تدبر - موقف عداس النصراني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

منذ 2022-09-01

من المواقف التي تحرك شغاف قلبي كلما قرأتها موقف عداس النصراني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من الطائف حزينا بعدما رفض أهل الطائف دعوته وآذوه أشد الإيذاء

من المواقف التي تحرك شغاف قلبي كلما قرأتها موقف عداس النصراني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رجوعه من الطائف حزينا بعدما رفض أهل الطائف دعوته وآذوه أشد الإيذاء:

[ قصة عداس النصراني معه صلى الله عليه وسلم ]

قال ابن هشام في السيرة : فلما رآه ابنا ربيعة ، عتبة وشيبة ، وما لقي ، تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما نصرانيا ، يقال له عداس ، فقالا له : خذ قطفا ( من هذا ) العنب ، فضعه في هذا الطبق ، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل ، فقل له يأكل منه . ففعل عداس ، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له : كل ، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده ، قال : باسم الله ، ثم أكل ، فنظر عداس في وجهه ، ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس ، وما دينك ؟ قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ، فقال له عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك أخي ، كان نبيا وأنا نبي ، فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه قال : يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك . فلما جاءهما عداس ، قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟ قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ، قالا له : ويحك يا عداس ، لا ، يصرفنك عن دينك ، فإن دينك خير من دينه.
[السيرة لابن هشام]

تأمل معي:

كيف فتح الله تعالى قلب عداس فور سماعه لكلمات بسيطة يستمع إليها الكثير من أبناء الأمة وغير أبناء الأمة فلا تحرك فيهم ساكنا إلا من رحم الله, لتعلم أن الإيمان فتح من الله تعالى وغيث ينزله على قلوب هيأها لقبوله فنجحت بفضل الله في اختبار القبول وتلقت النور بكل سرور.

ولتتأكد أن عمرنا عبارة عن مجموعة من المواقف إما أن تكون مضيئة فنرتفع بها أو مظلمة فتهبط بنا , فيتدارك كل منا نفسه وليراجع مواقفه مع الله.

وتأمل كيف عرف عداس قيمة النبي صلى الله عليه وسلم لمجرد قوله بسم الله وذكره لسيدنا يونس عليه السلام, لتعلم مدى غربة الدين وأهله وغياب الحقائق والقصص والأخبار عن معظم أهل الأرض حتى تصبح معرفة تلك المعلومات دليلاً قاطعا على صدق نبوة صاحبه وذلك للغياب الكلي وخفاء تلك المعلومات عن غالبية أهل الأرض وخاصة في تلك البقاع التي كانت مقفرة من الإيمان ثم عمرها الله تعالى وغمرها بنور القرآن حتى أضاءت للبشرية دربها.

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 12
  • 2
  • 7,711
المقال السابق
إياك والهمزة اللمزة :قائد المجموعة إلى النار
المقال التالي
القرآن : صاحبك الأمين وقت الشدائد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً