يا أساتذتنا في السياسة.... ذكرونا مرارا بهذا الجانب

منذ 2011-11-28

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
إن حفظ أمتنا الحقيقي الدائم من المخاطر والمكائد وكيد الأعداء ونصرها الشامل التام الذي يحصل لنا به التمكين في الأرض والعز والسيادة والريادة مرتبط ارتباطا وثيقا بمدى نصرنا لله سبحانه وتمسكنا بما أمر به وبعدنا عما نهانا عنه. وهي السنة الربانية التي ذكرت في قرآننا الكريم وفي أحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم. والتي أثبتتها أيضا الحوادث المختلفة على مدى تاريخ أمتنا، فكلما قربنا من الله أفلحنا وعززنا وانتصرنا، وكلما بعدنا ذللنا وانهزمنا. ولا شك أن واقع الذل والضعف الذي تعيشه الأمة وخاصة قضية عجزنا المفجع عن إنقاذ إخواننا وهم يذبحون أمام أعيننا ليلا ونهارا ومن مذبحة إلى مذبحه أساسه هو تقصيرنا في حق الله وأوامر ديننا.

وحقيقة أننا نسمع للعديد من أساتذتنا الكرام من المفكرين الأفاضل في مجال السياسة وواقع الأمة كثيرا من التحليلات الرائعة والهامة جدا والتي تحتاجها الأمة لتتبصر أمورها، ولكن نتمنى أن يُذكرونا كلهم بقدر المستطاع والمناسب أن قضية تمسكنا بأوامر ديننا قضية محورية لا فكاك لنا عنها كمسلمين لتحقيقنا النصر والحفظ الحقيقيين الدائمين.

وميزة إضافة هذا التذكير من هؤلاء الأفاضل هي تحفيز الأمة لهذا الجانب الأساسي لفلاحنا، الذي بدونه وبدون تحقيقه لا تنفعنا نفعا كاملا شموليا أي حلول سياسية لا يكون جزءا منها تحقيقنا الصلح مع أوامر ديننا في شتى المجالات.

ومما ذكرني وحفزني لكتابة هذه الكلمة هو ما نلاحظه كمثال من استمرار الإعلام في شتى بلاد المسلمين خاصة بقنواته الفضائية في عصيان الجبار العظيم ومجاهرته بما لا يرضى جهارا نهارا صبحا ومساءً بالكثير من المنكرات والأمور التي لا يرضاها ديننا، فبالأمس لفت نظري إعلان بحجم نصف صفحة!! في أحد الصحف عن مسلسل مُحرم مُفسد يعرض في قناة خليجية! يتحدث عن العشق والحب!!!، وفي نفس اليوم خبر في صحيفة أخرى -ذُكِرَ بالطبع كما العادة! بلا إنكار!! بل بدلالةِ رضاً عنه- عن مطربة أمريكية زارت إحدى الدول الخليجية وأقامت حفلا ضخما واحتُفِيَ بها احتفاءً كبيرا!!!

فكيف نرجو الحفظ والنصر والتمكين وهكذا حالنا. بل والله إن الخوف لدينا يزداد من أن نعاقب بفتن وابتلاءات ومحن على مثل هذه الظواهر والمنكرات. وإن أحد أسباب تسليط أعداء الدين على أمة الإسلام هو تقصيرها في حق الله. وخاصة في جانب المنكرات الظاهرة المستمرة. قال تعالى: {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} [الأنفال:25].

ولا أقول أن هذا هو المنكر الوحيد، فلا زال موجودا الكثير من الظلم والبغي والغش وأكل الحقوق والأموال والتهاون في الأمانات، وهناك انحرافات عن ما يرضاه الدين في أمور من السياسة نفسها وهي تحتاج أيضا إلى التنبيه والتذكير، ولكن ما يؤلم ويخيف في منكرات الإعلام هو حجم انتشارها، وحجم المجاهرة لله سبحانه بما لا يرضاه فيها، وحجم الإفساد الأخلاقي والمجتمعي الذي ينتج منها والذي يُؤثر على ويَضر ويُلهي الكثير من أفراد الأمة خاصة عمادها الشباب. وقد كان سلفنا الصالح يخافون من الذنوب أكثر من خوفهم من الأعداء ومن ذلك قول أبي بكر الصديق لعمرو بن العاص رضي الله عنهما: "إنكم لا تغلبون بقلة عددكم، وإنما تغلبون بالمعاصي على كثرة عددكم فاحترسوا منها".

وختامـا فإن مما يفرحنا بتكرار تذكير أساتذتنا الفضلاء في السياسة بهذا الجانب هو أنهم ممن تَسْمَعُ وتُنْصِت لهم الأمة. وَرُبَّ كلمةٍ مؤثرة منهم عن هذا الجانب يفوق أثرها أثر محاضرات شيوخ واعظين وعلماء مذكرين.

فيا أساتذتنا ذكرونا مرارا وتكرارا بهذا الجانب فأنتم ممن يُتَأَثَّرُ كثيرا بكم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


د مهدي قاضي
المشرف على موقع عودة ودعوة
http://www.awda-dawa.com

  • 3
  • 0
  • 2,143

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً