أعظم ورطة يمكن أن يقع فيها أحد

تأمل قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}؛ لتعلم أن الإيمان هو أعظم ما يحول بين إراقة دماء، ولولا الإيمان لأكل القوي الضعيفَ، وبطشَ الكبيرُ بالصغيرِ.

  • التصنيفات: نصائح ومواعظ -

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92].

 

تأمل قول الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}؛ لتعلم أن الإيمان هو أعظم ما يحول بين إراقة دماء، ولولا الإيمان لأكل القوي الضعيفَ، وبطشَ الكبيرُ بالصغيرِ.

 

وتأمل ذلك التعبير {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا}؛ لتعلم شناعة القتل، وبشاعة سفْك الدماء، وأثر القتل العمد في الإيمان؛ كأنه قال: (مُحال أن يكون مؤمنًا ويُقدم على تلك الجريمة النكراء).

 

نعم محال أن يكون مؤمنًا ويُقدم على تلك الجريمة الشنيعة التي تكاد أن تستأصل الإيمان؛ فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا»[1].

 

بل إن أعظم ورطة يُمكن أن يقع فيها أحدٌ أن يسفك دمًا حرامًا، ويقتل نفسًا معصومة؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: «إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الأُمُورِ، الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ فِيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ»[2].

 

وهي أعظم ورطة؛ لأنه ارتكب أعظم جرمًا بعد الشرك بالله تعالى؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: «الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ»[3].

 

وإذا كان من أسباب الطرد من رحمة الله تعالى الإشارةُ للمسلم بأداة تؤدي إلى القتل، فكيف بمن قتل بالفعل؛ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ»[4].

 


[1] رواه البخاري، كِتَابُ الدِّيَاتِ، ‌‌بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾، حديث رقم: 6862.

[2] رواه البخاري، ‌‌كِتَابُ الدِّيَاتِ، بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ﴾، حديث رقم: 6863.

[3] رواه البخاري، ‌‌كِتَابُ الْوَصَايَا، ‌‌بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾[النساء: 10]، حديث رقم: 2766، ومسلم، ‌‌كِتَابُ الْإِيمَانِ، ‌‌بَابُ بَيَانِ الْكَبَائِرِ وَأَكْبَرِهَا، حديث رقم: 89.

[4] رواه مسلم، ‌‌كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، ‌‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِشَارَةِ بِالسِّلَاحِ إِلَى مُسْلِمٍ، حديث رقم: 2616.

_______________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب