كيف ينظر الصهاينة إلى التهديدات الإقليمية المحيطة بهم؟

منذ 2011-11-26

لا شك أن التطورات العربية غيَّرت وجه منطقة الشرق الأوسط، لأن النظام القديم قد انتهى، وهذه الأيام تشهد صياغة النظام الجديد، بما في ذلك موجة من التهديدات تواجه الكيان الصهيوني يمكن رصدها وَفْقًا لما حددته أجهزة الاستخبارات الصهيونية على النحو التالي


لا شك أن التطورات العربية غيَّرت وجه منطقة الشرق الأوسط، لأن النظام القديم قد انتهى، وهذه الأيام تشهد صياغة النظام الجديد، بما في ذلك موجة من التهديدات تواجه الكيان الصهيوني يمكن رصدها وَفْقًا لما حددته أجهزة الاستخبارات الصهيونية على النحو التالي..

الضفة الغربية وقطاع غزة:
تحققت تقديرات قائد المنطقة الوسطى في الجيش (آفي مزراحي) وبقيت الأمور تحت السيطرة عقب إعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، وما خرج إلى الشارع لم يتعدَّ سوى مظاهرات ذات دلالة سلمية ينقصها سيطرة معيَّنة، وحاليًا يجب الاستعداد لاحتمال الاحتدام في الأشهر القادمة، والتصعيد المحتمل الذي سيحصل جراء حادثة فردية واحدة ستشعل المنطقة كلها، وفي قطاع غزة تُولِي حركة حماس المسيطرة هناك أهمية كبيرة للقوة العسكرية، وكميات السلاح المتدفقة إلى مخازنها عبر الأنفاق هائلة، وحاليًا لا يكترث رؤساؤها لكل ما يرتبط بنشاط السلطة في الأمم المتحدة..

وفي اللحظة التي يشعرون فيها أنَّ العملية قد تعرِّض موقعهم للخطر، فسيعملون ضد (إسرائيل) بغية إعادة أنفسهم للواجهة، رغم عدم تجاهل بقية المنظمات الأصغر التي تقدِّم نفسها اليوم بديلاً لحماس، مُلمِحاً بذلك إلى أن بوادر مواجهة عنيفة في غزة لا تظهر في الأفق، رغم أنه لا أحد يعلم ماذا سيحدث بعد ساعات، وتنقل محافل عسكرية في قيادة المنطقة الجنوبية: "أن شبه جزيرة سيناء -هذه الأرض المصرية- تحولت إلى ساحة بحد ذاتها بعد تأسيس منظمات الجهاد العالمي، وبقيَّة المنظمات الفلسطينية التي استفادت من سقوط نظام مبارك وتفكُّكه، واستقرت في المنطقة، ومئات آلاف البدو من عدة قبائل يعملون في سيناء كما يحلو لهم، والخلايا المسلحة تتجول فيها، وتنتظر اللحظة المناسبة لمهاجمة أهداف في (إسرائيل) في الوقت القريب".

وفي ظل تنازع السلطة في مصر، يبدو الوضع في سيناء موضوعًا هامشيًا أمام المشاكل الصعبة التي تواجههم في القاهرة، وهذا الوضع يتطلَّب من الجيش الصهيوني القيام باستعدادات كبيرة على امتداد الحدود المصرية.

نزيف الأسد..
يؤكد رجال المخابرات الصهيونية أن: "ترسانة الأسلحة السورية، إضافة للصراع على حياة النظام العلوي الذي يترأسه الأسد، تجعل الحدود السورية والواقع متوترين وسريعي الانفجار، فالرؤوس الحربية البيولوجية والكيميائية التي قد توجَّه نحو الجبهة الداخلية الصهيونية لتحويل الانتباه، وتوحيد الصفوف في سوريا: جزء فقط من كوابيس الجيش الصهيوني".
وطالما أن هناك ما يقرب من 23 مركز تظاهرات في سورية، والأسد يعيش على الرماح، وينزف ويعيش في زمن الموت، فإن العقوبات على نظامه، والأزمة الاقتصادية التي سادت قبل اندلاع التظاهرات ستؤدي -على ما يبدو- لنهاية النظام العام القادم، واقتراح مرشح بديل للأسد سيسرِّع العملية.

يحاول التقدير العسكري أن يرسم صورة واقعية لما قد يحصل في الأردن في قادم الأيام، وَفْقًا لما زودته به أجهزة الاستخبارات الصهيونية، إذ يقول: "كل يوم جمعة ينظم الإخوان المسلمون تظاهرات هادئة لا تهدِّد النظام في هذه المرحلة، والملك (عبد الله) يقرأ الخريطة، وبغية تهدئة الساحة أطلق عددًا من التصريحات حول إصلاحات مستقبلية، حيث يرى النظام في اتفاقية السلام مع تل أبيب (مكسبًا استراتيجيًا) على الرغم من التصريحات الغريبة للملك في الشهر الأخير، وفي (إسرائيل) عليهم معرفة كيفية صون لسانهم، وعدم التفوه بعبارات تحرجه، خصوصًا في الوقت الذي يسير فيه على الجمر، ولا شك أن نظامه سيخضع لاختبار أيضًا لكن فصل المملكة الهاشمية عن النظام الملكي يبدو بعيدًا جدًا.

تهديد الإخوان المسلمين..
مصر من جهتها ما زالت مرتبكة ومنشغلة بالتخطيط للمستقبل، وقد أدى عدم الاستقرار لتأجيل الانتخابات البرلمانية والرئاسة خلال شهرَي (نيسان وأيار) بينما الانشقاقات في المجتمع المصري بارزة، وكذلك عدد المرشحين للرئاسة، حيث البارز من بينهم محمد البرادعي، والحملات الانتخابية موجَّهة ضد (إسرائيل) واتفاقية السلام، لكن ليس بالضرورة أن تبقى كما هي في اليوم التالي، لأن السلام مع (إسرائيل) مكسب استراتيجي بالنسبة للمصريين أيضًا.

ويخلص إلى القول: "في أقصى الحالات ستمر علاقات القاهرة مع تل أبيب بجمود كبير سيتجسد في المجال الاقتصادي، لكن ليس بالضرورة في المجال العسكري الذي تعتمد عليه الاتفاقية، فالاقتصاد في مصر في وضع سيء جدًا، وفي فرع السياحة -المصدر الأساسي للدخل- هناك تدهور حادٌّ وهناك جريمة وفوضى وبطالة عالية ونمو سلبي". والخشية الحقيقية في الغرب من قرار الإخوان المسلمين -الهيئة الأكثر تنظيمًا في مصر- بالتوحُّد والسيطرة على الحكم، لأنه في وضع متطرِّف كهذا سينتقل الجيش العربي الأكبر في المنطقة إلى أيدٍ معادية، مطالبًا الجيش الصهيوني بأن يستعد لهذا السيناريو، ورغم أن التهديد لا يلوح في الأفق مطلقًا لكنه قائم لا محالة.

ويرى أن التهديد القادم من تركيا ينطلق من كونها تشكل الاقتصاد رقم 17 في العالم، وقد أعلن (أردوغان) أنه حتى عام 2020م سيكون الاقتصاد العشرين في العالم، في هذه المرحلة تتجسد النوايا في المنطقة، ويرتكز أساس الجيش التركي على التكنولوجيا الغربية كونها عضوًا في الناتو، زاعمًا أن الرجل في صدام مع كلِّ مَن يهدد رأيه بالتحول للزعيم الجديد للشرق الأوسط، وخلف الكواليس تستمر نشاطات الغرب والمجتمع الدولي لتهدئته، وهو الذي أكدَّ التوتر في الشرق الأوسط، وهو ما يعني أن تركيا تمر بعملية تاريخية معمَّقة، صحيح أن إسرائيل لا يمكنها التأثير على هذه العملية، لكن يمكنها تقليص الضرر الذي سيتأتي من ذلك، فلديها مصلحة بتهدئة التوتر، لكن حاليًا لا يبدو هذا عمليًا، وهو ما يؤكد أن صمتها سيخدمها على المدى القريب والبعيد.

أخيرًا: في مواجهة جميع تلك التهديدات، فإن الوضع يشير إلى أن إسرائيل تعيش تحت حصار سياسي وعسكري يضعها تحت المجهر، وهو ما سيصعِّب على الجيش كثيرًا المبادرة بخطوة عسكرية في واقع عدم الشرعية، وعلى الرغم من ذلك يجب الاستعداد لحرب متعددة الجبهات، توحِّد الصفوف في تلك الدول التي تعيش صراع البقاء، وينبغي أن نكون مستعدين لوقت لا يمكن فيه تهدئة الشارع العربي في الـدول المجاورة من أجل وضع الحدود، وهو ما يعني أن السنة القادمة هي سنة الفرص، وعلى إسرائيل أن تستغلها وإلا.. كما قال قائد الجبهة الداخلية في الجيش الصهيوني (آيال آيزنبرغ) في الآونة الأخيرة: "سيأتي شتاء لا يعرف فيه أحد مَن سيتبلل، ومَن سيغوص في الوحل عميقًا".

المصدر: د. عدنان أبو عامر -مجلة البيان
  • 4
  • 0
  • 1,590

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً