الأنانية والتعاطف

منذ يوم

تعتبر الأنانية من الصفات السلبية التي تؤثر في العلاقات، وتُفسِد توازن المجتمع، يعيش الشخص الأنانيُّ في عالمٍ يركِّز على نفسه، مُفضِّلًا مصالحَه الشخصية على احتياجات الآخرين

تعتبر الأنانية من الصفات السلبية التي تؤثر في العلاقات، وتُفسِد توازن المجتمع، يعيش الشخص الأنانيُّ في عالمٍ يركِّز على نفسه، مُفضِّلًا مصالحَه الشخصية على احتياجات الآخرين؛ لذا فإن فَهمَ الأنانية من منظور القيم الإسلامية يُعَدُّ أمرًا بالغَ الأهمية؛ حيث يشجِّع الدين الإسلاميُّ على التعاطف والتعاون بين الأفراد.

 

الأنانية تعني عدم الاكتراث بمشاعر الآخرين واحتياجاتهم، يظهر الشخص الأنانيُّ كما لو كان يعيش في فقاعة؛ حيث لا يرى إلا ما يُهِمُّه، ولا يتردد في استغلال من حوله لتحقيق أهدافه الشخصية، هذا السلوك يؤدي إلى تفكُّك العلاقات وفقدان الثقة؛ وفي الحديث الشريف قال صلى الله عليه وسلم: (( «لا يؤمن أحدكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحب لنفسه» ))، مما يبرز أهمية التعاطف والرغبة في الخير للآخرين.

 

تؤدي الأنانية إلى آثار سلبية على العلاقات الاجتماعية، فالشخص الذي يفكر في نفسه فقط يُهمِل مشاعر الآخرين، مما يخلق شعورًا بالاستغلال، فعندما يدرك الأصدقاء أو أفراد العائلة أن شخصًا ما يضع مصلحته فوق كل شيء، تبدأ الثقة في التآكل؛ على سبيل المثال: قد يشعر أحد الأصدقاء بالإحباط إذا كان صديقه لا يستمع لمشاكله، مما يؤدي إلى تباعد العلاقة وفقدان التواصل.

 

على مستوى أوسع، تؤثِّر الأنانية في المجتمع كله، عندما يسيطر التفكير الأناني على الأفراد، يتراجع التعاون، وتغيب قيم التشارك والعطاء، المجتمعات التي تنتشر فيها الأنانية تعاني من ضعف الروابط بين الأفراد؛ حيث يصبح التعاون نادرًا، مما يؤدي إلى صراعات وأزمات، وفي مثل هذه البيئات، يسعى كل فرد لتحقيق مصالحه الشخصية دون الاكتراث بالآخرين.

 

الإسلام يدعو إلى تعزيز قيم الرحمة والمودة بين الناس؛ يقول الله تعالى: ﴿  {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}  ﴾ [المائدة: 2]، تُظهر هذه الآية كيف أن التعاون من أجل الخير يُعزِّز العلاقات، ويقوِّي الروابط بين الأفراد، كما يُظهِر القرآن الكريم أن العطاء ومساعدة الآخرين من أعظم القيم التي يجب أن يتحلَّى بها المسلم؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿  {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ}  ﴾ [البقرة: 272]، مما يوضح أن العطاء يعود بالنفع على النفس أيضًا.

 

الشخص المنغمس في الأنانية غالبًا ما يكون في حالة من الانفصال عن الآخرين، قد يبدو أن لديه أصدقاء، لكنه في الحقيقة يعيش في وحدة، فعندما لا يشارك مع الآخرين ولا يهتم بمشاعرهم، يخلق لنفسه حاجزًا يفصله عنهم، هذه الوحدة يمكن أن تكون مؤلمة؛ إذ إن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته يحتاج إلى التواصل والمشاركة.

 

لمواجهة الأنانية، يجب علينا تعزيز قيم التعاطف والعطاء في حياتنا اليومية، يتطلب الأمر منا التفكير في احتياجات الآخرين، ومحاولة تلبية تلك الاحتياجات، ويمكن أن نبدأ بتعزيز هذه القيم في الأسرة؛ حيث يجب تعليم الأطفال أهمية مساعدة الآخرين والاعتناء بمشاعرهم، على سبيل المثال: يمكن تنظيم أنشطة تطوعية في المدارس لتعزيز روح التعاون والعطاء بين الأطفال.

 

إن التربية السليمة تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل شخصية الفرد، فالأشخاص الذين ينشؤون في بيئة تعزِّز القيم الإسلامية يتمتعون بقدرة أفضلَ على التعاطف مع الآخرين، يمكننا أن يشجع بعضنا بعضًا على العمل معًا من أجل الخير، ونبتعد عن الأنانية والمصلحة الشخصية، من خلال الفعاليات المجتمعية والمشاركة في الأعمال الخيرية، ويمكن أن تكون هذه الأنشطة وسيلةً فعَّالة لتعزيز الروابط الاجتماعية.

 

في الختام، تُظهِر تعاليم الإسلام أهمية العطاء والتعاطف في حياتنا، ويجب علينا جميعًا أن نتذكر أن الأنانية ليست مجرد صفة فردية، بل هي سلوك يمكن أن يؤثِّر في المجتمع بأسره، فمن خلال تعزيز القيم الإسلامية، يمكننا بناء مجتمع يسوده التعاون والمحبة، والالتزام بهذه القيم يساهم في تحسين حياتنا وحياة الآخرين، مما يعكس جوهر تعاليم ديننا الحنيف.

 

إن الشخص المنغمس في الأنانية قد لا يدرك الأثر الذي يُحدِثه فمن حوله، لكن من خلال الوعي والتغيير الذاتي، يمكن لكل فرد أن يُسهِم في تحسين العلاقات، ولنحرص على أن نكون دائمًا من المتعاطفين، وأن نُظهر الحب والمساعدة للآخرين، فبذلك نحقق القيم التي يدعو إليها الإسلام، ونبني مجتمعًا أفضلَ للجميع.

  • 1
  • 0
  • 67
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    صدى كلماته هز لندن وواشنطن أبو محارب المهاجر.. مجاهد أشغل الغرب حيا وميتا! • جندي من جنود الدولة الإسلامية، نقل رسائلها إلى المشركين في الغرب، فأصبحت سيرته على كل لسان، وبات الضيف الدائم على مختلف وسائل الإعلام، ومادة للمحللين، الذين تسابقوا على تفسير حركاته وسكناته بتحليلاتهم السخيفة المصطنعة، تماما مثلما أصبح محط تساؤلات السياسيين وكبار جنرالات الحرب ودوائر المخابرات في مختلف البلدان. قيل فيه الكثير، وحيكت عنه الروايات ونسجت عنه القصص، حتى جعلت منه وسائل الإعلام المختلفة، والمعادية منها على وجه التحديد، أسطورة جهادية، فباتت كلماته يتناقلها الخصوم قبل الأصدقاء، وتخفق لأجلها فرحا وسعدا قلوب الأحباب والأنصار، وتخفق منها خوفا وهلعا قلوب الأعداء والفجار، وارتعدت فرائص الغرب كلما ظهر حاملا سكينه التي يجز بها رقاب الكافرين، وبين يديه ذبيحته التي يتقرب بنحرها إلى رب الأرباب. فمن هو هذا المجاهد الذي لفت انتباه العالم بأسره؟ وما حقيقة شخصيته؟ كيف كان يتعامل مع محيطه؟ وكيف كانت علاقته مع إخوانه المجاهدين؟ كيف هاجر ليصل أرض الخلافة؟ وكيف ارتقى إلى بارئه شهيدا؟ نحسبه والله حسيبه، أسئلة أخرى كثيرة يطرحها الكثير، بينهم أقرب الناس إليه، ممن لا يعرفون حتى هوية تلك الشخصية التي كانت تضع اللثام الجهادي وهي توغل في دماء الكفار؟! إنه (أبو محارب المهاجر) أو "الجهادي جون" الذي هاجر به أبواه إلى عاصمة الضباب لندن، ونشأ في كنف الغرب الصليبي الكافر، لكنه أدرك مذ ريعان صباه حقيقة المجتمع الذي يحيط به، ما جعله متعلقا بدينه أكثر، مبغضا لأعداء الإسلام من الكفرة والملحدين، بعد أن فتح الله عليه ببصيرة نافذة، أدرك من خلالها العقيدة الصحيحة والمنهج السليم الذي زاغ عنه الكثير في أرض لا تعرف إلا محاربة الإسلام، ومجتمع شاذ يناهض التوحيد، لكنه فضْل الله الذي أنعم به على أبي محارب حينما اختاره وأعدّه لنصرة هذا الدين، مع ثلة أخرى من شباب المسلمين، هجروا المضاجع والفراش الوثير، وتركوا الدنيا وأداروا ظهورهم لملذاتها، وجعلوا كل همهم نصرة الإسلام والمسلمين، ورفع راية التوحيد. كانت وسائل الإعلام الكافرة تنسب المجاهد أبا محارب المهاجر تارة إلى بلاد المغرب، وتارة إلى أرض الكنانة، وتارة إلى أوروبا ذاتها، ولادة ونشأة، ونسَبته بعض أجهزة المخابرات لهذا البلد وذاك، فسعى الغرب للتركيز على شخصه بالتحديد، محاولين إسباغ نوع من الغموض عليه، ثم ما فتئوا يتحدثون عن الشخص نفسه لا عن الرسالة، رغم إدراكهم أن أبا محارب لم يكن سوى جنديا في جيش الخلافة، كُلِّف بنحر علوج الغرب، وإيصال رسالة الدولة الإسلامية التي مهَرها وخَتَمها بدوره بنصل سكينه الحاد. حارت في أبي محارب مخابرات الشرق والغرب وتتبعته، وتحديدا أجهزة المخابرات البريطانية، بعد رصْدها مؤشرات على انتمائه وحبه للجهاد، خصوصا بعدما أخذ يبذل جُل وقته بأمور متعلقة بالجهاد مع إخوة العقيدة من أصحابه، منهم (بلال البرجاوي) و (محمد صقر) تقبلهما الله، اللذين قُتلا في قصف صليبي عبر طائرات مسيّرة في الصومال بداية عام 1433 هـ، وهو ما جعله محط تتبع المخابرات البريطانية ورصدهم له. لهذا أصبحت العيون تراقب أبا محارب هو وبقية أصحابه، في مراقبة دورية لا تنتهي، وأجهزة تنصت كان يلحظها الشاب المجاهد في كل مكان كان يتردد إليه، ثم تطورت لتصبح مداهمة للبيوت واعتقالات، ثم انتهت بمنع من السفر في آخر المطاف. ورغم كل هذا التضييق ظل أبو محارب يحاول ساعيا للهجرة إلى أرض الجهاد، وفي كل مرة كان يحزم أمره وينطلق تخفق محاولته عبر استخدام المطارات، ومحطات القطار والموانئ، فالمخابرات كانت متيقظة، وتراقب تحركاته، دون أن تتمكن من اعتقاله لفترات طويلة لذكائه الذي يتميز به، وإحراجه للمحققين وتحايله عليهم بدهائه. هذا المجاهد، الأوروبي المنشأ، لم يكن سوى شاب مسلم، بسيط الهيئة، باسم الثغر، بكّاء، محبا لأبناء دينه، ورغم ذلك فقد كان شرسا في ساح الوغى، باذلا نفسه في سبيل رب العزة، غيورا على الإسلام، فارسا مغوارا لا يشق له غبار، ما منعه جرح أو إصابة من خوض المعارك، جسورا لا يهاب المنايا، ولم تهزه يوما الرزايا، كان حين يقاتل على الجبهات يسعى لنيل الشهادة، ويترقب وينتظر أن يرزقه الله إياها مع قدوم كل معركة، فهي عنده المطلب والهدف والغاية، فهو ما خرج من داره في أوروبا إلا بحثا عنها، وما هجر الأهل والأحباب إلا سعيا إليها. المصدر: صحيفة النبأ – العدد 15 السنة السابعة - الثلاثاء 15 ربيع الآخر 1437 هـ قصة شهيد: صدى كلماته هز لندن وواشنطن أبو محارب المهاجر.. مجاهد أشغل الغرب حيا وميتا!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً