شرح حديث جابر: "اتقوا الشح"

منذ 7 ساعات

«اتقوا الظُّلم؛ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ؛ فإن الشحَّ أهلَكَ من كان قبلكم، حمَلَهم على أنْ سفَكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمهم»

 


عن جابر رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«اتقوا الظُّلم؛ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ؛ فإن الشحَّ أهلَكَ من كان قبلكم، حمَلَهم على أنْ سفَكوا دماءهم، واستحَلُّوا محارمهم»   [رواه مسلم] .

قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:

قال المؤلِّف النوويُّ رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب النهي عن البخل والشح؛ قال: عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( «اتقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة» ))؛ "اتقوا الظلم" بمعنى احذروه، واتخذوا وقاية منه، وابتعدوا عنه.

والظلم: هو العدوان على الغير، وأعظمُ الظلم وأشدُّه الشركُ بالله عز وجلَّ؛ قال الله تعالى: {﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾} [لقمان: 13].

ويشمل الظلمُ ظلم العباد، وهو نوعان: ظلم بترك الواجب لهم، وظلم بالعدوان عليهم بأخذ أو بانتهاك حرماتهم.

فمثال الأول ما ذكَرَه النبي عليه الصلاة والسلام في قوله: (( «مَطْلُ الغنيِّ ظلمٌ» ))؛ يعني ممانعة الإنسان الذي عليه دَينٌ عن الوفاء وهو غني قادرٌ على الوفاء - ظلمٌ، وهذا منع ما يجب؛ لأن الواجب على الإنسان أن يبادر بالوفاء إذا كان له قدرة، ولا يحلُّ له أن يؤخِّر، فإنْ أخَّر الوفاء وهو قادر عليه، كان ظالمًا والعياذ بالله.

والظلم ظلماتٌ يوم القيامة، وكل ساعة أو لحظة تمضي على المماطل فإنه لا يزداد بها إلا إثمًا والعياذ بالله، وربما يعسِّر الله عليه أمره، فلا يستطيع الوفاء إما بخلًا وإما إعدامًا؛ لأن الله تعالى يقول: {﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾} [الطلاق: 4].

فمفهوم الآية أن من لا يتقِ الله لا يجعل له من أمره يسرًا؛ ولذلك يجب على الإنسان القادر أن يبادر بالوفاء إذا طلبه صاحبُه، أو أجله وانتهى الأجل.

ومن الظلم أيضًا اقتطاعُ شيء من الأرض؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام:  «من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا، طُوِّقَه يوم القيامة من سبع أرضين» .

ومن الظلم الاعتداء على الناس في أعراضهم بالغِيبة أو النميمة أو ما أشبه ذلك، فإن الغيبة ذِكرُك أخاك بما يكره في غيبته، فإن كان في حضرته، فهو سبٌّ وشتم، فإذا ظلم الناس بالغيبة بأن قال: فلان طويل، فلان قصير، فلان سيئ الخلُق، فلان فيه كذا، فهذه غِيبة وظلم يحاسَب عليها يوم القيامة.

وكذلك أيضًا إذا جحد ما يجب عليه جحودًا؛ بأنْ كان لفلان عليه حقٌّ، فيقول: ليس له عليَّ حقٌّ، ويكتُم، فإن هذا ظلم؛ لأنه إذا كانت المماطلة ظلمًا، فهذا أظلم؛ كمَن جحد شيئًا واجبًا عليه، فإنه ظالم.

وعلى كل حال: اتقوا الظلم بجميع الأنواع؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، يكون على صاحبه - والعياذ بالله - ظلمات بحسب الظلم الذي وقع منه؛ الكبير ظلماته كبيرة، والكثير ظلماته كثيرة، وكل شيء بحسَبِه، قال تعالى: { ﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾} [الأنبياء: 47].

وفي هذا دليلٌ على أن الظلم من كبائر الذنوب؛ لأنه لا وعيد إلا على كبيرة من كبائر الذنوب، فظلمُ العباد وظلمُ الخالق عزَّ وجلَّ ربِّ العباد؛ كلُّه من كبائر الذنوب.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((واتقوا الشحَّ))؛ يعني الطمع في حقوق الغير. اتقوه: أي احذروا منه، واجتنبوه؛ ((فإنه أهلَكَ من كان قبلكم)) يعني من الأمم، ((حمَلَهم على أنْ سفَكوا دماءهم، واستحَلوا محارمهم))، فكان هلاكهم بذلك والعياذ بالله.

 

محمد بن صالح العثيمين

كان رحمه الله عضواً في هيئة كبار العلماء وأستاذا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

  • 0
  • 0
  • 47
  • عنان عوني العنزي

      منذ
    أهلنا في فلسطين؛ • إن الاقتصار على البكاء: لن يفيد أحدًا سوى شركات صناعة المناديل! لقد كنا نُباد في الباغوز على مرأى ومسمع وعلم من الدنيا بأسرها، وما من نكير! فلا تلجؤوا إلا إلى الله تعالى واعلموا أن أسلحة طواغيت العرب لم تتوجه إلا ضدنا، ومحال أن تحارب اليهود مهما اقترفوا بحقكم؛ فهم حُماتُهم وكلابُ حراستَهم!! فلا تصغوا للمجرمين الذين يطالبونكم بأن تكونوا سلميين الذين يرضون لكم مصير الخراف ودعسَ الحشرات، أخزاهم الله!! مزّقوا عنكم أسمالَ المذلّة والبسوا ثوبَ الصلاح ودرعَ الإباء وجعبة العزة، وامتشقوا سيف الجهاد، ثقوا بالله! لطالما وثق كثيرون منكم بأهل الأرض وسمعوا منهم، ونفّذوا نصائحهم البلهاء؛ فكانت النتيجة زيادة في الألم والخيبة والشقاء!! فلتجربوا الآن سبيل الجهاد، وثقوا برب العباد، اصدعوا بأمره، وانظروا كيف ستحصدون العزة بإذن الله تعالى، واعلموا: أن حياة الذل أصعب بمراحل شاسعة من حياة العز والجهاد!! برهنوا على قوة إيمانكم بهذا إذاً!! أرُوا العالم يقينكم بربكم، وتمسكَكم بحقكم، بدل أن تُرُوه ضعفكم واستكانتكم!! اتقوا الله في أنفسكم، ولا تكونوا ضدها أنتم أيضًا! قد انقطعت وشائجُ وصالكم بأهل الأرض؛ فتمسكوا بالعروة الوثقى، وأطيعوا رب السماء!

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً