العلمانيون في المغرب يجاهرون بالدعوة إلى مخالفة القوانين ولا زاجر لهم

منذ 2011-12-25


عبد الحميد أمين يبيح ممارسة الزنا وشرب الخمر وقتل الأجنة وإفطار رمضان كجواب على سؤال: "هل ينبغي حذف المقتضيات الزجرية التي تجرم ممارسات محرمة بمقتضى الدين الإسلامي، ومنها: الإجهاض، ممارسة الجنس خارج الزواج، الإفطار العلني في رمضان واستهلاك الخمر" الذي طرحته القناة الإلكترونية "فاب تي في" على عدد من الحقوقيين والسياسيين، قال المدعو عبد الحميد أمين نائب رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان: "طبعا نحن مع حرية التعبير وحرية المعتقد وبالتالي بالنسبة إلينا لا يجوز تحريم مثل هذه القضايا، ونحن لا نرى مثلا بالنسبة للإجهاض، أين هو الضرر بالنسبة للمجتمع في أن يتم الإجهاض وتقنين هذا المجال، طبعا كل هذه المسائل يجب أن تكون مقننة، أين هو الضرر بالنسبة لشاب يمارس الجنس مع شابة؟ لا نرى الضرر في ذلك، أين هو مثلا الضرر بالنسبة لإنسان يفطر في شهر رمضان ولو كان ذلك بشكل علني؟ مثلا في تركيا الذي هو بلد فيه العديد من المسلمين، بل إن فيه حزبا عنده نزوع إسلامي هو الذي يوجد في السلطة ومع ذلك هذا لا ليس فيه أي ضرر، طبعا يجب الأخذ بعين الاعتبار التاريخ والثقافة السائدة، لا يجب استفزاز المشاعر العامة، ولكن من الناحية القانونية في نفس الوقت لا يجب معاقبة من يقوم بالإفطار ولو العلني في شهر رمضان" وهو جواب يماثل أجوبة عدد من العلمانيين والحداثيين كخديجة الرياضي، وأمينة بوعياش، وخديجة الرويسي، وأحمد عصيد..

لا شك أن هؤلاء العلمانيين الذين يفتخرون بعلمانيتهم دون تقية أو نفاق، ينطلقون في دعواتهم من منظومتهم الفكرية العلمانية التي لا تعترف بوحي من السماء، ولا تسلِّم بتشريع ينتسب لدين، بل كل الأسس والقيم والمبادئ التي يرتضيها هؤلاء القوم هي ما قررته المواثيق والاتفاقات الأممية والدولية بحجة كونية الحقوق والواجبات! هذه الكونية التي صارت قمة النتاج الفكري للتجربة الغربية المادية الإلحادية (ولذلك نجد عددا من الدول حتى الغربية منها تتحفظ على كثير من بنود هذه الاتفاقيات)، وهي تجربة شنت حربا شعواء على بقايا الدين النصراني (الذي حرّف جله)، حيث كانت الكنيسة تحارب العلم وتشنق العلماء، وتحرم الكثير من الإبداعات بدعوى هرطقيتها، وهو ما لا يوجد في تاريخ أمتنا التي عمل العدو الصليبي واليهودي على بقائها نشازا عن عالم التطور والتقدم العلمي، لتعيش التبعية العلمية والاقتصادية والعسكرية له، ولتكون هذه التبعية مجالا لنشر فكره الآسن، ومبادئه المادية الإلحادية، ولهذا نجد منا من يدعو إلى العيش بقيم الغرب، وهو لا يبذل وسعا في إحياء همة العمل وخدمة التقدم في مجتمعه، فهو غربي في تصوره للمتعة والحياة، متخلف فكريا وعلميا في خدمة العلم والتطور والتقدم الصناعي والعلمي، وإلا فأخبروني عن دعوة أحدهم لرفع قيمة دعم البحث العلمي في بلدنا؟

إن الردة عن الدين الإسلامي واستحلال شرب الخمور وإقامة العلاقات الجنسية المحرمة خارج إطار الزواج وتقنين قتل الأجنة والسماح بالإفطار في رمضان علنا لممسوخي الهوية ومنعدمي التدين والحياء، يضاد ما شرعه الله -عز وجل- الذي له الخلق والأمر، القائل -سبحانه-: {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف:54]، والقائل جل في علاه: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ} [السجدة:5]، وما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، القائل: «.. فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» (رواه مسلم)، ويناقض أسس الإسلام المعلومة بالضرورة، ويعارض حتى قوانين البلاد الوضعية، وهو ما يؤكد أن القوم لا يحترمون خصوصية بلادهم (بل يعتبرون دعوى الخصوصية نفاقا)، ولا يسلِّمون بحرية فردية إذا كان يقابلها تشريع إسلامي مناقض للمواثيق الدولية، ولا قيمة ولا خلق عندهم يؤطرهما الإسلام، لأن الحريات لا ينبغي أن تقيد أو تنزع ولو على حساب الدين والقوانين..

هل في القيام بتلك المخالفات ضرر؟ عند هذه الثلة من ممسوخي الهوية ممارسة الزنا لا يجوز تحريمه، بل ينبغي تحليله وتقنين جوازه، فعبد الحميد أمين مثلا لا يجد ضررا في أن تمارس ابنته الفساد (الزنا) مع شاب من الشارع، ولا يمنع أن تصير حبلى من هذه الممارسة لأنها ستكون أما عازبة وابنها ولد طبيعي وهذه قيم كونية يفتخر بها، ثم لا يحرم عليها إجهاض هذا الحمل إذا لم تعد راغبة في الاحتفاظ به..، بل يذهب إلى أبعد من ذلك من التسليم بحقها في الردّة، ومن ضرورة تخلي المغرب على إسلاميته، لأن الشرائع الإسلامية تخالف القوانين الكونية التي أقرتها الأمم المتحدة!!

أما عند عموم المسلمين المتمسكين بشرع ربهم؛ المؤمنين بعبوديتهم له في كل أحوالهم وأوقاتهم، فالضرر كل الضرر فيما حرمه عليهم ربّهم جل في علاه ونبيهم -صلى الله عليه وسلم-، لأن خالقهم -سبحانه وتعالى- هو العليم الخبير بمصالحهم، وهو الحكيم في تشريعه وما يأمر به أو يمنع منه عباده. فالردّة عن الإسلام كفر، يقول الحق -سبحانه وتعالى-: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]، والسماح بحرية الاعتقاد باب للضلال والحيرة والإلحاد، والحيرة طريق الاكتئاب، والاكتئاب سبب كبير من أسباب الانتحار، فهل هكذا تكون الحياة؟ وتجويز الإجهاض وتقنينه مخالف لما أفتى به العلماء (إلا في صور محدودة من طرف البعض)، ففيه قتل للأجنة، وحسب المواثيق الدولية لابد من ضمان حق الحياة، وهو ما يوقع هؤلاء العلمانيين في تناقض كبير، ثم ضمان الإجهاض بالقانون سبب لزيادة ارتفاع عدد حالاته، وفيه تشجيع على الزنا، لأن الممتنعة عنها خشية الحمل سيزول عندها هذا الخوف، وتقبل على تلطيخ شرفها وعرض أهلها خصوصا مع توفر إمكانية زراعة البكارة الاصطناعية.. والزنا موبقة من الموبقات الكبرى المستوجبة لعذاب الله في الدنيا قبل الآخرة إذا عمت، ومن ضررها اختلاط الأنساب حتى يزني الذكر بأمه أو أخته أو ابنته.. وهو لا يدري، وهذا حال البهائم.

كما أن السماح بممارسة العلاقات الجنسية خارج مؤسسة الزواج من أسباب:
- انتشار الأمراض المعدية القاتلة..
- ارتفاع حجم ظاهرة الدعارة والشذوذ (اللواط والسحاق..)، والخيانة الزوجية، وزنا المحارم..
- اتخاذ الخليلات والعزوف عن الزواج وتكوين الأسرة التي هي محضن العفة والقيم وزرع الأخلاق..
- تسجيل قرابة 1000 حالة إجهاض يومياً..
- مئات الآلاف من الأطفال غير الشرعيين..
- استغلال الأطفال والقاصرات جنسيا، وترسيم السياحة الجنسية..
- تدمير الأسر القائمة، لانعدام الإخلاص والوفاء..

أما تجويز الإفطار العلني في رمضان، فمع مخالفته لقضاء الله وحكمه وأنه باب للمجاهرة بالعصيان، ففيه تعد على خصوصية الصائمين والشهر الكريم وهذا أولى من احترام خيار المفطر عند دعاة الحريات المتسيبة! وأما تقنين استهلاك الخمور فضرره لا يخفى على العاقل، لا في دين المخمور أو دنياه، وكثرة جرائم المخمورين (القتل، الاغتصاب، تخريب الممتلكات، ترويع الآمنين..)، والأمراض الخطيرة المنتشرة فيهم خير دليل على ذلك، كيف لا وهي أم الخبائث، كما أخبرنا بذلك من لا ينطق عن الهوى -صلى الله عليه وسلم-.

ومن هنا أوجه دعوة إلى الحيارى في التمسك بإحدى المرجعيتين الإسلامية أو العلمانية أن يقرؤوا كتبا ألفها علماؤنا الأجلاء في محاسن الإسلام وتشريعاته الربانية، وليحذروا من النفاق العلماني الذي لا يبرز في الفكر العلماني المتفسخ إلا الوجه الحسن الذي تنخدع به القلوب الضعيفة..

لماذا لا تتم محاسبة هؤلاء العلمانيين رغم دعوتهم إلى مخالفة القوانين؟ لقد عهدنا من ثلة العلمانيين انتفاخ أوداجهم وارتفاع أصواتهم، مطالبة بالقصاص والنكال والويل والثبور لكل عالم من علماء الأمة صدح بالحق، وذكر حكم الله -عز وجل- في مسألة اختلف فيها حكم الله -عز وجل- مع التشريع الوضعي والقانون المتبع، وخير دليل على ذلك قضية تزويج الفتاة الصغيرة مع الشيخ الدكتور محمد بن عبد الرحمن المغراوي، فقد شنوا حربا عليه ولم يهنأ لهم بال حتى أصدر المجلس العلمي الأعلى بيانا ضده، يتهمه فيه بخلق الفتنة والإفتاء بما يخالف ثوابت البلاد، وهو البيان الذي كان سببا في إغلاق أكثر من ستين دارا للقرآن، جرمها أنها تحفظ كتاب الله -عز وجل- وتعلم سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك الضجة التي افتعلوها ضد الأستاذ رضوان بنشقرون رئيس المجلس العلمي لمدينة الدار البيضاء سابقا، بسبب كلامه قبل سنوات عن حرمة العري والاختلاط في الشواطئ، ومن قضية تحذيره من تبذير أموال الأمة فيما لا يجدي، واستدعاء أشخاص لا يحترمون قيم الأمة وثوابتها، ووضع القدوات السيئة أمام الناشئة بما يمس سلامة عقولها ومقوماتها، عندما سئل عن استقدام المغني اللوطي إلتون جون في مهرجان موازين عام 2010م، فلم لا يقابلون بالمثل من حماة الأمن الروحي والأخلاقي الرسميين في البلد؟

يا حماة الأمن الروحي والأخلاقي هبّوا لحماية دينكم يستغرب المغربي المسلم من هذا الاستهداف الخطير لدينه وعقيدته وهويته وأخلاقه، وهو يرى دعاة العلمانية والحداثة وعقوق الإنسان يسعون في مشروعهم الرامي للمسخ الهوياتي الكامل، من خلال تقنين القوانين في المجالات والأحكام التي لا زالت تحافظ على خصوصيتها الدينية، وفي المقابل يجد أن المؤسسات الدينية الرسمية تعيش مواتا أمام هذه الحرب العلمانية الضروس، فمتى يرى المغربي وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والرابطة المحمدية لعلماء المغرب ودار الحديث الحسنية والمجلس العلمي الأعلى والمجالس العلمية المحلية تسعى إلى الحفاظ على ما تبقى من شريعة الله في مجالات الحياة العامة، وتطالب بتحكيم الشريعة الإسلامية في جميع مناحي الحياة، وتصدر بيانات تشجب من خلالها مثل هذه الأعمال وتدعو إلى محاسبة دعاة الانحراف العقدي والتسيب الفكري والأخلاقي؟

ختاماً.. إن الحرب القائمة بين المنظومة العلمانية الحداثية والمنظومة التشريعية والأخلاقية الإسلامية، هي حرب حول الهوية الشرعية لبلدنا، فالمسلمون يدافعون عن بلدهم المغرب بهويته الإسلامية ولا يقبلون طمسها أو استهداف خصوصيتها، والعلمانيون الحداثيون يريدون إلحاق المغرب بالمنظومة العلمانية التي لا ربّ لها سوى دعوة كونية حقوق الإنسان بمنظورهم المادي.

المصدر: الكـاتب : إبراهيم بيدون
  • 33
  • 12
  • 14,782

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً