حوار موقع الإصلاح الإماراتي مع الداعية الإسلامي خبَّاب بن مروان الحمد

منذ 2012-01-30


التقى زوَّار موقع الإصلاح الإماراتي، فضيلة الداعية الفلسطيني خباب مروان الحمد، للحديث معه حول بعض القضايا التربوية والإيمانية المتعلقة بشهر رمضان، ولأجل النفع والفائدة قام بعض الإخوة -جزاهم الله خيرًاـ بجمع الأسئلة والأجوبة، لكي تنشر في عدد من مواقع الإنترنت، فهيا بنا نقرأ الحوار الذي دار مع الداعية الإسلامي خباب الحمد جزاه الله خيرًا.

--------------------------------------------------------------------------------
س1) كيف أقي نفسي من المعصية في رمضان؟

ج1) الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
من مقاصد الصيام الجليلة أنَّ فيه تزكية للنفس وتنقية لها من الأخلاق الرذيلة، خاصَّة أنَّه شرع في شهر من خصوصيَّاته تصفيد الشياطين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنَّة، وغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين» (أخرجه البخاري ومسلم).
ويمكن للصائم الذي يريد أن يقي صومه من الموبقات، ويزداد من الأعمال الصالحات، أن يفعل عدَّة أمور تعينه بحول الله على فعل الخير واجتناب الضر أو الضير في شهر رمضان الفضيل من خلال النقاط التالية:
• أكثر من دعاء الله تعالى وحده أن يقيك شر نفسك وشر كل ذي شر وشر الشيطان الرجيم في هذا الشهر الكريم، وتضرع إليه سبحانه وتعالى بذلك فهو كفيل بجواب حاجتك.
• أكثر من قراءة القرآن متأسياً بسلفنا الصالح وحاول أن تنطبع بأخلاق القرآن، وما يأمرك به هذا الكتاب الكريم.
• اشترك مع اللجان الخيريَّة، أو موائد تفطير الصائمين، وقم على خدمة المساكين، وحاول أن تخفف عنهم وتواسيهم.
• ابتعد عن أي صديق للسوء فهو مهلكة وجرَّار إلى الفساد، وقلَّما يَرضى صاحب سوء أن تبقى في طاعة الله ولو كنت بجانب الكعبة أو في شهر رمضان الكريم.
• داوم على طاعة الله تعالى، واجعل لنفسك برنامجاً إيمانياً دعوياً تربوياً تستغل وقتك فيه بالطاعات والباقيات الصالحات.
• ابتعد عن كل ما يزين لك المعصية أو يقربها منك، وخصوصاً إن كنت تقارف المعصية عندها، مثل الفضائيات أو الشبكة العنكبوتيَّة أو التسكع في الشوارع، وما شاكل ذلك.
• أشعر نفسك أنَّ المعاصي لا عودة لها سواء في رمضان أو بعد شهر رمضان، وقل كما قال علماء المسلمين كالإمام أحمد بن حنبل والفضيل بن عياض: "بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان".
• جرِّب شعيرة الاعتكاف ولو لأيام قليلة، فستشعر بعدها بطعم حلاوة الإيمان، والرضا عن النفس، والطمأنينة القلبيَّة، وسعادة الضمير.
والله يرعاك.


س2) ما المقومات التي تساعد الصائم على فعل الصيام؟

ج2) في البداية يا أخي الكريم ما أجمل أن تستشعر مجيء وقدوم هذا الشهر الفضيل، وأن تعلم أنَّ قدوم هذا الشهر هو خير وبر وبركة على الأمة الإسلاميَّة:
 

رَمَضَانُ فِي قَلْبِي هَمَاهِمُ نَشْوَةٍ *** مِنْ قَبْلِ رُؤْيَةِ وَجْهِكَ الوَضَّاءِ
وَعَلَى فَمِي طَعْمٌ أُحِسُّ بِهِ *** مِنْ طَعْمِ تِلْكَ الجَنَّةِ الخَضْرَاءِ
قَالُوا بِأَنَّكَ قَادِمٌ فَتَهَلَّلَتْ *** بِالْبِشْرِ أَوْجُهُنَا وَبِالْخُيَلاَءِ


لقد كان السلف الصالح يستبشرون بقدوم شهر رمضان، ويعدوا أنفسهم إلى ذلك، ولقد كان عبد الله بن عمر يقول: "مرحباً بشهر خير كله، صيام نهاره، وقيام ليله، النفقة فيه كالنفقة في سبيل الله"، بل أخبر المعلَّى بن الفضل رحمه الله عن سلفنا الصالح مع رمضان بقوله: "كان السلف يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثمَّ يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم"، فلك أن تتخيَّل أنَّهم كانوا لمدَّة ستة أشهر يترقبون شهر رمضان، ويدعون الله تعالى أن يبلغهم هذا الشهر الكريم.

ومن المقومات التي تساعدك على فعل الصيام:
• أن تكون متشوقاً للقاء هذا الشهر الكريم وما فيه من فريضة عظيمة هي ركن من أركان الإسلام، ويكفينا فخراً أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «كلُّ عمل آدمَ له، الحَسَنة بعشْر أمثالها، إلى سبعمائة ضعفٍ. يقول الله عزَّ وجلَّ : إلاَّ الصِّيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، تَرَكَ شهوَته وطعامَه وشرابَه من أجلي! للصَّائم فرحتان: فرحةٌ عند إفطاره، وفرحةٌ عند لقاء ربِّه، ولخُلُوف فَمِ الصَّائم أطيبُ عند الله من ريح المِسْك»، (أخرجه البخاريُّ ومُسْلِمٌ).
• تهيئة الجو الأسري أجمعهم لذلك، والإفطار سوياً فله فرحة عظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربِّه» ولهذا كان سلفنا الصالح يحرصون على الإطار الجماعي في رمضان لكي ذلك أزكى وأهنأ وأدعى للفرحة، ولقد قال أبو السَّوَّار العَدَوي: "كان رجالٌ من بني عَدِيٍّ يصلُّون في هذا المسجد، ما أفْطَرَ أحدٌ منهم على طعامٍ قطُّ وحده، إن وجد مَنْ يأكل معه أَكَلَ، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع النَّاس، وأكل النَّاس معه".
• القراءة في أحكام الصيام وفضائل شهر رمضان، ومعرفة الأحكام الضروريَّة التي تهمك، لكي يكون لديك خلفية جيدة في هذا المجال وفقهاً لهذه النازلة السنويَّة الشريفة.
• السحور، لأنَّ في هذا الطعام تقوية لك على صيام يومك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تسحروا فإنَّ في السحور بركة» (أخرجه البخاري ومسلم).
هذه بعض المقومات، والوقت لا يسعف لذكرها جميعا، وفيما ذكرنا كفاية بإذن الله تعالى.


س3) كيف يمكننا المحافظة على روح الجديَّة في العبادة التي نبدأ بها في الشهر الكريم ولكنها لا تدوم طويلا؟

ج3) ما سألت عنه يا أخي الكثير من المسلمين يسألون عنه، والحقيقَّة أنَّ القضيَّة بحاجة إلى التوازن في العبادات فهنالك من الناس من يتحمس لفعل العبادة فتجده يريد أن يكون كالإمام البخاري يختم القرآن في شهر رمضان 30 مرة، فيحاول أن يختم القرآن في اليوم الأول مرة، وفي اليوم الثاني نصفه، وفي الثالث ربعه، وما أن يأتي اليوم الخامس حتى يفتر عن تلاوة القرآن بسبب الضعف في التخطيط الاستراتيجي للاستغلال الصحيح لشهر رمضان في العبادة والإيمانيات.
وقد ثبت كما في صحيح مسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي العمل أحب إلى الله؟ فقال: «أدومه وإن قل».
فليست العبرة بالكم وإنما العبرة بالكيف، ولهذا قال تعالى:{الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [سورة الملك: 2]، ولم يقل: أكثر عملا، وذلك أنَّ المراد من الشرع الحكيم أن يكون عملك خالصاً لوجه الله، ومتبعاً فيه سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي أنصحك به أن تضع لك ورداً جيداً من قراءة القرآن والصدقة وتفطير الصائمين وقيام الليل والإحسان إلى الناس ودعوتهم إلى الله، بما تستطيعه فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها وإلا ما آتاها، ولقد قال صلى الله عيه وسلم: «اكلفوا من العمل ما تطيقون فإنَّ الله لا يمل حتَّى تملوا» (والحديث أخرجه أبو داود وصححه الألباني).
وحاول أن تستعين أنت وأصدقائك على فعل الخير وأن تلزموا أنفسكم به، فإنَّ المرء قوي بإخوانه ضعيف بنفسه، خصوصاً إن كان مبتدئاً في الطاعات على وجه الدوام، والله تعالى أعلم.


س4) شيخنا العزيز... دائماً يمر علي رمضان وأنا مضغوط في العمل خاصة نتيجة طبيعة عملي، فلا أستفيد من هذا الشهر الكريم فما أفضل الطرق للاستفادة منه دون التقصير في عملي أو خسارة الثواب الكبير في هذا الشهر الكريم؟

ج4) احتسب الأجر في عملك، واعلم أنّ رمضان شهر العمل والبذل والعطاء، فلم يكن هذا الشهر الذي وقعت فيه أكبر معارك المسلمين مع أعدائهم عائقًا عن أداء مهمة، ولا داعيًا للتقاعس عن إتقان عمل، وخصوصاً أنَّه عليه الصلاة والسلام قال: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ»
ولكن مع هذا حاول وأنت في عملك أن تكثر من ذكر الله تعالى، ولو وجدت وقت فراغاً في عملك فاستغله بقراءة القرآن أو سماعه، وحاول ألاَّ تنسى الصدقة في رمضان، فهذا الشهر يعطينا فرصاً كثيرة للعطاء وتقديم الخير للناس، وإكرامهم وإسبال الجود عليهم، من قبيل: تفطير الصوَّام، والتصدق بالمال، وتعليم الناس العلم ودعوتهم إلى الله أسوة برسولك صلى الله عليه وسلم، والسعي في خدمة المحتاجين والمكروبين، وهو فرصة عظيمة يحسن استغلالك لها في شهر رمضان لتكون على أهبة الاستعداد بمزيد من العطاء، وبذل الإيجابيَّة الفعَّالة في أوساط الناس، وإن استطعت أن تعتمر في هذا الشهر العظيم عمرة يعدل الله لك بها حجة فهو أمر عظيم وخير كبير، لا تحرم نفسك منه، وأعظم استغلال لك في هذا الشهر أن تتقي الله عز وجل فهو المقصد الرئيس والحقيقي من الصيام كما قال تعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة: 183].
أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والبر والرشاد.


س5) ارتبط شهر رمضان الكريم بالانتصارات على الأعداء فكيف لنا أن ننتصر على أنفسنا وكيف ننتصر لإخواننا الذين يقضون رمضان والاحتلال قابع عليهم، فأنا أتحسر كل رمضان على إخواننا في غزة وفي العراق، فكيف أنتصر لهم؟

ج5) جزاك الله خيراً على حرقتك أخي أبو حذيفة، ورزقك من الخير ما تصبو إليه نفسك... آمين.
الملاحظ يا أخي أبو حذيفة في حياة الصحابة والسلف الصالح، قوَّة النشاط في تحري الخير، وكثرة العمل الصالح في هذا الشهر، ومن ذلك الغزوات والسرايا الكثيرة التي خرجت للجهاد في سبيل الله، ومنها معركة بدر في اليوم السابع عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة، وفتح مكة في اليوم العاشر من رمضان في السنة الثامنة من الهجرة، وقد كان هذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ثم أتت من بعده الفتوحات الإسلامية العظيمة، التي شرَّفت وجه الأمة الإسلامية بكثرتها لإدخال النّاس في سبيل الله، وتحطيم الطواغيت التي تحول بين عوام الكفار وبين الدخول في الإسلام، ومن هذه الغزوات وقعة البويب في السنة الثالثة عشرة من الهجرة، وفتح النوبة في السنة الحادية والثلاثين من الهجرة، وفتح الأندلس في الثانية والتسعين من الهجرة، والفتوح الإسلامية للمسلمين في فرنسا في السنة الثانية بعد المائة من الهجرة، وفتح عمورية في السنة الثالثة والعشرين بعد المائتين الهجرية، وتوالت الفتوحات بعد ذلك بفتح حارم، وصفد، والمعركة العظيمة عين جالوت، وفتح أنطاكية، وفتح أرمينيا الصغرى، ومعركة شقحب، وفتح جزيرة قبرص في عهد المماليك، وفتح البوسنة والهرسك، وفتح بلاد الصرب وعاصمتها بلغراد.

كلُّ ذلك دليل واضح على أنَّ شهر رمضان، شهر عبادة وعمل وفتوح وانتصارات، فهو شهر انتصار على إرادة النفس بما لا يرضي الله، وشهر انتصار على أعداء الله.
لأجل هذا جاء الفضل لشهر الصوم شهر رمضان المبارك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سُبْعُمَائَة ضِعْف. يقول عز وجل: إلاَّ الصِّيام فإِنَّه لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، تَرَك شَهْوَتَه وطَعَامَهُ وشَرَابَه مِنْ أَجْلِي، للصَّائِمِ فَرْحَتان، فَرْحَة عِنْد فِطْرِه، وفَرْحَة عِنْد لِقَاءِ رَبِّهِ، ولَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ» (أخرجه البُخاري ومُسْلم).

وقد ذكر الإمام الغزالي في حكمة نسبة الصيام لله عز وجل معنيين: "أحدهما: أن الصوم كفٌّ وترك، وهو في نفسه سر ليس فيه عمل يُشاهد، وجميع الطاعات بمشهد من الخلق، ومرأى من أعينهم، والصوم لا يراه إلا الله عز وجل فإنه في الباطن بالصبر المجرد.
والآخر: أنه قهر لعدو الله عز وجل، فإن وسيلة الشيطان الشهوات. وإنما تقوى الشهوات بالأكل والشرب، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ فَضَيِّقُوا مَجَارِيهِ بِالجُوعِ». فإذا كان الصوم على الخصوص قمعًا للشيطان، وسدَّا لمسالكه، وتضييقًا لمجاريه، استحق التخصيص بالنسبة إلى الله عز وجل".
ولهذا كان أبو هريرة رضي الله عنه وأصحابه إذا صاموا جلسوا في المسجد، وقالوا: "نحفظ صيامنا"، فالله الله بحفظ الجوارح في نهار رمضان وليله.
ويمكنك أن تكثر من الدعاء لإخوانك المضطهدين في فلسطين والعراق وأفغانستان وكشمير والشيشان، وتدعو الله لهم بالنصر، وتمدهم بكل ما يحتاجونه مما يقويهم وينصرهم على عدوهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


س6) بارك الله فيكم على هذا اللقاء .. شيخي الحبيب أود سؤالكم عن باب قصر فيه الأهل من قريب ومن بعيد، وانشغلوا فيه إلى البطون والصحون، ونسوا فيه الهدف والأساس والغاية، ألا يعتبر وضع برنامج عائلي يضم فيه الزوج والزوجة والأبناء في طاعة الرحمن سوية واجبًا على الأسرة المسلمة؟ وهل يحاسب الأبوان إن قصرا في جانب إدارة وقت أبنائهم في رمضان ووقتهم هم أيضًا؟ وبارك الله فيكم..

ج6) حياكم الله يا أخ محمد عبد اللطيف وبارك فيكم.
ما تقوله يا أخي أمر في غاية الأهميَّة، وذلك أنَّ الكثير من بيوتات المسلمين في شهر رمضان لا تختلف في استقباله عن سائر الشهور، ولو أردنا أن ننصفها قليلاً فإنَّنا نقول أنَّها في شهر رمضان تشتغل بالمأكولات والمشروبات وكفى!
نعم! أن تقوم الأم والأخت والزوجة بطهي الطعام، والقيام على تفطير الصوام، أمر يحمدون عليه ويشكرون، ولكن أن يكون البرنامج عند هذا وكفاية فهذه معضلة في الحقيقة!
ولهذا فمن الضروري أن يكون لرب البيت دوره في شهر رمضان فيكون لرمضان بهجة لدى البيت لمسلم، من قبيل:
• الجلوس بعد صلاة الفجر ومدارسة القرآن سوياً وقراءة تفسير بعض الآيات.
• تعليق بعض المطويات واللوحات الرمضانية في باحة (صالة) البيت وفيها أوراق تتجدد يومياً عن شهر رمضان وما يتعلق به.
• جمع الأهل أحياناً قبل الإفطار والدعاء للمسلمين بالنصر والتمكين والمجاهدين في سبيل الله بالغلبة على عدوهم، وأن يحفظ الله المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية من دنس الكافرين، وأن يفك أسرى المسلمين.
• قراءة كتاب بشكل جماعي عن فضائل رمضان وآدابه وما يتعلق بذلك، لتوعية الأسرة المسلمة بحق هذا الشهر عليهم.
• تعويد الأبناء والبنات على الصدقة وبذل الخير للفقراء والمساكين والمعوزين، وهذا الأمر من أجل الأمور، ولقد قال الشافعي رحمه الله: "أَحِبُّ للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثير منهم بالصوم عن مكاسبهم".
• إقامة مسابقات رمضانيَّة تحث على الخير وتزرع الأخلاق الفضيلة، وتعطي للأولاد القيم الصحيحة والأفكار النبيلة، والمعلومات الشرعية المفيدة، بأسلوب مشوق، وابتسامة مضيئة، مع جوائز رمزيَّة.
• تشجيع الأبناء الصغار على الصوم وقيام الليل، وجعل الصوم وقيام الليل أمراً متتالياً بعد انقضاء شهر رمضان، لكي يكون لشهر رمضان تأثير على البيئة الأسرية في غير شهر رمضان، ومما ذكره العلماء ومنهم ابن رجب الحنبلي في لطائف المعارف أنَّ رجلاً من الصالحين باع جارية لأحد الناس .. فلما أقبل رمضان أخذ سيدها الجديد يتهيأ بألوان الطعام .. فقالت الجارية: لماذا تصنعون ذلك؟ قالوا : لاستقبال الصيام في شهر رمضان .. فقالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان؟! والله لقد جئت من عند قوم السنة عندهم كلها رمضان .. لا حاجة لي فيكم .. ردوني إليهم .. ورجعت إلى سيدها الأول.
نعم! لقد تربت تربية قويمة وشعرت أنَّ ذلك البيت المسلم لا غنى لها عنه، فرجعت لسيدها الأول، فمن منَّا يتقي الله في أهله وأولاده، ويعطيهم برامج مقترحة في شهر الصوم لئلا ينتقلوا إلى الملهيات والفضائيات وما لا يرضي الله عزَّ وجل.


س7) السلام عليكم، أخوك داعية إلي الله ولكني لست متخصص، ومخطط إن شاء الله أن أقوم ببعض الدروس في صلاة التراويح لأحد المساجد الصغيرة، فبما تنصحني من الناحية التربوية لي، ومن الناحية العلمية مثل طريقة التحضير وخلافه، وجزاكم الله خيرا.

ج7) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا بك يا أخي الداعية إلى الله: عبد الله رزقني الله وإياك التقوى آمين.
أنصحك وأنصح نفسي يا أخي بتقوى الله عزَّ وجل، وألاَّ نجعل حب التصدر والشهرة هو هدفنا، وصدق إبراهيم النخعي حين قال: "ما صدق ربه عبدٌ أحب الشهرة".
والذي نفسي بيده أنَّنا نحن الدعاة إلى الله -وهذا شرف عظيم- بحاجة لمن يذكرنا أكثر من غيرنا، وأن يعصمنا ربنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرزقنا الله الإخلاص في القول والعمل.
وأمَّا ما أنصحك به من طريقة التحضير، أن تجعل همّك تعليم نفسك أولاً ورفع الجهل عن نفسك ثمَّ عن غيرك، وبعد ذلك تبحث عن المادة التي تريد أن تلقيها فتفكر في العناصر المهمة التي تحتاج لتحضير، فتحاول أن تفكر فيها ملياً لكي تخرج بالأفكار الجيدة من عقلك، ومن ثمَّ ترجع للكتاب والبحوث والدراسات والمطويات، وتستخرج ما يناسب عرضه وطرحه في المساجد وأمام العوام.
حاول ألا تكثر على العوام الوعظ وتمثل بما كان صلى الله عليه وسلم يفعله، كما قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا". (أخرجه البخاري).
وحاول أن تحدث الناس الذين أمامك على قدر عقولهم وعلى مستواهم التعليمي، فهنا تنبع المهارة منك والاحترافية في دعوتك لهم، كما قال الصحابي الجليل علي بن أبي طالب: "حدثوا الناس بما يعقلون أتريدون أن يكذَّب الله ورسوله".
وأنصحك أخيراً أن تجعل لديك في آخر عشر أيام من رمضان اعتكافاً تتألق فيه بنفسك، وتسمو فيه بروحك إلى الله عزَّ وجل، وتحاسب من خلاله نفسك، سترني الله وإياك، ورضي عني وعنك.


س8) لي جارة تصوم وتصلي في رمضان فقط، أمَّا بقية العام فلا تصوم ولا تصلي رغم نصيحتي لها، فماذا أفعل معها ولكم وافر الشكر؟

ج8) جزاك الله خيرًا يا أخت سارة على اهتمامك بأمر جارتك.
في الحقيقة أنَّ هذه الجارة لها حق المواصلة بالدعوة إلى الله ونصيحتها بالتي هي أحسن.
• أكثري لها الدعاء بأن يصلح الله قلبها.
• حاولي معها وهي في شهر رمضان أن تتوب إلى الله توبة صادقة وأن تدع هذا التكاسل الذي لا يفيدها، لأنَّ من صلَّى في شهر رمضان ولم يصلي في غيره من الشهور، فإنَّ هذا من باب التقصير وهوان حق الله تعالى على عين تلك المرأة، فما دام أنَّها تصلي برمضان فقط، فلتصلي بغيره من الشهور، فالله رب رمضان وهو رب شعبان ومحرم وصفر وغيره من الشهور، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: "بئس القوم الذين لا يعرفون الله إلا في رمضان".
• أخبريها أنَّ من علامة قبول الله لصيامك وصلاتك أن تداومي على فعل ذلك وخصوصاً الصلاة إذ هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله، وأنَّ الصلاة عمود الدين، وثاني ركن من أركان الإسلام، وأنَّ من صفات المنافقين تكاسلهم عن الصلاة كما قال تعالى:{وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [سورة النساء: 142]، وأنَّ مما يدعو إلى دخول النار ترك الصلاة كما قال تعلى:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [سورة المدثر: 42-43]، وأنَّ الله تعالى يقول: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [سورة مريم: 59]، وأنَّ هذا الغي هو الجحيم الذي لا يطاق.
• ذكريها بأقوال العلماء في حكم تارك الصلاة وخطورة ذلك وأنَّ جمع عظيم منهم يرون كفر تاركها تكاسلاً وتهاوناً والعياذ بالله.
• حاولي أن تدعيها بعد رمضان لكي تصلي معك وتخاطبيها بأنَّ ما تفعله أمر خطير يخشى عليها من عذاب الله تعالى.
• حاولي أن يؤثر زوجك على زوج جارتك لكي يكون له دور في أداء زوجته للصلاة كاملة، لكي لا يتندم ولات ساعة مندم حين لا يكون له دور في وقاية أهله من النار، وحسبنا الله ونعم الوكيل.


س9) ما السنن المستحبة وأعمال الخير التي كان يواظب عليها النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟

ج9) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتنم رمضان بجميع أنواع العبادات المشروعة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة" (متفق عليه).
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتنم وقته اغتناماً كبيراً في شهر رمضان من عمل الفريضة الواجبة وهي الصيام، مع ذكر الله تعالى، والصلاة ، وقراءة القرآن، ودعوة الناس، وتعليمهم أحكام دينهم، والأمر بالمعروف، والجهاد في سبيل الله، واعتكاف العشر الأواخر في رمضان، والتصدق والإنفاق في سبيل الله، وبذل الخير للناس، وقيام الليل والتهجد، والتبكير في الفطور، والتأخير في أكلة السحر، ودعاء الله عز وجل، ومواصلة ذكر الله تعالى والاستغفار في وقت السحر، وما إلى ذلك.
وأنصح بمطالعة كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد) للإمام ابن القيم الجوزية، والقراءة لما كتبه الإمام ابن القيم عن هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان والصيام.
كما أنصح بقراءة كتاب الشيخ فيصل البعداني وهو بعنوانهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان) من إصدارات مجلة البيان الإسلامية.
وفقكم الله ويسر أموركم.

وأشكر موقع الإصلاح الإماراتي على كريم استضافته لي، وأشكر الأستاذ محمد شعبان على تواصله معي أثناء الحوار، وبارك الله فيكم جميعا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

  • 1
  • 0
  • 20,452

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً