مرحبا بالضيف في فصل الصيف

منذ 2011-08-14

يتواطأ صيامنا في شهر رمضان المبارك مع شدَّة لهيب الشمس الحارقة، واشتداد حرارة فصل الصيف، الذي لم تأت حرارة مثله من قبل ربع قرن، ولن تزول حرارة الشمس في رمضان إلا بعد قرابة عشر سنوات ..


يتواطأ صيامنا في شهر رمضان المبارك مع شدَّة لهيب الشمس الحارقة، واشتداد حرارة فصل الصيف، الذي لم تأت حرارة مثله من قبل ربع قرن، ولن تزول حرارة الشمس في رمضان إلا بعد قرابة عشر سنوات تامة كما ذكر الخبراء المتخصِّصون في مجال الأرصاد الجويَّة..

ومع قدوم هذا الشهر المبارك الذي تفرح القلوب المؤمنة للقياه، حري بنا أن نستمتع في صيامه بتهيئة الأنفس للبر والطاعة وألوان العبادة، وأن نقوي إيماننا ونشحن طاقاتنا الإيمانية لاغتنامه بكل عمل صالح.

إنَّه لا سعادة حقيقيَّة لنا إلاَّ بالفرح بما شرعه الله تعالى لنا من أعمال صالحة لا تشق على النفس، بل تزيدها قوة، وتصقل شخصيتها، وتقوي من معنوياتها.

إنَّ استقبال شهر رمضان لأهل الطاعة والعبادة استقبال ذو شجون؛ فالأحاسيس مرهفة، والعواطف جياشة، ودموع مقل العيون فرحة باستقباله فلا تراها إلا غزيرة فياضة، وكلما اقترب هذا الشهر اشتد التنادي بين العُبَّاد ألا هلم إلى استقبال هذا الضيف العزيز، فوا شوقاه ووا فرحاه ووا طرباه بسماع كلام الرحمن في ليالي رمضان، فهنيئاً لعبَّاد الله في رمضان الذين عرفوا قدره فأحبهم الله تعالى وهوَّن عليهم كل عسير..

لسان كل واحد منهم مترنِّماً:
فيا طيوف المنى.. فاض الحنين بنا *** وزادنا شجنًا أن النوى قدر
ولا نزال على الأثباج من لهب *** يسري بنا شوقنا والوعد ينتظر


غير أنَّ هنالك أنفساً حينما أدركت قدوم شهر رمضان في شدّة الحر فإنَّها تستقبله بترقب حذر، بل نلمس من حديثهم نوعاً من التضجُّر حيناً، أو الاستثقال لصيامه حيناً آخر، وبتنا نسمع من يقول: "ما أتى رمضان إلاَّ في شدَّة الحر"!! أو أن يقول قائلهم: "ليته راح ولم يأت"!! "ليته كقشر الموز من يقع عليه ينزلق بسرعة"!! وألفاظ وعبارات نسمعها من هنا وهنالك ويستغرب المستمع من طريقة تراكيبها في التضجر من صيامه في شدَّة الحر.

وصرنا نسمع أسئلة غريبة عبر المذياع أو شاشات الفضائيات، أو من خلال مواقع الشبكة العنكبوتية، فهذا يسأل عن جواز الإفطار في رمضان بسبب شدَّة الحر؟ وذلك يستفسر حينما كان صائماً وقت شدَّة حرارة الشمس واشتد غضبه على خصمه فلم يكن منه إلاَّ أن سبَّ الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً ثم يقول : فما حكم صومي؟!
وآخر يقترح: أن ينتقل صيام رمضان في شدَّة الحر إلى صيامه في أيام الربيع أو الشتاء مع صيام عشرة أيام تكفيراً عن نقل صوم شهر رمضان إلى صيام أيام رمضان في غير شهره المحدَّد بفريضة الصوم، ويتحجَّج هذا الشخص: بأنَّ دين الإسلام يُسر!! وأنَّه إذا ضاق الشيء اتسع!! وأنَّ الضرورات تبيح المحظورات!!
وآخر يقول بجواز التحايل في ترك صوم رمضان بشدَّة الحر وذلك بالخروج من المدينة التي يقيم فيها ذلك الشخص الذي وجب في حقه الصوم، فيخرج منها مسافراً لمدة أميال قصيرة، ثم يقفل راجعاً إلى حيث مكان إقامته سابقاً؛ لكي يسقط في حقه صوم رمضان ويقضيه في فصل الربيع أو الشتاء!!

حينما رأيت هذه السخافات والتفاهات من أقوال بعض المنتسبين للدين، أو المنتسبين للمشيخة والعلم!!، لم أجد بُدَّاً إلاَّ أن أمتشق صهوة جواد قلمي وأملي عليه أقوال كلِمِي؛ ليكون المقال مرطباً للصائمين وقت صيامهم، ومذكراً لهم بجماليَّة الصيام في شدَّة حرارة الصيف، وما فيه من جزيل الأجر، وتشويق لهم بإكرام هذا الضيف الذي أتانا في فصل الإجازة الصيفيَّة.. فأهلا ومرحى ومرحبا ومربحا بك يا رمضان..


(1) عقد مقارنة
لو كنت مريضاً أو فقيراً وحلَّ عليك ضيف تعده من أعز الإخوة؛ فإنَّك ستستقبله بالترحاب والتهاني، وتقدم له ما لذَّ وطاب من الأكل والشراب، وتحاول أن تخدمه قدر الإمكان؛ لأنَّه ضيف عزيز عليك، فما البال إن كان ذلك ضيفاً ربانياً أحلَّه الله تعالى علينا واختارنا لاستقباله بالصيام؟
إنَّنا حينما نضع في بالنا أنَّ صيام هذا الشهر ليس إلا تطبيقاً لأمر اختاره الله تعالى لنا، وكتبه علينا كما كتبه على من قبلنا، فنحتفي بقدومه ونستشعر معانيه، ونعرف فضائله، حينها لن نشعر بأي ألم وتعب، وإن شعرنا فكله لأجل إرضاء الله وابتغاء ثوابه.

يقول ابن القيم في "بدائع الفوائد" (2/212): "لما سافر موسى إلى الخضر وجد في طريقه مس الجوع والنصب، فقال لفتاه: {{C}{C}{C}{C}آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً{C}{C}{C}{C}} [الكهف: 62] فإنه سفر إلى مخلوق، ولما واعده ربه ثلاثين ليلة وأتمها بعشر، فلم يأكل فيها لم يجد مس الجوع ولا النصب، فإنه سفر إلى ربه تعالى، وهكذا سفر القلب وسيره إلى ربه لا يجد فيه من الشقاء والنصب ما يجده في سفره إلى بعض المخلوقين"..
إذا صحَّ منك الود فالكل هين *** وكل الذي فوق التراب تراب
فليكن شعارنا في صيف رمضان: في شدَّة الحر مزيد من الطاعة واحتساب الصيام لنيل الأجر..


(2) الصوم في القيظ والحر يعلمنا الصبر:
لقد سمَّى رسول الله صلَّى عليه وسلَّم رمضان بشهر الصبر، فقال: «صوم شهر الصبر، وثلاثة أيام من كل شهر، يذهبن وحر الصدر» [أخرجه ابن حبان وأحمد، وحسَّنه ابن حجر، وقال الألباني: حسن صحيح، وصحَّحه أحمد شاكر].
إنَّ رمضان شهر الصبر والمصابرة، والصيام في شدَّة الحر بحاجة إلى صبر، وإن لم نتعلم في رمضان الصبر فمتى نتعلم؟!
وإن لم يكن رمضان مدرسة لنا لمزيد من شحن النفس على أنواع من القوى الإنسانية فمتى يمكن أن نُدرك ذلك؟!

إنَّ أنواع الصبر تحتشد جميعها في هذا الشهر المبارك: صبر على طاعة الله، وصبر عن معاصي الله، وصبر على أقدار الله تعالى.. فالله عزَّ وجل قدَّر أن يكون صومنا لهذا الشهر المبارك في شدَّة أيام الحر، فليس لنا إلاَّ أن يزيدنا ذلك إيماناً وتسليماً، وعدم اعتراض على قضاء الله وقدره.


إنَّ مِما يؤسف له أن نجد أناساً يصومون رمضان ويزداد صياحهم! وعصبيتهم! وعنجهيتهم! وصراخهم! ومشاكلهم! وألفاظهم النابية! وكأنَّهم يمنُّون على الله تعالى بصيامهم في شهر رمضان ويظهرون أنواع التضجر والاستثقال والتأفف ما يجعلك تقول في نفسك:
• وأين سيكون حظكم من صيامكم إلا الجوع والعطش؟
• وهل صمتم لكي تزدادوا سوءاً في أخلاقكم؟
• وكيف ستشعرون بطعم لذة العبادة إن لم يكن فيها معاناة لبعض صعوباتها؟
• وأين صيام هذا الشهر الذي كان في الأصل قد انطبع في أخلاقكم بحسن تعاملكم وإزالة الأحقاد والضغائن والغش من صدوركم وقلوبكم، فهذا معنى إزالة (وحر الصدر) بما فيه من أمراض وأسقام؛ لكي يرزق صاحبه الصبر.. فما بالنا صرنا نرى كثيراً ممن يصومون يشطاطون غضباً، ويزدادون عصبيَّة، فأين تأثير الصوم عليهم؟!

إنَّ صوم رمضان في شدَّة الحر ينسجم بالضبط مع قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45] وقد فسَّر بعض العلماء أنَّ الصبر المقصود بالآية بأنَّه: "الصوم".
والصلاة إن كانت كبيرة إلا على الخاشعين، فإنَّ الصوم كذلك سيكون ثقيلاً على بدن الصائم عندما لا يستطعم ويستشعر معاني الصوم، ولم يتلذذ بمعاناة هذه العبادة فمن لم يعان لم يدرك المعاني، والنعيم لا يُدرك بالنعيم، ومن آثر الراحة فاتته الراحة، ولهذا فإنَّ الصوم والصلاة سيكونان ثقيلتين كبيرتين إلا على من خشع فيهما لله واحتسب أجره عند الله.


إنَّ مِمَّا يُهوِّن على الصائم صومه في نهار رمضان ذلك الألم الناشئ من أعمال الطاعات الذي يثاب عليه صاحبه، فالله تعالى يقول عن عباده المؤمنين: {ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120].
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا غم ولا حزن ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه»..

فإذا كان الهم والغم يكفر الله تعالى به الخطايا والذنوب، فإنَّ الصبر على ما قدره الله تعالى من فريضة صيام رمضان في شدَّة الحر أعظم أجراً وأغزر حسنات؛ لأنَّ الصوم لله وهو عزَّ وجل سيجزي به عباده، ولن يخلف وعده بأن يغدق بالأجر الجزيل والبر العميم على أهل الطاعة في رمضان.

إن من فوائد صوم رمضان وبالذات وقت شدَّة الحر: تقوية الإرادة واشتداد الهمَّة في الطاعة وثبات العزيمة، فمن نال هذه الجوانب التي تُعنى بها كثيراً الدراسات الإنسانية في مجال تنميتها وتقييمها وبعث النهضة لإحيائها فإنَّ النفس المسلمة الصائمة ستسعد عندما ترى نجاحها وفلاحها في القيام بهذه الجوانب الثلاثة وبالذات في فصل الصيف، وتعطينا حافزاً وتشجيعاً إلى أنَّ بدن الإنسان قادر على التحمل، ولديه طاقة كبرى في اغتنام هذا الشهر بالبر لنيل الأجر.


(3) الأجر على قدر المشقة:
ثبت في صحيح البخاري أنَّ عائشة بعدما أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تخرج إلى التنعيم فتهل فيه، قال لها عليه الصلاة والسلام بعد أن أدرك معاناتها في القيام بعمرتها تلك ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك.
وجاء في صحيح البخاري أنَّه عليه السلاة والسلام قال لعائشة رضي الله عنها: «إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك».
إنَّ النصب هو التعب والإرهاق، وبقدر ذلك التعب على العمل المشروع سيكون الأجر من الله تعالى.

قال النووي: "ظاهر الحديث أن الثواب والفضل في العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، وهو كما قال، لكن ليس ذلك بمطرد، فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا وثوابا بالنسبة إلى الزمان كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره، وبالنسبة إلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها أو أطول من قراءتها ونحو ذلك من صلاة النافلة، وكدرهم من الزكاة بالنسبة إلى أكثر منه من التطوع، أشار إلى ذلك ابن عبد السلام في: "القواعد".


إنَّ الله تعالى لم يفرض الصيام علينا لكي يشق علينا، أو أن يكلفنا ما لا قدرة لنا عليه حاشاه سبحانه وتعالى فلو كان الصوم يشق علينا لما فرضه الله تعالى؛ لأنَّه لا يفرض علينا إلاَّ ما نطيقه ونستطيعه فحسب {{C}{C}أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ{C}{C}} [الملك: 14] فهو الرؤوف الرحيم الخبير بأحوال عباده.

والله تعالى يقول: {{C}{C}لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{C}{C}} [البقرة: 286].
ويقول عز وجل: {{C}{C}مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{C}{C}} [المائدة: 6].
ويقول جلَّ من قائل عليماً: {{C}{C}وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ{C}{C}} [الحج: 78].

لقد قرَّر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى (10 / 622) أنه "كثيراً ما يكثر الثواب على قدر المشقة والتعب؛ لا لأن التعب والمشقة مقصود من العمل، ولكن لأن العمل مستلزم للمشقة والتعب، هذا في شرعنا الذي رفعت عنا فيه الآصار والأغلال، ولم يجعل علينا فيه حرج، ولا أريد بنا فيه العسر".


(4) عبر وعظات الصيام في شدَّة الحر:
الصيام بشدَّة الحر يُذكرنا بنار جهنم أعاذنا الله منها؛ فالصائم عندما يرى شدَّة الحر الذي لا يطاق، ويرى نفسه وما بها من جوع وعطش ونصب ووصب وتعب، فإن كان الصائم صاحب قلب يقظ فسيتذكر أنَّ هذه الحرارة المتوهجة من الشمس ما هي إلاَّ من من شدَّة حر وسخونة جهنَّم.

فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «{C}{C}اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر وأشد ما تجدون من الزمهرير{C}{C}» [متفق عليه، واللفظ لمسلم].

ويتذكر الصائم وقت صومه في شدَّة الحر، ذلك الموقف العصيب الذي يقفه الناس قياماً لرب العالمين في يوم الحشر، فالناس آنذاك يعيشون في حالة صعبة، ووضع مزرٍ يرجون أن يخلصهم الله تعالى من ذلك الجحيم الذي لا يطاق، فلقد روى الإمام مسلم عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «{C}{C}تُدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما{C}{C}» قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فِيـه..

فالعبد الصائم يتذكر بمثل حالته في صومه بشدة الحر أحوال الناس ومعاناتهم في مواقف الحشر يوم القيامة، فينشغل بالعبادة والطاعة، ويعلم أنَّ صومه في رمضان وإن كان في شدة الحر، فإنَّه لن يكون إلا حامياً له من نار جهنَّم، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «{C}{C}من صام يوماً في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً{C}{C}» [أخرجه الشيخان].


لقد كان من سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تذكير الصحابة بما يرونه في أحداث الدنيا بأحداث الآخرة، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «{C}{C}ناركم هذه التي يوقد بنو آدم، جزء من سبعين جزءا من نار جهنم{C}{C}» قالوا: والله إن كانت لكافية! قال: «{C}{C}إنها فُضِّلت عليها بتسعة وستين جزءً كلهن مثل حرها{C}{C}».

مِمَّا ذكره الإمام ابن رجب في لطائف المعارف عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه خرج في سفر معه بعض أصحابه فوضعوا سفرة لهم، فمر بهم راع، فدعوه إلى أن يأكل معهم فقال: إني صائم، فقال ابن عمر: في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وأنت صائم؟! فقال: أُبادر أيامي هذه الخالية.


ولقد تبيَّن صدق الصحابة على ما عاهدوا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما خرجوا معه في غزوة من غزواته وكان الحرَّ فيها قد بلغ أوجه ولم يمنعهم ذاك من نفيرهم إلى الجهاد في سبيل الله، وحينما تخلَّف بعض الناس من النفير والجهاد في سبيل الله وُصِمُوا بالنفاق وكانوا بالفعل من المنافقين، ما عدا بعض ذوي الأعذار، والثلاثة الذين خلفوا من الصحابة حتَّى تاب الله عليهم، لكنَّ أهل النفاق احتجَّوا بعدم نفيرهم للجهاد {{C}{C}وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِي الْحَرِّ{C}{C}} [التوبة: 81]، فجاءهم الجواب المناسب لمقالتهم: {{C}{C}قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ{C}{C}} [التوبة: 81].

وهكذا نستذكر قول الله تعالى، حينما يأتينا وسواس الشيطان الرجيم، أو حديث أهل السوء وتذمرهم من الصيام في حرارة الصيف فنقول: {{C}{C}قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا{C}{C}}..

وإنَّ من عظات الصوم في شدَّة الحر، معاينة تداول فصول العام في شهر رمضان، فتارة يكون في الصيف وتارة في الشتاء وأخرى في الخريف ورابعة في الربيع، لا يدل ذلك إلا على ضرورة أخذ العبرة والعظة، ففي ذلك حكمة ربانية في تقليب الدهر، وتداول الأيام، ليكون عظة وعبرة ومكمن تأمل للخلق: {{C}{C}يُقَلِّبُ اللَّـهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ {C}{C}} [النور: 44]..


(5) الصيام في الحر سبب للثواب والأجر:
لقد سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان صائماً هو وصحابته وكان سفرهم إذ ذاك على الجمال، ومع أنَّ الصيام رخصة رخص بها رسول الله لمن أراد السفر لحاجة أو ضرورة، فإنَّه عليه الصلاة والسلام لم يفطر بل بقي صائماً، ففي الصحيحين عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: «{C}{C}لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة{C}{C}» وفي رواية: «{C}{C}أن ذلك كان في شهر رمضان{C}{C}».

إنَّ الصائم حينما يصوم ويشعر بشدَّة الظمأ في الهواجر، فلن يستنكف عن صيامه؛ لأنَّه يعلم بموعود الله الصادق لمن صام رمضان إيماناً واحتساباً.

يقول صلى الله عليه وسلم: «{C}{C}من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا{C}{C}» [أخرجه الشيخان].
وكان الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري ينتقي اليوم الشديد الحرارة للصيام لأجل هذا الحديث.

ذكر الإمام ابن رجب الحنبلي في كتابه النفيس لطائف المعارف أنَّ كثيراً من سلفنا الصالح كانوا يحبذون الصوم في شدَّة الحر، فلقد وصَّى عمر رضي الله عنه عند موته ابنه عبد الله فقال له: "عليك بخصال الإيمان"، وسمى أولها: "الصوم في شدة الحر في الصيف"..
وكان بعض الصحابة يتأسف عند موته على ما يفوته من ظمأ الهواجر، فقد روي ذلك عن ابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهما.
وروي عن أبي بكر الصديق أنه كان يصوم في الصيف ويفطر في الشتاء.
وكان ابن عمر يصوم تطوعا فيغشى عليه فلا يفطر.
وكان الإمام أحمد يصوم حتى يكاد يغمى عليه فيمسح على وجهه الماء.
ونزل الحجاج في بعض أسفاره بماءٍ بين مكة والمدينة، فدعا بغدائه ورأى أعربيًا، فدعاه إلى الغداء معه، فقال: دعاني من هو خير منك فأجبته، قال: ومن هو؟ قال: الله تعالى، دعاني إلى الصيام فصمت، قال: في هذا الحر الشديد؟! قال: نعم، صمتُ ليوم أشدّ منه حرًّا، قال: فأفطر وصم غدًا، قال: إن ضمنت لي البقاءَ إلى غدٍ، قال: ليس ذلك إليَّ، قال: فكيف تسألني عاجلاً بآجل لا تقدِر عليه؟!

وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه فيقال لها في ذلك، فتقول: "إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد".. تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم.. [مقتطع بتصرف واختصار من كتاب لطائف المعارف لابن رجب].

فهنيئاً مريئاً لمن صام واحتسب صيامه، وهنيئاً له (باب الريَّان) الذي اختصه الله للصائمين لكي يلجوا منه إلى الجنَّة، دلالة على أنَّ ذلك الصائم في شدَّة الحر سيكون من أهل الري جزاءً له بعد صبره على شدَّة الظمأ في شدَّة الحر.

إنَّ صيام الهواجر ومكابدة الجوع والعطش في يوم شديد حرّه بعيد ما بين طرفيه، يجزل الله تعالى فيه للعباد أجراً كبيراً، ويقيهم من حر جهنَّم يوم القيامة، وفي هذا يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: "صوموا يوماً شديداً حره لحر يوم النشور، وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور".


(6) فرحة الإفطار.. بعد يوم شديد حرُّه:
إنَّ من دواعى شدَّة الفرح خصوصاً وقت شدَّة الحر في صيام رمضان أن يكون هذا الفرح وقت الإفطار، فجميع الصائمين كانوا على عطش تام وظمأ شديد وجوع مدقع، ولربما شعر الكثيرون بارتخاء أجسامهم قبل الإفطار من الجوع والعطش، فحينما يكبر مكبر الأذان قائلاً (الله أكبر . الله أكبر) ترتسم على أفواه الصائمين ابتسامة لطيفة معبرة عن فرحة الإفطار، قائلين "ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله"، وكلما عانوا من شدَّة الصوم كان ذلك مزيداً لهم للأجر من الله تعالى حيث يقول عليه الصلاة والسلام: «{C}{C}يقول الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك{C}{C}» [أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة].


(7) احذر.. انتبه.. حسبك..
ينبغي الحذر من بعض المنتسبين للعلم والمشيخة، الذين يفتون على حسب أهواء الناس، وليس بما يرضي الله تبارك وتعالى، فمنهم من يرى جواز التخفف من رمضان وعدم إفطاره بحجَّة شدة الحر، وأنه يجوز نقل الثلاثين يوماً من رمضان إلى أشهر الربيع، فيصومون الثلاثين يوماً ويزيدون عليه أياماً كفارة على عدم صيام أيام في شهر رمضان نفسه!!
أو كما أفتى أحدهم بجواز التحايل على عدم صيام شهر رمضان وذلك بالسفر لكي لا يصوم الشخص هذا الشهر في شدَّة الحر، وتكون لديهم مندوحة عن عدم صومه بذلك.
ومنهم من يقول بجواز إفطار شهر رمضان في شدَّة الحر، لأنَّه يقلل من عملية التنمية والتقدم والبناء.
بل لقد حاول أحد حكام السوء (الحبيب بورقيبة) حاكم تونس الأسبق أن يقنع بعض العلماء لكي يفتوا العمالَ بالفطر في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، وطلب من الشيخ أن يفتي في الإذاعة بما يوافق هذا، لكن الشيخ صرح في الإذاعة بما يريده الله تعالى، بعد أن قرأ آية الصيام، وقال بعدها: "صدق الله وكذب بورقيبة"، وكان ذلك عام 1961م.


(8) نصائح طبيَّة وصحيَّة للصائم في الصيف:
- هنالك نصائح ينصح بها الخبراء المتخصصون بالطب وصحة البدن، ومِمَّا طالعته في كتبهم ومواقعهم على الشبكة العنكبوتيَّة: تنبيههم بالحذر من تناول الأطعمة المحتوية على نسبة كبيرة من الملح والبهارات والتوابل والمخللات، فكل هذه تسبب نوعاً من العطش يقل ويكثر على حسب تناول الشخص لمثل هذه الأطعمة.
- ويؤكِّدون على أهميَّة تناول السوائل والفواكه والخضروات الطازجة مع الاهتمام بجعل قسط متناوب لشرب المياه.
- لقد جاء في الحديث المتفقِ عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «{C}{C}تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السُّحُورِ بَرَكَةً{C}{C}»، ففي هذا الحديث أمرٌ بالتسحر؛ وهو الأكل والشرب وقت السحر استعداداً للصيام، وذكرٌ للحكمة من ذلك وهي حلولُ البركة.
- إنَّ طعام السحور يستحسن أن يحتوي على شيء من السكريات ومنها الرطب أو التمر وهو ما امتدحه رسول الله صلَّى عليه وسلَّم للمسلم المتسحر، ففي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «{C}{C}نعم سحور المؤمن التمر{C}{C}» [أخرجه أبو داوود، وصحَّحه ابن المُلقِّن والمنذري والألباني].
فإن تعذر وجود التمر، فعلى المسلم أن يحرص على شرب الماء، لتحصل له بركة السحور، وليكن شربه للماء متوسطاً، فتكون برودته معتدلة ولا يكثر من شربه كثيراً فيكون زائداً عن حاجة الجسم، وحينها تقوم الكلية بفرزها بعد ساعات قليلة من تناولها.
- ومن المفيد كذلك تناول السحور فإنَّه يفيد في منع حدوث الإعياء والصداع أثناء نهار رمضان، ويخفف من الشعور بالعطش الشديد.


(9) الرفق بالجسد وجواز تبريده أثناء الصوم في شدَّة الحر:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما النبي يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم، ولا يصوم، فقال النبي: «{C}{C}مروه فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه{C}{C}» [أخرجه البخاري].
ولهذا ليس من المشروع أن يقصد الشخص الصائم أماكن البروز إلى الشمس تعبداً بذلك، بل إنَّ الأولى به أن يستظلَّ بظل، ويتبرَّد كذلك أثناء صومه، كما هو فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقد روى أبو داود (2365) عن بعض أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج عقبة بين مكة والمدينة على طريق الحاج يصب على رأسه الماء وهو صائم من العطش أو من الحر، والحديث صحَّحه ابن حجر والنووي والألباني.
وقد سئل الإمام أحمد عن من يصوم فيشتد عليه الحر؟ قال: "لا بأس أن يبل ثوبا يتبرد به ويصب عليه الماء".

فما يفعله بعض الناس من إلزام النفس بالصيام والبروز إلى مكان سطوع الشمس، والابتعاد عمَّا يُبرد على النفس، هو من البدع المحدثات، وما لا أصل له في شريعة الإسلام، وهو من التشدد الذي لا يطيقه الجسد، ولهذا نهت الشريعة عن القيام به.


(10) الصيام في شدَّة الحر.. يستلزم عبادة الشكر:
من الناس من يكرمهم الله تعالى بألوان النعم الزاخرة، ومنها زيادة المال فيتقون شدة الحرارة بأجهزة التكييف، والاغتسال بالمياه، أو أن يكون مجال عملهم في مكتب أو وظيفة لا يكون فيها ذلك الصائم تحت وهج الشمس، فليحمد ربه تعالى حمداً كثيراً، وليستذكر أولئك العمال والبنائين الذين يعملون ويشتغلون تحت أشعة الشمس الحارقة وهم صيام، فهنيئاً لهم الأجر من ربهم، وهنيئاً كذلك لمن اغتنم هذا الشهر بشكر الله تعالى، فشكره تعالى من مقاصد الصيام لهذا الشهر كما قال تعالى: {{C}{C}وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ{C}{C}} [البقرة: 185]، وبالشكر تدوم النعم، فإنَّ النعمة إذا شُكرت قرَّت وإذا كُفِرت فرَّت.


(11) تنبيه على حديثين ضعيفين مشهورين في الحث على الصيام في شدَّة الحر:
لا بد أن أنوه مذكراُ بحديثين يروجان كثيراً على ألسنة بعض الدعاة والوعاظ وكلاهما لا يصحان عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم..


الحديث الأول:
حديث أبي ذر، قال صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: لو أردت سفرا أعددت له عدة؟ قال: نعم، قال: فكيف سفر طريق القيامة ألا أنبئك يا أبا ذر بما ينفعك ذلك اليوم؟ قال: بلى بأبي أنت وأمي، قال: صم يوما شديد الحر ليوم النشور وصل ركعتين في ظلمة الليل لوحشة القبور، وحج حجة لعظائم الأمور، وتصدق بصدقة على مسكين أو كلمة حق تقولها أو كلمة شر تسكت عنها.
هذا الحديث أخرجه الحافظ ابن أبي الدنيا في كتاب "التهجد وقيام الليل" ص32 تحقيق: مسعد السعدني، طبعة: مكتبة القرآن.
والحديث فيه عدَّة علل وظلمات بعضها فوق بعض:
- فهو منقطع الإسناد كما قال الإمام العراقي.
- وفي رجاله (السري بن مخلد) قال الأزدي: ضعيف جداً، وقال الذهبي: لا أعرفه، ينظر لسان الميزان: (1/ 423).
- وفي رجاله إلياس بن الضحاك، بحثت عمَّن ترجمه فلم أجد له ترجمة، فهو مجهول لا يُعرف!
- وفيه عبد الله بن كريز الحدسي وهو مجهول الحال كذلك.
فهو ضعيف بمرَّة!!


الحديث الثاني:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف يا أهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى: أخبرنا إن كنت مخبرا، قال: إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش.

هذا الحديث أخرجه البزار من رواية ابن عباس في "مسنده" (1/ 488/1039 موارد) برقم: (4974) وفيه عبد الله بن المؤمل المدني وهو ضعيف الرواية وكثير من أحاديثه مناكير.


ختاماً:
مرحباً برمضان أتانا في فصل الصيف، ليكون ربيعاً لقلوباً، وأنيساً لتعبنا أثناء تعبُّدنا، وكريماً لكي يُكسبنا الدرجات العلى والأجر الجزيل من رب العالمين، وأمَّا من لم يستقبله بمعرفة قدره، فليس له من صيامه إلاَّ الجوع والعطش، فيا خسارة من صامه، فلم يخرج منه إلاَّ بمثل ذلك!!
غدا توفى النفوس ما كسبت *** ويحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم *** وإن أساؤوا فبئس ما صنعوا




[email protected]

 

  • 3
  • 3
  • 9,277

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً