الصوم مع ترك الصلاة

منذ يوم

من صام وترَك الصلاة، فقد ترَك الركن الأهم من أركان الإسلام بعد التوحيد، ولا يُفيده صومُه شيئًا ما دام تاركًا للصلاة؛ لأن الصلاة عمادُ الدين الذي يقوم عليه

الصوم مع ترك الصلاة

من صام وترَك الصلاة، فقد ترَك الركن الأهم من أركان الإسلام بعد التوحيد، ولا يُفيده صومُه شيئًا ما دام تاركًا للصلاة؛ لأن الصلاة عمادُ الدين الذي يقوم عليه، وتارك كالصلاة محكومٌ بكفره، والكافر لا يُقبَل منه عملٌ؛ قال عليه الصلاة والسلام: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن ترَكها فقد كفَر»؛  (رواه أحمد، وأهل السُّنن من حديث بريدة رضي الله عنه).

 

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين الرجل والكفر ترك الصلاة»؛ (رواه مسلم، وأبو داود والترمذي وابن ماجه).

 

وقال تعالى في حق الكفار:  {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} [الفرقان: 23]؛ يعني الأعمال التي عمِلوها لغير وجه الله تعالى، أبطلنا ثوابها، وجعلناها كالهباء المنثور، وهو الغبار الذي يُرى في شعاع الشمس.

 

وكذلك التخلف عن الصلاة مع الجماعة وتأخيرها عن وقتها معصية، ورَد فيها الوعيد الشديد؛ قال تعالى:  {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5]؛ أي غافلون عنها حتى يخرج وقتها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يَعذِر الأعمى الذي ليس له قائدٌ يقوده إلى المسجد أن يُصلي في بيته، فكيف بمن يكون صحيح البصر سليمًا لا عذرَ له؟

 

والصوم مع ترك الصلاة أو التخلف عن جماعتها، دليل بَيِّن على أنه لم يصم امتثالًا لأمر ربه، وإلا لَما ترك الواجب الأول، والواجبات وَحدةٌ متماسكة لا تتجزَّأ، يَشُدُّ بعضها بعضًا.

 

 

فوائـــد:

1- يجب على المسلم أن يصوم إيمانًا واحتسابًا بلا رياء ولا سمعة، ولا تقليدًا للناس، أو متابعة لأهله، أو أهل بلده، بل الواجب عليه أن يكون الحامل له على الصوم، هو إيمانه بأن الله قد فرَض عليه ذلك واحتسابه الأجر عند ربه في ذلك، وهكذا قيام رمضان يجب أن يفعله المسلم إيمانًا واحتسابًا لا لسببٍ آخر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»؛ (متفق عليه).

 

2- قد يَعرِض للصائم جِراح أو رعاف أو قَيء، أو ذهاب الماء أو البنزين إلى حلقه بغير اختياره، فكل هذه الأمور لا تُفسد الصوم، لكن مَن تعمَّد القيء فسد صومُه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن ذرَعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء عمدًا فعليه القضاء»؛ (رواه الخمسة إلا النسائي).

 

3- يجوز للصائم أن ينوي الصيام وهو جنبٌ، ثم يغتسل بعد طلوع الفجر، وكذلك المرأة الحائض أو النُّفساء إذا طهُرت قبل الفجر، فإنه يلزمها الصوم، ولا مانع من تأخيرها الغسل إلى ما بعد طلوع الفجر، ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس، بل يجب عليها أن تغتسل وتصلي الفجر قبل طلوع الشمس؛ لأن وقت الفجر ينتهي بطلوع الشمس.

 

وهكذا الجُنب ليس له تأخير الغسل إلى ما بعد طلوع الشمس، بل يجب عليه أن يغتسل ويصلي الفجر قبل طلوع الشمس، ويجب على الرجل المبادرة بذلك؛ حتى يدرك صلاة الفجر مع الجماعة.

 

4- من الأمور التي لا تُفسد الصوم تحليلُ الدم وضرْب الإبر التي لا يُقصَد بها التغذية، لكن تأخير ذلك إلى الليل أَولى وأحوط إذا تيسَّر ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دَعْ ما يَريبك إلى ما لا يريبك»؛  (رواه النسائي والترمذي)، وقال: حديث حسنٌ صحيحٌ، وقوله عليه الصلاة والسلام؛ «مَن اتَّقى الشبهات فقد استبرَأ لدينه وعِرضه»؛ (متفق عليه)، أما الإبر المغذية فلا يجوز ضربُها؛ لأنها في معنى الأكل والشرب[1].

 

5- يجوز للصائم أن يتسوَّك في أول النهار وآخره، وهو سُنة في حقه كالمفطرين.

 


[1] انظر رسالة الصيام للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ص 21، 22.

  • 1
  • 0
  • 144

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً