الغيبة عند طلاب العلم!
شبكة وقع فيها الصالحون، فضلا عن غيرهم. وأقبح الغيبة أن تكون غيبة جماعية، وأقبح من ذلك أن تكون في غير عَيب، وأقبح من ذاك أن يكون المغتاب طالب علم.
الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالغيبة خطرها عظيم، قال الله تعالى: {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} [الحجرات: ١٢]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه-: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «ذكرك أخاك بما يكره» قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول، فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته». (رواه مسلم).
وهي شبكة وقع فيها الصالحون، فضلا عن غيرهم. وأقبح الغيبة أن تكون غيبة جماعية، وأقبح من ذلك أن تكون في غير عَيب، وأقبح من ذاك أن يكون المغتاب طالب علم.
ومن أعجب ما رأيت في هذا الباب:
طالب علم يغتاب "الكهول" مجاراة للعوام وسفهاء مواقع التواصل الاجتماعي، وما علم المسكين أن الكهولة مرحلة زمنية وصل أو سيصل إليها. وما عرف الغِرُّ أن الكهل غالبا هو صاحب تجربة وحكمة وحلم، ولهذا جاء في تفسير قوله تعالى عن المسيح -عليه السلام- {وكهلا ومن الصالحين} قال مجاهد بن جبر: الكهل: الحليم. تفسير الطبري -ط هجر- (٤١٤/٥).
ومن الغيبة العجيبة أيضا: أن يغتاب طالب العلم من يلبَس لباسا معينا؛ يقول "إذا رأيتَ من يلبس هذا الثوب، أو هذه الطاقية، أو هذا الحذاء؛ فاعلم أنه بخيل أو منهجه كذا أو يفعل كذا..." ولا علاقة لما يقوله في عقل ولا شرع، ولكن يريد إضحاك القوم.
ومن الغيبة أيضًا: الغلو في الرد على المخالفين من المجرحين، فقابلوا الغلو بغلو، بل وقعوا في شر ما وقع فيه الأولون، ثم هذه الغيبة جرت معاصٍ أخرى، فعقدوا الولاء للأشعرية والمتصوفة ومتعصبة المذاهب نكاية في المجرحين خاصة والسلفيين عامة.
قال السعدي في تفسير قوله تعالى {ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله يقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون}
«فإن المعاصي يجر بعضها بعضا، فالغفلة ينشأ عنها الذنب الصغير، ثم ينشأ عنه الذنب الكبير، ثم ينشأ عنها أنواع البدع والكفر وغير ذلك، فنسأل الله العافية من كل بلاء» (تفسير السعدي (ص53)).
وهذا كما قال بعض السلف -ونسبه ابن تيمية في التحفة العراقية -ط السلفية- (ص٣٩) لسعيد بن جبير-: "إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها".
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
_____________________________________
الكاتب: أحسن موسي
- التصنيف: