بين أدعياء التحريف ورُعاة التحريق
سالم محمد
وحرق القرآن دليل على عجز عن المواجهة، وإفلاس من الحجة، ولكن حرب الإسلام بهذه الطريقة يعطي نتائج عكسية، ويقرب المسلمين من دينهم أكثر
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بين الفينة والأخرى يبرز على السطح استفزازا للمسلمين في أعز مقدساتهم، وفي صميم عقيدتهم، فمرة برسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، ومرة برمي المصحف في القاذورات كما فعل الأمريكان، وفي آخر صيحات الاستفزاز التقدم بطلبات للحكومات العلمانية الديمقراطية بحرق المصحف في الأماكن العامة مع توفير الحماية من الحكومة الديمقراطية وذلك بقصد إهانة المصحف والعياذ بالله، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ومثل هذه الأحداث تحدث ردة فعل في أوساط المسلمين بل وبعض المنصفين من غير المسلمين، وتتبارى بعض الدول والهيئات في صياغة بيانات الشجب والاستنكار وهلم جر من ردود الأفعال المصاحبة المعروفة، وفيها خير كثير، وهي دليل محبة المسلمين لعقيدتهم، واستعدادهم للدفاع عن دينهم، واستنكار عوامهم فضلا عن علماءهم للحماقات التي يرتكبها بعض المجرمين وبغطاء ديمقراطي.
وحرق القرآن دليل على عجز عن المواجهة، وإفلاس من الحجة، ولكن حرب الإسلام بهذه الطريقة يعطي نتائج عكسية، ويقرب المسلمين من دينهم أكثر، ويجعل تمسكهم بالقرآن أشد، وهذا ما فَطِنَ له أعداء الإسلام منذ فجر الدعوة، وإلى يومنا هذا وبعده، فلذا لجئوا إلى طرق غير مستفزة لمشاعر المسلمين مثلما يحصل في الحرق المباشر، وهنا سنذكر فئتين فقط.
الفئة الأولى: الرافضة الاثنا عشرية، فحربهم على القرآن بالقول بحصول الزيادة والنقصان أي القول بالتحريف، وهذا القول يحاول بعض مراجع الشيعة إنكاره ونفيه عن مذهبهم الباطل، إلا أن كتبهم تطفح بالروايات عن أهل البيت وعن المعصومين حسب زعمهم التي تبين أن في القرآن تحريف من زيادة أو نقصان، وهذا القول واضح البطلان ويأباه كثير من عوام الشيعة فضلا عن عقلائهم، ويحاول بعض علماء الشيعة التملص منه وإنكاره والإتيان بتبريرات عجيبة حتى لا يـُحْرَجوا أمام عوام الشيعة، وحتى لا ينفر عوام المسلمين المخدوعين بهم، وفي الحقيقة فإن الشيعة الاثنا عشرية يطعنون في معظم الصحابة، وهذا طعن صريح في القرآن؛ فما جاءنا القرآن - بل كل الدِّين – إلا عن طريق الصحابة، فمن يطعن في الصحابة ثم يزعم أن القرآن محفوظ فقد تناقض، ولذا علينا أن نبرز فساد هذه العقيدة ونحاربها، ونبين للناس أن أعداء القرآن ليسوا فقط أتباع الديمقراطية الذين يحرقون نسخة من المصحف في أمام الكاميرات، بل هناك أعداء أشد خطرا على الإسلام والمسلمين من الذي حرق المصحف في مكان عام، وذلك لأن الطعن في الصحابة والقول بتحريف القرآن في عقيدة الرافضة التي تقف حولها دول، وتمول بأموال طائلة، وليس ذلك فحسب بل تشن حروب لنشر هذا العقيدة الباطلة.
الفئة الثانية: بعض كهنة العلمانية وأذنابهم، وهؤلاء أشد خطرا وأعظم تأثيرا من يحرق القرآن مباشرة، أو يصرح بوقوع التحريف فيه علانية، هؤلاء يشنون حربهم على تحريف المعاني، لأنهم أدركوا أن المحاربة الصريحة للقرآن بتحريقه في الميادين العامة مثلا، أو اختلاق روايات كثيرة تطعن في نقلته وتزعم الزيادة والنقصان فيه كحال الرافضة، أدركوا أن هاتين الطريقتين لا تلقى رواجًا عند عامة المسلمين فضلا عن طلبة العلم والعلماء، فمجال هذه الفئة تحريف المعاني، وإفراغ النص من محتواه، واتباع المتشابه، والهجوم والتشكيك في المحكمات، ويجلبوا بخيلهم ورجلهم لتشكيك المسلم من داخل دينه، وباسم الدين، وهؤلاء أشد خطرًا، والرد عليهم ونسف شبهاتهم يحتاج لعلم شرعي، والأدهى والأمر أن هذه الشرذمة الضالة المضلة يُمكَّن لها في بلاد المسلمين، وتفسح لهم أكابر المنابر الإعلامية لبث سموهم، ويقابله تضييق على علماء المسلمين، وربما تغييبهم خلف أسوار السجون والمعتقلات، فيستغلون جهل كثير من أبناء المسلمين الذي لا يعرفون عن دينهم الكثير بسبب المناهج الحكومية التي في معظمها مفرغة من علم الكتاب والسنة لأنها بأيدي كهنة العلمانية وأذنابهم، أيضا هم يعلمون أنه لا رواج لأقوالهم الباطلة في القرآن إلا بإسقاط العلماء من السلف الصالح خصوصًا، ولذلك يهاجمون ويحقرون من الأخذ بتفاسير وإجماعات السلف الصالح حتى يكون لقذاراتهم موطئ قدم عند المسلمين.
فالخلاصة أن الفئات التي تحرق معاني القرآن بتحريفها، وتضل المسلمين خطرها أشد، وتأثيرها أكبر، وسمومها أخفى، فالواجب علينا تعرية هذه المذاهب الضالة المضلة كالشيعة والعلمانيين، لأنهم يستغلون جهل الناس، ويدسون السم في العسل، وهم (دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها) وأفضل طريقة لرد كيدهم، طلب العلم الشرعي ونشره بين عامة الناس، والعمل على تعظيم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم بإحسان من السلف الصالح، لأنه يستحيل أن يكون متعالم في زماننا أعلم بمعاني كتاب الله من الصحابة والسلف الصالح، ويستحيل أيضًا أن يكون الله تعالى اخفى معنى الآية الصحيح حتى ظهر عل يد أحد كهنة العلمانية.
والله الهادي إلى سواء السبيل