إلى نواب البرلمان.. كيف تعملون؟!

منذ 2012-02-01


بالأمسِ القريب كان مُعظم الإسلاميِّين الَّذين نَجحوا في الانتخابات البرلمانيَّة يُعانون من التَّهميش الرَّسْمي، والقمعِ الأمني، وها هم اليوم قد أهلكَ الله عدُوَّهم، واستخلَفَهم في الأرض، وحصَلوا على أكثرَ مِن سبعين بالمائة من مقاعد البَرلمان، فيا تُرى كيف يَعْمَلون؟!

أيها النُّواب الإسلاميون:
اعلموا أنَّكم أمام لحظات فارقة في تاريخ الأمَّة كلها، فكُونوا على قدر المسؤوليَّة، ولا تَخْذلوا الشَّعب المسلم الذي منَحَكم صوتَه، وعلَّق عليكم آماله وطموحاته، واستعِدُّوا لعملٍ دَؤوب، ومُساءلة جادَّة، فليس الوقتُ وقتَ شعارات، وإنَّما وقت عكوفٍ على برامج وحلول واقعيَّة؛ للخروج بِمصر من عنق الزجاجة، ومُحاولة رسم مستقبل الأمَّة بأسرها، والتمكين لدين الله عزَّ وجلَّ في الأرض، وهذا أمرٌ يتطلَّب الكثير من الجهد، والعمل الدَّؤوب والمثابرة.

عليكم أن تتَدارسوا من الآن: "ماذا نريد أن يَقول عنَّا الناس بعد عامٍ من الآن؟"، وقبل ذلك: "ماذا سنقول لربِّنا غدًا، وقد مكَّنَنا من قيادة البلاد؟".

لا شكَّ أنكم إذا فَشِلتم في هذه المرحلة لا قدَّر الله فلن تَكونوا أنتم الخاسرين، وإنَّما سيَعتبر الناس أنَّ الإسلام هو الذي فشل، ولن تعودوا محلَّ ثقتِهم، وسوف تضيع منكم فرصةُ الإصلاح الَّتي سعَيْتم إليها.

واعلموا أن المتحدِّثين في السياسة لا يُعذَرون، ويُحاسَبون على ما يَنطقون به، بل إنَّهم قد يُحاسَبون على ما يَسْكتون عنه، وسوف نُحاسبكم، ونسألكم عن أخطائكم، فإن أصَبْتم شكَرْناكم، وإن أخطأتم قوَّمْناكم.

يا نُوَّاب حزب الحريَّة والعدالة: أُذكِّركم بشعار جَماعتكم: "الإسلام هو الحل"، لا تنسَوْا أنَّكم ما دخَلْتم هذا المَجلس إلاَّ لِتَنصروا شرع الله، وتُطبِّقوا حدودَه وأحكامه، فلا تنسيكم الكراسيُّ هدفَكم الرئيسيَّ من خوض غِمار السِّياسة، واعلموا أنَّ الغالبية العُظمى من هذا الشعب تريد تطبيق الشريعة، وتغيير القوانين المُخالفة لصريح الدِّين، وأنَّهم لَم يَخْتاروكم إلاَّ لهذه الأسباب، وإن لَم تَسْعوا إلى تغيير هذه القوانين، وتُقعِّدوا لها في الدُّستور القادم، فلَن تستطيعوا أن تُغيِّروها في المستقبل.

يا نوَّاب حزب النُّور: اعلموا أنَّ التغيير لن يأتي في يومٍ وليلة، وأُذكِّركم بموقف عمر بن عبد العزيز عندما جاءه ابنُه عبد الملك، فقال له: ما أنت قائلٌ لربِّك غدًا إذا سألَك؟ فقال: رأيتَ بدعةً فلم تُمِتها، أو سُنَّة فلم تُحْيِها؟ فقال أبوه: رحمك الله وجَزاك من ولدٍ خيرًا، يا بُنَي إنَّ قومك قد شدُّوا هذا الأمر عقدةً عقدة، وعروةً عروة، ومتى أردت مُكابرتَهم على انتزاع ما في أيديهم لَم آمَنْ أن يفتقوا عليَّ فتقًا، يكثر فيه الدِّماء، ووالله لزَوال الدُّنيا أهونُ علَيَّ من أن يُراق في سبَبِي محجمةٌ مِن دم، أو ما تَرضى أنْ لا يأتي على أبيك يومٌ من أيام الدُّنيا إلاَّ وهو يميت فيه بدعةً، ويُحيي سُنَّة؟

أخي نائب البرلمان: إن كنت تريد أن تَشْتري سياسة، فادفع ثَمنَها سياسة، واحذر أن تَشتري سياسةً بدين، فلا تُقدِّم أيَّ تنازل على حساب دينك مُقابل الحصول على مغنمٍ سياسيٍّ، فإنَّك لن تنصر الإسلام بِتَرك بعض أحكامه، ولن ترفع رايته وأنت تَطْمس مَعالِمَها.

وأخيرًا: مصرُ مُقبِلة على خيرٍ كبير؛ بشرط أن يُؤدِّي كلٌّ منَّا ما عليه من واجبات، وأن يَستمع النُّواب الإسلاميُّون إلى إخوانهم من التيَّارات الأخرى، فأركان الدَّولة تُبنَى على المُشاركة، لا المُغالبة، ولن تستطيعوا وحدكم النُّهوض بهذا البلد وإعادةَ بنائه، وتذَكَّروا أنَّنا في مرحلة بِناء، ولَسْنا في وقتِ تَصْفية الحسابات والخلافات، ونحن الآن في حاجة ماسَّة إلى التَّحاور والتشاور والتوافق، والتعرُّف على القدر المتاحِ والممكن للتَّغيير في ضوء ظُروفنا الحاليَّة وواقعِنا الحاضر.

عبد الرحمن المراكبي
تاريخ الإضافة: 30/1/2012 ميلادي - 6/3/1433 هجري

  • 0
  • 0
  • 1,464

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً