{ هل تجزون إلا بما كنتم تكسبون }
هذه آيةٌ تَحْذِيرِيَّةٌ، تُحَذِّر الإنْسانَ وتنبِّهُه كي لا يجعَلَ نفسَه في موقفٍ كهذا. فغَضَبُ اللهِ يقَعُ بغتةً لا أحدَ يعلَمُ أين وكيفَ وفيْ أيَّةِ لحْظَةٍ، وعندَ ذاك لم يعدْ ينفَعُ النَّدَمُ. {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37].
- التصنيفات: التفسير -
يقول تعالى شأنُه: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْـمُجْرِمُونَ} [يونس: 50].
عقابُ اللهِ يمكِنُ له أنْ يقَعَ في أيِّ وقتٍ على مَن وصفَهم اللهُ سُبْحَانَه وَتَعَاْلَى بالـمُجْرِمين.
وهؤلاء يُجرِمُونَ بحَقِّ أنفُسِهم عندما يتَجَاوَزُون حُدُودَ اللهِ وينتَهِكُونَ مُحَرَّمَاتِه، فأحْياناً ينكِرُ بعضُ النَّاسِ القرآنَ كمَا لو أنَّهم يتَحَدُّون بأنَّهم على صَوَابٍ وأنَّ اللهَ لا يُعاقِبُهم: {وَإذْ قَالُوا اللّهُمَّ إن كَانَ هَذَا هُوَ الْـحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32]. أي: {إن كَانَ هَذَا} القرآن {هُوَ الْـحَقَّ مِنْ عِندِكَ}.
لكنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يؤَخِّر الاسْتِجَابةَ لهذا الدُّعاءِ بالاسْتعْجَالِ في وقوْعِ العِقَابِ، فيتيحُ فرَصَاً لعِبادِه المتَمَادِين حَتَّى يتُوبُوا، وقد حصَلَ ذلك بأنْ تراجَعَ بعضُ المخاطبين وانتَفَعَ من عدَمِ قبولِ اللهِ الدُّعاءَ على الفَور. لكنَّ الذينَ يُصِرُّون بعنادٍ، فإنهم يأتيهم: {عَذَابُهُ بَيَاتًا} في ظُلْمَة اللَّيلِ {أَوْ نَهَارًا} في وَضَحِ النَّهَارِ.
و{بَيَاتًا} هُنا إشارةٌ إلى وقوْعِ {عَذَابُهُ} عن غفْلَة، والكلِمةُ تشِيرُ إلى النَّوْعِ، فيكونُ نائماً.
{أَوْ نَهَارًا}. إشَارَةً إلى وُقُوعِ {عَذَابُهُ} والمَرءُ في ذروةِ اليَقَظَةِ.
وبعدَ هذا البيانِ الجليِّ جاءَ قولُه تَعَاْلَى في خَاتمةِ الآيةِ الكريمَةِ: {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْـمُجْرِمُونَ}.
{مِنْهُ} أي مِن عذَابِ الله، فأيَّةُ عجَلةٍ أنتُم فيها: {أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ 97 أَوَ أَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ} [الأعراف: 97 - 98].
وهذا إرشَادٌ لمراجعَةِ النَّفْس، واغتِنَامِ فرصَةِ الإمْهالِ للإصْلَاح، {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ}
[النحل: ١].
فالإمهالُ أيضاً له وقْتٌ، وبعدَ تَرَاجُعِ مَن يتَراجَعُ، وصَلَاحِ مَن يصْلُح، يقَعُ {عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا} على المُصِرِّينَ بعنادٍ شَديدٍ على الكُفْرِ.
اغتنام الإمهال:
في الآية التي تليها: {أَثُمَّ إذَا مَا وَقَعَ آمَنتُم بِهِ آلآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [يونس: 51].
{أَثُمَّ}. أي: في الوقتِ الذي يشاؤه اللهُ: {إذَا مَا وَقَعَ} عليكُم {عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا}: {آمَنتُم بِهِ}. بوُقوْعِ العذابِ الذي كنْتُم تستعجلونه وتظنُّون أنَّه غيرُ واقِعٍ.
{آلآنَ}. أي بعدَ نفادِ الإمهالِ {وَقَدْ كُنتُم} قبلَ وقوعِه وخِلالَ فُرَصِ الإمْهالِ {بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}.
تتمحوَرُ الآيةُ حوْلَ كلمتَي {أَثُمَّ}. و {آلآنَ}. و {آلآنَ}. هي نتيَجةٌ لـ {أَثُمَّ}.
فـ {آلآنَ} هي المسْتقبَلُ، وقد مهَّدَت لها {أَثُمَّ} الحَاضِر: {أَثُمَّ إذَا مَا وَقَعَ} أي لم يقَعْ بعد، ولديكُم فرصَةٌ لتَجنُّبِ وقُوعِه عليكُم من خِلالِ التَّرَاجُعِ عن العِنادِ، والاسْتِغْفَار والتَّوْبة {آلآنَ} أصبَحَ المسْتقبَلُ حَاضِراً {وَقَدْ كُنتُم بِهِ} في المَاضي {تَسْتَعْجِلُونَ}.
هذه آيةٌ تَحْذِيرِيَّةٌ، تُحَذِّر الإنْسانَ وتنبِّهُه كي لا يجعَلَ نفسَه في موقفٍ كهذا. فغَضَبُ اللهِ يقَعُ بغتةً لا أحدَ يعلَمُ أين وكيفَ وفيْ أيَّةِ لحْظَةٍ، وعندَ ذاك لم يعدْ ينفَعُ النَّدَمُ. {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ} [الأنبياء: 37].
جزاء كسب الظلم:
وفي هذه الآية التي تليها: {ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْـخُلْدِ هَلْ تُجْزَوْنَ إلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ} [يونس: 52].
{ثُمَّ}. مرةً أخرَى في مُفتَتَحِ الآيتَين المتَتَاليتَين. وهذهِ {ثُمَّ} الآخرَةِ، اِسْتِئنَافَاً لـ {ثُمَّ} الدُنيا.
الآنَ بعدَ أن لَقِيَ الظَّالمُون عذابَ الدنيا: {ثُمَّ} في الآَخرةِ: {قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْـخُلْدِ}.
على هذا النَّحو تُبيِّنُ الآيَتـانِ الكَرِيمَتانِ أنَّ {ثُمَّ}الأولَى انتَهَى مَفْعُولُها بمَوتِ أهْلِ الظُّلـم بعدَ أنِ انتَهَوا نهَايَاتٍ مُذِلَّة. والآنَ في الآخرَةِ تَأْتي {ثُمَّ} الرَّدِيفَةُ، وهيَ {ثُمَّ} الآَخرَةِ، وفيها: {قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ الْـخُلْدِ}. جاءَ نظَرَاً لتَغْييرِ المَكانِ منَ الدُّنيا إلى الآخِرَة، وهكذا تَغيَّرَ الإنسانُ أيضاً من إنسانٍ زَائِلٍ في الدُّنيا، إلى إنسَانٍ خَالدٍ في الآخرةِ، سواء أكانَ في الجَنةِ، أم كانَ في النَّارِ، فلا مَوْضِع يُسقِطُ عنه سمةَ الخُلُودِ. لذلك: {ذُوقُوا عَذَابَ الْـخُلْدِ}. لأنَّكُم خَالِدُون. والكَلامُ مرَكَّزٌ {لِلَّذِينَ ظَلَمُوا}. وعليكَ أنْ تتَصوَّرَ ما الذي فعلُوْه من جَرَائمَ مُريعَةٍ، حَتَّى بلغُوا مَرْحَلةً وصَفَهُم اللهُ فيها في خَاتمَةِ الآيةِ ما قَبْل السَّابقَة بالمجْرِمِين: {مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْـمُجْرِمُونَ}. فهؤلاءِ هم {الْـمُجْرِمُونَ}. الذينَ اقْتَرَفُوا الجَرَائمَ، وما أقَامُوا لشَرْعِ اللهِ حُدُوداً، ولا للنَّوَامِيْسِ الإِنسَانيَّة حُدُوداً، ولا لأنْفُسِهم حُدُوداً إذ عاشُوا مُنفَلِتين من كلِّ شرْعٍ، وكلِّ حَدٍّ، وكلِّ قِيْمَةٍ إنسَانيَّةٍ في الإنسَانِ، فقد أوْغَلُوا في الانتهاكَاتِ دونَ رادِعٍ، ولمْ يتُوْبُوا، ولم يتَراجَعُوا، بل يَقُولُونَ اسْتهتَارَاً بمن يعِظُونَهم: {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [يونس: ٨٤].
كذلك في الآيةِ 29 مِن سُورَة الأنعامِ: {وَقَالُوا إنْ هِيَ إلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام: 29]. فمُجْرمُ الدُّنيا لا بدَّ أن يقعَ عليه العذابُ في الدُّنيا قبلَ أن يموْتَ، وبعد أنْ يموْتَ وينتَهِيَ مفعولُ عذابِ الدنيا، يذوقُ {عَذَابَ الْـخُلْدِ} في الآخرةِ.
{هَلْ تُجْزَوْنَ إلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ}. هل وجَدتُم في سِجِلَّاتِكم جَرَائمَ لم ترْتَكِبُوها؟ فهذا ما ادَّخَرْتُمُوه لآخِرَتِكم، وأنتُم لا {تُجْزَوْنَ إلَّا بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ}.
فكلُّ تلك الجَرَائمِ المرَوِّعَة، كلُّ تلك الاِنتِهَاكَاتِ الفَظيْعَةِ، كلُّ تلك القسْوَة، كلُّ ذاكَ الظُّلْم، كلُّ ذاكَ الفُجُورِ، كلُّ ذاك الفَسَادِ، كلُّ ذاك الاِسْتِكبَارِ، كلُّ ذاك العِنَادِ، كلُّ ذاك الاسْتِهْزَاءِ بآياتِ اللهِ. {وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ} [يونس: 51]. ها قد جَاءَكُم ما {كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ}.
وهذا متَّصِلٌ بقوله تعالى: {إنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [يونس: ٤٤]. كذلك الآيةُ التي تَليْها:{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ} [يونس: 45].
إذن، فهذا كسْبُكُم، فـ {ذُوقُوا} وبالَ ما {كُنتُمْ تَكْسِبُونَ}.
خسارة البُعد عن القرآن:
الآنَ، تدعُوكَ الآيةُ الكريمةُ كي تنأَى بنفسِك عنْ هذا المصيرِ الذي تصَوِّره لك بتَفَاصِيلِه الدَّقِيقَةِ خلالَ هذه الآياتِ، وهو لمْ يقعْ لك بعْدُ، ويعِدُكَ اللهُ بأنَّه لن يقَعَ لك مهما كنْتَ في سَنَواتٍ طويلةٍ من الكُفْرِ والمَعَاصِي إذا أنَبْتَ إلى اللهِ واسْتَغفَرتَه، وتبْتَ إليه، وبدأْتَ في أعمَالٍ صَالِحةٍ وفْقَ اسْتِطَاعَتك، لكن إذا اسْتمْرَرتَ في الانتِهاكَاتِ، وفي الاستهزَاءِ بالقرآن...!
وهنا لكَ حريَّةُ أنْ تجعَلَ كلَّ ذلك يقَعُ عليكَ، أو تَتَفَادَاه، وهذه هي عَظَمَةُ القرآنِ، ولذلكَ فإنَّ الذي لا يَقرَأُ القرآنَ، يخسَر كثِيْراً.
تحضُرُني هنا حِكايَةٌ من التُّراثِ عنْ إِمَام مَسْجِدٍ، فذاتَ يومٍ من أيَّامِ رمَضَان دعَاه أحدُ الأشْخَاصِ من أهلِ تلك النَّاحِيَةِ إلى طعَامِ الإِفطَارِ، ولم يكُنْ في البيْتِ سِوَى ذاك الشَّخصِ وزوْجتِه. عندما وعدَه الإمَامُ بتلبيةِ الدَّعْوَة، أخبَرَ زوجتَه التِي باشَرَت في إعْدادِ الطَّعامِ. قبلَ الغُرُوبِ، حضَرَ الإمامُ إلى بيْتِهما، وتَنَاولَ طعَامَ الإفْطَارِ، وبعدَ ذلك انصَرَفَ شَاكِراً إيَّاهما على هذهِ الدَّعْوَة الكريمةِ. لكنْ بعد انصِرَافِه، تذكَّرَت الزوجةُ بأنها كانَت قد نسيت نقُوْدَها في ركْنٍ من البيْتِ، هذا الرُّكْنُ الذي كانَ الإمامُ جالِسَاً فيه، فهُرَعَت نحْوَ الرُّكْنِ، وصَارَت تبحَثُ دونَ أن تجِدَ النُّقُودَ. عندَها أخْبَرَت زوْجَها بِما حصَلَ، وأنَّها تشُكُّ بالإمَامِ، لأنَّه الوحِيدُ الذي دخَلَ بيْتَهما. وبعدَ شَيءٍ من التَّفكِيرِ طلبَتْ من زوْجِها الذي يصلِّيْ في المَسْجِدِ، وأن يُخبِرَ الإمامَ بِما حصَلَ، كي يُعِيدَ النقودَ، ويَعِدَه بأنَّه لن يخبرَ أحداً.
فقالَ الزَّوجُ بأنَّه مُنْحَرِجٌ من ذلك، لكنَّه سيَكُفُّ عن الصَّلاةِ في ذاك المسْجِد خلفَ ذاك الإمَامِ الذي لم يقدِّرِ المعرُوفَ، بلْ سَطَا على النُّقُود.
لبِثَ الأمرُ على ما هُو عليهِ حَتَّى دارَتِ السَّنةُ وحلَّ رمضانُ السَّنةِ القَادِمةِ، عندَها، طلبَ الرَّجلُ من زوجتِه أنْ يتَسَامَحَا مَع الإمَامِ، ويدعُواه أيضاً لتَنَاولِ طعامِ الإفطَارِ. فقالتِ الزوجَةِ بأنها موافِقَةٌ، لكنْ بشَرْطِ أن يُخبِرَ الإمامَ عن النُّقودِ بعدَ أن ينتهَيَ من تناْوُلِ الإفطَارِ.
عندَ ذاك وافقَ الرَّجلُ، وبعدَ قطيعَةِ سنةٍ من دخولِ المَسْجِدِ ذهبَ إلى المَسْجِدِ، وبعدَ الصَّلاةِ تقدَّمَ من الإمَامِ وأبلَغَه بالدَّعْوَة، عندَها وعَدَه الإمامُ بتلْبيةِ الدَّعوةِ.
وحضَرَ الإمامُ في مَوْعِدِه، وبعدَ التَّفَرُّغِ من تَنَاولِ الإفْطَارِ، أخبَرَه الرَّجلُ بأنه في السَّنةِ المَاضِيَةِ عندما جَاءَ، كانَت زوجتُه قد نسيت حزْمَةَ نقُودٍ في المَوْضِع نفسه الذي يجلِسُ فيه الآنَ، والذي جلَسَ فيه السَّنةَ المَاضِيَةَ، لكنَّ النُّقُودَ اختَفَتْ. تجَهَّمَ وجهُ الإمامِ والرَّجلُ وزوجتُه يُصَوِّبان أنْظَارَهما إليه، ويتَرقَّبَان ما سيَقُولُ. وبعد قليلٍ رَأيَا دمُوعَاً تنْحَدِرُ من عَينَيه. فأخبرَتْه المرأةُ إذ ذاك بأنَّها سامحَتْه على النُّقُود، ولن تُخبِرَ أحدَاً، ولينْسَ ما سَمِعَ وتنسَ مع زوجِها أمرَ النُّقُودِ، كمَا لو أنَّ شيئاً لمْ يحصُلْ. لكن ذلك لم يُؤَثِّر في الإمامِ الذي لبِثَ وجهه مُتَجَهِّماً، ولبِثَتِ الدُّمُوعُ تنْحَدِرُ من عَينَيه إلى أرْنبَةِ أنفِه.
فلم تملِكِ المَرأَةُ نفسَها من سُؤَالِه عنْ سببِ مَا هو؟ فنظَرَ الإمَامُ إلى المصْحَفِ الموْجُودِ في أحدِ أركانِ الغُرْفَة وقالَ بأنَّ ما يُبْكيهِ وما يجعَلُه حَزِيناً، ليسَ أمرَ النُّقُودِ، ولكنْ لأنَّهُما لم يفتَحَا المُصْحَفَ منذُ رمَضَانِ السَّنةِ المَاضِيَةِ وحَتَّى هذا اليومِ.
عند ذاك صُعِق الرَّجلَ وزوْجتَه، وغَدَا أحَدُهما ينظُرُ إلى الآخَرِ، فتوجه الرَّجلُ صوْبَ المصْحَفِ، مدَّ يدَه إليه وفتَحَه، وإذا بحزمَةِ النُّقودِ مَوْجودة في بدايةِ المصحَفِ بجانِبِ سُورةِ الفَاتِحَة.
أجل مَن يحْرِم نفسَه من قرَاءَةِ القرآنِ يستَحِقُّ أن يُبكَي ويُحْزَن عليه لأنه يكونُ قد حرَمَ نفسَه من خيْراتٍ كثيرةٍ لا يُمكِنُ تعْويْضُها.
___________________________________________________
الكاتب: عبدالباقي يوسف