هَمَسات .. في كلمات ... (37)
إلى القلوب المجروحة، والخواطر المنكسرة، والنفوس اليائسة، اعلموا أنكم في الدنيا وأن كل شيء فيها إلى زوال بما فيه أحزانكم، فحولوا أحزانكم ومصائبكم إلى مكاسب
(هَمَسات .. في كلمات) في نسختها الـ (37) بفضل الله وعونه:
➊ إلى القلوب المجروحة، والخواطر المنكسرة، والنفوس اليائسة، اعلموا أنكم في الدنيا وأن كل شيء فيها إلى زوال بما فيه أحزانكم، فحولوا أحزانكم ومصائبكم إلى مكاسب «(عَجَبًا لأَمْرِ المُؤْمِنِ، إنَّ أمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وليسَ ذاكَ لأَحَدٍ إلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إنْ أصابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكانَ خَيْرًا له، وإنْ أصابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكانَ خَيْرًا له)» واعلموا أن الله ما أنزل من داء إلا وله ودواء، ودواؤكم الناجع وبلسمكم الشافي الذي يلملم الجراح، ويجبر الانكسار ويحي النفوس في متناول أيديكم وبالمجان ومضمون النتائج وسليم العواقب، هل تعرفونه إنه في كتاب الله {(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)} نعم .. إنه في ذكر الله ( {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} ُ) ومن ذكر الله الصلاة على رسوله ومصطفاه، ولا تغفل عن الصلاة ف(كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ فزعَ إلى الصَّلاةِ) أي أن نلجأ الى الخالق قبل المخلوق.
..********
➋ هاجس مزعج لكثير من الشباب قبل الزواج وبعد الزواج وحتى بعد إنجاب الأولاد هو امتلاك مسكن، وهذه أمنية كل أسرة ولا تحقق للكثير من الأسر وربما يموت رب الأسرة قبل أن يسكن في بيت يملكه، ولو قيل لأحدنا اقرأ سورة ما ألف مرة، أو صلِّ في يوم ألف ركعة واحصل على قطعة أرض بيضاء ليس عليها بناء وتصلح لبناء بيت، لو قيل لنا ذلك ما تخلَّف معظمنا عن ذلك طمعًا في الحصول على بضعة أمتار من الأرض في دنيانا الفانية، بينما لو تأملنا في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم التي فيها وعد الله الذي لا يخلف الميعاد بأن هناك أعمالًا يسيرة يضمن بها المؤمن بيت ولكنه في الجنة وليس في الدنيا، بيت لبنة من ذهب ولبنة من فضة، فـ(من صلَّى في يومٍ وليلةٍ اثنتي عشْرَةَ ركعةً تطوعًا غيرَ فريضةٍ بنى اللهُ له بيتًا في الجنَّةِ) وهناك أعمال أخرى تبنى بها بيوت الجنة، ولكننا – إلا من رحم ربك – قد استحوذت علينا الغفلة وضعُف يقيننا، وحالنا مع الدنيا وصفه الله في كتابه بقوله { (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْر وَأَبْقَى)} والله تعالى حذرنا من التعلق بالدنيا في كثير من المواضع في كتابه كقوله: {(قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَىٰ)}
.********
➌ الانسان اجتماعي بطبعه، وأكثر من ينبسط معهم أصدقاؤه لا سيما في مقتبل العمر، فترى الشاب ينشرح صدره عند صديقه أو أصدقائه ويتكلم ويتصرَّف معهم وبينهم بأريحية تامة، ويقول من الكلام ما لا يقوله لواديه في البيت أو للمعلم في المدرسة أو المسجد، وهنا يحدث التأثير والتأثر بمحيط الأصدقاء، هذا يقودنا لأمرين مهمين، أولهما أن أكبر المؤثرين على ابنك وابنتك هم أصدقاؤهم، فإن صلحوا صلحوا مثلهم وإن فسدوا جروهم إلى الفساد والهلاك، ولا يمكن للولد - لا سيما المراهق - أن يكون بدون أصدقاء، والحل الأنسب هو إبعاده عن أصدقاء السوء وتوفير البديل الصالح، الأمر الآخر هو أن يكون الوالدين لولدهما مثل الصديق، هنا يكسبان ولدهما وإذا حصلت له مشكلة يبوح لهما دون غيرهما، فقد تواجه الابن مشكلة ولكن لا يلجأ إلى أسرته نتيجة للجفاء في التعامل مع والده، خصوصا المشكلات ذات الطابع الأخلاقي، فكثير من الذئاب البشرية يخدعون الشاب الصغير أو الفتاة ثم يبتزونه فيجد نفسه بين نارين، نار الأسرة وما يتوقع منها من عقوبة وفضيحة، ونار الذئب البشري، ثم قد يخضع لهذا المجرم فيحدث ما لا تحمد عقباه، وإذا أردنا طريق مختصر لأصدقاء صالحين لأبنائنا فهو حلقات القرآن الكريم، فإذا اخترت لولدك أو بنتك محضن قرآنيا مباركًا فحري به أن يكون أصدقاءه أو أصدقاءها من أهل القرآن، مع الانتباه إلى أن المدارس النظامية عادة ما تحمل خليط من أصدقاء السوء فينبغي الانتباه لها.
********
➍ المرض يكسر النفس البشرية ويُظهِر ضعفها، ولذا فإن الأطباء المشهورين يزدحم الناس على أبوابهم، مع بذل الكثير من حرِّ مالهم؛ حتى يتذوقوا طعم العافية التي فقدوها أو فقدها أحد أحبابهم لا سيما الاولاد الذين هم فلذات الاكباد، وهناك نوع من الأمراض مرهق للمريض، ومتعب لمن معه من أهل وأقارب، ألا هو المرض الناتج عن عين أو سحر فهذا الصنف من المرضى يلهثون خلف الرقاة وربما اتجهوا للسحرة والمشعوذين جهلا أو ضعف ديانة، ولذلك تجد الراقي لا يكاد يجد وقت يلبي فيه حاجة الناس للرقية ومنهم من اتخذها مهنة، ولقلة الرقاة وكثرة المسحورين والمصابين بالعين، وقبل ذلك فإن السحرة في معظم بلاد المسلمين يسرحون ويمرحون من غير نكير؛ لأن الحد في معظم مجتمعات المسلمين معطل، بل إن كثيراً من الدول لا تعترف في قوانينها بأن السحر جريمة أصلًا، وربما اعتبر السحر فنًّا من الفنون الجميلة، فضلًا من أن تقيم عليه حد السحر والله المستعان، والحق أن الساحر ظالم يستحق القتل، وذلك لشدة خطره وإفساده لعقائد الناس وأبدانهم، فإذا كان هذا الوضع فعلينا أن نتعلم كيف نرقي أنفسنا وأهلينا وقبل ذلك كيف نتحصن من شر للسحرة الحساد؛ فالوقاية خير من العلاج، ولنسع ما استعطنا إلى ذلك سبيلًا في حمل ولاة الأمر على تطهير البلاد، وتخليص العباد من شر السحرة والمشعوذين وإقامة حكم الله فيهم، حيث أن(حدُّ الساحرِ ضربُه بالسيفِ).
..********
➎ مما يثلج الصدر، ويفرح النفس، ويقر العين، كثرة الداخلين في الاسلام، والإسلام أسرع الأديان انتشارا وهذه حقيقة يقر بها الأعداء قبل الحلفاء، ولكن المتأمل في قصص الكثير من المهتدين الجدد يجد أثر القرآن الواضح عليهم؛ فتجد من يقول ابهرني القرآن، أحسست أن الله يخاطبني، وآخر يقول أجاب القرآن عن كل تساؤلاتي، وثالثة تقول كلما قرأت بكيت وبكيت، وربما تجد من يقول كان القرآن النور الذي أضاء لي الطريق، ومن يقول إن حياتي يعد اطلاعي على القرآن كان لها معنى، العجيب أن هؤلاء وغيرهم كثير إنما اطلعوا على ترجمة لمعاني القرآن بلغتهم الأم، فكل هذه التأثر عليهم بدون أن يقرؤوه بلغته التي نزل بها على محمد صلى الله عليه وسلم فسبحان الله ما اعظمه، وما أعظم كلامه، هذا يدعونا أن نحمد الله أن جعل لغتنا الأم العربية، ويسر لنا فهم كتابه مباشرة من غير واسطة ترجمة، فما علينا إلا التدبر لكتاب ربنا وجعله نبراسًا ينير حياتنا وينظمها.
والحمد لله رب العالمين.
- التصنيف: