه بالجنة في الآخرة- ربط ذلك بأفعال وأقوال فئة من المجتمع مهما كانت، حيث تسبب هذه الحالة في الابتعاد عن سماع المواعظ أياً كان مصدرها، والتفلت من بعض أحكام الدين القطعية؛ كالبراءة من الكافرين، ووجوب الصلاة في وقتها، وتحريم الربا والزنا، والتبرج والسفور ونحو ذلك، وهذا فيه خديعة للنفس من جهة، وتعاسة وشقاء لها من جهة أخرى.

إن مصدر الأحكام الشرعية وإلزامها هو القرآن الكريم والسنة الصحيحة وليس أفعال أو أقوال فئة من الناس، قال الله تعالى : {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} ، وقال سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} ولم يقل : كما أردت، أو كما رأيت.

كما أننا مأمورون بالعدل في أقوالنا وأفعالنا وأحكامنا على الناس بصرف النظر عن مشاعر الحب أو البغض تجاههم، قال الله تعالى: ( {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} (أي بغضهم) {عَلَى ألا تَعْدِلُوا ، اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} )، وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (اقبلوا الحق مِن كُل مَن جاء به وإن كان كافراً -أو قال: فاجراً-).

إن الخوف كل الخوف، والفاجعة كل الفاجعة تكون يوم القيامة حين يقول الذين تفلتوا من كثير من أحكام الدين بسبب اتباعهم لإعلام مُضلل، ولكبراء مفسدين {رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} .

فما أحرى هؤلاء أن يُحرروا عقولهم وإرادتهم، ويعودوا إلى ربهم، فإنه سبحانه {يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا  * يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ}.

كتبه / منصور بن محمد الـمقرن - ذو الحجة 1443

 
 

  • 15
  • 0
  • 1,100

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً