يا رجال الفجر

منذ 2024-12-21

لماذا يحرم العبد نفسه من حضور الخير وشهود الملائكة وبركة الجماعة وثناء الملأ الأعلى تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون..

يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78] قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه: وقرآن الفجر: أي صلاة الفجر، ومعنى مشهودا أي تشهدها الملائكة حفظة الليل وحفظة النهار.

 

يقول النبي - صلى الله عليه وسلـم-: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فيكم ويسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهـم يصلـون».

 

فلماذا يحـرم العبد نفسـه من حضور الخير وشهود الملائكة وبركة الجماعة وثناء الملأ الأعلى تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلـون.

 

كيف يحرم العبد نفسه من النور التام يوم القيامة ذلك النور الذي أعده الله لأهل الفجر وبشر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الفجر فقال: «بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة».

 

لم يمنعهم الظلام الدامس في الدنيا من حضور الفجر فكان جزاؤهم عند الله يوم القيامة النور التام {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [1].

 

عباد الله:

أن أعظم نعيم عند الله وأكبر جائزة أعدها الله هي رؤية وجهه سبحانه وتعالى يوم القيامة إن هذا الفضل العظيم والنعيم الجسيم رتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - لأهل الفجر فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن المؤمنين سيرون ربهم يوم القيامة ثم أخبرنا أن من أراد منا أن يرى ربه ويتنعم برؤية وجهه سبحانه وتعالى فليحافظ على صلاة الفجر وصلاة العصر يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المتفق عليه «إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته - أي لا تزدحمون في رؤيته -، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا» يعني صلاة العصر والفجر ثم قرأ فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.

 

إن قهر النفس وإرغامها على حضور الفجر هو عنوان الخير وطريق الفلاح ودليل الهدى ومفتاح الرزق يقول ربنا سبحانه وتعالى {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [2].

 

فما أعظم أن ينتصر الإنسان على نفسه والشيطان فينسلخ من فراشه ليرضي الرحمن يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأصبح نشيطًا طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان» [3].

 

لقد أقسم الله جل جلاله في كتابه العظيم بالفجر فقال {وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [4] وكثيراً ما يخصها ربنا سبحانه وتعالى في القرآن الكريم بالذكر فيقول {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ}[5].

 

 

وإن من بركة الفجر مضاعفة الأجر فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح الإمام مسلم من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي قال: «من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما قام الليل كله».

 

بل عظّم النبي - صلى الله عليه وسلم - أجر سنة الفجر ( وهي الركعتان اللتان قبل الفجر ) فقال «ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها» [6] فإذا كانت سنة الفجر خير من الدنيا وما فيها فكيف بفريضة الفجر نفسها ولهذا كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم يحرصون أشد الحرص على المحافظة على صلاة الفجر في جماعة فقد ذكر في سيرة الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أنه كان ينادي في الأزقة والشوارع في كل يوم (الصلاة، الصلاة)، ليوقظ الناس لصلاة الفجر. 

وهذا الإمام العظيم عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله قام يصلي من الليل حتى تعب من القيام فرمى بنفسه على الفراش فنام عن صلاة الصبح فلما قام قال: هذا مما جناه عليّ الفراش، فجعل على نفسه أن لا يجعل بينه وبين الأرض شيئًا لمدة شهرين كاملين. وأما الحارث بن حسان فقد حضر الفجر في ليلة زواجه فقيل له: أتحضر وقد بنيت بأهلك الليلة؟ فقال: والله إن امرأة تمنعني من صلاة الصبح في جماعة لامرأة سوء.

 

وأما أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فما أدراك ما عمر فقد أكرمه الله بخاتمة الشرف والفخر حينما قتل شهيداً مطعوناً في صلاة الفجر.

 

أولئك والله قوم شيد الله فخرهمُ فما فوقهم فخرٌ وإن عظم الفخر.

 

يقول حاتم الأصم:

فاتتني صلاة الجماعة، فعزاني أبو إسحاق البخاري وحده، ولو مات لي ولد لعزاني أكثر من عشرة آلاف، لأن مصيبة الدين أهون عند الناس من مصيبة الدنيا![7]

 

أيها المسلمون عباد الله:

لقد أحاط الله أهل الفجر برعايته وأمنهم في جواره وعنايته فما ظنكم بمن أمنه ملك الملوك وحفظه الحفيظ العليم يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء» )).

 

إن الناس يطمئنون ويأمنون أشد الأمن عند ما يكون أحدهم في جوار عظيم من عظماء الدنيا فكيف بمن أمنه جبار السموات والأرض.

 

إن الفجر عباد الله اختبار وامتحان للناس ليعلم الله من يفضل نومه وراحته على عبادة الله وطاعته فا الحذر الحذر من الإخفاق في هذا الإمتحان فإن من سقط فيه فإنه لما بعده أسقط يقول الله {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [8].

 

عباد الله:

بعد أن سمعنا الأجور العظيمة والفضائل الكبيرة التي أعدها الله لأهل الفجر فلا ينبغي لأحد منا أن يحرم نفسه التي بين جنبيه من لذة الفجر وحلاوة الصبح يقول الله سبحانه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [9].

 

وعلى من ابتلاه الله بالتكاسل والنوم عن صلاة الصبح أن يحاول ويحاول وألا يستسلم للنفس الأمارة فالنفس كا الطفل أن ترضعه شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.

 

واعلموا أن من أعظم الأسباب التي تجعل الإنسان لا يستطيع أن يفارق فراشه ليقوم لصلاة الفجر الإصرار على الذنب أو المعصية فكم من الناس من يسمعون الأذان والإقامة لكنهم لا يستطيعون التحرك من الفرش قيدتهم الخطايا وكبلتهم الذنوب وجثم الشيطان على نفوسهم ورحم الله من قال من أساء في نهاره عوقب في ليله، ومن أساء في ليله عوقب في نهاره، نسأل الله أن يوفقنا لطاعته وأن يبعدنا عن معصتيه.

 

يقول الحسن البصري رحمه الله إذا لم تقدر على قيام الليل ولا صيام النهار فأعلم أنك محروم قد كبلتك الخطايا والذنوب.

 

كيف يقوم الفجر من بات يقلب القنوات الفضائية وينتقل من قناة إلى قناة ومن صورة إلى صورة أخرى.

 

كيف يقوم الفجر من بات ساهراً وكان سهره في معصية الله

 

كيف يقوم الفجر من نام على الحرام وملأ بطنه من الحرام.

 

أجرى أحد الدعاة استفتاءً أو استبياناً حول حضور الناس لصلاة الفجر فكانت النتيجة المرعبة أن 84 % لا يحافظون على صلاة الفجر وأن 16 % فقط هم من يحافظون على صلاة الفجر في جماعة.

 

أليس هذا عباد الله مما يثير العجب ويصيب الإنسان بالدهشة ننام عن طاعة الله ثم نقوم من نومنا نبحث عن رزق الله وقد عصيناه.

 

إنها ظاهرة مرضيّة خطيرة تنذر بالعقوبة وتبعث على الخوف وتستدعي النصح وتوجب بذل الأسباب المعينة لعلاجها قبل أن يستفحلَ الداء ويعز الدواء يقول الله {فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَـاتِهِمْ سَاهُونَ} ويقول سبحانه وتعالى {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}[10].

 

عباد الله:

استعينوا بعد الله على حضور الفجر بالأسباب الشرعية كقراءة أذكار النوم وأن ينام الإنسان على طهارة وأن يتجنب السهر الذي يمنعه عن القيام للصلاة وأن يصاحب الأخيار الذين يحثونه على القيام.

 

واعملوا كذلك بالأسباب المادية وما أيسرها في هذا الزمان كالساعات المنبهه أو منبه الجوال ورسائل التذكير وأن يستيقظ الإنسان إذا أوقظ وغير ذلك من الوسائل والأسباب.

 

وأن يوجد مع ذلك وقبل ذلك همة وعزيمة وحرصٌ ذاتي على القيام فإن لم يوجد العزم النفسي والرغبة الذاتية في القيام فعلى النفس السلام.

 

يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -  «أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار»[11].


[1] (8) سورة التحريم.

[2] (36) (37) سورة النــور.

[3] رواه مالك في الموطأ وهو عند البخاري ومسلم في الصحيحين.

[4] (1) (2) سورة الفجر.

[5] (39) سورة ق.

[6] [مسلم:725].

[7] [صلاح الأمة:2/420].

[8] (2) سورة الملك.

[9] (16) (17) سورة السجدة.

[10] (59) سورة مريم.

[11] رواه البخاري ومسلم.

  • 19
  • 0
  • 3,242
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    صيدنايا والنفاق العالمي يغلب على السنوات الخدّاعات صبغتان متجذّرتان: صبغة "جاهلية" تصبغ المعتقدات، وصبغة "دجلية" تصبغ سلوك الأفراد والجماعات، ومن ذلك حالة الدجل والنفاق العالمي التي طغت على وسائل الإعلام في قضية سجن صيدنايا، الذي أدارته "الأقلية" النصيرية العلوية الكافرة لعقود، عذبت وقتلت فيه آلاف المسلمين. على مسرح الأحداث، وبغير سابق إنذار، صار الإعلاميون يمثلون دور المندهش والمصدوم من مآسي صيدنايا الجاثم على ثرى الشام لأكثر من ثلاثين عاما؛ وكأنّه كان غيبا كُشف حجابه للتو! وكأنّ جرائم النصيرية أمام الشاشات، أقل بشاعة من جرائمهم في أقبية المعتقلات! أو لعلها صدرت عن نظام وردي كان يرمى الناس بالخزامى وبراميل الورود!! إنه دجل ونفاق عابر للحدود. فهل خفيت على وسائل النفاق العالمي جرائم النشر بالمناشير والقصف بالبراميل والكيماوي وغيرها الكثير، وظهرت فقط جريمة صيدنايا؟! لماذا يحاول الدجالون إقناع الجمهور بأن جرائم صيدنايا كانت "استثناء" وليست سياسة معتمدة لدى سائر الطواغيت؟! لماذا يوهمون الناس أنها كانت "أسرارا تحت أرضية" لم تُكتشف إلا بسقوط الأسد من أعين النظام الدولي؟! وبما إنّ شهية الإعلام مفتوحة هذه الأيام على مآسي الأمة ودموع مراسليه غزيرة؛ فهذا بلاغ إلى جميع وسائل الإعلام المرهفة التي ذرفت دموع النفاق على ضحايا صيدنايا، هل ندلكم على أفرع أخرى لصيدنايا لم تسقط بعد من عين النظام الدولي؟! اذهبوا إلى صيدنايا أفرع لبنان، والأردن، وتركيا، وكلها قريبة؟! ومثلها صيدنايا فرع مصر، وأفرع السعودية والإمارات وبقية دول الخليج، ومثلها أفرع المغرب وتونس وليبيا والجزائر والسودان الجريح. بل اذهبوا إلى أفرع صيدنايا التي تملأ العراق حيث يتعرض فيها أسرى المسلمين لأبشع صور التعذيب والقتل البطيء على أيدي الرافضة الذين صار "عديم الشرع" حارسا لمعابدهم مؤاخيا لحكومتهم الرافضية "الموقرة! في"سوريا الحرة" تماما كما كان عليه الحال في "سوريا الأسد!" بل هل ندلكم على ما هو أقرب إليكم من ذلك كله، اذهبوا إن استطعتم إلى صيدنايا فرع "إدلب! " الذي يُمسي فيه المجاهد أسيرا، ولا يُصبح إلا داخل السجون العسكرية التركية، بعد الاستعانة بمصباح "عدو الدين" للخدمات الأمنية السحرية!! فإن أبيتم هذا وذاك، فاذهبوا إلى أكبر صيدنايا في سوريا، فرع الهول وغويران حيث الأهوال التي تُرتكب جهارا نهارا في أكبر سجون بشرية علنية يقبع فيها آلاف المجاهدين والمهاجرين الأبرار وعوائلهم الأطهار الذين جاهدوا على ثرى الشام منذ الأيام الأولى للثورة وأسقطوا النظام فعليا لولا تدخل طواغيت الشرق والغرب مع "الثوار!" إنّ في كل بلد طاغوت، ولكل طاغوت صيدنايا ولكنه الدجل الإعلامي والنفاق العالمي، إنها شبكات عالمية للاتجار بمعاناة الناس أو الانقلاب عليها بحسب تقلُّب المزاج الدولي! وأضوائه الخضر والزرق!! وللمفارقة، فإنه بينما تتوجه اليوم وسائل الإعلام إلى صيدنايا للتباكي على أسراه؛ كانت ذاتها تتوجه إلى أسرى غويران والهول، لا لتنقل معاناتهم ولا لتتباكى عليهم، وإنما لتتشفّى بمصابهم وتبتزهم وتساومهم على البث الحي!! وتمارس بحقهم أقذر صور الخِسّة الإعلامية! لعلها تظفر بتراجع أو استجداء تسوِّقه للغثاء، فلا تعود إلا خاسئة ذليلة. كانت وسائل الإعلام التي تبكي صيدنايا اليوم تذهب إلى الهول لتمارس التشبيح الإعلامي بحق المؤمنات الصابرات الطاهرات اللواتي دفعن وأزواجهن ضريبة الإيمان والانتصار لإخوانهم الشاميين في جهاد لا يرجون من أحد شكره ولا ذكره. كانت قنوات الدجل تذهب إلى الهول لتقدّم مادة إعلامية تشويهية بحق الأطفال الأسرى! المحتجزين بقرار ورغبة دولية في ظروف قاسية بتهمة "الإرهاب" التي يفرّ منها الخونة اليوم، ويقدّمون لتفاديها كل التنازلات. أسرى الهول وغويران الذين تتنافس الميليشيات الكردية والثورية والتركية على التقرب إلى الصليبيين بإمساك ملفهم وشد وثاقهم!، أسرى الأهوال الذين دأبت الحكومات الصليبية والمرتدة على التحذير من إطلاق سراحهم أو التساهل معهم أو حتى الانشغال عنهم! وهو ما عبّر عنه قبل أيام "سيناتور أمريكي" بقوله: "علينا ضمان عدم إطلاق سراح ما يقرب من ٥٠ ألف سجين من الدولة الإسلامية في شمال شرق سوريا"، محذّرا مُقرًا بأنّ هروبهم "سيكون كابوسا لأمريكا". هذا "الكابوس" لا يطارد أمريكا الصليبية وحدها، بل يطارد أذنابهم المرتدين من الحكومات والميليشيات، ولذلك لا تجد وسائل الإعلام في هذه السجون مادة للاتجار بالمأساة والمعاناة، بل مادة للمزايدة والتشويه والمعاداة ليس للمجاهدين فحسب، بل حتى لنسائهم وأطفالهم، فهؤلاء في عرف القوانين الجاهلية الدولية والثورية "إرهابيون" برتبة أطفال ونساء!! لا تشملهم "الثورة العوراء" ولا "إنسانيتها" الجوفاء. ولكن ما ضرّهم إن لم يشملهم هذا الغثاء؛ إن شملتهم رحمة المولى سبحانه ولطفه وحسن ثوابه، وقد قضى في كتابه: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ ۖ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}، فلن يُضيع عباده الذين هاجروا وجاهدوا وصبروا وأوذوا في سبيله، وسينتقم بعدله من الصليبيين والمرتدين وكل المتورطين في فصول هذه الجريمة التاريخية، بعذاب من عنده أو بأيدينا، فاللهم دبّر لنا فإننا لا نحسن التدبير. ومن مظاهر الدجل الإعلامي الذي رافق سقوط الأسد، تبدُّل سلوك الإعلام الموالي للنظام، حيث أقبل "شبيحة الأسد ثوار" يطبلون للثورة بعد أن كانوا قبل أيام ينبحون عليها، حتى غدا الفرق بين "الثوري" و"الشبيح" إسقاط علم ورفع آخر كلاهما من صنع "سايكس بيكو" فيا لهوان الثورة وهوان إعلامها. من الناحية الشرعية، فإنّ العاملين في وسائل الإعلام النصيرية هم كفار مرتدون محاربون، يستوي في ذلك ذكورهم وإناثهم من المراسلين والمحرِّرين والمصوِّرين و"الممثلين" وكل من له صلة بالمنظومة الإعلامية النصيرية التي عكفت سنوات تناصر الطاغوت وتنافح عنه وتؤيد جرائمه، وإنّ تبديل هؤلاء جلودهم بين ليلة وضحاها من "التشبيح إلى الثورة" يُعد استخفافا بالدماء وإمعانا في الإجرام، وإنّ حكم الإسلام فيهم هو القتل ردَّة جزاء وفاقا لأنهم أولياء وأعوان الطاغوت حكمهم حكمه لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}. كما أنّ تصنيفهم إلى إعلاميين "حربيين وغير حربيين" والدعوة إلى محاكمتهم بالقانون هو ضرب من ضروب الجاهلية المتجذّرة، فإنّ القانون هو الذي حماهم وجرأهم على دماء وأعراض المسلمين في عهد "سوريا الأسد، وهو الذي سيكفل حمايتهم في عهد "سوريا الضبع"، وإنّ من عفا عن القتلة والجزارين كسبا لرضى النظام الدولي؛ لن يجرؤ على المساس بمن هم دونهم من الإعلاميين و"الممثلين" الذين رسموا لوحة النظام من قبل! ويرسمون لوحة الثورة من بعد! من خشية النفاق العالي. ◽ المصدر: صحيفة النبأ العدد 474 الخميس 18 جمادى الآخرة 1446هـ المقال الافتتاحي: صيدنايا والنفاق العالمي
  • عبد الرحمن محمد

      منذ
    الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين [١١] • لما قدم وفد بزاخة يسألون أبا بكر الصديق رضي الله عنه الصلح متعهدين بالرجوع إلى أحكام الإسلام كافة، خيرهم بين الحرب المجلية أو السلم المخزية، قال ابن كثير: «فقالوا يا خليفة رسول الله أما الحرب المجلية فقد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال: تؤخذ منكم الحلقة والكراع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة نبيه والمؤمنين أمرا يعذرونكم به، وتؤدون ما أصبتم منا ولا نؤدي ما أصبنا منكم ، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار» والحديث عند البخاري مختصرا. - صحيفة النبأ العدد ٤٧ ذو الحجة ١٤٣٧

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً