رمضان وبر الوالدين
من أعظم أبواب الخير في رمضان برُّ الوالدين، والقيام بخدمتهما، والسهر على راحتهما؛ ومن وسائل البرِّ إلى الوالدين ما يلي:
الحمد لله الذي أوصانا ببرِّ الوالدين، وجعل برَّهما من أسباب الزيادة في العمر والدين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد أيها المسلمون:
فلقد جاءت الوصية ببر الوالدين والإحسان إليهما، والدعاء لهما؛ فقال تعالى في محكم التنزيل:
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23].
وفي شهر رمضان يتنافس المسلمون في أعمال البر والصدقة والإحسان، ومن أعظم أبواب الخير في رمضان برُّ الوالدين، والقيام بخدمتهما، والسهر على راحتهما؛ ومن وسائل البرِّ إلى الوالدين ما يلي:
أولًا: القيام بخدمتهما، والتلطُّف في القول معهما، والتأدب عند الحديث في حضرتهما، وخفض الصوت معهما، وتخفيف مشقة الصيام عنهما في حال كانا صائمَين؛ وذلك بتلبية حوائجهما، والمساعدة في أعمالهما، والمشاركة في إعداد الفطور معهما.
ثانيًا: الجلوس مع الوالدين عند الإفطار والسحور، وعدم تركهما وحدهما أو الاعتزال عنهما؛ فإن ذلك مما يُدخل الحزن على قلوبهما، كما يفعل بعض الأبناء هداهم الله؛ قال تعالى في عظيم بر الوالدين، وأن الواجب هو المصاحبة بالإحسان: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15].
ثالثًا: التصدق عنهما بعد الممات؛ فإن ثواب الأجر يصل إليهما، وخاصة إفطار الصائمين، وتوزيع الصدقات على الفقراء والمساكين؛ فإن الله يتقبل ذلك ويبارك فيه؛ وقد جاء في الحديث: «إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، وعلمٍ ينتفع به، وولد صالح يدعو له»، فإن عجَزا عن الصيام، وكان يشق عليهما ذلك لكِبَرِ سنِّهما، فلا مانع من أن تُخرج أنت عنهما الإطعامَ، إذا كان ذلك بإذنهما – إذ لا بد من النية – أو أن تُعطيهما المال ليشتروا به الإطعام، وكذلك زكاة الفطر؛ لقول الله تعالى في القرآن:
{أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184].
رابعًا: اصطحاب الوالدين إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة وصلاة التراويح، ومساعدتهما على القيام بذلك، وحثهما عليه، فإن ذلك من البر والإحسان، والرحمة والشفقة، وأن ذلك مما يُدخل الفرح والسرور في قلوبهما.
خامسًا: الدعاء لهما بظهر الغيب، وخاصة عند أوقات الإجابة؛ مثل: عند الإفطار، وفي ثلث الليل الأخير، وفي السجود؛ وذلك لأن دعوة الصائم لا تُرَدُّ، ومن باب رد الجميل أن يدعو المسلم لأبيه وأمه في الأوقات التي يُجاب فيها الدعاء في رمضان.
حريٌّ بنا في هذه الأيام من شهر رمضان أن نسارع إلى كل ما يقربنا إلى الله، وأن نغرس في نفوس أبنائنا تلك القيمَ والفضائل، لتحلَّ البركة في عوائلنا وبيوتنا، وتظلَّ روابط الأسر والمجتمعات متماسكة مترابطة.
اللهم ألِّف بين قلوبنا، واجعلنا من البارِّين المحسنين إلى آبائهم وأمهاتهم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
- التصنيف: