أصل العلم الشرعي مأخوذ من العرب

منذ 8 ساعات

والعلم الشرعي مكانه من طلبه وجده، سواء كان عربيا أو عجميا، شريفا أو وضيعا، أبيض أو أسود، من آل البيت أو من غيرهم

 

قال الله سبحانه:  {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [فصلت: 3]، وقال عز وجل: {{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}} [الزخرف: 44] أي: القرآن شرف لك يا رسولنا ولقومك العرب، وسوف يسألكم الله عن الإيمان والعمل به وتبليغه لغيركم من الأمم.

فأول من تعلم العلم الشرعي قرآنا وسنة وفقها هم الصحابة رضي الله عنهم، وكلهم من العرب إلا القليل النادر من الصحابة الذين كانوا من غير العرب كبلال الحبشي وسلمان الفارسي رضي الله عنهما، ثم أخذ العلم عن الصحابة تلاميذهم من التابعين، وأكثر التابعين المشهورين من العرب، وكثير منهم كانوا من غير العرب، ثم في كل عصر يطلب العلم الشرعي من أراد الله به خيرا من العرب والعجم.

فأصل العلم مأخوذ من طريق العرب، فإذا بحثنا مثلا عن مشايخ القراء العشرة المشهورين بحفظ القرآن الكريم، ومشايخ حفاظ الحديث المشهورين سنجدهم من علماء العرب، فأسانيد كلٍّ من القراء والمحدثين تنتهي إلى علماء الصحابة من المهاجرين والأنصار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع أن أكثر القراء العشرة ليسوا من العرب، وكثير من حفاظ الحديث المشهورين ليسوا من العرب!

 قال الله تعالى: {{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} } [الجمعة: 2، 3].

وروى البخاري (4897) ومسلم (2546) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: «كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ نزلت عليه سورة الجمعة، فلما قرأ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قال رجل: مَن هؤلاء يا رسول الله؟ فلم يراجعه النبي صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: ((لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال مِن هؤلاء))» .

وهذا الحديث من دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأكثر القراء العشرة أصلهم من فارس، وأصحاب الحديث الستة المشهورة كلهم من فارس: البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه، بل وأشهر علماء النحو من فارس كسيبويه، وأشهر علماء التفسير والتاريخ من فارس كمحمد بن جرير الطبري، ومن أشهر علماء الفقه الإمام أبو حنيفة قيل: أصله من فارس.

وهؤلاء العلماء الذين من فارس أشهر مشايخهم من العرب كما قدمنا، فمن أشهر قراء التابعين: أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السُّلمي الذي بقي يعلم الناس القرآن أربعين سنة، وهو من العرب من أبناء الصحابة، وأبو عمرو بن العلاء المازني البصري وابن عامر اليحصبي الدمشقي من القراء العشرة وهما من العرب، وأعلم التابعين بالحديث محمد بن شهاب الزهري، وهو من العرب من قريش، وكثير من حفاظ السنة من العرب كسفيان الثوري ووكيع بن الجراح الرؤاسي وإسحاق بن راهويه الحنظلي، والأئمة الفقهاء الثلاثة: مالك بن أنس ومحمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن حنبل من العرب، والخليل بن أحمد الفراهيدي إمام العربية والنحو شيخ سيبويه من العرب، وعبد الملك بن قُرَيب الأصمعي راوية الشعر واللغوي المشهور من العرب.

والعلم الشرعي مكانه من طلبه وجده، سواء كان عربيا أو عجميا، شريفا أو وضيعا، أبيض أو أسود، من آل البيت أو من غيرهم، ولا فضل في الشريعة للأفراد إلا بالتقوى، كما قال تعالى: {{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}} [الحجرات: 13].

 

محمد بن علي بن جميل المطري

دكتوراه في الدراسات الإسلامية وإمام وخطيب في صنعاء اليمن

  • 0
  • 0
  • 43

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً