سورة الحشر والتسبيح

منذ 7 ساعات

تبدأ السورة بمطلعٍ عظيمٍ يعرض مشهدا من مشاهد العبودية التي يشترك في أدائها مخلوقات السماوات والأرض، ألا وهي عبودية التسبيح لله العزيز الحكيم.

• تبدأ السورة بمطلعٍ عظيمٍ يعرض مشهدا من مشاهد العبودية التي يشترك في أدائها مخلوقات السماوات والأرض، ألا وهي عبودية التسبيح لله العزيز الحكيم.

• ثم تأتي الآية الثانية للحديث عن ذلك الذي استحق تسبيح الخلق كلهم، لتعرِّف بأفعال الله في خلقه، والتي تتجلى فيها عزته وحكمته {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم..}، "هو" الذي أخرجهم لا غيره، ومن عزته أن أنفذ فيهم حكمه رغم أنه كان مستبعدا في مقاييس الخلق {ما ظننتم أن يخرجوا}، ثم (ولولا أن كتب "الله" عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا)، لكن حكمته اقتضت غير ذلك، وتغيرت كل مجريات القصة وفقا لذلك، فالآيات -كما نرى- تحدثنا عن الله وصفاته قبل أن تحدثنا عن قصة بني النضير، ومن الخطأ أن يقع بصرك عند القراءة على تفاصيل الحدث، قبل أن تنظر لمدخل القصة (هو الذي أخرج) وإشارتها الصريحة للتأمل في صفات الله الذي سبح له ما في السماوات وما في الأرض.

• وتستمر الآيات إلى آخر السورة، لا تكاد تجد آيةً إلا وفيها إشارةٌ لصفات الله، وكأن السورة كلها انطوت تحت ذلك المدخل (هو الذي) فجاءت بمزيد تعريفٍ به، فهو الذي أخرج أهل الكتاب، و"هو الذي" كتب عليهم الجلاء، و"هو الذي" عقابه شديد، و"هو الذي" أذن بقطع اللينة، و"هو الذي" يسلط رسله على من يشاء، و"هو" على كل شيء قدير.. وهكذا في كل الآيات، التي تشعر عند قراءتها أنك لا تزال تحت سطوة التسبيح في أول السورة، وأن كل ما تقرأه بعد ذلك شواهد على عظمة الله وكمال صفاته المنزهة عن النقص.

 • حتى يأتي ذلك المقطع الأخير المهيب، الذي تنتقل به الآيات من التعريف بأفعال الله إلى التعريف الصريح العظيم بأسماء الله، (هو الله) وهو (الرحمن الرحيم)، و(هو الملك القدوس السلام..)، و(هو الخالق البارئ المصور)... في مقطعٍ هو من أعظم مقاطع القرآن، لا تنهيه إلا وقد امتلأ قلبك تعظيما وتنزيها، ونظرا لكمال الله وحسن صفاته، وفهمت شيئا من استحقاقه لذلك التسبيح الذي لا تزال تستحضره.

• ثم تجد الآيات تقودك في آخرها إلى ساحة التسبيح مرة آخرى، وتذكرك بشهادة من في السماوات والأرض به من جديد.

• وكأن غاية السورة هي التسبيح الذي افتتحت واختتمت به، وما بين ذلك بدءا من (هو الذي أخرج) حتى (هو الله)، إنما هو بيانٌ وتعريفٌ تأخذك السورة بواسطته من تلابيبك لتكون من المسبحين.. فسبح باسم ربك العظيم.

  • 2
  • 0
  • 51
  • عبد الرحمن محمد

      منذ
    مكانة أهل العلم على غيرهم • رفع الله تعالى أهل العلم درجات على غيرهم، فقال عز وجل: { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}، ذلك أنهم لا يستوون مع غيرهم قدرا ولا نفعا كما قال تعالى: { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }، فالعلم كان وما يزال علامة فارقة بين خلق الله تعالى؛ كونه وسيلة من وسائل الهداية إلى صراط الله المستقيم، وحامله مؤهل لأن يكون من أهل التدبر والخشية، لأنه مطلع على آيات الله، عارف بها أكثر من غيره. وفي هذا المعنى وردت آيات كثيرة، كقوله تعالى: { وَتِلْكَ الأمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ }، وقوله عزّ وجل: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء..} وقوله: { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أوتُوا الْعِلْمَ..}، بل قرن الله تعالى شهادة أهل العلم بشهادته سبحانه وشهادة الملائكة فقال: { شَهدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأَوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بالْقِسْطِ لا إله إلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }، وكفى بذلك فضلا وشرفا. [ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً